​«خفر السواحل» اليمنية تحبط تهريب الآلاف من مواد التفجير ومعدات الاتصالات للحوثيين

العميد صادق دويد: حجم الشحنة المصادرة ونوعيتها يعكسان خطورة المشروع الإيراني

جانب من المعدات وأجهزة الاتصالات التي تم ضبطها من قوات خفر السواحل في الساحل الغربي (سبأ)
جانب من المعدات وأجهزة الاتصالات التي تم ضبطها من قوات خفر السواحل في الساحل الغربي (سبأ)
TT

​«خفر السواحل» اليمنية تحبط تهريب الآلاف من مواد التفجير ومعدات الاتصالات للحوثيين

جانب من المعدات وأجهزة الاتصالات التي تم ضبطها من قوات خفر السواحل في الساحل الغربي (سبأ)
جانب من المعدات وأجهزة الاتصالات التي تم ضبطها من قوات خفر السواحل في الساحل الغربي (سبأ)

أحبطت قوات خفر السواحل اليمنية عمليتي تهريب بحريتين لكميات كبيرة من الأسلحة ومواد التفجير ومعدات الاتصالات كانت في طريقها لجماعة الحوثي الإرهابية بميناء رأس عيسى على ساحل البحر الأحمر، وكانت الشحنة آتية من جيبوتي.

جانب من المعدات وأجهزة الاتصالات التي تم ضبطها من قوات خفر السواحل في الساحل الغربي (سبأ)

وأعلنت المقاومة الوطنية في بيان اعتراض قوات خفر السواحل لسفينتين تحملان كميات ضخمة من أدوات التفجير ومعدات الاتصالات كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي، في واقعة تبرهن مجدداً على استمرار تدفق الدعم الإيراني عبر السواحل اليمنية، وتحوّل البحر الأحمر إلى شريان تهريب سلاح يخدم المشروع الحوثي التخريبي.

ووفقاً للإعلام العسكري للمقاومة الوطنية، فإن الكمية المضبوطة من أسلاك التفجير كافية لنسف قطر 46 كيلومتراً مربعاً، وهو ما يمثل ضعفي مساحة مدينة الحديدة.

أجهزة اتصالات من ضمن المضبوطات (المقاومة الوطنية)

وقال العميد صادق دويد الناطق باسم المقاومة الوطنية، وعضو القيادة المشتركة: «تمكنت القوات البحرية وخفر السواحل، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة من شعبة الاستخبارات العامة، من ضبط سفينتين شراعيتين (جلبتين) مقبلتين من جيبوتي إلى ميناء رأس عيسى، وعلى متنهما أكثر من 3 ملايين صاعق تفجير وأسلاك بطول إجمالي تجاوز 3600 كيلومتر، إلى جانب 64 جهازاً للاتصال الفضائي».

العميد صادق دويد الناطق باسم المقاومة الوطنية (المقاومة الوطنية)

ووفقاً للعميد دويد، فإن «التحقيقات مع طواقم السفينتين البالغ عددهم 14 بحاراً، أكدت ارتباطهم بميليشيا الحوثي، في تأكيد جديد على استخدام الجماعة الإرهابية للمواني والسواحل اليمنية ممرات لتهريب الأسلحة الإيرانية، وتعزيز مخزونها الحربي بعيداً عن أي مسار للسلام».

ولفت الناطق باسم المقاومة الوطنية إلى أن «حجم الشحنة المصادرة ونوعيتها يعكسان خطورة المشروع الإيراني، الذي يستخدم الأراضي اليمنية منصة حرب إقليمية، ويهدد الأمن البحري وخطوط الملاحة الدولية». مبيناً أن «الصواعق والأسلاك المضبوطة تدخلان في صناعة الزوارق المفخخة والطائرات الانتحارية وحقول الألغام التي تُفعل بالأشعة أو عن بُعد».

إحدى السفن المستخدمة في التهريب وتم ضبطها من قوات خفر السواحل اليمنية (المقاومة الوطنية)

وشدّد العميد صادق على أن «الحوثيين لا يسلكون طريق التسوية، بل يوسّعون ترسانتهم لتأجيج الحرب، وأن وقف هذا الخطر لن يتحقق إلا بتحرير كامل السواحل والمواني اليمنية، بوصف ذلك ضرورة استراتيجية لحماية اليمن والمنطقة والعالم من عبث المشروع الحوثي الإيراني».

