«صيف قاس» ينتظر العراق

نتيجة الجفاف وقلة الأمطار... وتحذيرات انطلقت من إقليم كردستان

صياد سمك على مركبه في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (أرشيفية - أ.ف.ب)
صياد سمك على مركبه في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«صيف قاس» ينتظر العراق

صياد سمك على مركبه في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (أرشيفية - أ.ف.ب)
صياد سمك على مركبه في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (أرشيفية - أ.ف.ب)

يتوقع معظم المسؤولين والمهتمين بالمناخ والمياه والشؤون البيئية أن يواجه العراق هذا العام صيفاً قاسياً نتيجة الجفاف وقلة تساقط الأمطار في موسم الشتاء المنصرم. ومع أن البلاد تواجه مشكلة المياه منذ سنوات عديدة لأسباب عديدة، وضمنها السياسات المائية التي تتبعها كل من تركيا وإيران ضد العراق، فإن سقف التوقعات المتشائمة يبدو أنه آخذ في الارتفاع هذا العام.

ومع إمكانية تراجع تجهيز ساعات الطاقة الكهربائية مع احتمال توقف إمدادات الغاز الإيراني، تتزايد حدة التوقعات بشأن صيف بالغ الصعوبة يمكن أن تشهده البلاد.

جزر عراقية كانت تضم في الماضي عشرات العائلات باتت اليوم مهجورة مع ندرة المياه (أرشيفية - نيويورك تايمز)

يضاف إلى ذلك التحذيرات التي أطلقها بوقت مبكر وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله، منتصف مارس (آذار) الماضي، حينما قال إن «العراق لم يعد بلد النهرين العظيمين دجلة والفرات، لكون نهريه أمسيا قناتين بسيطتين تتحكم السدود التركية بما يطلق لهما من حصص مائية».

وأتت، الأحد، تصريحات بشأن أزمة المياه لمحافظ أربيل، عاصمة إقليم كردستان الشمالي، أوميد خوشناو، لتزيد من قتامة الأوضاع خلال فصل الصيف الواقف على الأبواب.

وأعرب خوشناو عن أسفه إزاء تراجع معدلات هطول الأمطار خلال العام الحالي، وقال خوشناو في مؤتمر صحافي: «للأسف هذا العام نواجه مشكلة متمثلة بتدهور معدل هطول الأمطار مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث إن معدلات الهطول في الأعوام السابقة كانت (540 ملم)، وخلال هذا العام كان المعدل (140 ملم)؛ أي أن نسبة الانخفاض وصلت إلى 400 ملم». وأضاف: «بكل تأكيد سنواجه صيفاً صعباً هذا العام من ناحية المياه».

وتحدث المحافظ خوشناو عن «مشروع المياه الطارئة»، مؤكداً أن «العمل جار به بسرعة، وفي نهاية يوليو (تموز) المقبل سيتم إنجاز الخط الأول منه، الذي سيحل 70 في المائة من أزمة المياه خلال فصل الصيف في أحياء مدينة أربيل».

وفيما يتعلق بمشكلة انقطاع الكهرباء عن الآبار في أحياء عدة، ذكر أنه «تم اعتماد خطة العام الماضي نفسها بأن يتم مدها بالطاقة من المولدات الأهلية».

ولا يستفيد إقليم كردستان بشكل عام، ومحافظة أربيل بشكل خاص من موارد المياه في نهري دجلة والفرات، اللذين يمران بعيداً عن حدود الإقليم، وتقتصر استفادة أربيل من مياه الأمطار والثلوج، إلى جانب بعض الممرات المائية الصاعدة من الأراضي الإيرانية.

مزارعون يجمعون الأسماك التي ماتت بسبب الجفاف وملوحة المياه في أهوار البصرة بالعراق في مايو 2023 (رويترز)

غير أن بقية محافظات وسط البلاد وجنوبها، ستتأثر بقلة الأمطار من جهة، وتراجع حصصها المائية الواردة من تركيا من جهة أخرى، إلى جانب الأضرار المترتبة على قيام إيران بحفر مسار أكثر من 30 نهراً يصب داخل الأراضي العراقية.

وبضوء ذلك، واستناداً إلى التقارير الأممية، فقد أشارت إلى أن العراق من بين خمس دول في العالم الأكثر تضرراً من تبعات التغير المناخي.

ومع السير نزولاً إلى جنوب البلاد، يتوقع أن تكون المحافظات الجنوبية البعيدة عن منابع نهري دجلة والفرات أكثر المناطق تضرراً بحالة الجفاف وقلة الموارد المائية، وقد شهدت مناطق الأهوار الجنوبية خلال السنوات الأخيرة موجات نزوح كبيرة إلى مراكز المدن بسبب الجفاف، ويتوقع أن تستمر تلك الهجرات هذا العام. وقد شهدت الأيام القليلة الماضية، تظاهرات فلاحية مبكرة في بعض مدن الجنوب احتجاجاً على نقص إمدادات المياه.

