العراق يخسر رادارات عسكرية في هجوم مسيّرات مجهولة

اتهامات للفصائل بـ«تصفية منشآت الرصد الجوي»

قاعدة التاجي العسكرية العراقية (أرشيفية)
قاعدة التاجي العسكرية العراقية (أرشيفية)
TT

العراق يخسر رادارات عسكرية في هجوم مسيّرات مجهولة

قاعدة التاجي العسكرية العراقية (أرشيفية)
قاعدة التاجي العسكرية العراقية (أرشيفية)

أمر القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الثلاثاء، بتشكيل لجنة للتحقيق في اعتداءات طالت عبر «مسيرات مجهولة» منظومة رادارات عسكرية في معسكر التاجي، شمال العاصمة بغداد، وآخر في قاعدة «الإمام علي» في محافظة ذي قار الجنوبية، في حين أشارت تقارير صحافية إلى أن هجوماً ثالثاً استهدف قاعدة تضم راداراً قرب مطار بغداد الدولي.

وجاءت الاعتداءات الثلاثة بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.

صورة مركبة لرادار في معسكر التاجي شمال بغداد قبل الهجوم وبعده (إكس)

وأكد السوداني اليوم أن الحكومة لن تتهاون مع أي عمل داخلي أو خارجي يضر بأمن البلاد، وستواجهه بكل حزم وقوة.

ونقلت «وكالة الأنباء العراقية» عن السوداني قوله خلال اجتماع لمجلس الوزراء «تعاملنا مع الأحداث بما يعطي الأولوية لمصالح الشعب العراقي، وهو الموقف المطلوب».

وأضاف أن قواعد عسكرية عراقية تعرضت لـ«اعتداء غادر وجبان بطائرات مسيرة انتحارية، ألحق أضراراً بمنظومتي الرادار بقاعدتي (التاجي) و(الإمام علي) في ذي قار... تعاملت قواتنا المسلحة ودفاعاتنا الجوية بشكل سريع مع باقي الهجمات التي استهدفت قواعد أخرى، وأسقطت الطائرات المعتدية».

من ناحية أخرى، رحب رئيس الوزراء العراقي باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وعبّر عن أمله في أن يكون «قوياً ومتماسكاً وليس هشاً».

الاعتداء «الجبان والغادر»

من جهته، وصف صباح النعمان، الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، الاعتداء، بـ«الجبان والغادر». وقال في بيان صحافي إن «مجموعة من الطائرات الانتحارية المسيّرة الصغيرة استهدفت مواقع وقواعد عسكرية، وأحدثت أضراراً كبيرةً بمنظومتي الرادار في معسكر التاجي شمال بغداد، وقاعدة الإمام علي في محافظة ذي قار».

وأظهرت صور متداولة حريقاً في رادار معسكر التاجي، في حين أكد الناطق العسكري «عدم وقوع أي ضحايا بشرية». وأضاف أن «القوات العراقية تمكنت من التصدّي وإحباط جميع محاولات الاعتداء الأخرى على أربعة مواقع في أماكن مختلفة، والتعامل مع الطائرات المسيّرة وإسقاطها، بعد أن كانت تروم استهداف هذه المواقع».

وأشار إلى أن «جميع المواقع المستهدفة هي مواقع عسكرية تابعة للقوات الأمنية العراقية بشكل كامل، ومسؤول عنها ويقوم على إدارتها ضبّاط ومنتسبون من تشكيلات قواتنا الأمنية البطلة».

وعقب الاعتداء، أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بـ«تشكيل لجنة فنية واستخبارية عالية المستوى تضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية المعنية كافة للتحقيق في ملابسات هذا الاعتداء، وكشف الجهات المنفذة له، ومتابعة نتائج التحقيق بشكل كامل».

وشدد الناطق العسكري على أن «هذه الأفعال الإجرامية الغادرة لن تمر دون عقاب، وستبقى قواتنا المسلحة درع العراق الحصين في الدفاع عن شعبنا، وترابنا، وسيادتنا».

وأشارت مصادر عسكرية إلى أن الاستهداف الأول طال راداراً داخل معسكر وقاعدة التاجي العسكرية من طراز «TPS77»، ودمر بالكامل، فيما استهدف الاعتداء الثاني راداراً من طراز «AN/TPQ36» في قاعدة الإمام علي في محافظة ذي قار.

وتداولت تقارير محلية معلومات غير مؤكدة عن استهداف رادار من منشأ أميركي في قاعدة «فيكتوريا» الأميركية، على مقربة من مطار بغداد الدولي.

وتسلّم الجيش العراقي عام 2022 رادار «نو TPS-77» أميركي الصنع، وعدة رادارات من طراز «Ground Master 400» وفق صفقة مع شركة «تاليس» الفرنسية كانت قد وُقّعت عام 2020.

وطبقاً لخبراء عسكريين، فإن «TPS-77» يعد من الرادارات الاستراتيجية بعيدة المدى من صنع العملاق الأميركي «لوكهيد مارتن» لمسح وتغطية مساحات شاسعة لفترة عمل طويلة.

وحتى مع وجود رادارات من هذا النوع، لم تتمكن القوات الأمنية العراقية من الحيلولة دون اختراق أجواء من قبل الطيران الإسرائيلي، أو الصواريخ الإيرانية خلال حرب الـ12 يوماً التي دارت بينهما، وكانت الأجواء العراقية ممراً لتلك الهجمات المتبادلة بين الطرفين.

