عون يتعهد حماية وحدة الأراضي اللبنانية بعد تصريحات الموفد الأميركي

وزير الداخلية الكويتي من بيروت: لن نسمح بأي تجاوز لـ«حزب الله» في بلادنا

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الرئاسة اللبنانية)
TT

عون يتعهد حماية وحدة الأراضي اللبنانية بعد تصريحات الموفد الأميركي

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الرئاسة اللبنانية)

بدّد الرئيس اللبناني جوزيف عون المخاوف اللبنانية التي أثارها تصريح الموفد الأميركي السفير توماس براك السبت الماضي، عن احتمال عودة لبنان إلى «بلاد الشام»، إذ أكد أن «وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة وطنيّة، كرّسها الدستور، ويحميها الجيش اللبناني»، وأنه لا يقبل بأي طروحات مشابهة. جاء ذلك بموازاة تأكيد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح من بيروت، أن «لبنان سيبقى لبنان، وسوريا تبقى سوريا»، مشدداً، في الوقت نفسه، على أن الكويت «لن تسمح بأي تجاوز لـ(حزب الله) اللبناني في بلادنا».

وطمأن الرئيس عون اللبنانيين، بعد تصريحات الموفد الأميركي براك التي حذّر فيها من مخاطر وجودية على لبنان، ونبّه من عودة لبنان إلى بلاد الشام، وهو تصريح سرعان ما أوضحه براك بالقول إن «إشادتي بالتقدم اللافت الذي تحققه سوريا لا تشكل تهديداً للبنان».

وقال عون: «وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة وطنيّة، كرّسها الدستور، ويحميها الجيش اللبناني، وتحصّنها إرادة اللبنانيين الذين قدّموا التضحيات على مرّ السنين للمحافظة عليها». وأضاف: «لقد أقسمت اليمين، بعد انتخابي رئيساً للجمهورية، على الحفاظ على (استقلال الوطن وسلامة أراضيه)، ويُخطئ من يظن أن من أقسم مرّتين على الدفاع عن لبنان الواحد الموحّد، يمكن أن ينكث بقَسَمه لأي سبب كان، أو أن يقبل بأي طروحات مماثلة»، حسبما أفادت الرئاسة اللبنانية.

وكان عون استقبل الاثنين، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتي، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، الذي زار بيروت، والتقى، إلى جانب عون، رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، ووزير الداخلية أحمد الحجار.

وأكد عون أن العلاقات المتجذرة بين لبنان والكويت، تزداد رسوخاً يوماً بعد يوم، لأنها مبنية على أسس صلبة من الأخوة والتعاون والاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل من البلدين. وأبلغ الوزير الكويتي «أن لبنان حريص على تعزيز التعاون مع دولة الكويت الشقيقة، لأن ما يجمع بين شعبي البلدين من أخوة ومحبة كفيل بأن يُشعر الكويتي عندما يأتي إلى لبنان بأنه في بلده الآخر، وهذا ما نريده أن يستمر، وأن نرى إخوتنا الكويتيين في لبنان خلال هذا الصيف بين أهلهم وفي ديارهم».

وشدد عون على «أهمية التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، خصوصاً التعاون الأمني لمكافحة تهريب المخدرات، وكل ما يخل بالأمن في البلدين».

وكان الوزير الصباح نقل إلى عون تحيات القيادة الكويتية، معرباً عن سعادته لوجوده ببيروت في زيارة رسمية، تسنى له خلالها لقاء عدد من الكويتيين الذين يمضون فصل الصيف في لبنان. وشدد الوزير الكويتي على دعم بلاده للبنان في كل المجالات، لا سيما التعاون الأمني، انطلاقاً من حرص الكويت على استقرار لبنان وسلامته، داعياً إلى تفعيل عمل اللجنة العليا اللبنانية - الكويتية للبحث في مجالات مساعدة لبنان.

