لبنان يتلقى بـ«قلق» تصريحات نتنياهو: أعادت مهمة برّاك إلى الصفر

التي ربط فيها الانسحاب من لبنان بنزع سلاح «حزب الله»

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)
TT

لبنان يتلقى بـ«قلق» تصريحات نتنياهو: أعادت مهمة برّاك إلى الصفر

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق في القصر الرئاسي الأسبوع الماضي (الرئاسة اللبنانية)

تلقّت السلطات اللبنانية تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي ربط فيها الانسحاب من لبنان بنزع سلاح «حزب الله»، بـ«قلق»، معتبرة، وفق ما أفادت به مصادر وزارية، «أنها إشارة سلبية» ستكون لها تداعياتها على مفاوضات المبعوث الأميركي توم براك، الذي وصل إلى بيروت آتياً من تل أبيب، مساء الاثنين، على أن يلتقي المسؤولين اللبنانيين يوم الثلاثاء.

وفيما دعت المصادر إلى انتظار ما سيحمله المبعوث الأميركي، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن كلام نتنياهو «لا يطمئن، لا سيما أن حزب الله يربط بدوره أي خطوة من قبله، بالانسحاب الإسرائيلي من لبنان»، معتبرة أن هذه الشروط «أفشلت مهمة براك وأعادتها إلى نقطة الصفر»، محذرة بذلك من رد فعل «حزب الله» الذي بدأ يلوّح بالشارع.

المبعوث الأميركي توم براك قبيل لقائه رئيس الحكومة نواف سلاح خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

من جهتها، وضعت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، تصريحات نتنياهو في خانة «التشويش والإرباك»، قبيل وصول الموفد الأميركي إلى بيروت للقاء المسؤولين، متوقفة في الوقت عينه، عند ردّ فعل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي سترافق براك في لقاءاته، وقد سبقته في الوصول إلى بيروت، والتي أعادت نشر كلام رئيس الحكومة الإسرائيلي عبر منصة «إكس»، مرفقة إياها بكلمة «شكراً».

ورأت المصادر أنه يفترض «أن يصدر موقف لبناني جامع وموحد رداً على تصريحات نتنياهو».

وكانت الحكومة اللبنانية قد كلّفت في 5 أغسطس (آب) الجيش اللبناني، وضع خطة لنزع سلاح «حزب الله»، على أن يتم تطبيقها قبل نهاية العام، وهو ما لم يلقَ قبولاً من «حزب الله» الذي أطلق تهديدات ولوّح بالنزول إلى الشارع اعتراضاً.

رئيس الجمهورية

ومن جهته، أكد رئيس الجمهورية جوزيف عون أن «الحكومة اتخذت قرارات لم يسبق أن اتخذت من قبل»، وقال: «مجلس الوزراء هو منصّة لتبادل الآراء واتخاذ القرارات بعد النقاش، وهذا ما يحصل بالفعل».

وشدد الرئيس عون على «وجوب أن نلقى الاهتمام العربي والدولي بلبنان عبر تعزيز خطوات استعادة الثقة»، مشيراً خلال لقائه وفداً من «اتحاد رجال الأعمال للدعم والتطوير» (جمعية إرادة)، إلى أن «لبنان أمامه كثير من الفرص التي يجب أن نحسن استثمارها من خلال الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية، باتجاه حزب واحد هو لبنان، وطائفة واحدة هي الطائفة اللبنانية، والالتفاف تحت راية علم واحد. فلبنان الطوائف لا يصنع دولة، بل الدولة هي التي تحمي جميع الطوائف وتصون الوطن».

سلام: لضرورة الانسحاب الإسرائيلي

وبدوره، شدّد رئيس الحكومة نواف سلام على «ضرورة احترام إسرائيل سيادة لبنان وانسحابها من الأراضي التي ما زالت تحتلها، بما يمكّن الجيش من استكمال انتشاره في الجنوب، ووقف أعمالها العدائية والإفراج عن الأسرى، تمهيداً لبدء مسار إعادة الإعمار والتعافي». كما أكّد أنّ «الجيش اللبناني هو جيش لكل اللبنانيين، وأن دعمه وتزويده بالقدرات اللازمة يشكّلان ركيزة أساسية لتعزيز الأمن والاستقرار».

