في وقت لم تكرر الفصائل المسلحة العراقية تهديداتها بضرب المصالح الأميركية في العراق والمنطقة أكد أحد قادتها، وفي لفتة نادرة، على «أهمية الالتزام بخطاب الدولة».
منح الهدوء الحذر الذي يسيطر على الشارع العراقي، وتراجع المظاهرات سواء التي أطلقتها الفصائل المسلحة أو التي دعا إليها الإطار التنسيقي، الحكومة فرصة للتحرك دبلوماسياً وسياسياً، فيما تم فتح المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان ومنازل كبار المسؤولين أمام حركة السير.
وبعد سلسلة بيانات وتصريحات ومواقف رسمية وسياسية بشأن رفض العراق استخدام أجوائه من قبل الطيران الإسرائيلي لضرب إيران، ومع تحرك بغداد في مجلس الأمن الدولي، بحث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، خيارات الحكومة «القانونية» بشأن الخروقات الإسرائيلية للأجواء العراقية.
وبحسب بيان حكومي صدر مساء الثلاثاء، فإن «السوداني التقى زيدان، حيث جرى خلال اللقاء استعراض التعاون بين السلطات التنفيذية، والقضائية، والتشريعية، وأهمية توحيد الجهود في هذه المرحلة، خصوصاً إزاء ما تمر به المنطقة من أزمات».
وأضاف البيان أن «اللقاء أكد إدانة الخرق الصهيوني للأجواء العراقية، ودعم جهود الحكومة في اتخاذ المواقف والإجراءات القانونية على الساحة الدولية وأمام الهيئات الأممية لحفظ حق العراق، ومنع انتهاك السيادة بأي شكل من الأشكال، فضلاً عن إدانة العدوان الصهيوني على إيران، وما يؤدي إليه من زيادة مستويات التوتر إقليمياً».
شكوى لمجلس الأمن
بشأن قيام العراق بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي يرى الخبير القانوني علي التميمي أن «هذا الإجراء ينسجم طبقاً للقانون الدولي مع مبدأ سيادة الدول على مجالها الجوي». وأضاف التميمي لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك يعني أن للدول الحق في السيطرة على المجال الجوي فوق أراضيها بما في ذلك المياه الإقليمية». وبين التميمي أن «توجه العراق إلى الأمم المتحدة ينسجم مع سلسلة قرارات واتفاقيات دولية من بينها (اتفاقية شيكاغو) لعام 1944 التي تعد الأساس للقانون الجوي الدولي، حيث تتمتع الدول بموجب هذه الاتفاقية بسيادة كاملة على مجالها الجوي، ويحق لها أن تتحكم في حركة الطيران المدني والعسكري فوق أراضيها»، مشيراً إلى أن «للدول الحق في تحديد الشروط والقواعد لعبور الطائرات الأجنبية لمجالها الجوي».
تحركات دبلوماسية
بالتزامن مع دعوة العراق الأمم المتحدة وبريطانيا والمجموعة الأوروبية إلى وقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، جددت السفارة الأميركية تأكيد حرصها بشأن الحفاظ على سلامة العراق. وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أجرى عدة لقاءات في وقت سابق هذا الأسبوع مع سفراء وممثلي بعثات دبلوماسية أوروبية في بغداد، وكان رئيس البرلمان محمود المشهداني دعا الأمم المتحدة وبريطانيا إلى التدخل لإيقاف الحرب والتوصل إلى هدنة.
تحركات المشهداني جاءت بعد فشل المجلس في عقد جلسة كاملة النصاب لمناقشة مجريات الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بسبب غياب معظم أعضاء البرلمان، حتى أولئك الذين ينتمون إلى قوى الإطار التنسيقي.
وكان المشهداني دعا ممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، إلى أن تأخذ المنظمة الأممية دورها لتضع حداً «للتجاوزات التي تقوم بها إسرائيل» في إيران وغزة وسوريا واليمن.
وذكر بيان لمجلس النواب، مساء الثلاثاء، أن المشهداني استقبل الحسان، وأكد خلال اللقاء على «دور الأمم المتحدة في التطورات الجارية بالمنطقة، وتجنيبها كثيراً من الصراعات، وضرورة الحفاظ على السلامة والأمن الدوليين، ووضع حد للتجاوزات التي يقوم بها الكيان الصهيوني في إيران وغزة وسوريا واليمن، وأن تأخذ الأمم المتحدة دورها».
في السياق نفسه دعا المشهداني السفير البريطاني لدى العراق، عرفان صديق، إلى أن يكون للمملكة المتحدة دور في إنهاء الصراع الدائر بالمنطقة.
وفي بيان لمجلس النواب جاء فيه أن «المشهداني استقبل صديق، وبحث اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادل وجهات النظر فيها، والعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وتفعيل لجان الصداقة بين المؤسسات التشريعية». وأشار البيان إلى أن اللقاء بحث الأوضاع الراهنة في المنطقة، وشدّد المشهداني على ضرورة أن «ينصب العمل على إشاعة السلم والأمن في المنطقة بدل التوترات المتتالية في كل من إيران وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن التي يحدثها الكيان الصهيوني، فهي محط إدانة واستنكار». وأضاف: «نطمح أن يكون لبريطانيا دور في إنهاء الصراع الدائر، وموقف بارز في إنهاء الحرب».
من جانبه، أكد السفير البريطاني أن دولته تقف مع العراق، وتدعم استقراره، وضد التصعيد، وتعمل على الحلول السلمية والدبلوماسية، مؤكداً أن بريطانيا لم تشارك في الضربات، وليس لديها نية في التدخل، ومجلس العموم لا يؤمن بالحلول العسكرية.
وفي هذا السياق بحث وزير الخارجية فؤاد حسين مع القائم بالأعمال الأميركي في العراق ستيفن فاغن موقف العراق الثابت برفض استخدام أجوائه بالتصعيد العسكري في المنطقة.
وقال بيان لوزارة الخارجية، مساء الثلاثاء، إن حسين، استقبل القائم بالأعمال الأميركي، وجرى خلال اللقاء بحث التصعيد العسكري الخطير في المنطقة، والتأكيد على تداعياته المحتملة على أمن واستقرار الشرق الأوسط والأمن الدولي، فضلاً عن انعكاساته السلبية على الاقتصاد العالمي. وأشار البيان إلى أن الوزير حسين شدد على موقف العراق الثابت برفض استخدام أجوائه، ناقلاً عن فاغن قوله بأن لدى بلاده «رغبة حقيقية في العودة إلى مسار المفاوضات حول المشروع النووي الإيراني والالتزام بالسبل الدبلوماسية».
في السياق نفسه، بحث وكيل وزارة الخارجية للعلاقات الثنائية محمد حسين بحر العلوم، مع نائب السفير الأميركي في بغداد، إليزابيث ترودو، العلاقات الثنائية وموقف العراق من المواجهة الجارية بين إسرائيل وإيران.
وقال بيان للخارجية العراقية يوم الأربعاء إنه «جرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع الخطيرة في المنطقة»، فيما أكد بحر العلوم إدانة العراق لهذا العدوان، وعدّه «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».
من جانبها، أكدت ترودو على «التزام الولايات المتحدة بدعم جهود الحفاظ على أمن العراق واستقراره، وأن واشنطن تبذل جهوداً حثيثة لوقف العمليات العسكرية والتصعيد في المنطقة، والعمل على دفع جميع الأطراف نحو التهدئة، وتغليب الحلول الدبلوماسية».