طبيب بريطاني في غزة: القطاع أصبح «مسلخاً بشرياً»

طفل فلسطيني مصاب يبكي في جنازة شقيقيه اللذين قتلا خلال غارات إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
طفل فلسطيني مصاب يبكي في جنازة شقيقيه اللذين قتلا خلال غارات إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
TT

طبيب بريطاني في غزة: القطاع أصبح «مسلخاً بشرياً»

طفل فلسطيني مصاب يبكي في جنازة شقيقيه اللذين قتلا خلال غارات إسرائيلية على خان يونس (رويترز)
طفل فلسطيني مصاب يبكي في جنازة شقيقيه اللذين قتلا خلال غارات إسرائيلية على خان يونس (رويترز)

قال طبيب بريطاني، يعمل في غزة، إن القطاع أصبح أَشبه بـ«مسلخ بشري» نتيجة القصف الإسرائيلي، مطالباً قادة العالم بـ«التوقف عن الكلام، والتحرك» لإنقاذ غزة.

ووفق شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، فإن الدكتور توم بوتوكار هو أحد الأطباء والجراحين البريطانيين المتخصصين الذين يعملون حالياً بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وكان يعمل في المستشفى الأوروبي على الأطراف الغربية لخان يونس، لكنه اضطر إلى إخلائه، الأسبوع الماضي، عندما تعرّض لقصف صاروخي، وجرى إغلاقه.

وبعد ذلك، توجّه بوتوكار للعمل في مستشفى الأمل المجاور لمستشفى ناصر، وهما من آخِر المستشفيات العاملة في جنوب غزة.

وفي حديثه عما شهده بغزة، قال بوتوكار: «ماذا يمكن أن أقول، إنه أمر مروّع، إنه مسلخ بشري».

جثمان رجل فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية على خان يونس (رويترز)

وتابع: «جميع المرضى يعانون سوء التغذية، والأطفال يعانون أشدّ المعاناة. وقد أدى نقص الطعام والماء إلى إضعافهم وجعلهم أكثر عرضة للأمراض. فبسبب الحصار، لا يدخل القطاعَ سوى قليل من البضائع، ولا يدخل الطعام، فيتضور الناس جوعاً، ولا يدخل سوى القليل من الإمدادات الطبية».

وشبَّه خان يونس بستالينغراد؛ بسبب حجم الدمار الهائل بها.

وستالينغراد (فولغوغراد الروسية حالياً) هي مدينة غزَتْها جيوش هتلر عام 1942، بعد قصف جوي عنيف، وإلقاء نحو 1000 طن من القنابل على المدينة، مما دمَّر معظم منشآتها ومعالمها.

كما حثّ قادة العالم على «التوقف عن الكلام، والتحرك».

وسبَق أن خدم بوتوكار في غزة بعد وقت قصير من بدء الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023،

لكنه أكد أن الوضع، الآن، تفاقم بشدة عن الوضع في تلك الفترة.

وتسببت الحرب، التي دخلت شهرها العشرين، في دمار غزة، بينما يواجه سكانها جوعاً متفاقماً. وأدت أيضاً إلى توتر علاقات إسرائيل مع معظم المجتمع الدولي، وأثّرت أيضاً، فيما يبدو، على علاقاتها مع أقرب حلفائها؛ الولايات المتحدة.

وتحت الضغط، وافقت إسرائيل، هذا الأسبوع، على السماح بدخول كمية «ضئيلة» من المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية، بعد أن منعت دخول الطعام والدواء والوقود؛ في محاولة للضغط على حركة «حماس».

فلسطينيون يكافحون للحصول على الطعام المتبرَّع به في مطبخ مجتمعي بخان يونس (أ.ب)

وقال المتحدث باسم «الأمم المتحدة»، ستيفان دوجاريك، أمس الثلاثاء، إنه رغم دخول المساعدات إلى الجانب الفلسطيني، عبر معبر كرم أبو سالم، لم يجرِ توزيع أيٍّ منها حتى الآن.

وأضاف دوجاريك: «انتظرت إحدى فرقنا، اليوم، عدة ساعات للحصول على موافقة إسرائيلية للدخول إلى منطقة كرم أبو سالم وجمع الإمدادات الغذائية. وللأسف، لم تتمكن من إدخال هذه الإمدادات إلى مستودعاتنا».