وأتى موقف سلام خلال استقباله عضوي الكونغرس الأميركي؛ النائب دارين لحود، والنائب ستيف كوهن، والوفد المرافق.

ونوّه النائب الأميركي لحود بدوره، «بما قامت به الحكومة اللبنانية حتى الآن من إجراءات لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها، بالإضافة إلى الإصلاحات القضائية والمالية الجارية»، معتبراً أنّ «هذه الخطوات تسهم في استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان».

وأكد أنّ «الجيش اللبناني يقوم بدور أساسي في تعزيز الأمن والاستقرار»، مشدداً على «سعيه المتواصل داخل الكونغرس الأميركي لضمان استمرار دعم الجيش». كما جرى التطرّق خلال اللقاء، إلى أهمية تجديد ولاية قوات «اليونيفيل» في هذه المرحلة لمساندة الجيش اللبناني في تعزيز انتشاره بالجنوب.

نتنياهو...

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وصف الاثنين، قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح «حزب الله» بأنه «بالغ الأهمية»، معرباً عن استعداد بلاده لخفض وجودها في جنوب لبنان «في حال اتخاذ خطوات لتطبيق القرار».

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: «تأخذ إسرائيل علماً بالخطوة المهمة التي اتخذتها السلطات اللبنانية بقيادة الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام. إن هذا القرار بالغ الأهمية، وفي ضوء هذا التطوّر المهم، تبقى إسرائيل مستعدّة لدعم لبنان في جهوده لنزع سلاح (حزب الله) والعمل معاً من أجل مستقبل أكثر أمناً واستقراراً للبلدين».

نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس (أ.ب)

وأوضح بيان مكتب نتنياهو أنه «في حال اتخذ الجيش اللبناني الخطوات اللازمة لتنفيذ عملية نزع سلاح (حزب الله)، ستبادر إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات موازية تشمل خفضاً تدريجياً لوجود الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع الآلية الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة».

وجاء هذا البيان بعد محادثات في تل أبيب، أجراها الموفد الأميركي براك الذي يقود وساطة بين لبنان وإسرائيل.

وكان باراك اعتبر في 18 أغسطس، أن الحكومة اللبنانية قامت بـ«الخطوة الأولى» عبر إقرارها نزع سلاح «حزب الله»، وحضّ إسرائيل على القيام بـ«خطوة موازية» في إطار وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد حرب مدمّرة بين الطرفين، على خلفية حرب غزة، استمرّت أكثر من عام.

ونصّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بوساطة أميركية، على ابتعاد «حزب الله» عن الحدود، وعلى حصر السلاح في لبنان بيد القوى الشرعية اللبنانية، وانسحاب إسرائيل من نقاط توغّلت إليها خلال النزاع. إلا أن الدولة العبرية أبقت قواتها في 5 مرتفعات استراتيجية، وتواصل شنّ ضربات بشكل شبه يومي على مناطق مختلفة في لبنان، معلنة أنها «تستهدف مستودعات أسلحة لـ(حزب الله) وقياديين فيه».

وقال براك خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت: «هناك دوماً نهج خطوة بخطوة. أعتقد أن الحكومة اللبنانية قامت بدورها. لقد خطت الخطوة الأولى. ما نحتاجه الآن هو أن تلتزم إسرائيل بخطوة موازية». وردّاً على سؤال حول إمكانية انسحاب إسرائيل ووقف خروقاتها في المرحلة المقبلة، أجاب: «هذه هي الخطوة التالية بالضبط».

أرشيفية لغارة إسرائيلية على جنوب لبنان (رويترز)

ويأتي ذلك فيما لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية في جنوب لبنان، حيث قتل شخص في غارة من مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة «رابيد» على طريق عين المزراب في بلدة تبنين، قضاء بنت جبيل، بحسب ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

كذلك، نفذت مسيرة إسرائيلية غارة بصاروخ موجه مستهدفة سيارة على طريق بلدة صربين، إلا أن الصاروخ لم يُصِب السيارة واستقر وسط الطريق، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».

وكان سجّل مساء الأحد، «دخول قوة معادية إلى معمل حرب الواقع على طريق مركبا - عديسة، حيث فتّشته بدقة، ووضعت تحذيراً لصاحب المعمل على الباب»، بحسب ما أفادت به «الوكالة الوطنية».


