لبنان يتمسك بالتجديد لـ«يونيفيل» لحماية المظلة الدولية في الجنوب

عامل استقرار وشريان اقتصادي في المنطقة

قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

لبنان يتمسك بالتجديد لـ«يونيفيل» لحماية المظلة الدولية في الجنوب

قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)
قوة مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني في الناقورة الحدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

رفعت التصريحات والتسريبات الإسرائيلية عن توجّه أميركي – إسرائيلي إلى إنهاء عمل قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، منسوب القلق لدى لبنان من التداعيات الخطيرة التي قد تترتب عليه في حال تم اعتماد قرار كهذا في مجلس الأمن.

ومع أن لبنان الرسمي لم يتبلغ أي معلومات جدية بهذا الخصوص، فإنه كثّف وتيرة اتصالاته ومشاوراته مع الدول المعنية قبل موعد انتهاء التفويض الحالي المُعطى لهذه القوات من مجلس الأمن.

وقالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقف الرسمي اللبناني المتمسك ببقاء (يونيفيل) ينطلق من رغبته التامة في ترسيخ الأمن والاستقرار في الجنوب، خصوصاً أن (يونيفيل) تُشكّل أحد أسس القرار الدولي 1701 وشريك للجيش اللبناني في فرض الأمن والاستقرار في المنطقة».

دورية لقوة «يونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)

وأضافت المصادر: «ليس من مصلحة لبنان التخلي عن قوات (يونيفيل) بأي شكل من الأشكال، لأن عدم وجودها قد يخلق واقعاً مجهولاً في الجنوب؛ ما يفتح الأفق على مرحلة غير مستقرة من التفلت الأمني من دون أي سقف أو ضابط لردعها».

مظلة دولية للبنان

وفي السياق نفسه، لفت عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب ملحم الرياشي، إلى أن «(يونيفيل) ضرورة حتمية لحماية الحدود اللبنانية، وتأمين الاعتراف الدولي بهذه الحدود»، مشيراً إلى أنه «إضافة إلى ذلك، تلعب قوة (يونيفيل) دوراً استراتيجياً في تطبيق القرار الدولي 1701 وفي تنسيق الجهود الدولية لإخراج لبنان من حالة المراوحة للعودة إلى اتفاق الهدنة الموقَّع عام 1949».

وأوضح الرياشي أن «لبنان من دون (يونيفيل) يعني لبنان من دون مظلة دولية ومن دون مهمة أممية قابلة للتوسع لترعى حدوده كافة بناءً على طلب حكومة لبنان، كما ينص القرار 1701».

«عدَّاد للخروق»

لكن الخبير العسكري العميد سعيد القزح يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «وجود قوات الطوارئ في الجنوب، ليس له أي إفادة عملية إلا إذا تم إدراجها تحت الفصل السابع، فدورها في حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب كان محدوداً، وجُل ما كانت تقوم به هو المراقبة والإفادة عن أي خرق أو عمل عسكري ما حولها عدَّاداً للخروق لا أكثر ولا أقل».

ويوضح القزح: «لم تتمكن (يونيفيل) ولو لمرة واحدة من استعمال السلاح للدفاع عن نفسها حتى، سواء عندما تعرضت لقصف إسرائيلي مثلما حصل عام 1996 في قانا أو عندما تتعرض لاعتداءات من قِبل الأهالي في الجنوب كما نشهد أخيراً»، مشيراً إلى أن تفويضها «أتى تحت الفصل السادس الذي ينصّ على إحلال السلام بالطرق الدبلوماسية وليس تحت الفصل السابع الذي يقضي بفرض السلام ولو بالقوة».

وعن إمكانية إنهاء دورها في الجنوب، يقول القزح: «شكَّلت (يونيفيل) منذ إنشائها عام 1978 صلة الوصل الأساسية بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وكانت الراعية للاجتماعات الثلاثية التي تعقد في مقر الأمم المتحدة في الناقورة لتجنب التصعيد والعنف وحل الإشكاليات على الأرض، كما ساهمت بترسيم الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل بعد حرب يوليو (تموز) عام 2006، وفي حال انسحابها من الجنوب سيفقد لبنان صلة الوصل هذه، وسيترتب عليه البحث عن وسيلة تواصل أخرى تحت راية الأمم المتحدة».

شريان اقتصادي للجنوب

وعن التداعيات الاقتصادية لخروج «يونيفيل» من الجنوب، يقول القزح: «شكَّل وجود (يونيفيل) مصلحة اقتصادية كبيرة لمناطق الجنوب اللبناني من خلال وجود نحو 15 ألف جندي ضمن قواتها؛ ما حرَّك الدورة الاقتصادية والتنمية المحلية. فقد أطلقت (يونيفيل) ما كان يعرف بالتعاون العسكري المدني في مناطق تمركزها، مثل إنشاء الآبار الارتوازية وخزانات المياه لمساعدة المزارعين في عملية ري المزروعات، إضافة إلى النشاطات الاجتماعية على مختلف أشكالها والتعليم وتنمية المجتمعات المحلية».

جنود من الكتيبة الفرنسية في «يونيفيل» ببلدة عيتا الشعب جنوب لبنان (أرشيفية - إ.ب.أ)

ويشير البعض إلى أن خروج قوات «يونيفيل» من الجنوب، ستترتب عليه آثار اقتصادية سلبية على لبنان عموماً وعلى أهالي المنطقة خصوصاً، فإلى جانب دورها السياسي والأمني، كان لها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط الحركة الاقتصادية في كثير من البلدات الجنوبية وخلق فرص عمل للسكان، والشراء من الأسواق.