ويتوقع النائب مصطفى سند أن يواجه العراق هذا العام أسوأ موسم للجفاف بتاريخه.

وقال سند في تدوينة عبر منصة «فيسبوك»، في وقت سابق، إن «الخزين المائي (العراقي) بلغ لغاية اللحظة 10 مليارات متر مكعب، رغم أننا بموسم الربيع، بسبب قلة الأمطار بالمناطق الشمالية وعدم تساقط الثلوج، كذلك لم تشهد إيران وتركيا وسوريا تساقط الثلوج التي تخدم موسم الذوبان باعتبارها خزيناً مائياً للصيف».

وأضاف أن «كمية استهلاك الماء المستخدم للشرب في العراق تبلغ 6 مليارات متر مكعب، وقد صوتت وزارة الموارد المائية على خطة مائية تقشفية (للشرب فقط ومن دون خطة زراعية)، التي تهدف لبقاء 4 مليارات متر مكعب للموسم».

وأشار إلى أن «تمويل أهم وزارة بالعالم، وزارة الماء (الموارد المائية)، (صفر استثماري وصفر تشغيلي)، باستثناء تمويل الرواتب مستمر».

وهاجم سند السياسات الحكومية بشأن أزمة المياه، واتهمها بإعطاء «الأولية للمشاريع الانتخابية الكونكريتية السريعة»؛ في إشارة إلى المجسرات العديدة التي نفذتها حكومة رئيس الوزراء السوداني خلال السنتين الأخيرتين.

كما اتهم سند الحكومة بـ«منع الوزير والوزارة من الظهور الإعلامي والتصريح بأي شيء (يتعلق بالمياه)».

وكررت «الشرق الأوسط» الاتصال بالمكتب الإعلامي لوزارة الموارد للاستفسار عن تصريحات النائب سند، لكنها لم تتلق أي إجابة.

وحذرت منظمة اليونيسف نهاية مارس الماضي، من أن العراق «يواجه أزمة مائية متفاقمة تهدد ملايين المواطنين، خاصة الأطفال، في ظل تراجع مستويات المياه، وارتفاع معدلات الجفاف».

وتوقع مرصد «العراق الأخضر»، نهاية فبراير (شباط) الماضي، أن يكون صيف هذا العام الأعلى في معدل ارتفاع درجات الحرارة، بالقياس للسنوات الماضية في العراق، ومع أزمة المياه المتوقعة، سيؤدي ذلك إلى تفاقم المشاكل المعيشية والبيئية بالنسبة للسكان.


مقالات ذات صلة

إقليم كردستان... ترحيب واسع بقرار حزب «العمال» حل نفسه

شؤون إقليمية إقليم كردستان... ترحيب واسع بقرار حزب «العمال» حل نفسه

إقليم كردستان... ترحيب واسع بقرار حزب «العمال» حل نفسه

رغم أن إعلان حزب «العمال» الكردستاني (pkk) حل نفسه، وإيقاف أعماله المسلحة سينهيان عملياً حرب 4 عقود مع أنقرة، فإن أصداء هذا الاتفاق تسمع وبقوة بكردستان العراق.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يطلع على الاستعدادات في مقر انعقاد القمة العربية في بغداد (رئاسة الوزراء)

انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية على المستوى الاقتصادي

مع بدء العد التنازلي لانعقاد القمة العربية، تتوالى الوفود العربية إلى العاصمة العراقية، بدءاً بوفد الجامعة العربية.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية أكراد يعبّرون عن فرحتهم بنداء زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان لحل «الحزب» ويطالبون بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

«العمال الكردستاني»... من التأسيس إلى الحلّ في نصف قرن

خاض «حزب العمال الكردستاني»، الذي حل نفسه رسمياً، وفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء قريبة من الجماعة، اليوم الاثنين، معارك ضد الدولة التركية لأكثر من 4 عقود.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي مسرور بارزاني يتهم بغداد بـ«تسييس» ورقة رواتب موظفي إقليم كردستان

مسرور بارزاني يتهم بغداد بـ«تسييس» ورقة رواتب موظفي إقليم كردستان

اتهم رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، الأحد، الحكومة الاتحادية في بغداد بتسييس ورقة الرواتب.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة عربية الأسترالي غراهام أرنولد المدرب الجديد للمنتخب العراقي (رويترز)

أرنولد: هدفي قيادة العراق للمونديال

قال الأسترالي غراهام أرنولد، المدرب الجديد للمنتخب العراقي، إن هدفه التأهل إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مفوض «الأونروا»: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب

فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مفوض «الأونروا»: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب

فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يصطفون في طابور طويل للحصول على حصة طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ)

قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني إن إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاح حرب في حربها على غزة.