وقال الصباح في مؤتمر صحافي: «الشعب الكويتي عانى نفس ما عاناه، ولا يزال يعانيه الشعب اللبناني من عدم الاستقرار لفترة من الزمن. وبفضل الله سبحانه تعالى، فإن الأمور الأمنية والاستقرار يتطوران يوماً بعد يوم في الجمهورية اللبنانية. وهذا ما يتمناه الشعب الكويتي ودولة الكويت: الاستقرار والأمن والأمان في لبنان».

وزير الداخلية اللبناني يرحب بنظيره الكويتي في وزارة الداخلية (إ.ب.أ)

وتحدث عن تفعيل لجنة مشتركة لم تتفعل منذ 13 سنة. وقال إن «الكويت بحاجة إلى لبنان، ولبنان بحاجة للكويت».

وسئل عما إذا كان لا يزال لـ«حزب الله» من دور في الكويت، بعدما كانت محكمة التمييز الكويتية وضعت الحزب على لوائح الإرهاب، فأجاب: «إن كل الأمور التي ستؤدي إلى عدم استقرار أي بلد سنواجهها، وأنتم تلاحظون التطور الأمني الحاصل في الكويت، والحمد لله أن وهبنا أميراً لديه رؤية ثاقبة في الأمن، وهو أساساً كان رجل أمن. والكويت كانت محتاجة في الوقت الذي نمر به، مثلما لبنان محتاج لفخامة الرئيس، إلى رجل أمن لأنه يفهم الأمور الأمنية، وما تمر به البلاد من مشاكل ذات طابع أمني. (حزب الله) خط أحمر، وأنا شخصياً لن أسمح بأي تجاوز لأي إنسان أو لأي حزب موجود في الكويت، ونحن ليس لدينا رسمياً أي أحزاب».

لقاء بري

والتقى الوزير الكويتي أيضاً رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، حيث تناول اللقاء الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات والعلاقات الثنائية بين لبنان والكويت. وبعد اللقاء قال الشيخ الصباح: «لبنان سوف يبقى لبنان، والزيارة هي لتأكيد دعم الكويت والشعب الكويتي التام للبنان».

رئيس البرلمان نبيه بري يستقبل الوفد الكويتي برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (إعلام مجلس النواب)

وعما إذا كان هناك من مخاوف تهدد لبنان من حدوده الشرقية مع سوريا، أجاب الوزير الصباح: «لبنان سيبقى لبنان، وسوريا ستبقى سوريا».

رئيس الحكومة ووزير الداخلية

وفي مقر إقامة رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، عقدت محادثات لبنانية - كويتية تناولت العلاقات الثنائية، وأهمية تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين، إضافة إلى التطورات المحلية والإقليمية والدولية.

اجتماع موسع ترأسه رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام خلال استقباله وزير الداخلية الكويتي (إ.ب.أ)

وفي وزارة الداخلية، عقد الوزير الصباح مع نظيره اللبناني أحمد الحجار، لقاء موسعاً لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك. وبعد اللقاء قال وزير الداخلية الكويتي: «لبنان والكويت أشقاء منذ زمن طويل، وأهم نقطة كنت أريد أن أبحثها هي تجارة المخدرات»، مشيراً إلى أن «الكويت كانت تدعم، ولا تزال، الدول الشقيقة، وهناك مبالغ مرصودة من الصندوق الكويتي للتنمية، وقد تحدّثت إلى رئيس الحكومة ووعدني بأنه سيُجهز الجدول الزمني والاحتياجات بناءً على المبالغ الموجودة». وتوجه إلى اللبنانيين بالقول: «هناك خبر إيجابي ستسمعونه من رئيسكم قريباً، وليس مني».

من جهته، قال الحجار: «بحثنا التعاون الأمني بين الكويت ولبنان، وانتقل فريق عمل متخصص من الكويت للقاء فريق لبناني متخصص لبحث التعاون الأمني، وكان هناك تعاون في مجال المخدرات».