ووفرت «يونيفيل»، على مدى أكثر من أربعين عاماً، فرص عمل للآلاف من سكان الجنوب (مترجمون، عمال فنيون، سائقون، تجار...)، وشكلت شرياناً اقتصادياً حيوياً أدى إلى إنعاش الاقتصادات المحلية، فضلاً عن أن وجودها يعطي شعوراً بالاستقرار، وهذا الأمر كان عاملا مهما في جذب الاستثمارات والمساعدات إلى المنطقة.


مقالات ذات صلة

جلسة محاسبة الحكومة اللبنانية تتحول لمساءلة «حزب الله» عن سلاحه

المشرق العربي من وقائع الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

جلسة محاسبة الحكومة اللبنانية تتحول لمساءلة «حزب الله» عن سلاحه

تمثُل حكومة الرئيس نواف سلام أمام البرلمان في جلسة مناقشة عامة تُعقد الثلاثاء تجيب فيها على أسئلة النواب حول ما أنجزته منذ أن منحوها ثقتهم.

محمد شقير (بيروت)
خاص وزير العدل اللبناني عادل نصار (الوكالة الوطنية)

خاص وزير العدل اللبناني: جاهزون لمعاهدة مع سوريا لتسليم محكومين بغير قضايا الإرهاب

نفى وزير العدل اللبناني عادل نصّار تلقيه أي تحذيرات من توجه السلطات السورية لاتخاذ إجراءات تصعيدية لتحريك ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي قطيع الأبقار الذي دخل الأراضي اللبنانية من إسرائيل أثناء تجميعه بحظيرة في بلدة عيتا الشعب الحدودية (متداول)

تحذيرات من أبقار إسرائيلية «ملوثة جرثومياً» دخلت الأراضي اللبنانية

أثار دخول عشرات الأبقار من الجانب الإسرائيلي إلى الجانب اللبناني ليل الجمعة - السبت نوعاً من الاستنفار في البلدات اللبنانية الحدودية.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص الموفد الأميركي إلى لبنان توماس براك (رويترز)

خاص واشنطن تبعث برسالتي «إغراء» و«تحذير» إلى بيروت على خلفية ملف السلاح

بعث الموفد الأميركي توماس براك برسائل «إغراء» و«تحذير» إلى لبنان، لكنه اضطر إلى توضيح كلامه عن احتمال عودة لبنان «إلى بلاد الشام».

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي طائرات «إيه - 29 سوبر توكانو» لبنانية في قاعدة حامات الجوية 12 يونيو (حزيران) 2018 (الجيش اللبناني)

واشنطن توافق على بيع عتاد صيانة لطائرات «سوبر توكانو» للبنان

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في بيان، يوم الجمعة، إن وزارة الخارجية وافقت على اتفاق محتمل لبيع عتاد صيانة لطائرات «إيه - 29 سوبر توكانو» إلى لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مسؤول إسرائيلي يتهم «حماس» بـ«تقويض» مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة

دخان ونيران ترتفع للسماء عقب قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة (أ.ب)
دخان ونيران ترتفع للسماء عقب قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة (أ.ب)
TT

مسؤول إسرائيلي يتهم «حماس» بـ«تقويض» مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة

دخان ونيران ترتفع للسماء عقب قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة (أ.ب)
دخان ونيران ترتفع للسماء عقب قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة (أ.ب)

اتهم مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، اليوم السبت، حركة «حماس» الفلسطينية بتعطيل محاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة عبر رفضها خطة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً.

وقال المسؤول إن «(حماس) رفضت المقترح القطري، وتضع عقبات، وترفض التنازل، وتواكب المحادثات بحملة حرب نفسية تهدف إلى تقويض المفاوضات».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن إسرائيل «بيّنت استعدادها لإظهار مرونة في المفاوضات».

وفي حين بدأت، الأحد، في الدوحة جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس» بوساطة قطرية وأميركية ومصرية؛ سعياً للتوصل إلى هدنة في الحرب، واصل الجيش الإسرائيلي هجومه في قطاع غزة حيث قتل أكثر من عشرين فلسطينياً في ضربات جديدة، حسب الدفاع المدني.

كان مصدر فلسطيني قد صرح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن مفاوضات الدوحة «تواجه تعثراً وصعوبات معقدة نتيجة إصرار إسرائيل على خريطة قدمتها الجمعة، لإعادة انتشار وتموضع للجيش الإسرائيلي وليس انسحاباً، وتتضمن إبقاء القوات العسكرية على أكثر من 40 في المائة من مساحة قطاع غزة، وهو ما ترفضه (حماس)».

وحذر المصدر من أن خريطة الانسحاب «تهدف إلى حشر مئات آلاف النازحين في جزء من منطقة غرب رفح تمهيداً لتنفيذ تهجير المواطنين إلى مصر أو بلدان أخرى، وهذا ما ترفضه (حماس)».

وشدد على أن وفد «حماس» المفاوض «لن يقبل الخرائط الإسرائيلية المقدمة لأنها تمثل منح الشرعية لإعادة احتلال نحو نصف مساحة القطاع، وجعل قطاع غزة مناطق معزولة من دون معابر ولا حرية التنقل، مثل معسكرات النازية».