مقالات ذات صلة

غرق 5 سوريين خلال محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية

المشرق العربي عربات الإسعاف والدفاع المدني السوري على الحدود السورية - اللبنانية (سانا)

غرق 5 سوريين خلال محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية

قال التلفزيون السوري، الأحد، إن 5 سوريين غرقوا في أثناء محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لسيارة في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

لبنان يواكب قمة ترمب - نتنياهو والعين على ابتعاد شبح الحرب

تحظى القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المنعقدة في 29 الحالي في فلوريدا، باهتمام لبناني.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

يتحرّك لبنان سياسياً في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السوداني: نعمل على استضافة حوار أميركي - إيراني في بغداد

السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

السوداني: نعمل على استضافة حوار أميركي - إيراني في بغداد

السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني تلقي بغداد تهديدات إسرائيلية وصلت عبر طرف ثالث، في أول إقرار رسمي على هذا المستوى، بعد أيام من تقرير لـ«الشرق الأوسط» تحدث عن تحذيرات غير مباشرة من ضربات وشيكة داخل العراق.

وقال السوداني، في مقابلة متلفزة، ليل السبت - الأحد، إن «التهديدات الإسرائيلية مستمرة، ووصلتنا عبر طرف ثالث»، من دون أن يحدد طبيعة الجهة الناقلة أو مضمون الرسائل، مكتفياً بالإشارة إلى أن الحكومة تعاملت مع الملف «بحذر بالغ لتجنيب البلاد مزيداً من التصعيد».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)

وجاء التصريح بعد نحو أسبوع من تقرير نشرته «الشرق الأوسط» كشف، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الحكومة العراقية وجهات سياسية فاعلة تلقت رسالتي تحذير غير اعتياديتين، من دولة عربية وجهاز استخبارات غربي، تضمنتا معلومات «جدية» عن اقتراب تنفيذ ضربات عسكرية واسعة داخل العراق.

ورجحت المصادر أن تشمل الضربات المحتملة مواقع ومخازن طائرات مسيَّرة وصواريخ ومعسكرات تدريب، إلى جانب مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بفصائل شيعية و«الحشد الشعبي»، في سياق تصعيد إقليمي مرتبط بالمواجهة بين إسرائيل ومحور إيران.

وكان جهاز المخابرات العراقي قد نفى «جملة وتفصيلاً»، في بيان رسمي، تلقي الحكومة أي رسائل تحذير من هذا النوع.

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

لقاء في بغداد

وفي سياق آخر، أكَّد السوداني خلال المقابلة المتلفزة «قيام الحكومة العراقية بمسعى مهم لترتيب لقاء ثنائي بين طهران وواشنطن في بغداد لاستئناف الحوار بين الطرفين»، كاشفاً عن أنه «طرح على المبعوث الأميركي توم برَّاك استثمار علاقة بغداد مع طهران من أجل استئناف التفاوض الإيراني الأميركي».

وأوضح السوداني أن «علاقات العراق مع إيران والولايات المتحدة تمنحه قوة لممارسة دور مهم في التقريب بينهما، ونحن مستمرون بهذه المساعي لترتيب لقاء ثنائي في بغداد، ومسؤولون بالإدارة الأميركية أعلنوا قبولهم بذلكـ خصوصا في أثناء زيارة برّاك».

وذكر: «نصحنا الجانب الأميركي بالتعامل باحترام مع إيران، والابتعاد عن التهديد والوعيد؛ لأن المفاوضات تحتاج إلى الثقة، ولا يمكن إجراؤها في ظل عدوان عسكري، وإيران قبلت إجراء مفاوضات جادة دون إملاءات أو تهديد، بناءً على الثقة، وهذه وجهة نظر منطقية».

وأشار رداً على سؤال، إلى أن «العلاقات مع الولايات المتحدة لها خصوصية، وهي شريك استراتيجي للعراق، وأسهمت في إسقاط النظام الديكتاتوري، وساعدتنا بمواجهة «داعش» من خلال التحالف الدولي، وعملنا على تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة، سواء في الإطار الأمني أم الاقتصادي بحكم ما تملكه من شركات وتكنولوجيا للاستفادة من تجربتها».