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية تطالب بـ«وقف لإطلاق النار يشمل قطاع غزة»

المشرق العربي طفل مصاب مع أسرته يجلسون في انتظار جنازة والده الذي قُتل خلال قصف إسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب) play-circle

الرئاسة الفلسطينية تطالب بـ«وقف لإطلاق النار يشمل قطاع غزة»

رحبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم (الثلاثاء)، بإعلان وقف الحرب بين إسرائيل وإيران بعد 12 يوماً من التصعيد، وطالبت بوقف إطلاق نار يشمل قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (رام الله )
المشرق العربي طفل مصاب يجلس إلى جانب أفراد من عائلته بعد مقتل والده في ضربة إسرائيلية بغزة (أ.ب) play-circle

«جريمة حرب»... الأمم المتحدة تندد بتحويل الغذاء سلاحاً في غزة

اعتبرت الأمم المتحدة أن تحويل الغذاء سلاحاً في غزة هو «جريمة حرب»، داعية الجيش الإسرائيلي إلى «التوقّف عن إطلاق النار على الأشخاص الساعين إلى الحصول على قوت».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل 26 فلسطينياً بنيران إسرائيلية قرب مركز مساعدات وسط غزة

أعلن الدفاع المدني بغزة أن 26 شخصاً قتلوا منذ فجر اليوم الثلاثاء بنيران الجيش الإسرائيلي، معظمهم سقطوا بجوار مركز لتوزيع المساعدات قرب جسر وادي غزة وسط القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري رد فعل فلسطيني على مقتل أفراد من عائلته في غارات إسرائيلية على جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: تعويل نتنياهو على نتائج حرب إيران قد يعرقل مساعي الوسطاء

ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين نتائج حرب إيران وإطلاق سراح الرهائن بقطاع غزة في خطوة يتراجع فيها عن تعهدات سابقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا متظاهرون يصطدمون بالشرطة في ميدان ترافلغار بلندن عقب إعلان حظر مجموعة «بالستاين أكشن» (أ.ف.ب)

بريطانيا تحظر مجموعة «بالستاين أكشن» بموجب قانون مكافحة الإرهاب

أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر أنها ستحظر مجموعة «بالستاين أكشن» (العمل من أجل فلسطين) بعدما اقتحم عدد من ناشطيها أكبر قاعدة جوية بريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجناح العسكري لـ«حزب الله» يؤخر «حصرية السلاح بيد الدولة»

لبنانيات في الضاحية الجنوبية لبيروت على مقربة من مبان مدمرة ومتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
لبنانيات في الضاحية الجنوبية لبيروت على مقربة من مبان مدمرة ومتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

الجناح العسكري لـ«حزب الله» يؤخر «حصرية السلاح بيد الدولة»

لبنانيات في الضاحية الجنوبية لبيروت على مقربة من مبان مدمرة ومتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
لبنانيات في الضاحية الجنوبية لبيروت على مقربة من مبان مدمرة ومتضررة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

اجتاز لبنان باتفاق إيران وإسرائيل على وقف النار قطوعَ الانزلاق نحو الحرب بعدم انخراط «حزب الله» فيها تضامناً مع إيران، وهذا ما انعكس ارتياحاً في الداخل والخارج، رغم أن إسرائيل واصلت خروقها اتفاق وقف النار لبنانياً، التي قوبلت بموقف لبناني جامع حول التزامه باتفاق وقف النار، فيما ينشط رئيس البرلمان، نبيه بري، على خط الحوار بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون و«الحزب»؛ للتوصل إلى اتفاق كامل لحصر السلاح بيد الدولة، لا يخضع للاجتهاد وغير قابل للنقض.

لكن اللافت كان توسيع إسرائيل، قبل ساعات من التوصل لاتفاق وقف النار على الجبهة الإسرائيلية - الإيرانية، اعتداءاتها على بلدات تقع شمال نهر الليطاني، في محاولة لتذكير اللبنانيين بأن توقف الحرب في الإقليم لن ينسحب على لبنان ما لم تتعهد الحكومة بحصرية السلاح بيد الدولة.

فالتصعيد الإسرائيلي يهدف، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى إضفاء طابع من السخونة على المفاوضات المتنقلة ما بين لبنان وإسرائيل، التي يستعد لها السفير الأميركي لدى تركيا المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، توماس برّاك، مع مجيئه ثانية إلى بيروت، بعد تواصله مع تل أبيب، للقاء الرؤساء الثلاثة، وعلى جدول أعماله تحريك المفاوضات غير المباشرة بين البلدين بوساطة أميركية للتوصل إلى اتفاق وقف النار تمهيداً لتطبيق القرار «1701».

وتؤكد المصادر السياسية، نقلاً عن جهات دبلوماسية غربية، أن إسرائيل بشنها الحرب على إيران تمكنت من توجيه ضربة قاسية للجيش الإيراني الرديف؛ والمقصود به «الحرس الثوري»، أدت إلى تدمير القسم الأكبر من بنيته العسكرية، واغتيال كبار قادته، على غرار ما ألحقته بـ«حزب الله» باغتيالها أمينيه العامين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وعدد كبير من قادته العسكريين ومعاونيهم في الميدان.