وتستخدم الميليشيات الحوثية الصواعق المضبوطة في الزوارق المفخخة والطائرات الانتحارية المسيّرة، وحقول الألغام التحكمية بالبطاريات، أو عن بُعد، والأشعة تحت الحمراء، فيما تُستخدم الأسلاك في ربط شبكات المتفجرات ببعضها.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

إصابة رضيعة فلسطينية بهجوم مستوطنين في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

إصابة رضيعة فلسطينية بهجوم مستوطنين في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)

أصيبت رضيعة فلسطينية من جراء هجوم نفّذه مستوطنون على منزل في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي الفلسطيني الخميس، بينما أعلنت الشرطة الإسرائيلية توقيف خمسة مستوطنين للاشتباه بضلوعهم في الاعتداء.

وأفادت «وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية» (وفا) بإصابة «الرضيعة ميار الشلالدة (8 أشهر) بجروح في الوجه والرأس» من جراء «هجوم للمستعمرين على منازل المواطنين في بلدة سعير شمال شرقي الخليل» بالضفة الغربية.

وأوضحت أنه إثر الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من مساء الأربعاء، تمّ نقل الطفلة إلى المستشفى حيث «وصفت إصابتها بالمتوسطة، كما لحقت أضرار كبيرة بممتلكات ومنازل المواطنين».

بدورها، أعلنت الشرطة توقيف خمسة من المشتبه بهم على خلفية «تورّطهم المزعوم في حوادث عنف خطيرة في قرية سعير».

جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)

وأضافت في بيان أن قوات الأمن تلقت بلاغات عن «قيام مدنيين إسرائيليين برشق منزل فلسطيني بالحجارة»، مشيرة إلى إصابة طفلة فلسطينية من جراء ذلك.

وأوضح البيان أن «التحقيق الأولي حدّد تورّط عدد من المشتبهين الذين قدموا من بؤرة استيطانية قريبة»، في إشارة إلى المستوطنات غير المعترف بها رسمياً من قبل السلطات الإسرائيلية.

من جهة ثانية، أكد الجيش الإسرائيلي تورط جندي احتياط في واقعتين في قرية دير جرير شمال شرقي رام الله، وأشار إلى «لقطات تظهر شخصاً مسلحاً يدهس فلسطينياً».

وأظهر مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي رجلاً يقود مركبة رباعية الدفع ويحمل سلاحاً على ظهره بينما يصدم فلسطينياً كان يصلي على جانب الطريق.

وبحسب بيان الجيش فإن المسلح «جندي احتياط» وهو متورط في واقعة ثانية في محيط قرية دير جرير حيث «استخدم سلاحه وهو بملابس مدنية».

وعدّ الجيش الإسرائيلي في بيانه ما جرى «انتهاكاً صارخاً»، مؤكداً أنه تم سحب سلاحه وإنهاء خدمته كجندي احتياط.

وأظهرت اللقطات أيضا جندي الاحتياط وهو يعتدي على سائق إحدى مركبات الأجرة الذي تواصلت معه «وكالة الصحافة الفرنسية» ويدعى مجدي أبو مخو وهو والد الشاب الذي تم دهسه.

وقال أبو مخو إن «مستوطنين أغلقوا مدخل القرية ما استدعى توقف السيارات»، الأمر الذي دفع ابنه محمداً (23 عاماً) للنزول «وأداء صلاة الظهر في الشارع».

وبحسب أبو مخو «حاولت أن أنادي على محمد ليصعد إلى السيارة ونغادر المكان، فقام المستوطن برشنا بغاز الفلفل».

وأكد الأب أنه لم يعد «قادراً على الرؤية، قام شاب بقيادة السيارة وأخذنا إلى مركز الطوارئ في قرية سلواد» القريبة.

وبحسب الأب، يعاني ابنه من آلام في الرجلين بسبب الدهس.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

ووضح أبو مخو أن المستوطن «معروف، بنى بؤرة استيطانية بالقرب من القرية، دائماً ما يأتي بالبقر الذي لديه ويغلق الطريق ويستفز السكان هو ومستوطنون آخرون».

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أفاد بأن شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2025 كان الأسوأ من حيث عنف المستوطنين، منذ بدء توثيق هذه الحوادث عام 2006، حيث سُجّل 264 هجوماً أسفرت عن إصابات أو أضرار بالممتلكات.

ارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.

وقُتل مذاك ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي القوات أو المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

في الفترة ذاتها، قُتل ما لا يقل عن 44 إسرائيلياً بينهم جنود، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، بحسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية.


جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)
المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)
TT

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)
المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)

كانوا من كبار رجال الاستخبارات والجنرالات في عهد بشار الأسد، ومارسوا على مدار أكثر من عقد قمعاً وحشياً ضد انتفاضة شعبية في سوريا. والآن، بعد عام من فرارهم إثر سقوط نظام الأسد، يخططون لزعزعة الحكومة الوليدة، التي أطاحت بهم، وربما استعادة سيطرتهم على جزء من البلاد.

أما في ما إذا كان هؤلاء المسؤولون من النظام السابق يشكلون بالفعل تهديداً حقيقياً للسلطات السورية الجديدة، فمسألة لا يزال يكتنفها الغموض؛ ومع ذلك، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك، من خلال مقابلات أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» مع مشاركين في تلك التحركات، وبالاطلاع على مراسلات جرت بينهم، أنهم عازمون على إعادة بسط نفوذهم في سوريا، التي لا تزال تعصف بها التوترات بعد أكثر من 13 عاماً من اشتعال حرب أهلية.

في خضم ذلك، تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات. ويأمل العديد منهم في إحكام السيطرة على الساحل السوري، معقل الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الأسد وكثير من كبار قادته العسكريين والأمنيين.

غياث سليمان دلا الجنرال في الفرقة الرابعة (مواقع تواصل)

عن ذلك، قال غياث الدلا (45 عاماً)، القائد السابق في الفرقة الرابعة، التي كانت تثير الرعب في سوريا في وقت مضى، خلال مكالمة هاتفية مع أحد مرؤوسيه، أبريل (نيسان) الماضي، من لبنان، جرى التنصت عليها دون علمه: «لن نبدأ حتى نتسلح بالكامل».

وجاءت هذه المحادثة ضمن عشرات المحادثات النصية والمكالمات الصوتية والمحادثات الجماعية، التي جرى نسخها ومشاركتها مع الصحيفة، من قبل مجموعة من النشطاء السوريين، الذين قالوا إنهم اخترقوا هواتف قادة كبار في نظام الأسد قبل سقوطه، وما زالوا يراقبونهم منذ ذلك الحين.

وراجعت الصحيفة هذه المواد، وتحققت من تفاصيلها مع مسؤولين سوريين يراقبون هؤلاء القادة السابقين، وكذلك مع أشخاص على تواصل أو يعملون مع الذين جرى اختراقهم. وقد شارك النشطاء جزءاً فقط من المواد التي بحوزتهم، وطلبوا عدم كشف هويتهم، حفاظاً على قدرتهم على الاستمرار في المراقبة.

متهمان بجرائم حرب

سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» (إكس)

من أبرز الشخصيات التي تدور حولها هذه الجهود سهيل الحسن، قائد القوات الخاصة السابق بنظام الأسد، وكمال حسن، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية. وكلا الرجلين يخضع لعقوبات دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وتكشف المراسلات النصية والمقابلات مع المشاركين أنهما وزّعا أموالاً، وجندا مقاتلين، وتولت شبكة سهيل الحسن شراء أسلحة. يذكر أن الرجلين توجها إلى المنفى في موسكو رفقة الأسد، في ديسمبر (كانون الأول) 2024، لكن يبدو أن كليهما قادر على السفر، رغم العقوبات الدولية.

كمال الحسن الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية السورية

وحسب مراسلات نصية تتعلق بموقعه، التقى سهيل الحسن بمتعاونين معه في لبنان والعراق، وحتى داخل سوريا، خلال العام الماضي.

كما أشارت مضامين رسائل إلى أن كمال حسن زار لبنان. وقد أكد ذلك مساعد له وشخص جرى تجنيده للعمل لحسابه، وأحد معارفه الذين قالوا للصحيفة إنهم التقوا به هناك، واشترطوا جميعاً عدم ذكر أسمائهم.

ولم تتمكن الصحيفة من التواصل مع سهيل الحسن. أما كمال حسن فقد نفى عبر رسائل نصية أن يكون متورطاً في إثارة تمرد مسلح.

