اختتم «كونفرانس وحدة الموقف» لمكونات شمال وشرق سوريا أعماله، يوم الجمعة، في مدينة الحسكة، بإصدار بيان ختامي شدّد فيه المشاركون على ضرورة ترسيخ التعدد القومي والديني والثقافي في البنى السياسية، واعتماد دستور ديمقراطي يضمن لا مركزية الحكم والمشاركة الفعلية لجميع المكونات. كما دعا البيان إلى عقد مؤتمر وطني سوري شامل، وإطلاق مسار للعدالة الانتقالية يضمن عودة آمنة وكريمة للمهجّرين، ورفض التغيير الديمغرافي، وفق ما ذكرت وكالة «هاوار» الكردية.
وعُقد المؤتمر تحت شعار «معاً من أجل تنوّع يعزز وحدتنا وشراكة تبني مستقبلنا»، في المركز الثقافي بمدينة الحسكة في مقاطعة الجزيرة، بمشاركة أكثر من 400 شخصية يمثلون الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، والمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وممثلي مكونات شمال وشرق سوريا.
وقرئ البيان من قِبل رئيس مجلس قبيلة الطي العربية، حسن فرحان، وبحضور المشاركين في المؤتمر.
وأوضح البيان أن مؤتمر مكونات شمال وشرق سوريا انعقد في مرحلة وطنية وحساسة، وبدافع من المسؤولية المشتركة تجاه حاضر البلاد ومستقبلها، حيث اجتمعت إرادات ممثلي مختلف مكونات المنطقة، من كرد وعرب وسريان آشوريين وتركمان وأرمن وشركس وسواهم، للتعبير عن التزامهم المشترك بمسار وطني ديمقراطي جامع قائم على التنوع والشراكة والمواطنة المتساوية.
ولفت البيان إلى أن المشاركين أشاروا إلى العمق التاريخي والثراء الثقافي للمكونات في شمال وشرق سوريا؛ إلى جانب حالة التهميش والإقصاء التي تعرضت لها من قِبل الأنظمة المركزية المتعاقبة، خلال عقود طويلة من الزمن، ولا سيما في ظل حكم النظام البائد الذي اتّبع سياسات مُمَنهجة لقمع الهويات، وإضعاف البنى الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، وفرض مشاريع تغيير ديمغرافي، وحرمان السكان من حقوقهم الأساسية في التمثيل والمشاركة، والتنمية العادلة.
التعدد مصدر قوة

وأكّد المؤتمر أن التعدد القومي والديني والثقافي في شمال وشرق سوريا هو مصدر غنى وقوة. وشدد على ضرورة ترسيخ هذا التعدد في البنى السياسية والإدارية، وعلى ضمان تمثيل المكونات كافة بما يعزز وحدة المجتمع، وعَدَّ أن نموذج الإدارة الذاتية هو تجربة تشاركية قابلة للتطوير والارتقاء، ومثالٌ حيّ على الحوكمة المجتمعية الديمقراطية.
كما عبّر المشاركون عن تقديرهم العالي للتضحيات التي قدّمتها «قوات سوريا الديمقراطية» في الدفاع عن المنطقة وكرامة شعوبها، وعَدِّها نواةً ضرورية لبناء جيش وطني سوري جديد، مهني تطوعي، بما يمثل حقيقة المجتمع السوري، ويحمي حدود البلاد وسلامة أراضيه.
وأضاف البيان: «إيماناً منّا بوحدة سوريا وسيادتها، فإننا نرى أنّ الحلّ المستدام يمرّ عبر دستور ديمقراطي يكرّس ويعزز التنوع القومي والثقافي والديني، ويؤسّس لدولة لا مركزية تضمن المشاركة الحقيقية لجميع المكونات في العملية السياسية والإدارية، بما ينسجم مع حرية المعتقد، والعدالة الاجتماعية، والحوكمة الرشيدة».
وشدّد البيان الختامي على أنّ تحقيق المصالحة الوطنية يتطلب إطلاق مسار فعلي للعدالة الانتقالية يقوم على كشف الحقيقة، والمساءلة، وجبر الضرر، دون تمييز، وضمان عدم التكرار، بما يهيئ البيئة الملائمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للمهجّرين، ورفض كل أشكال التغيير الديمغرافي.
كما أكد المشاركون أهمية الدور الفعال للمرأة والشباب والمجتمع المدني في قيادة عملية إعادة البناء، وترسيخ قيم السلم الأهلي، والحوار، ونبذ الكراهية، بما يعزز المشاركة الحقيقية في إدارة الدولة والمجتمع.





