غيب الموت المرجع الدستوري والنائب والوزير اللبناني السابق حسن الرفاعي، عن عمر ناهز المائة وعامين، بعدما كرّس حياته دفاعاً عن الدستور والحرية في مرحلة اتسمت بالتحولات السياسية الكبرى التي شهدها لبنان.
من بعلبك إلى ساحة النجمة
ونعى رئيس الحكومة نواف سلام الرفاعي قائلاً: «من بعلبك إلى ساحة النجمة، ومن المحاماة إلى ضمير الدولة، كتب (حارس الجمهورية)، المرجع القانوني الكبير حسن الرفاعي، سيرةً لا يطويها الغياب». وأضاف: «في زمنٍ كثُر فيه التأويل وانكفأت القيم، بقي هو بوصلتنا نحو العدالة ودولة القانون».
رئيس #مجلس_الوزراء الدكتور #نواف_سلام يَنعى العلامة القانوني الكبير الوزير الدكتور حسن الرفاعي الذي ترك اثراً مضيئاً على مستوى وطن في التشريع والمناقبية والاستقامة. تَغَمد الله سبحانه فقيد #لبنان الكبير بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه والهم ذويه واللبنانيين ما يربط على قلوبهم.#pcm
— رئاسة مجلس الوزراء (@grandserail) September 3, 2025
ووُلد الرفاعي في 23 أغسطس (آب) 1923 في مدينة بعلبك حيث تلقّى تعليمه الأولي في المدارس الرسمية، ثم تابع دراسته في مدرسة الحكمة ببيروت، قبل أن ينتقل إلى الجامعة اليسوعية وجامعة دمشق حيث تخصّص في القانون.
دخوله السياسة
دخل الرفاعي الحياة السياسية مبكراً، فانتُخب نائباً عام 1968 وتولّى حقيبة وزارة التصميم في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية. إلا أن شهرته الحقيقية ارتبطت بالعمل الدستوري، إذ أصبح مرجعاً أساسياً في تفسير الدستور، خصوصاً في المحطات المفصلية التي مرّ بها لبنان.
"حارس الجمهورية" في كتاب
من أبرز أعماله، كتاب "حسن الرفاعي، حارس الجمهورية"، الصادر عن دار "سائر المشرق"، عام 2023 وأعدّه الإعلاميان أحمد عياش وجوزف باسيل بالتعاون مع نجله المحامي حسان الرفاعي.
الكتاب، المؤلف من سبعة فصول، ليس مجرد سيرة شخصية بل وثيقة دستورية وسياسية، يوثق محطات من طفولته ونشأته، مروراً بتجربته النيابية والوزارية، وصولاً إلى محاولة اغتياله عام 1982 وأحداث الحرب اللبنانية. كما يتناول موقفه من «اتفاق الطائف» الذي أنهى الحرب اللبنانية وما بعده، ويختم بمراجعة دستورية شاملة تؤكد أن «الدستور لا يعلّق حتى في أصعب الظروف».
محاولة اغتيال ومواقف جريئة
في 22 آب (أغسطس) 1982، نجا الرفاعي من محاولة اغتيال خلال الحرب اللبنانية، وتعامل مع الحادثة ببرودة أعصاب نادرة. وقد شكلت هذه التجربة محطة مركزية في مسيرته السياسية والفكرية، إذ واصل بعدها معاركه الدستورية بنفس الحزم والصلابة.
مواقف ثابتة
تميّز الرفاعي بمواقف واضحة من القضايا الدستورية الحساسة، فقد شدّد على ضرورة بقاء رئاسة الجمهورية في يد الموارنة، معتبراً أن هذا التوازن يشكّل ركناً أساسياً في صيغة الحكم اللبناني. وكان من أبرز المعترضين على انعقاد الحكومة بغياب رئيس الجمهورية، مؤكداً أن حكومة تصريف الأعمال لا تملك سوى ممارسة الصلاحيات المحددة لها في الدستور، بعيداً عن أي اجتهادات توسعية.
كما دعم إدخال الأعراف في الممارسة السياسية لتصحيح مسار الحكم، وفي مقدّمها اعتماد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة، وهو المطلب الذي رفعه منذ عام 1972.
وفي ما يخص السلاح غير الشرعي، رأى أن احتفاظ أي جهة بسلاح خارج سلطة الدولة يمثل خرقاً صريحاً للدستور وتهديداً لكيانها، واصفاً هذا الواقع بأنه «انقلاب على الشرعية بالدستور نفسه».