مقالات ذات صلة

نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام) play-circle

نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

قال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم إن لبنان أمام «مفصل تاريخي حاسم» يكون فيه إما «تحت الوصاية الأميركية الإسرائيلية وإما النهوض واستعادة السيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

تنشط المساعي الأوروبية لبلورة بديل عن قوات «اليونيفيل» التي يُفترض أن تبدأ انسحابها من لبنان مع نهاية عام 2026، بقرار من مجلس الأمن الدولي.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي زينة الميلاد في وسط بيروت التجاري الذي تحوّل إلى مقصد للسياح خلال فترة الأعياد (أ.ب)

تبديد المخاوف من الحرب ينعكس على الحركة السياحية والتجارية في لبنان

انعكست التطمينات وتبدّد المخاوف تدريجياً من التصعيد الإسرائيلي بارتفاع ملحوظ في عدد القادمين إلى لبنان خلال فترة الأعياد.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي عربات الإسعاف والدفاع المدني السوري على الحدود السورية - اللبنانية (سانا)

غرق 5 سوريين خلال محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية

قال التلفزيون السوري، الأحد، إن 5 سوريين غرقوا في أثناء محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يعتقل سوريين يجمعون «الفطر» في الجنوب السوري

توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعتقل سوريين يجمعون «الفطر» في الجنوب السوري

توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

اعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي، الأحد، 5 شبان من محافظة درعا جنوب سوريا أثناء قيامهم بالبحث عن الفطر البري الذي يطلق عليه «لحم الفقراء» في الأراضي الزراعية القريبة من بلدة كودنة في ريف القنيطرة الجنوبي.

وذكر مراسل «سانا» في القنيطرة أن قوات الاحتلال نقلت المعتقلين إلى قاعدة تل الأحمر الغربي، دون ورود معلومات عن أسباب الاعتقال أو مصير الشبان.

وأفاد مصدر محلي لموقع «درعا 24»، بأن الشبان الذين اعتقلتهم دورية لقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب سد بلدة كودنة بريف القنيطرة أثناء بحثهم عن الفطر، ينحدرون من مدينة جاسم بريف محافظة درعا الشمالي، منهم: محمود أحمد الصلخدي، وداوود سليمان الصلخدي، ومحمد أحمد الصلخدي، وعبد الباسط سليمان الصلخدي، وحسب المصدر، أقدم جنود الاحتلال على تكسير الدراجات النارية الخاصة بالشبان قبل اعتقالهم.

واعتدت قوات الجيش الإسرائيلي في 24 الحالي على أطفال ونساء أثناء جمعهم الفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي، وذلك عبر إطلاق قنابل دخانية تجاههم.

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (أرشيفية - سانا)

وذكر مراسل «سانا» في القنيطرة أن قوة الاحتلال مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية، أطلقت قنابل دخانية تجاه الأطفال والنساء أثناء قيامهم بجمع الفطر في المنطقة الواقعة بين القريتين.

ويتحدث تقرير سابق لموقع «اقتصاد» عن رحلة جمع الفطر في المنطقة وأهميتها للسكان، بقوله، إن «أجواء محافظة القنيطرة مناسبة جداً لنمو الفطر البري، فأمطار المحافظة غزيرة، وغالباً ما تترافق مع البرق والرعد. وعلى الرغم من أن عادة جمع الفطر ليست بالجديدة، لكنها تحولت إلى مصدر رزق مؤقت لعدد كبير من الأهالي، خصوصاً النازحين المقيمين في المحافظة الذين لا يملكون عملاً أو مردودهم المادي ضئيل».

قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي (أرشيفية - سانا)

في السياق نفسه، أفاد مراسل «درعا 24»، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت من قرية صيدا الحانوت (الجولان) بريف القنيطرة الجنوبي، إبراهيم غازي الشنور، ويعمل راعي أغنام.