وذكر السوداني في مجال آخر: «لم يعد هناك أي مبرر لوجود قوات أجنبية في العراق، والدستور ينصّ على عدم وجود سلاح خارج القوات الأمنية، وهو واحد من أبرز القرارات المدرجة في البرنامج الحكومي، وكل الأطراف الوطنية متفقة على معالجة هذا الملف».

مؤيدو رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحتفلون عقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات في بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال: «خلال أيام ستتسلم قواتنا المسلحة قاعدة عين الأسد بالكامل، والمرحلة الثانية تتعلق بقاعدة حرير، ولا نخضع لأي آراء أو رغبات، أو أمزجة الآخرين، ومشاكلنا تُحلّ بالقرار العراقي فقط، والجانب الأميركي يتفهم هذا الأمر وهو حريص على الاستقرار».

سوريا

وقال السوداني، رداً على سؤال، إن العلاقات العراقية - السورية «مستمرة على أساس مصلحة استراتيجية مشتركة، ولدينا تواصل، وشكّلنا لجنة تنسيق أمنية ثنائية وهي مستمرة بعملها».

و أضاف: «تحدثنا مع الجانب السوري عن ضرورة بناء عملية سياسية شاملة، تستوعب جميع الأطياف، مع إصدار موقف واضح بنبذ الإرهاب و(داعش) والتطرف». وقال إن «العراق حريص على وحدة وسلامة الأراضي السورية، ولدينا فرص كبيرة للنهوض بالواقع الاقتصادي، ومنها خط كركوك - بانياس لتصدير النفط».

وأكد: «نتابع الوضع الأمني في سوريا التي تشهد تنامياً لعصابات (داعش)، والعراق جزء من التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، ولدينا نشاط مهم مع الجانب السوري في مكافحة المخدرات، وتم تنفيذ عمليات مشتركة داخل الأراضي السورية».

رئيس الوزراء العراقي خلال استقباله جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (أرشيفية - رئاسة الحكومة العراقية)

وعن العملية السياسية في العراق بعد الانتخابات البرلمانية، أكد السوداني أن «غالبية قوى الإطار التنسيقي حريصة على إنتاج حكومة قوية تواجه التحديات المستقبلية، لكننا ما زلنا نراوح في مكاننا من دون حسم لاختيار رئيس الوزراء؛ ولهذا قدمنا مبادرة لتحريك الجمود بصفتنا كتلة أساسية في الإطار التنسيقي».

وأوضح «أن الولاية الثانية ليست طموحاً شخصياً بقدر ما هي استعداد لتحمل المسؤولية وإكمال مشروع بدأناه».


وجهاء «الطائفة العلوية» في الساحل يرفضون دعوات التقسيم وإثارة الفتن

محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
TT

وجهاء «الطائفة العلوية» في الساحل يرفضون دعوات التقسيم وإثارة الفتن

محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)

أصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم بالقيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».

وقال وجهاء «الطائفة العلوية» في طرطوس في بيان نشر على منصات التواصل الاجتماعي: «إن المدعو غزال غزال لا يمثلنا، ونرفض رفضاً قاطعاً دعواته لإثارة الفتن والتقسيم وخلق حالة فوضى بالبلد».

وشدد البيان على التمسّك بالحوار تحت سقف الدولة، والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة البلاد، طالبين من الدولة بـ«تسريع الإجراءات التي من شأنها تطمين أهالي المعتقلين وإعادة الموظفين».

وفي اللاذقية، دعا أعيان ووجهاء منطقة القرداحة، في تسجيل مصور، إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة، مترحمين على الشهداء الذين ارتقوا في التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حمص.

متظاهر في مدينة اللاذقية يحمل لافتة تطالب بفيدرالية في الساحل السوري في حين يتجمع أفراد من «الطائفة العلوية» للاحتجاج على تفجير مسجد حمص (إ.ب.أ)

ودعا الوجهاء في حديثهم أبناء محافظة اللاذقية عموماً والطائفة العلوية خصوصاً، إلى عدم استغلال الحالة العاطفية وعدم جعل أرواح وأعراض الناس «وقوداً لأجندات استخباراتية خارجية تريد المتاجرة بدماء أبنائنا».