في المقابل، قلل المسؤولون السوريون، الذين يتولون مراقبة أي محاولات تمرد من خطورة هذا التهديد. جدير بالذكر أن سوريا لا تزال ترزح تحت وطأة انقسامات عميقة، إثر حرب أهلية تجاوز قتلاها 600 ألف شخص.

وقد أكد اثنان من المسؤولين السابقين المتعاونين مع الجنرالات أنهم قادرون على تجنيد أفراد من الطائفة العلوية، التي يعتمل الخوف في نفوس أبنائها، وتعج صفوفهم بالعسكريين السابقين.

ومع ذلك، من غير الواضح بعد عدد الذين سيستجيبون لدعوة المشاركة في التمرد على النظام الحالي؛ خصوصاً وأن الكثير من العلويين لا يزالون ينقمون بشدة على النظام السابق، بعد سنوات الحرب الدامية.

«خادمكم برتبة مجاهد»

تعود أقدم المراسلات التي اطلعت عليها الصحيفة إلى أبريل 2025، عندما لاحظ النشطاء تصاعداً في النشاط بين بعض المستهدفين بالمراقبة.

وقبل ذلك بشهر، سقط أكثر من 1600 قتيل، معظمهم من العلويين، في إطار موجة من أعمال العنف الطائفي على أيدي آلاف المسلحين، الذين سارعوا بالتوجه إلى الساحل السوري بعد أن شن عناصر أمن سابقون في نظام الأسد هجوماً منسقاً ضد قوات الحكومة الجديدة، أسفر عن مقتل 16 جندياً.

وقد استغل مسؤولو النظام السابق هذه المجزرة نداء تعبئة لاستقطاب مقاتلين من الطائفة العلوية. ومن بين أكثر النشطاء في هذا المجال، سهيل الحسن، قائد القوات الخاصة السابق، الذي أُطلق عليه لقب «النمر»، بسبب شراسته في المعارك. واشتهر داخل أوساط المعارضة السورية بتكتيكات الأرض المحروقة، ويواجه اتهامات بإصدار أوامر بشن ضربات جوية ضد مدنيين.

ولطالما كان سهيل الحسن من الأشخاص المفضلين لدى الروس، ومن أوائل من أجلتْهم موسكو لدى انهيار النظام، حسب أربعة ضباط سابقين. إلا أنه لم يرض، على ما يبدو، بالبقاء ساكناً في روسيا.

ومن أبريل وحتى الصيف، أظهرت مراسلات بين الحسن وآخرين، اطلعت عليها الصحيفة، تخطيطه للعودة. وكان من بينها جداول مكتوبة بخط اليد أُرسلت من هاتفه في أبريل، تصف عدد المقاتلين والأسلحة في قرى مختلفة على امتداد الساحل السوري.

وقد أرسل الحسن هذه الجداول إلى شخص خاطبه بـ«القائد العام لجيشنا وقواتنا المسلحة»، وقال إنه «تحقق» من هويات أكثر من 168 ألف مقاتل، منهم 20 ألفاً يحملون رشاشات، و331 لديهم مدافع مضادة للطائرات، و150 يحملون قنابل مضادة للدبابات، و35 قناصاً لا يزالون يحتفظون بأسلحتهم. وكان يختم كل رسالة بالعبارة نفسها: «خادمكم، برتبة مجاهد».

مخلّص العلويين

رجل الأعمال السوري وابن خال بشار الأسد رامي مخلوف (فيسبوك)

اللافت أن الحسن لم يذكر اسم قائده قط في الرسائل التي اطلعت عليها الصحيفة، لكن ثلاثة أشخاص مطلعين قالوا إنه يعمل مع رامي مخلوف، أحد كبار رجال الأعمال السوريين وابن خال الأسد الذي فر هو الآخر إلى موسكو. وقالوا إن مخلوف موّل جهود الحسن، كما أرسل مبالغ كبيرة إلى أسر علوية فقيرة على امتداد الساحل السوري.

ويقدّم مخلوف نفسه قائداً مخلّصاً مستعداً لقيادة العلويين في سوريا. وحسب مصادر مقربة منه، لديه اعتقاد بأنه قادر على التنبؤ بالأحداث عبر نص غامض يملكه. وقد رفضت أسرته ترتيب مقابلة معه لحساب الصحيفة.

‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

بحلول الربيع، أظهرت المراسلات أن الحسن جنّد غياث الدلا، الجنرال في الفرقة الرابعة. وفي إحدى المحادثات النصية، قال الدلا للحسن إنه وزّع 300 ألف دولار مدفوعات شهرية للمقاتلين المحتملين والقادة، بمعدل يتراوح بين 200 و1000 دولار شهرياً. كما طلب الموافقة على شراء معدات اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مقابل نحو 136 ألفاً و600 دولار.

وخلال الرسائل، ذكر الدلا أنه يقيم في منزل بلبنان، قرب الحدود السورية، وأنه وعائلته يفتقرون إلى الكهرباء والطلاء على الجدران.

وفي محادثات أخرى، وصف اجتماعاته مع قادة ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، ناقشوا خلالها طرق تهريب الأسلحة لعناصر متمردة، دون استثارة هجمات إسرائيلية أو رصدهم من قبل السلطات السورية. كما أشار إلى لقاءات مع ممولين محتملين.

وأظهرت مراسلات أخرى أن الدلا أوقف خطط اغتيال، وسعى للحصول على طائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للدبابات، ذكر أن بعضها مخبأة داخل سوريا.

نقل 20 طياراً إلى لبنان

محمد حاصوري قائد ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ 50 ﺳﻼﺡ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ السوري الذي أسقط قنابل غاز السارين على مدينة خان شيخون شمال سوريا (متداولة)

وفي أبريل، انضم جنرال سابق آخر إلى الشبكة، هو محمد الحاصوري (60 عاماً)، قائد سلاح الجو المتهم بشن هجوم بأسلحة كيميائية على بلدة خان شيخون عام 2017.

وكتب الحسن أن مسؤولين إيرانيين نقلوا الحاصوري و20 طياراً سابقاً عملوا في ظل النظام السابق، إلى فندق في لبنان. وقال إنهم أبدوا رغبةً في البقاء والانضمام إلى التمرد إذا ما جرى تأمين تكاليف الإقامة والطعام لهم.

وأكد مسؤول سابق في النظام، قال إنه على تواصل مع الحاصوري، صحة هذا الأمر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه استطرد بأن الخطط انهارت بعد ذلك بشهر، مضيفاً أن الشبكة الأوسع التي حاول الدلا والحسن تشكيلها بدأت تتفكك.

طريق نحو واشنطن

خلال المراسلات التي جرى اعتراضها، جرى وصف كمال حسن، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، بأنه يقدم أموالاً لأنصاره والمجندين المحتملين.

يذكر أن حسن يخضع لعقوبات أميركية، لتوليه الإشراف على فرعين سيئي السمعة من الاستخبارات العسكرية، أظهرت صور مسربة في 2014 تورط الفرعين في تعذيب وإعدامات ممنهجة.

من عناصر الخلية التي قالت وزارة الداخلية إنها تتبع رامي مخلوف في اعتقالاتها الأخيرة (الوزارة)

ولدى سؤاله عن هذه الاتهامات، قال: «أعتبرها سياسية وادعاءات فقط، لأنها تفتقر إلى التوثيق». كما نفى مزاعم أنه موّل متمردين، واصفاً إياها بأنها «تنطوي على الكثير من المغالطات والحقائق المشكوك بها».

وقال اثنان من المتعاونين مع كمال حسن إنه يركز أكثر على بناء شبكة نفوذ، بدلاً من قيادة تمرد مسلح. وذكروا أنه العقل المدبر وراء «مؤسسة تطوير سوريا الغربية»، ومقرها بيروت.

وتُقدّم المؤسسة نفسها باعتبارها جهة تدافع عن الأقليات السورية، وتوفر مساكن للعلويين الذين لجأوا إلى لبنان. لكن حسب المتعاونين مع الحسن، فإنه يستخدمها للضغط على واشنطن من أجل فرض «حماية دولية» على المنطقة العلوية في سوريا.

نزوح إلى لبنان عبر النهر الكبير على الحدود بين سوريا ولبنان في عكار 12 مارس 2025 هرباً من مواجهات طائفية في الساحل (نيويورك تايمز)

وتظهر عدة فيديوهات عبر الإنترنت لاجئين سوريين في لبنان، يشكرون حسن على دعمه المالي، كما جاء في منشور على صفحة المؤسسة على «فيسبوك»، أن «جميع تكاليف الحملة» لمشروع إسكان اللاجئين العلويين «مغطاة بالكامل من قبل المواطن السوري اللواء كمال حسن».