وكانت القوات الإسرائيلية قد توغلت، السبت، في قرية طرنجة، وصولاً إلى أطراف بلدة جباثا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي.


نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم، الأحد، إن لبنان أمام «مفصل تاريخي حاسم» يكون فيه إما «تحت الوصاية الأميركية الإسرائيلية، وإما النهوض واستعادة السيادة والأرض».

وأضاف قاسم، في خطاب خلال حفل للحزب، «من يطالب بحصرية السلاح رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا يعمل لمصلحة البلاد»، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه، العام الماضي.

وتابع: «نزع السلاح مشروع إسرائيلي أميركي حتى لو جرى تسويقه تحت عنوان حصرية السلاح»، مؤكداً أن نزع السلاح «جزء من مشروع لإنهاء القدرة العسكرية للبنان، وزرع الشقاق مع (حركة أمل)».

وأوضح الأمين العام للحزب أنه «لم يعد مطلوباً من لبنان أي إجراء، على أي صعيد، قبل أن يلتزم العدوّ الإسرائيلي بما عليه من التزامات».

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام مؤخراً قرب الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح بيد الدولة جنوب نهر الليطاني.

وازدادت الضغوط على «حزب الله» اللبناني للتخلي عن سلاحه بعد أن تعرض لضربة قوية في حربه مع إسرائيل، العام الماضي، حيث لقي العديد من كبار قادته حتفهم، ومنهم الأمين العام حسن نصر الله، قبل التوصل إلى هدنة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة أميركية.

وألزم اتفاق الهدنة لبنان بحصر حيازة الأسلحة على 6 أجهزة أمن حكومية، ونص على منع إعادة تسليح الجماعات غير الحكومية.


أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
TT

أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

تنشط المساعي الأوروبية لبلورة بديل عن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) التي يُفترض أن تبدأ انسحابها من لبنان مع نهاية عام 2026، بقرار من مجلس الأمن الدولي.

وحتى الساعة، لا يزال غير واضح تحت أي مسمّى سيبقى بعض هذه القوات؛ إذ أعلنت فرنسا وإيطاليا عن رغبتهما في بقاء قواتهما، وما إذا كانت ستخضع لحكومات دول الاتحاد الأوروبي أم ستعود مجدداً لتكون تحت مظلة مجلس الأمن.

وهذا ما يطرح علامات استفهام حول جدوى استبدالها بـ«اليونيفيل»، وما إذا كانت إسرائيل، التي ضغطت بقوة لإنهاء دور «اليونيفيل»، ستقبل أصلاً بتشكيل قوة من هذا النوع.

وكانت فرنسا أعربت أكثر من مرة عن اهتمامها بإبقاء قواتها في جنوب لبنان لمساعدة الجيش في مهامه على الحدود، تلتها إيطاليا التي خرج وزير دفاعها غيدو كروسيتو ليعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الأسبوع الماضي، رغبة بلاده في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، لافتاً إلى وجود دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه.

وأوضح أن «هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب؛ لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له».

قوات «اليونيفيل»

وقرر مجلس الأمن الدولي أواخر أغسطس (آب) الماضي تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل) لمرة أخيرة، مع وضع برنامج لانسحابها عام 2027، بعدما طالبت إسرائيل والولايات المتحدة بذلك.

ونص قرار المجلس، الذي تم تبنّيه بالإجماع، على «تمديد تفويض (اليونيفيل) مرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2026، والبدء بعملية تقليص وانسحاب منسقة وآمنة بدءاً من 31 ديسمبر 2026 ضمن مهلة عام واحد».

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويبلغ عدد الدول التي تتألف منها «اليونيفيل» 49 دولة، تشارك بما مجموعه 9923 جندياً لحفظ السلام، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية بالعديد؛ إذ بلغ عدد الجنود المشاركين 1099 جندياً، في حين يبلغ عدد الجنود الإسبان في البعثة 824 جندياً، و762 فرنسياً، و414 آيرلندياً، و217 بولندياً، و221 ألمانياً. أما كبرى البعثات، فهي من إندونيسيا بـ1232 جندياً.