ومن الفقرات اللافتة في بيان وجهاء القرداحة عن «الشبهة في هذه الدعوات التي جاءت بعد أن بدأنا نلتمس عدداً من الانفراجات، بدءاً من إطلاق سراح الموقوفين، وعودة وانخراط أبناء الطائفة في وظائفهم، وتسوية شؤون العسكريين، وإعطائهم حقوقهم».

وشهدت مدن عدة في الساحل السوري ووسط البلاد، الأحد، وقفات احتجاجية شارك فيها العشرات، رافعين شعارات تطالب بالفيدرالية، وسط انتشار لعناصر من الأمن الداخلي لحمايتها.

وأفاد مراسل «الإخبارية» بأن وقفة احتجاجية جرت في دوار الأزهري بمدينة اللاذقية، طالب المشاركون فيها بالإفراج عن الموقوفين، وذلك في إطار احتجاجات للتنديد بالتفجير الذي وقع في مسجد علي بن أبي طالب في حمص. وفي السياق ذاته، ذكر مراسل «الإخبارية» في ريف حماة أن وقفة احتجاجية مماثلة نُظّمت في مدينة مصياف بريف حماة.

قوى الأمن في بانياس بريف طرطوس تلقي القبض على زكريا حيدر الشبقي وبحوزته قنابل يدوية ومحادثات تحريضية (سانا)

في الأثناء، ألقت قوى الأمن الداخلي في مدينة بانياس بريف طرطوس القبض على المدعو زكريا حيدر الشبقي، أثناء تفتيش إحدى الحواجز الطيارة، بعد أن ضبط بحوزته قنابل يدوية ومحادثات تحريضية استهدفت عناصر الأمن، ما شكّل تهديداً مباشراً على الأمن والاستقرار.

وذكرت محافظة طرطوس عبر موقعها على «تلغرام»، أن الجهات المختصة أوقفته فوراً، واتخذت بحقه الإجراءات القانونية اللازمة. في حين أعلنت مديرية الأمن الداخلي في منطقة جبلة، أنها تمكنت من القبض على المدعو باسل عيسى علي جماهيري، أحد أعضاء خلية ما يُسمى «سرايا الجواد» التابعة للمجرم سهيل الحسن، وضبطت أسلحة وذخائر تعود للخلية الإجرامية.

وكانت قوى الأمن الداخلي في محافظة طرطوس قد ألقت الشهر الماضي القبض على أفراد مجموعة خارجة عن القانون كانت تتحصن بمناطق جبلية، وضبطت بحوزتهم كميات من الأسلحة والذخائر.


الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

في وقت لم تتمكن فيه القوى السياسية الشيعية من حسم خيارها بشأن المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء، مع بقاء محمد شياع السوداني في صدارة التوقعات، يعقد البرلمان العراقي جلسته الأولى، يوم الاثنين، وسط استمرار الخلافات داخل المكونات الرئيسية الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) على مناصب رئيس البرلمان، الذي هو من حصة المكون السني، والنائب الأول له (شيعي)، والنائب الثاني (كردي).

وفي ضوء التحذيرات التي وجهها رئيس «مجلس القضاء الأعلى» فائق زيدان، من مغبة عدم الحسم إزاء هذه المناصب خلال الجلسة الأولى، على أساس أن التمديد يعدّ، بمثابة «مخالفة دستورية»، طبقاً للرسالة التي وجهها للقوى السياسية المعنية، فإنه لا توجد أي مؤشرات على حسم التنافس، لا على تلك التشريعية، ولا على المنصبين السياديين الآخرين: رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء.

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

وطبقاً للتراتبية والمدد الدستورية، فإن المحطة الأولى، يوم الاثنين، هي انتخاب رئيس البرلمان الذي لا يزال موضع تنافس شديد داخل القوى السنية بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«تحالف عزم» بزعامة مثنى السامرائي. ووفق ما قاله قيادي سنّي لـ«الشرق الأوسط»، إذا لم يتم الاتفاق على أي من المرشحين المذكورين، فإن الخيارات المطروحة أمام القوى السنية، في ظل عدم وجود أي إمكانية لتمديد الجلسة، أو جعلها مفتوحة نظراً لفيتو «القضاء الأعلى»، هي، إمّا الذهاب إلى البرلمان بالمرشحين، الاثنين، وإما الاتفاق على مرشح بديل للحلبوسي من داخل حزب «تقدم» في مقابل «تنازل المرشح المنافس السامرائي» عن ترشحه.