ويفتقر العراق بشكل كامل إلى المضادات الأرضية القادرة على حماية أجوائه، ما يسهل على الآخرين عمليات اختراقها، حتى لو قامت الرادارات برصدها.

ورغم اللجنة التي شكلتها السلطات العراقية للوقوف على الجهات المتورطة في الحادث، فإن الاتجاه العام لا يتوقع الكثير من النتائج حول الجهات المتورطة في الاعتداء، خاصة من أصابع الاتهام التي تشير إلى تورط فصائل مرتبطة بإيران في الاعتداء. ولا تثق معظم الاتجاهات الشعبية ومنذ سنوات في اللجان التحقيقية التي تجريها السلطات، لأنه غالباً ما يتم تجاهل نتائجها، ولا تظهر إلى العلن.

كانت إيران قد وجهت انتقادات لاذعة للسلطات العراقية لعدم قدرتها على منع مرور الطيران الإسرائيلي عبر أراضيها لاستهداف مواقع إيرانية، وكذلك الحال مع بعض الفصائل المسلحة التي كانت غير راضية عن «العجز» العراقي عن حماية أجوائه.

وعززت تدوينات ناشطين ومقربين من الفصائل شبهة تورطها في «هجوم الرادارات». وقال الناشط والمدون عباس العرداوي بعد عملية الاعتداء في منصة «إكس» إنه «لا شيء قد حدث مجرد رادار فرنسي بقاعدة التاجي قدم خدماته بالعدوان الإسرائيلي، تمت إحالته للسكراب!».

وكتب الصحافي فلاح المشعل في منصة «إكس» أن «إيران حين يتعذر عليها قصف المواقع الأميركية، وتبلغهم قبل ذلك، تهاجم المعسكرات والمواقع العراقية بدقة، لتنشر المسيرات على أوسع مدى في أوساط الولائيين الذين تشفوا بخسائر العراق لمعداته الحربية».

وأضاف أنها «ضربات لم تُسجل نصراً لأي جهة، لكنها كشفت عن عمق انتماء إيران لدى الولائيين، على حساب ما هو عراقي، ومن كافة المستويات المدنية والعسكرية والإعلامية، الذين يجدون في تدمير العراق انتصاراً لإيران، ونشوة نصر تنفّس أحقادهم على العراق المنعمين بخيراته، وأمواله، وسلطاته أيضاً».


مقالات ذات صلة

بغداد وأربيل تتبادلان ورقتين لـ«حل مستدام»

المشرق العربي رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ورئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني في أربيل (أرشيفية - إعلام حكومي)

بغداد وأربيل تتبادلان ورقتين لـ«حل مستدام»

تبادلت بغداد، العاصمة الاتحادية، وأربيل، عاصمة إقليم كردستان الشمالي، مسودتين لحل مشكلات مزمنة تتعلّق بموارد وأموال النفط ورواتب موظفي الإقليم.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال افتتاح محطة كهرباء جديدة في النجف جنوب البلاد 9 يوليو 2025 (إعلام حكومي)

حكومة بغداد تستعيد «مبادئ السيستاني» لحصر السلاح

اختار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مدينة النجف، ليوجه رسائله الى فصائل مسلحة كانت قد رفضت نزع السلاح وحصره بيد الدولة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي سد الموصل (صحيفة «الصباح» الرسمية)

«الموارد» العراقية: تركيا لم تنفذ الإطلاقات المائية المتفق عليها

قال وزير الموارد المائية العراقي إن «تركيا لم تنفذ حتى الآن التصاريف المتفق عليها سابقاً والمحدَّدة بـ420 متراً مكعباً في الثانية لشهرَي تمّوز وآب».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مصافحاً رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني في أنقرة (إعلام البرلمان)

تركيا تطلق المياه إلى نهري العراق «بعد موافقة إردوغان»

أطلقت تركيا، الأربعاء، دفعات أولى من المياه إلى نهري الفرات ودجلة في العراق، في ذروة فصل جاف ونقص حاد في مخزون المياه.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي حشد من الزوار على الطريق من النجف إلى كربلاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

العراق... إجراءات حكومية ضد «مروجين» للكراهية

أعلنت وزارة الداخلية العراقية، الاثنين، أن «لجنة المحتوى الهابط»، التابعة لها، اتخذت إجراءات قانونية بحق شخصين: إمام مسجد وشاعر شعبي.

فاضل النشمي (بغداد)

تقدّم حذر بضغط أميركي نحو «هدنة غزة»

فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

تقدّم حذر بضغط أميركي نحو «هدنة غزة»

فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينية تحمل جثمان قريب لها قُتل بغارة إسرائيلية قبيل الجنازة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

أثمرت ضغوط أميركية على إسرائيل، تقدماً حذراً نحو إعلان اتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار في غزة لمدة شهرين. وتواصلت في الدوحة، أمس، المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل، على وقع اجتماعات في واشنطن، للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن «تقدماً» حدث بعد لقاء ترمب ونتنياهو، لكنها شددت على أنه «لم يتم الحسم النهائي للخلافات». وقال نتنياهو، في مقطع دعائي بُث أمس، لمقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إن «هناك احتمالاً كبيراً للتوصل إلى صفقة جزئية لوقف النار».

كذلك، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، في خطاب متلفز أمس، عن «توافر الظروف» للمضي في اتفاق يضمن الإفراج عن رهائن في غزة.