وأضاف في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «ليس لديّ أدنى شك في أن هذا ما شهدناه خلال الأشهر التسعة عشر الماضية، وخاصةً خلال الشهرين الماضيين. إنها جريمة حرب. ستصدر محكمة العدل الدولية تقديرها... مما أستطيع قوله، وما نراه ونلاحظه، هو أن الغذاء والمساعدات الإنسانية تُستخدم بالفعل لتحقيق هدف سياسي، أو عسكري في سياق غزة».

وأضاف لازاريني: «لا أجد الكلمات الكافية لوصف البؤس، والمأساة التي يعاني منها سكان غزة. لقد مرّ أكثر من شهرين دون أي مساعدة. ينتشر الجوع، والناس منهكون، والناس جائعون... يمكننا أن نتوقع أنه في الأسابيع المقبلة إذا لم تصل أي مساعدات، فلن يموت الناس بسبب القصف، بل سيموتون بسبب نقص الغذاء. هذا هو تسليح المساعدات الإنسانية».

المفوض العام لـ«أونروا» فيليب لازاريني (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتابع متحدثاً إلى جيرمي بوين، مراسل «بي بي سي»: «انظر إلى التقارير الدورية للمنظمات الدولية التي ترصد مستوى الجوع والأمن الغذائي، أبرزها تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، وهو مشروع مشترك بين وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والحكومات لقياس ما إذا كانت المجاعة تحدث، إذ تشير بيانات إلى أن غزة على وشك المجاعة. لكنه يشير إلى أن جميع السكان، أي أكثر من مليوني شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، يعانون من انعدام أمن غذائي حاد. بمعنى آخر، هذا يعني أنهم يتضورون جوعاً بسبب الحصار الإسرائيلي».

ويقول التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن 470 ألف غزّي، أي 22 في المائة من السكان، يندرجون ضمن تصنيف يُطلق عليه «المرحلة الخامسة - الكارثة». ويُعرّفها التصنيف بأنها حالة «تعاني فيها أسرة واحدة على الأقل من كل خمس أسر من نقص حاد في الغذاء، وتواجه المجاعة، مما يؤدي إلى العوز، ومستويات حرجة للغاية من سوء التغذية الحاد، والوفاة». وعملياً، يُقدّر تصنيف المرحلة الخامسة، وهو الأكثر حدةً الذي يستخدمه التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن «71 ألف طفل، وأكثر من 17 ألف أم سيحتاجون إلى علاج عاجل من سوء التغذية الحاد».

يأتي ذلك في الوقت الذي توجد فيه آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمساعدات الطبية والإمدادات الإنسانية التي يحتاجونها على بُعد أميال قليلة، على الجانب الآخر من الحدود في مصر.

ويعد قطاع غزة من أكثر بقاع الأرض اكتظاظاً قبل الحرب. وتهدف خطة إسرائيل إلى إجبار أكبر عدد ممكن من سكانها على اللجوء إلى منطقة صغيرة جنوباً، بالقرب من أنقاض مدينة رفح، التي دُمرت بالكامل تقريباً.

وقبل ذلك، يُقدّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن 70 في المائة من غزة أصبحت فعلياً محظورة على الفلسطينيين. وتسعى إسرائيل إلى تركهم في منطقة أصغر. وترفض الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الرائدة المزاعم الإسرائيلية بأن «حماس» تسرق وتسيطر على الغذاء الذي يدخل غزة. وقد رفضوا التعاون مع خطة أعدتها إسرائيل والولايات المتحدة، والتي ستستخدم شركات أمن خاصة، بحماية القوات الإسرائيلية، لتوزيع الحصص الغذائية الأساسية، وفق «بي بي سي».

ورداً على سؤال ما إذا كان الحصار، بالإضافة إلى عام ونصف من الحرب والدمار، يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وهو الاتهام الذي وجهته جنوب أفريقيا ودول أخرى إلى إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، رد لازاريني: «بكل المقاييس، الدمار هائل. عدد القتلى هائل، وبالتأكيد أقل من تقديره. لقد شهدنا أيضاً تدميراً ممنهجاً لمدرسة ومركز صحي. كان الناس في حالة فوضى دائمة داخل غزة، يتحركون باستمرار. لذا، لا شك أننا نتحدث عن فظائع جسيمة. هل هي إبادة جماعية؟ قد تنتهي إلى إبادة جماعية. هناك العديد من العوامل التي قد تتجه نحو هذا الاتجاه».