و أضاف القيادي نفسه أن «المرشح المطروح بديلاً للحلبوسي عن حزب (تقدم) هو النائب هيبت الحلبوسي، إذا تنازل محمد الحلبوسي بسبب ما يقال عن فيتو شيعي غير معلن ضده، لتولي ولاية ثانية طبقاً لقاعدة باتت تتبناها بعض القيادات الشيعية، بعدم التجديد للرؤساء السابقين سواء للبرلمان أم الجمهورية أم الوزراء».

محمد الحلبوسي (إكس)

ويؤكد القيادي السني أن «العقدة الأساسية، حتى الآن، هي عدم تنازل السامرائي عن الترشح؛ ما يعني الدخول ثانية في الفضاء الوطني، لكن هذه المرة بين هيبت الحلبوسي ومثنى السامرائي، وسط مخاوف من أن تكون الغلبة للأخير، وهو ما سيعني تراجع نفوذ حزب «تقدم» ورئيسه.

عقدة النائبين

والعقدة الأخرى التي لا تزال عالقة، تتصل بمنصبي النائب الأول (الشيعي) والنائب الثاني (الكردي) لرئيس البرلمان. ومع أن أمام المكونين متسعاً من الوقت على صعيد المدد الدستورية، لاختيار المرشح الكردي لمنصب رئيس الجمهورية، والمرشح الشيعي لمنصب رئيس الوزراء فإنهما محكومان خلال جلسة البرلمان الأولى، بالاتفاق على مرشحيهما لمنصبي نائبي الرئيس.

السوداني الرقم الصعب

شيعياً، وطبقاً لما أعلنه السوداني، فإن المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الوزراء هم، السوداني نفسه ورئيسا الوزراء السابقان نوري المالكي وحيدر العبادي.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية ببغداد 11 نوفمبر 2025 (أ.ب)

وأشارت بورصة الترشيحات لهذا المنصب، إلى أن عدد المرشحين كان قد بلغ 40 مرشحاً، وتقلصوا بعد أن تولت جهة شيعية قيادية برئاسة زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم مقابلتهم، إلى 9 بمن فيهم الثلاثة الذين يتصدرون القائمة، لكن طبقاً للسوداني، فإن القوى الشيعية تريد «رئيس وزراء حباب» أي ضعيفاً.

وطبقاً لما كشفه مصدر من داخل القوى الشيعية لـ«الشرق الأوسط»، فإن «قيادات شيعية بارزة عرضت على السوداني أن يتسلم منصب رئيس الوزراء لولاية ثانية مقابل تخليه عن حزبه (النهرين) وتحالفه (الإعمار والتنمية)، وكذلك عدم التفكير في ولاية ثالثة».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «السوداني رفض التخلي عن حزبه مقابل هذا العرض، بينما تعهد بتقديم مشروع قانون إلى البرلمان بشأن عدم حصول أي رئيس وزراء على ولاية ثالثة».

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

إضافة إلى ذلك، وبينما لم تنته الاجتماعات المتواصلة لقادة «الإطار الشيعي» إلى نتيجة حاسمة، تشير مصادر متطابقة إلى أن ملامح رئيس الوزراء المقبل سوف تتضح في غضون اليومين المقبلين، مع أن السوداني لا يزال يتصدر قائمة المرشحين، متقدماً على نوري المالكي وحيدر العبادي زعيم «ائتلاف النصر» الذي لم يدخل السباق الانتخابي أصلاً، ولا يملك أي مقعد في البرلمان.

والواضح أن حظوظ المالكي ضعيفة لإمكانية الحصول على ولاية ثالثة حتى داخل الوسط الشيعي، بينما العبادي لم يعد يصلح إلا كمرشح تسوية كونه لا يملك أي مقعد في البرلمان؛ ما يعني تحمل كتلة شيعية عدد النقاط التي يحتاج إليها المنصب، وهو أمر يستبعده كثيرون في ظل التنافس المحموم على الوزارات والهيئات وبقية المناصب التنفيذية التي تستهلك مزيداً من النقاط.