ترسانة «حزب الله» العسكرية تتآكل مع خروجه من حدود جنوب لبنان

خبراء: صواريخ الحزب باتت خارج الخدمة الفعلية

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
TT

ترسانة «حزب الله» العسكرية تتآكل مع خروجه من حدود جنوب لبنان

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)

عكست الدعوة الحكومية لجلسة يوم الثلاثاء المقبل لإقرار «حصرية السلاح»، أسئلة حول ترسانة «حزب الله» العسكرية التي يقول خبراء إنها تعرضت للتأكُّل نتيجة الحرب مع إسرائيل بين أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ونوفمبر (تشرين الثاني) 2024، فضلاً عن الضربات الإسرائيلية المتواصلة، وعمليات التفكيك لمنشآت الحزب في منطقة جنوب الليطاني.

وتقول الحكومة اللبنانية إن «حزب الله» انسحب من غالبية مواقعه العسكرية جنوب نهر الليطاني، بعدما تعرّضت أكثر من 90 في المائة من منشآته ومراكز الإطلاق التابعة له لغارات إسرائيلية مركّزة، وفكك الجيش اللبناني منشآت أخرى، في وقت يواصل الحزب الترويج لقدراته العسكرية والتلويح بتوسيع المعركة عند الضرورة.

عناصر من «حزب الله» يقفون أمام راجمات صواريخ خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أ.ب)

ويرى خبراء عسكريون تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن وراء هذا الخطاب التصعيدي «تتكشف فجوات عميقة في البنية القتالية للحزب»، ويجمع هؤلاء على أن «(حزب الله) خسر ميزاته اللوجستية وتضرّر عمقه الاستراتيجي، في حين ارتفعت قدرة الرصد الإسرائيلي إلى مستويات غير مسبوقة؛ ما يجعل أي تهديد بالصواريخ بعيدة المدى مغامرة غير قابلة للتنفيذ وذات تكلفة باهظة».

ورغم الانكفاء الميداني، يواصل الحزب التأكيد على امتلاكه صواريخ متوسطة وبعيدة المدى قادرة على إصابة العمق الإسرائيلي. لكن التطورات الميدانية تُثير شكوكاً جدية: فهل ما زالت هذه الترسانة فعالة؟ وهل يمكن استخدامها في ظل الرقابة الجوية الدقيقة؟

 

صواريخ مكشوفة وقابلة للإبطال

 

وفق تقييم الخبراء، فإن هذه الصواريخ، حتى لو بقي منها شيء، باتت عملياً خارج الخدمة. ويرى العميد الركن المتقاعد، خليل الحلو، أن الخطاب التعبوي لـ«الحزب» اللبناني «يخفي تراجعاً كبيراً في قدراته العملياتية، خصوصاً في ما يتعلق بإطلاق الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا النوع من الصواريخ يتطلب تجهيزات زمنية ومنصات ثابتة أو شبه ثابتة؛ ما يجعلها أهدافاً سهلة للرصد الجوي الإسرائيلي».

 

تفوّق التقنيات الإسرائيلية

 

يضيف الحلو: «لم يعد الجنوب بيئة آمنة للإطلاق، كما أن البقاع الشمالي تلقّى ضربات دقيقة. بالتالي، يمكن الجزم بأن هذا السلاح أصبح عاجزاً عن تنفيذ أي مهمة هجومية جدية. وحتى لو بقي جزء من هذه الصواريخ، فإن تشغيلها في ظل المراقبة الجوية الشديدة مستحيل من دون تعرّضها لكشف فوري أو ضربة وقائية».

 

 

المنظومة الجوية الإسرائيلية تعترض طائرة مسيّرة تابعة لـ«حزب الله» بشمال إسرائيل في أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ويشير الحلو إلى أن «تل أبيب طوّرت شبكة مراقبة فائقة تعتمد على طائرات مسيّرة، وأقمار اصطناعية، واستشعار بيومتري، مدعومة بأنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل الإشارات البصرية والحرارية. هذه الشبكة تجعل أي تحرّك صاروخي، أو نقل قاذفات، أو تجهيز للمنصات... خطوة محفوفة بالمخاطر».

ويضيف: «إسرائيل بدأت باستخدام تقنيات اعتراض بالليزر إلى جانب (القبة الحديدية)، وهو ما يقلّص من جدوى أي قدرة صاروخية متبقية لدى الحزب، ويحوّل سلاحه إلى عبء أكثر منه رادعاً».

 

سوريا لم تعد ممراً آمناً

 

يؤكد العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر أن «حزب الله» يعيش حالة إنكار في ما يخص واقعه العسكري، وأن تهديداته بإطلاق صواريخ بعيدة المدى لا تعكس الواقع الميداني.

ويشرح لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أظن أن الحزب يستطيع الاستغناء عن التمركز جنوب الليطاني لإطلاق صواريخه، لكن الضربات الإسرائيلية التي طالت البقاع أثبتت أن هذه القدرة مقيّدة بشدة. لم يعد لديه مرونة في الإطلاق دون انكشاف أو استهداف».

أسلحة بينها صواريخ مضادة للدروع عائدة لـ«حزب الله» ضبطتها القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في نوفمبر الماضي (أ.ب)

ويقول إن «طرق التهريب عبر سوريا أصيبت بالشلل، والمعابر البرية والمرافئ البحرية أصبحت تحت رقابة لصيقة؛ ما يجعل إدخال صواريخ أو معدات تصنيعها عملية شبه مستحيلة من دون التعرض لضربات إسرائيلية».

ويرى عبد القادر أن تمسّك «الحزب» بسلاحه الثقيل اليوم: «لم يعد نابعاً من جدواه العسكرية، بل من رمزيته السياسية»، قائلاً: «ما تبقى من الترسانة لا يُستخدم عسكرياً، بل يُستثمر كورقة ضغط داخلياً وخارجياً».

 

ما الذي تبقّى من الترسانة؟

 

تُشير تقديرات عسكرية متقاطعة، وبينها إفادة القيادة الشمالية بالجيش الإسرائيلي قبل أيام، إلى أن ما تبقّى من الترسانة الصاروخية لا يتجاوز الـ30 في المائة من حجمها قبل اندلاع الحرب الأخيرة.

ويؤكد الحلو أن «(الحزب) بات يعتمد على أسلحة خفيفة محمولة ومضادات دروع دفاعية، في إطار استراتيجية محلية تهدف إلى صد أي توغل، لا إلى تنفيذ ضربات استباقية».

 

من الردع إلى العبء

 

ورغم أن خطاب الحزب الإعلامي لم يتغيّر، فإن موازين القوى تبدّلت؛ فـ«الصاروخ الذي كان يهدد به تل أبيب قبل عشر سنوات، بات اليوم تحت مجهر الذكاء الاصطناعي»، وفق ما يُجمع عليه كل من الحلو وعبد القادر.

في السياق، يلفت الحلو إلى أنه «مع الانسحاب من جنوب الليطاني، والانكشاف العسكري في الداخل اللبناني، تراجعت قدرة (الحزب) على المبادرة الهجومية. وباتت صواريخه البعيدة، حتى وإن وُجدت، أشبه بحطام معنوي. أما الرهان على سلاح الردع الثقيل، فقد انقلب إلى عبء سياسي وعسكري، لا ورقة قوة كما في السابق».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.