وتلفت إلى أن ما يهم المجتمع الدولي هو التوصل إلى اتفاق لبناني - لبناني يقضي بتجاوب «حزب الله» مع حصرية السلاح بيد الدولة، وهذا يتطلب منه التخلي عن جيشه الرديف، والمقصود به «جناحه العسكري»، بما يتيح للدولة استيعابه، بوصف ذلك أساساً لانخراطه مؤسسةً مدنيةً في مشروع الدولة، وترى أن تمسك «الحزب» به «يعوق العبور بلبنان للتعافي، ويبقي عليه أسير التأزم، باعتبار أنه يرفض حتى الساعة التجاوب، فعلاً لا قولاً، مع الوصفة الدولية، بالمفهوم السياسي للكلمة، التي كانت أُسديت له لبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها بلا أي شريك»، تطبيقاً لـ«اتفاق الطائف» والتزاماً بـالـ«1701» بكل مندرجاته لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وتضيف المصادر أن إسرائيل باستهدافها «الحرس الثوري» بغطاء أميركي، أرادت تحرير الجيش الإيراني من قبضته، وشل قدرته بما لا يسمح له بالالتفات للإقليم لإعادة بناء القدرات العسكرية لما تبقى له من أذرع في المنطقة، لكن هذا لا ينطبق على «حزب الله» بتأييده التعهد الذي قطعه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم بحصر احتكار السلاح في الدولة، ووقوفه خلف الحكومة في خيارها الدبلوماسي لإلزام إسرائيل بالانسحاب تطبيقاً للـ«1701»، وامتناعه عن الرد على خروقها وقف النار.

فـ«حزب الله» أحد المكونات السياسية في لبنان، وحواره مع عون، وفق المصادر، «يبقى المدخل الوحيد لإلزامه بحصرية السلاح بيد الدولة، وهذا ما يطمح إليه رئيس الجمهورية الذي ينأى بنفسه عن الدخول في صدام دموي، ويعطي فرصة للتوصل إلى تفاهم يفتح ثغرة لإخراج البلد من التأزم، وتنفيذ تعهده بحصرية السلاح عندما تسمح الظروف التي يسعى لإنضاجها، ووضع حد للمراوحة التي لم تعد تُحتمل، خصوصاً أنه لم يعد من جدوى لاحتفاظه بسلاحه بما يمكّنه من الإبقاء على جيشه الرديف للجيش اللبناني، والمتمثل في ذراعه العسكرية».

وتكشف المصادر عن أن برّاك في لقاءاته الرئاسية، وإن كان لم يطلب وضع جدول زمني لسحب سلاح «الحزب»، مبدياً تفهمه وجهة نظر عون بوجوب إعطاء فرصة لتفعيل حواره معه، فإن مجيئه ثانية إلى بيروت، بعد 3 أسابيع كما وعد، يشكل محطة للسؤال عمّا حققه الحوار ليكون في وسعه التوسط بين لبنان وإسرائيل لإلزامها الانسحاب من التلال التي ما زالت تحتلها، وإطلاق ما لديها من أسرى لبنانيين، وتحديد الحدود الدولية بين البلدين، استناداً إلى ما نصت عليه اتفاقية الهدنة الموقعة بينهما؛ لتهيئة الظروف أمام تطبيق الـ«1701».

وتؤكد أن «الحزب» تلقى نصائح بـ«عدم الرهان على شراء الوقت في انتظار ما ستؤول إليه الاتصالات لإعادة تعويم المفاوضات الأميركية - الإيرانية والنتائج المرجوة منها؛ لأن الوضع في لبنان لا يحتمل إدراجه على لائحة الانتظار ريثما يأتيه الفرج من معاودة المفاوضات»، وتقول إنها تتفهم الأسباب الكامنة وراء تأكيد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة مستمرة وأن الجهود منصبة على ترميم أوضاعه.

وترى أن قاسم «يتّبع سياسة رفع السقوف لاستيعاب جمهوره والحفاظ على تماسكه، مع أنه يدرك أن رفعها لن يؤدي إلى إخراجه من حالة الإرباك وتبديد ما لديه من قلق، وإن كان يحاول الآن رمي المسؤولية على عاتق الدولة بذريعة تباطئها في إعداد مشروع لإعادة إعمار البلدات المدمّرة في ظل عدم توفّر المساعدات لإعمارها ما لم تتأمّن حصرية السلاح بيد الدولة».

لذلك؛ من غير الجائز ربط حصرية السلاح باستئناف المفاوضات الموعودة بين واشنطن وطهران؛ «لأنها لن تقدّم أو تؤخّر في حسم الموقف اللبناني من حصرية السلاح، وبالتالي، فإن الارتياح اللبناني للأجواء التي سادت لقاءات برّاك بالرؤساء الثلاثة لا يمكن التأسيس عليه ما لم يلمس في زيارته الثانية المرتقبة لبيروت حدوث تقدم في حوار عون - (حزب الله) يعبد الطريق»، وفق المصادر، أمام التوافق على الخطوط العريضة لحصرية السلاح بيد الدولة؛ «لأن من دونه لا يمكن الولوج بلبنان إلى مرحلة الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي».