«فوبيا» حزب «البعث» تسخن الانتخابات العراقية

المالكي حذّر من «تسلل رموز نظام صدام حسين عبر بوابة التشريع»

الدستور العراقي ينص على حظر نشاط حزب «البعث» منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 (رويترز)
الدستور العراقي ينص على حظر نشاط حزب «البعث» منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 (رويترز)
TT

«فوبيا» حزب «البعث» تسخن الانتخابات العراقية

الدستور العراقي ينص على حظر نشاط حزب «البعث» منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 (رويترز)
الدستور العراقي ينص على حظر نشاط حزب «البعث» منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 (رويترز)

أعاد رئيس الحكومة العراقية الأسبق، نوري المالكي، ملف حزب «البعث» المنحل إلى الواجهة في سياق تحضيرات حامية للانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في حين حذّر خبراء من استغلال القوانين في «أجندات انتقامية».

وحذّر المالكي، الذي يقود ائتلاف «دولة القانون»، من محاولات إعادة حزب «البعث» أو التساهل مع رموزه، على حد قوله.

وقال في بيان صحافي، الجمعة، إن «الدستور العراقي نصّ على حظر حزب (البعث) ومنع رموزه من العودة إلى الحياة السياسية تحت أي مسمى أو عنوان»، مضيفاً أن انتماءهم للحزب «يُعد جريمة لا تسقط بالتقادم».

وأشار المالكي إلى أن هذا الدستور، في هذا الخصوص، «استجاب لمرحلة مظلمة من تاريخ العراق، عاش فيها الشعب سنوات من القمع والتمييز والدماء على يد نظام استبدادي استند إلى فكر عنصري وإرهابي وطائفي»، على حد وصفه.

وأوضح المالكي أن «الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة» أنشئت انطلاقاً من هذا المبدأ الدستوري، لتكون الجهة المختصة بـ«كشف البعثيين، وجمع الأدلة التي تُثبت انتماءهم، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، بما في ذلك منعهم من الترشح أو المشاركة في العملية السياسية».

وأوضح أن الهيئة «ليست جهة قضائية تُصدر أحكاماً، بل جهة تنفيذية تعمل على تطبيق القانون وفقاً للدستور، وقراراتها ملزمة، ولا يجوز التدخل فيها من أي جهة سياسية أو حكومية أو تشريعية».

وأكد المالكي أن «أي محاولة للتساهل مع هذه الإجراءات أو التغاضي عنها، تعني فتح الباب أمام اختراق مؤسسات الدولة، وعودة الفكر البعثي عبر قنوات التشريع أو الأمن أو الاقتصاد».

وتابع المالكي: «إذا ثبت بالأدلة أن أحد الأفراد الذين تسللوا إلى البرلمان أو مواقع الدولة كان منتمياً سابقاً لحزب (البعث)، فيجب شمله فوراً بالإجراءات القانونية، بصرف النظر عن موقعه الحالي أو الطريقة التي وصل بها إلى المنصب».

ورأى المالكي أن حماية العملية السياسية من «التلوث البعثي» ليست خياراً، «بل واجب وطني ودستوري، ولا يجوز تحت أي ظرف أن تُقدَّم المجاملات السياسية على حساب دماء العراقيين ومستقبل دولتهم».

نوري المالكي وعمار الحكيم خلال مشاركتهما في الانتخابات المحلية ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

«عدالة انتقالية»

يميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن حديث المالكي عن «المساءلة والعدالة» قد يُمهد لحملة استبعاد مرشحين من السباق الانتخابي بشبهة الانتماء لحزب «البعث».

ورأى الخبير الدستوري، سيف السعدي، أن «الفواعل السياسية الحالية لم تستطع التخلي عن النزعة الانتقائية الانتقامية والانتقال إلى فقه الدولة ودستورها وقانونها بما ينسجم مع نظامها الديمقراطي».

وقال السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «تشريع هذا القانون لفترة محددة كان مقبولاً، لكن التأثيرات السياسية على الهيئة انعكست سلباً على قراراتها».

ولفت إلى أن «المنهاج الوزاري للحكومة الحالية، الذي صوّت عليه البرلمان، شدّد على أن تقدم (هيئة المساءلة والعدالة) تقريرها النهائي إلى مجلس النواب ليتم التصويت على حلها، وهو ما لم يحصل».

