تدور مواجهات الجمعة بين مقاتلين من العشائر والبدو مدعومين من السلطات السورية ومجموعات درزية في محيط السويداء التي انسحبت منها القوات الحكومية وتركت خلفها مدينة منكوبة وأعداداً كبيرة من الضحايا، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وطلبت الأمم المتحدة فتح تحقيقات «مستقلة وسريعة وشفافة» في أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل نحو 600 شخص، داعية إلى وقف «سفك الدماء».
وتقوّض أعمال العنف هذه التي تدخلت فيها إسرائيل عبر استهداف القوات الحكومية ومقرات رسمية في دمشق، جهود السلطات الانتقالية برئاسة أحمد الشرع في بسط سلطتها على كامل التراب السوري بعد أكثر من سبعة أشهر على إطاحتها الحكم السابق. وتطرح مجدداً تساؤلات حول قدرتها على التعامل مع الأقليات على وقع أعمال عنف على خلفية طائفية طالت مكونات عدة في البلاد.

وسحبت السلطات السورية قواتها من محافظة السويداء، الخميس، مع إعلان الشرع أنه يريد تجنّب «حرب واسعة» مع إسرائيل التي هدّدت بتصعيد غاراتها، بعدما أكدت أنها لن تسمح باستهداف الأقلية الدرزية أو بانتشار قوات عسكرية تابعة للسلطات في جنوب سوريا.
ودخل وقف إطلاق نار حيّز التنفيذ، لكن الرئاسة السورية اتهمت ليل الخميس المقاتلين الدروز بخرقه.
وتجدّدت الاشتباكات الجمعة في محيط مدينة السويداء بين المقاتلين من العشائر والمقاتلين الدروز، وسمع مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» داخل مدينة السويداء وفي محيطها، أصوات إطلاق رصاص.
ولا تزال مدينة السويداء محرومة من الكهرباء والماء، وسط ضعف في شبكة الاتصالات، بحسب ما أفاد رئيس تحرير موقع «السويداء 24» المحلي ريان معروف «الصحافة الفرنسية». وأضاف: «الوضع الإنساني كارثي، لا يوجد حتى حليب للأطفال».

وأعلنت إسرائيل الجمعة أنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء تبلغ قيمتها نحو 600 ألف دولار، وتشمل حصصاً غذائية وإمدادات طبية، بحسب بيان لوزارة الخارجية.
«استنجدوا بنا»
وفي جنيف، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: «يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وحماية كل الأشخاص يجب أن تكون الأولوية المطلقة».
وأضاف: «يجب أن تُجرى تحقيقات مستقلة، سريعة وشفافة في كل أعمال العنف، وأن تتم محاسبة المسؤولين» عن الانتهاكات.

ونفت إسرائيل الجمعة أنباء نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عن تنفيذها مزيداً من الضربات الجوية قرب السويداء ليل الخميس.
وقال متحدث عسكري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ليس لدى الجيش الإسرائيلي علم بضربات جوية خلال الليل في سوريا».
وكانت إسرائيل هدّدت الأربعاء بمزيد من التصعيد ضدّ القوات الحكومية ما لم تنسحب من محافظة السويداء بعدما قصفت مواقع عدة أبرزها مجمّع هيئة الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.
وكانت الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل والداعمة للسلطات السورية الجديدة، أعلنت الخميس أنها لم تساند الغارات الإسرائيلية على سوريا.
واندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار درزياً، وأعقبتها عمليات خطف متبادلة.

منازل تحترق
وأفاد ثلاثة مراسلين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في السويداء بأن مقاتلين من العشائر توافدوا من مختلف المناطق السورية دعماً للبدو، وتجمّعوا صباح الجمعة في قرى محيطة بالمدينة.
وقال شيخ إحدى العشائر، علي العناد، لمراسل الوكالة قرب قرية ولغا في ريف السويداء، إن رجاله جاءوا من منطقة حماة وسط سوريا بعدما «استنجد بنا أبناء البدو وجئنا لدعمهم».

وشاهد مراسل منازل ومتاجر وسيارات تحترق في قرية ولغا الدرزية التي باتت بيد العشائر.
ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد، في محافظة السويداء خصوصاً. ويتوزّع الدروز كذلك بين لبنان وإسرائيل.
