لبنان: اتصالات مجهولة لإخلاء المباني تجدد الذعر من استهدافات إسرائيلية

تبين أنها صادرة من الداخل... والجيش يلاحق المتورطين

جندي لبناني يؤمّن متسابقين يشاركون في ماراثون في بيروت الأسبوع الماضي (أ.ب)
جندي لبناني يؤمّن متسابقين يشاركون في ماراثون في بيروت الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

لبنان: اتصالات مجهولة لإخلاء المباني تجدد الذعر من استهدافات إسرائيلية

جندي لبناني يؤمّن متسابقين يشاركون في ماراثون في بيروت الأسبوع الماضي (أ.ب)
جندي لبناني يؤمّن متسابقين يشاركون في ماراثون في بيروت الأسبوع الماضي (أ.ب)

جددت اتصالات مجهولة لإخلاء مبانٍ في جنوب وشرق لبنان، المخاوف من استهدافات إسرائيلية جديدة، تبينت لاحقاً أنها داخلية وغير جدية، وذلك على إيقاع طيران حربي حلق على علو منخفض في أجواء الجنوب، وطائرات استطلاع إسرائيلية رُصدت تحلق فوق أودية في جنوب لبنان.

وأفادت وسائل إعلام محلية بتلقي مواطنين لبنانيين اتصالات لإخلاء مبنى في بلدة تمنين في البقاع (شرق لبنان). وعلى الفور، بدأت القوى الأمنية التحقيق بتلك الأرقام، فيما أخلى السكان المبنى المُشار إليه احترازياً. وبعد التواصل مع الأجهزة الأمنية، اتضح أن هوية المتصل لبناني، وبالتالي التهديد لا يُبنى عليه. وبوشرت الإجراءات بحق المتصل.

وأكدت مصادر أمنية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن هوية المتصل تبين أنها لبنانية، وأُجري الاتصال من الداخل اللبناني، لافتة إلى أن «تلك الأرقام يتم التعامل معها تقنياً لملاحقة القائمين بها».

وقالت مصادر ميدانية في البقاع لـ«الشرق الأوسط»، إنه بمجرد وصول الاتصال، «أخلى السكان المنزل، وتم إخلاء الشارع على سبيل الاحتياط، وجرى التواصل مع الأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية لمباشرة التحقيق»، مشيرة إلى «حالة ذعر انتشرت في أوساط السكان، خوفاً من أن يكون التهديد جدياً».

وعلى الفور، اتخذت السلطات اللبنانية إجراءات احترازية، بالتزامن مع تحقيقات بينت أن التهديد لم يصدر رسمياً عن الجيش الإسرائيلي.

مئات الاتصالات منذ الحرب

وحققت السلطات اللبنانية خلال الأشهر الماضية، وخصوصاً في فترة الحرب الموسعة على لبنان، بمئات الاتصالات الهاتفية التي تلقاها لبنانيون من أرقام مجهولة، تحذر من استهدافات وأثارت الذعر. وألقت القبض على نحو 20 متورطاً بتلك الاتصالات المجهولة، وجرى التحقيق معهم، ووقّع بعضهم تعهدات بعدم تكرار الفعل.

وإضافة إلى أن بعض الاتصالات كانت بهدف المزاح، إلا أن البعض الآخر كان منظماً. وقالت المصادر الأمنية إنه في فترة الحرب، «كانت هناك حملة خارجية منظمة أيضاً، بعضها إسرائيلي، كشفتها استخبارات الجيش اللبناني ولاحقت المتورطين بها وتعاملت معها»، موضحة أنه في تلك الفترة «كانت تصل اتصالات خارجية بشكل منظم بهدف إثارة الذعر، وعولجت تقنياً عبر إقفال المنافذ الرقمية التي تصل عبرها، وكانت بالفعل تثير ذعر السكان».

ولا يستطيع السكان إلا أخذ الاتصالات على محمل الجد، كما يقول سكان الجنوب، ويتواصلون مع السلطات اللبنانية، بالنظر إلى أنه خلال الحرب، سُجلت اتصالات إسرائيلية مباشرة لسكان مبانٍ طلب منهم الجيش الإسرائيلي إخلاءها، وتم قصفها بالفعل بعد الإخلاء.

وعادة ما تصدر تحذيرات إسرائيلية رسمية تسبق أي استهداف لموقع، كما جرى في الضاحية الجنوبية لبيروت مرتين بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لكنه في مرات أخرى، تنفذ الطائرات الإسرائيلية استهدافات من غير تحذيرات، وهو ما يثير الذعر لدى السكان ويدفعهم إلى اتخاذ إجراءات احتياطية.

وازداد الذعر بعد الاتصالات، السبت، بفعل التحليق المكثف لطائرات ومسيرات إسرائيلية في سماء الجنوب، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بتحليق طيران حربي على علو منخفض في أجواء قرى وبلدات قضاء صور، كذلك فوق منطقة جزين وفي أجواء القطاع الشرقي من جنوب لبنان. كما وثق ناشطون ميدانيون تحليق مسيرات إسرائيلية على علو منخفض في منطقة مجرى نهر الليطاني. كما ألقت مسيرة إسرائيلية قنبلتين صوتيتين على منطقة وادي العصافير في الخيام.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، بعد ظهر السبت، أن ذخيرة أُسقطت بشكل مُراقب في منطقة مفتوحة شمال البلاد، وذلك بهدف تمكين هبوط آمن لطائرة حربية. وتم إسقاط الذخيرة نتيجة خلل تقني حال دون الهبوط الآمن.

«حزب الله»

إلى ذلك، تعطي الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، زخماً لنقاشات متصلة بسلاح «حزب الله». وقال النائب عنه حسن فضل الله «إنّ ما يجري في لبنان اليوم يزيد بيئة المقاومة تمسكاً بخيارها المقاوم، فهناك عوامل عديدة تؤكد لهذه البيئة أنه لا يمكن الرهان على خيارات أخرى، وهي بيئة مطلبها الدائم بناء دولة قادرة وعادلة، وبذلت جهوداً كبيرة للوصول إلى هذه الدَّولة، ولكن إلى اليوم تبدو هذه الدولة بعيدة المنال، ولا تقوم بالحد الأدنى من مسؤولياتها».

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت محيط مدينة النبطية بجنوب لبنان الخميس الماضي (إ.ب.أ)

ورأى فضل الله أن المجتمع الدولي «لا يساعد الدولة لتنهض، ولا يقدم المساعدة للحكومة كما وعدتها العديد من الدول؛ إذ قالوا للبنانيين شكلوا السلطة وانتخبوا رئيساً وشكلوا حكومة لنساعدكم، ولكنهم يحاصرون الدولة في ملف إعادة الإعمار، ويمارسون الضغوط، وبعض الدول تغرق الحكومة بهذه الضغوط والمطالبات، بدل الضغط على العدو للانسحاب من لبنان ووقف اعتداءاته، التي لم يوقفها الالتزام التام بوقف إطلاق النار، وتسليم زمام الأمور في جنوب الليطاني كاملة إلى الدولة».

وتابع: «أظهرت الدولة عدم قدرة على توفير الحماية لمواطنيها، وفي أحيان كثيرة تتجاهل ما يحصل كأنه في دولة أخرى، وكذلك فإنَّ الحكومة الحالية لم تسارع إلى احتضان شعبها، وتأمين مستلزمات الإعمار، خصوصاً أنَّ إعادة الأعمار هي من أولى الأولويات الوطنية، وترتكب الحكومة الحالية خطأً فادحاً إن ظنَّت أنها تستطيع إدارة ظهرها لهذا الملف، أو تماطل في تنفيذ ما التزمته في بيانها الوزاري، وهي بذلك لا تزيد الشرخ بينها وبين فئة كثيرة من اللبنانيين، بل تؤسِّس لتهديد الاستقرار الوطني والاجتماعي، فضلاً عن تكريسها لمفهوم الدَّولة المتحلِّلة من التزاماتها». وطالب الحكومة «بإيلاء ملف إعادة الإعمار الأولوية، ونحن نتابع معها هذا الموضوع ونريد لها أن تنجح في مهمتها هذه».


مقالات ذات صلة

السلاح الفلسطيني في لبنان... مِن «اتفاق القاهرة» إلى سقوط الأسد

خاص مدخل مخيم برج البراجنة... وتظهر صورة عملاقة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)

السلاح الفلسطيني في لبنان... مِن «اتفاق القاهرة» إلى سقوط الأسد

ينبعث الجدل مجدداً في لبنان حول ملف السلاح الفلسطيني، ليس فقط باعتباره مسألة أمنية، بل كمأزق مركّب يمسّ السيادة الوطنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيسان عباس وسلام على شرفة القصر الحكومة يلقيان نظرة على وسط بيروت (أ.ف.ب)

اتفاق لبناني ــ فلسطيني على «حصر السلاح بيد الدولة»

حسَمت لقاءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مع المسؤولين اللبنانيين، مصير السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها؛ إذ «اتُّخذ قرار سياسي» بإغلاق الملف بالكامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (رويترز - أرشيفية) play-circle

سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف مناطق في جنوب وشرق لبنان

شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، مساء الخميس، سلسلة غارات استهدفت عدداً من المناطق في جنوب وشرق لبنان، وقصف موقعاً عسكرياً تابعاً لـ«حزب الله» في منطقة البقاع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس محمود عباس يستعرض شرطة مجلس النواب ضمن مراسم استقبال رسمي في بيروت (إ.ب.أ)

قرار لبناني - فلسطيني بإقفال ملف السلاح بالكامل داخل المخيمات وخارجها

حَسَمت لقاءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع المسؤولين اللبنانيين مصير السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها، حيث «اتُّخذ قرار سياسي» بإقفال الملف بالكامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد على أثر غارة إسرائيلية في جنوب لبنان (رويترز-أرشيفية)

مقتل شخص في غارة إسرائيلية على أطراف بلدة رب ثلاثين بجنوب لبنان

ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام بلبنان، اليوم الخميس، أن شخصاً قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت أطراف بلدة رب ثلاثين بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مستوطنون إسرائيليون يحرقون منازل ومركبات في بلدة بروقين بالضفة الغربية

مواطن فلسطيني من قرية بروقين بالضفة الغربية المحتلة يتفقد الأضرار الناجمة عن الحريق في فناء منزله بعد هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون ليلة الخميس 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
مواطن فلسطيني من قرية بروقين بالضفة الغربية المحتلة يتفقد الأضرار الناجمة عن الحريق في فناء منزله بعد هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون ليلة الخميس 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
TT

مستوطنون إسرائيليون يحرقون منازل ومركبات في بلدة بروقين بالضفة الغربية

مواطن فلسطيني من قرية بروقين بالضفة الغربية المحتلة يتفقد الأضرار الناجمة عن الحريق في فناء منزله بعد هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون ليلة الخميس 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
مواطن فلسطيني من قرية بروقين بالضفة الغربية المحتلة يتفقد الأضرار الناجمة عن الحريق في فناء منزله بعد هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون ليلة الخميس 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

هاجم مستوطنون إسرائيليون مساء الخميس بلدة بروقين، غرب سلفيت شمال الضفة الغربية، وأحرقوا منازل ومركبات تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين عند أطراف البلدة.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها تعاملت مع 8 إصابات بالحروق، نتيجة إحراق المستوطنين منازل في بروقين، تم علاجهم ميدانياً، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأفادت مصادر محلية لـ«وفا» بأن مجموعة من المستوطنين، تحت حماية القوات الإسرائيلية، هاجمت منطقة البقعان، وأحرقت نحو خمسة منازل وخمس مركبات تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين من البلدة، ورشقت منازل المواطنين بالحجارة؛ ما أثار حالة من الهلع في صفوف النساء والأطفال.

وأضافت المصادر أن الخسائر تراوحت بين أضرار كلية وجزئية، وسط مناشدات أطلقها المواطنون عبر سماعات المساجد للمساعدة في إخماد الحرائق.

وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، إن الجيش تلقى تقارير عن الحادث وأرسل قوات الأمن إلى بلدة بروقين، ولكن المشتبه بهم فرّوا قبل وصول القوات.

مواطن فلسطيني من قرية بروقين في الضفة الغربية يسير بالقرب من سيارة أضرمت فيها النيران خلال هجوم ليلي شنه مستوطنون إسرائيليون 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في الحادث، وإنه لم ترد تقارير عن وقوع إصابات حتى الآن.

وكانت القوات الإسرائيلية قد أعادت اقتحام بلدة بروقين، مساء الخميس، بعد بضع ساعات من انسحابها منها.

وأفادت «وفا» بأن القوات الإسرائيلية اقتحمت البلدة بعدد كبير من الآليات العسكرية، وأغلقت شوارع داخلية، وداهمت منازل عدة وشرعت في تفتيشها، واعتقلت الطفل أيمن عمر سند.

وكانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من البلدة، بعد ظهر الخميس، عقب هجوم استمر تسعة أيام، أعدمت خلاله الشاب نائل سمارة واحتجزت جثمانه، واعتقلت آخرين، وخلفت دماراً كبيراً في المنازل التي داهمتها، كما أخذت قياسات منزل سمارة؛ تمهيداً لهدمه، وفقاً لوكالة «وفا» الفلسطينية.

ومنذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق شمال الضفة الغربية، شملت مدن جنين، وطولكرم وطوباس شمال الضفة الغربية، مخلفاً قتلى وجرحى، واعتقال العشرات، ونزوح نحو 50 ألف فلسطيني، بحسب وكالة «وفا».