أهالي الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أقاربهم إثر هجمات إسرائيلية استهدفت فلسطينيين يقيمون في منازل وخيام مؤقتة ينعونهم في مدينة غزة (د.ب.أ)

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس صرّح في الشهر الماضي بأن الحصار «أداة ضغط رئيسة» لضمان النصر على (حماس) وإطلاق سراح جميع الرهائن. ووافقه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الرأي. وكتب: «إن وقف المساعدات الإنسانية هو من أدوات الضغط الرئيسة على (حماس). إن إعادة المساعدات إلى غزة قبل أن تركع (حماس) وتطلق سراح جميع رهائننا سيكون خطأً تاريخياً».

وتُعرَّف الإبادة الجماعية بأنها تدمير جماعة قومية، أو إثنية، أو عنصرية، أو دينية، كلياً، أو جزئياً. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، وهي هيئة مستقلة، مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق بتهم ارتكاب جرائم حرب، وهي تهم يرفضانها. وقد قُتل قادة «حماس» الثلاثة الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية على يد إسرائيل، وهم: رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، والقائد الأعلى لكتائب القسام المعروف باسم محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية.

وتابع لازاريني أنه «في السنوات القادمة سندرك كم كنا مخطئين... كنا على الجانب الخطأ من التاريخ. لقد سمحنا، تحت أنظارنا، بارتكاب فظاعة هائلة».

امرأة فلسطينية تحتضن جثة طفل ملفوفة في نعش ملطخ بالدماء قُتل في غارات إسرائيلية على مبنى في جباليا (د.ب.أ)

وقال إن الرد الإسرائيلي على هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) كان «غير متناسب، يكاد يؤدي إلى إبادة شعب بأكمله في وطنه... أعتقد أن هناك مسؤولية جماعية على عاتق المجتمع الدولي، والمستوى، والسلبية، واللامبالاة المُظهرة حتى الآن، وغياب العمل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي. أعني، إنه أمرٌ فظيعٌ للغاية، لا سيما في بلداننا التي قلنا فيها: لن يتكرر هذا أبداً».

صراع يومي من أجل البقاء

وفي سياق متصل، قال باسكال هوندت، نائب مدير العمليات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن المدنيين في غزة يواجهون «صراعاً يومياً ضارياً للبقاء على قيد الحياة في مواجهة مخاطر الأعمال العدائية، والتعامل مع النزوح المستمر، وتحمل عواقب حرمانهم من المساعدات الإنسانية العاجلة». وأضاف هوندت لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «يجب ألا -ولا يمكن- يُسمح لهذا الوضع بالتفاقم أكثر».

ولكن قد يتفاقم الوضع إذا واصلت إسرائيل انزلاقها إلى حرب أعمق استؤنفت في 18 مارس (آذار) عندما خرقت وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين بسلسلة غارات جوية مكثفة. وكانت إسرائيل قد أغلقت بالفعل أبواب غزة. ومنذ بداية مارس، إذ منعت جميع شحنات المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

وأدت العودة إلى الحرب إلى القضاء على أي فرصة للانتقال إلى المرحلة الثانية المقترحة من وقف إطلاق النار، والتي اتفقت فيها إسرائيل و«حماس» على أن تنتهي بإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من غزة. وكان ذلك غير مقبول لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والمتطرفين الدينيين القوميين المتشددين الذين ما زالوا على رأس السلطة.

فلسطينيون نازحون يمرون أمام مدرسة تابعة للأونروا تُعدّ مأوىً للنازحين من منازلهم في الأراضي الفلسطينية المحاصرة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

وأفادت «بي بي سي» بأن المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية يريدون استبدال مستوطنين يهود بفلسطينيي غزة. وهددوا بإسقاط حكومة نتنياهو إذا لم يعد إلى الحرب، ونهاية مسيرة نتنياهو السياسية ستجلب «يوم الحساب» لدوره في فشل تل أبيب في منع هجمات «حماس» القاتلة في 7 أكتوبر 2023. وقد تُجبره أيضاً على إنهاء محاكمته المطولة بتهم الفساد.

ويُعِد رئيس الوزراء نتنياهو الآن لهجوم «مكثف» جديد على غزة في الأيام التي تلي انتهاء جولة الرئيس دونالد ترمب في المنطقة، ويتضمن الهجوم خطة لتهجير أعداد هائلة من المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى موجات من القصف المدفعي، والغارات الجوية، والموت، وفق تقرير «بي بي سي».

وأفادت «بي بي سي»: «التهجير الذي يعني أن العائلات ليس لديها سوى بضع دقائق للفرار لإنقاذ حياتها، من منطقة قد تُقصف فوراً إلى أخرى قد تُقصف لاحقاً. لقد فعل مئات الآلاف ذلك مراراً وتكراراً منذ بدء الحرب».