وحسب وثائق أميركية صادرة في أغسطس (آب)، استعانت مؤسسته بشركة الضغط السياسي الأميركية «تايغر هيل بارتنرز»، والمستشار السابق لترمب والمدير التنفيذي السابق لشركة «بلاكووتر»، جوزيف إي. شميتز، في عقد بقيمة مليون دولار لتمثيلها.

في البداية، أحال حسن طلب صحيفة «نيويورك تايمز» لعقد مقابلة معه، إلى شميتز، واصفاً إياه بمحاميه، ثم أنكر لاحقاً أي صلة بالمؤسسة أو «بأي منظمة سورية»، مضيفاً: «لكن من حيث المبدأ، أدعم وأشجع أي خطوة تخدم التنمية والسلام في سوريا».

نشاط «تايغر هيل»

من جهته، رفض شميتز التعليق نيابةً عن الحسن، لكنه قال باسم المؤسسة إنهم يعملون لضمان حماية وتمثيل الأقليات في سوريا.

ونشرت المؤسسة عبر وسائل التواصل لقاءات مع مكاتب 6 نواب أميركيين، بينهم النائب براين ماست من فلوريدا، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، والسيناتورة جين شاهين من نيوهامبشر، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وأكد مساعدو شاهين وماست وآخرون عقد لقاءات مع ممثلين عن «تايغر هيل»، ووصفوها بالروتينية ومع موظفي مكاتبهم فقط.

وأفاد عدة دبلوماسيين في سوريا بأنهم يرون في حملات الضغط هذه مصدر قلق أكبر من مخططات التمرد، إذ قد تمهد تدريجياً لتصاعد دعوات لإنشاء منطقة شبه مستقلة في سوريا.


الجيش الإسرائيلي: استهدفنا عنصراً في «الحرس الثوري» بشمال شرقي لبنان

سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة حوش السيد علي الحدودية مع سوريا بشمال شرقي لبنان مما أدى لمقتل شخصين (متداول)
سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة حوش السيد علي الحدودية مع سوريا بشمال شرقي لبنان مما أدى لمقتل شخصين (متداول)
TT

الجيش الإسرائيلي: استهدفنا عنصراً في «الحرس الثوري» بشمال شرقي لبنان

سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة حوش السيد علي الحدودية مع سوريا بشمال شرقي لبنان مما أدى لمقتل شخصين (متداول)
سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة حوش السيد علي الحدودية مع سوريا بشمال شرقي لبنان مما أدى لمقتل شخصين (متداول)

أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه قتل عنصراً مرتبطاً بـ«فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني» في ضربة نفذها في لبنان، متهماً إياه بالتخطيط لشن هجمات ضد الدولة العبرية.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه نفّذ غارة أسفرت عن مقتل «حسين محمود مرشد الجوهري، وهو من أبرز المخربين المنتمين إلى وحدة العمليات التابعة لفيلق القدس».

وقال إن العملية كانت مشتركة بين الجيش وجهاز «الشاباك».

وقتل شخصان في غارة إسرائيلية استهدفت صباح الخميس سيارة في منطقة حوش السيد علي الحدودية مع سوريا في شمال شرقي لبنان. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن مسيرة إسرائيلية «استهدفت سيارة على طريق حوش السيد علي قضاء الهرمل، وأدت إلى سقوط شهيدين نقلا إلى مستشفى البتول في مدينة الهرمل».

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان مساء الخميس إن المستهدف في الناصرية (حوش السيد علي) هو المدعو حسين محمود مرشد الجوهري، مضيفاً أنه «من أبرز المخربين المنتمين إلى وحدة العمليات التابعة لفيلق القدس الإيراني (840)»، واتهمه الجيش بأنه «دفع خلال الأعوام الأخيرة بعمليات إرهابية ضد دولة إسرائيل في الساحتين السورية واللبنانية».

وأضاف أدرعي: «عمل المدعو حسين تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني، وتورط في العمل الإرهابي ضد دولة إسرائيل وقوات الأمن بتوجيه إيراني».

وقال إن «الوحدة 840» تعتبر «وحدة العمليات التابعة لفيلق القدس، والتي يترأسها أصغر باقري ونائبه محمد رضى أنصاري، الوحدة المسؤولة عن توجيه العمل الإرهابي الإيراني ضد دولة إسرائيل».