مع ذلك، أشار السعدي إلى أن حل «هيئة المساءلة والعدالة» لا يعني إلغاء الإجراءات القانونية للمشمولين بأحكامها، إذ ستُحال ملفاتها إلى مجلس القضاء الأعلى وتودع القوائم لدى الادعاء العام والدائرة القانونية لمجلس الوزراء، ومن حق المشمولين الاعتراض لدى الهيئة التمييزية القضائية.

وعَدّ السعدي أن استمرار القوى السياسية في العمل بقوانين العدالة الانتقالية أمر غير منطقي، و«يُشير إلى ضعف وعدم قدرة على إنتاج مؤسسات تتماشى مع متطلبات استقرار الدولة».

جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

عقدة الاجتثاث

كانت الهيئة تحمل اسم «اجتثاث البعث» خلال السنوات الأولى اللاحقة للاحتلال الأميركي عام 2003، قبل أن يتغيّر اسمها في مراحل لاحقة إلى «المساءلة والعدالة» تلبية لمطالب القوى السنية التي كانت تشكو من استخدام القوانين للإقصاء السياسي.

وكان الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، قد منح الأحزاب العراقية، التي كانت تعارض نظام صدام حسين في الخارج، ما يُشبه الرخصة لإقصاء رموز نظامه، ما أنتج في النهاية تشكيل هيئة «اجتثاث البعث» برئاسة السياسي العراقي، وأحد أبرز معارضي نظام صدام حسين، الراحل أحمد الجلبي.

وفي الأيام الأولى، بعد انهيار نظام صدام حسين، كان الجلبي يُمثل أحد الأرقام الصعبة، لكن دوره سرعان ما انحسر حتى وفاته الغامضة عام 2015، وهو في عز حيويته ونشاطه.

وتعهّدت حكومات متعاقبة في بغداد بإنهاء ملف اجتثاث «البعث»، بما فيها الحكومة الحالية التي يقودها محمد شياع السوداني، لكن حل الهيئة صعب للغاية، كما يقول معنيون، بسبب استنادها إلى مادة دستورية تنص على أن إنهاء عملها يتطلب قراراً منها.


مقالات ذات صلة

رحلة ناظم الزهاوي من عالم الأعمال إلى مزالق السياسة

ثقافة وفنون «الفتى القادم من بغداد»... رحلة ناظم الزهاوي من عالم الأعمال إلى مزالق السياسة

رحلة ناظم الزهاوي من عالم الأعمال إلى مزالق السياسة

يروي ناظم الزهاوي مسيرة حياته منذ سنواته الأولى في العراق حتى مسيرته السياسية البريطانية حيث تولى عدة مناصب وزارية في حزب «المحافظين»

ميرزا الخويلدي (الدمام)
المشرق العربي موظفو الانتخابات يجمعون أوراق الاقتراع الخاصة بالانتخابات العراقية بعد إغلاق الصناديق في بغداد (أ.ب)

«صدام حسين» يفوز في انتخابات العراق

فاز المرشح صدام حسين بمقعد في البرلمان العراقي الجديد بعد قرار الهيئة القضائية للانتخابات إلغاء قرار سابق للمفوضية كان يقضي باستبعاده.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز) play-circle 00:55

رئيس وزراء العراق: لا يمكن نزع سلاح الفصائل إلا بانسحاب أميركا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، إن العراق تعهد بوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة.

«الشرق الأوسط» (بغداد )
خاص صدام وصالح خلال قمة عربية استثنائية في بغداد قبل غزو الكويت بـ3 أشهر (غيتي) play-circle 03:55

خاص القربي لـ«الشرق الأوسط»: نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي «هذه معركة كرامة الأمة»

وزير الخارجية اليمني الأسبق يروي في مقابلة مع «الشرق الأوسط» كيف هرع من برلين إلى صنعاء بعد 11 سبتمبر، ومواجهة صالح لبوش بعدها، ورسالة تحذير لصدام قبل الغزو.

غسان شربل (لندن)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير

وثائق بريطانية: بوش رأى غزو العراق «حملة صليبية» لتخليص العالم من الشر

كشفت وثائق حكومية بريطانية رفعت عنها السرية مؤخراً أن جورج دبليو بوش كان يعد الإطاحة بصدام حسين جزءاً من «حملة صليبية ضد الشر».

«الشرق الأوسط» (لندن)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.