مصلحة لبنانية

ويبدو لبنان الرسمي متحمساً لاستمرار وجود قوات دولية على حدوده مع إسرائيل، وهو ما عبّر عنه الرئيس اللبناني مؤخراً، لافتاً إلى أن «لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها في عام 2027»، موضحاً أن ذلك يأتي لـ«مساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها».

وأشارت مصادر وزارية إلى أن «التداول بطرح القوة البديلة لـ(اليونيفيل) بدأ فور الإعلان عن انتهاء مهام هذه الأخيرة مع نهاية عام 2027»، لافتة إلى أن «الفرنسيين والإيطاليين والإسبان أعربوا في وقتها عن رغبتهم في إبقاء قواتهم في الجنوب، وإن كان بعديد أقل من عديدها الحالي، وهم عادوا وأكدوا ذلك مؤخراً»، مرجحة انضمام دول أخرى لهذه القوة كألمانيا ودول أفريقية.

وشرحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من وجود هذه القوات هو تثبيت حضور دولي على الحدود يساعد في انتشار الجيش بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي والتلال المحتلة»، مشيرة إلى أنه «حتى الساعة، من غير الواضح تحت أي مسمى أو مظلة قد يحصل ذلك؛ تحت مظلة الاتحاد الأوروبي أو تحت مظلة دولية أخرى، باعتبار أنه لا يزال هناك متسع من الوقت لبلورة الأمور (نحو عامين)».

جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

وأوضحت المصادر أن «بقاء هذه القوات يُفترض أن يحصل في إطار اتفاق يتم بين الحكومة اللبنانية وحكومات هذه الدول لشرعنة وجودها»، مضيفة: «الدولة اللبنانية رحبت بهذا التوجه، وتحصل راهناً دراسة ونقاشات جدية في هذا الخصوص؛ لأن للبنان مصلحة بوجود قوات دولية في المنطقة الحدودية مع إسرائيل للتصدي لأي مخططات توسعية أو غيرها».

قوة غير خاضعة للأمم المتحدة؟

ويرجح مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أن تكون القوة الدولية الجديدة المنوي تشكيلها «غير خاضعة للأمم المتحدة، سواء كالتي في العراق أو غزة، ما يجعلها لا تصطدم بفيتوات وبيروقراطية الأمم المتحدة، وتكون برعاية وإدارة أميركية وتضم بلداناً متحالفة»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هدفها سيكون التأكد من تنفيذ الجيش اللبناني المهام الموكلة إليه، إضافة إلى مؤازرة العناصر والضباط في عملية (حصرية السلاح)».

خلفية الاندفاعة الفرنسية

بدوره، يكشف العميد المتقاعد منير شحادة أن «فرنسا في الاجتماع الأخير الذي حصل في باريس وضم ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، بالإضافة إلى قائد الجيش اللبناني، اقترحت أن يحصل توثيق دولي لما يقوم به الجيش، وأنها مستعدة إلى أن تكون ضمن الفريق الذي يقوم بذلك لدحض ادعاءات إسرائيل بأنه لا يقوم بما هو مطلوب منه في جنوب الليطاني».

ولفت شحادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الهدف من الاندفاعة الفرنسية في هذا المجال هو تجنب أي تصعيد إسرائيلي، كذلك كي يبقى لباريس موطئ قدم في لبنان، ودور لها في الأمن والسياسة عندما تنتهي مهام قوات (اليونيفيل). أضف أن الثروات النفطية الموعودة تشكل عاملاً جاذباً ليس فقط للفرنسيين، إنما أيضاً للإيطاليين». ويضيف: «لكن أميركا تسعى إلى أن يكون أي وجود لقوات أجنبية في لبنان تحت مظلة مجلس الأمن، وبالتالي وجود مقونن دولياً».