جدل المناصفة والصلاحيات يهدّد جلسة تعديل قانون بلديات بيروت

تحذير من من انسحابات في حال ترحيل استعادة الصلاحيات للمجلس البلدي

ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)
ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جدل المناصفة والصلاحيات يهدّد جلسة تعديل قانون بلديات بيروت

ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)
ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

يتصدر تعديل قانون البلديات للحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت جدول أعمال الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني، الخميس، في ظل تصاعد الخلاف حول القضية.

وتنقسم الآراء بين فريق يطالب بربط التعديل باستعادة الصلاحيات المنوطة بالمحافظ إلى المجلس البلدي مجتمعاً، وآخر يقترح حصر التعديل بالمناصفة، وهذا ما يشكل إحراجاً للنواب، ويضعهم أمام مشكلة يمكن أن تهدد المناصفة ما لم يتلازم إقرارها مع استعادة الصلاحيات في ضوء تهديد غالبية النواب من السنّة بالانسحاب من الجلسة احتجاجاً على «الانتقائية» في التعديل، بخلاف ما نصَّت عليه اقتراحات القوانين المقدَّمة من نواب عدة، وأبرزها الموقَّعة من النواب غسان حاصباني (القوات)، فؤاد مخزومي (الحوار الوطني)، نديم الجميل (الكتائب)، نقولا صحناوي (التيار الوطني الحر)، وفيصل الصايغ (التقدمي الاشتراكي).

عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)

فالخلاف حول تلازُم المناصفة مع استعادة الصلاحيات أو حصر التعديل بالمناصفة لن يؤدي إلى حجب الأنظار عن الأجواء الساخنة التي ستطغى على الجلسة، مع أن الخلاف بين النواب حول «الانتقائية» في التعديل لا يتسم بطابع طائفي، لأن النواب الخمسة الموقعين على الاقتراح الرامي إلى تعديل قانون البلديات ينتمون إلى طوائف عدة، ويتوزعون على الأحزاب والتيارات الفاعلة في لبنان.

الخلاف حول نطاق التعديل

وكان الخلاف حول التعديل قد حضر بامتياز في اجتماع مكتب هيئة المجلس النيابي برئاسة رئيسه، نبيه بري؛ خصوصاً في ضوء ما نقله عنه نائبه، إلياس بو صعب، بأن التعديل سيقتصر على اعتماد اللوائح المقفلة لبيروت للحفاظ على المناصفة.

واستغربت مصادر مقربة من رؤساء الحكومات السابقين تصريح بو صعب، وتساءلت عن الجدوى من حصر التعديل بالمناصفة. وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المطلوب توفير الحماية للمناصفة، فإن عدم تلازمها مع إعادة الصلاحيات لمجلسها البلدي من شأنه أن يهددها ويقحم البلد في أزمة سياسية طائفية نحن في غنى عنها، لأنه لا مصلحة في الانتقائية إذا أردنا الحفاظ على العيش المشترك في العاصمة وعدم تعريضه إلى انتكاسة».

وتردَّد أن الرأي حول التلازم هذا لم يكن موحَّداً بين النواب الأعضاء في مكتب المجلس، وأن بو صعب دافع عن حصر التعديل بالمناصفة متذرعاً، كما قال لمن اتصلوا به لاستيضاح موقفه، بأن نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية، جورج عدوان، لا يؤيد التلازم، ويقترح حصر التعديل في المناصفة، على أن يُحال كل ما يتعلق بالصلاحيات إلى اللجنة التي يرأسها، بخلاف موقف رفيقه في الحزب، النائب حاصباني، المكلف متابعة ملف الانتخاب البلدي في بيروت.

«تحييد» المجلس البلدي

وفي هذا السياق، كشف النائب مخزومي أن ما يهمه من وراء اقتراح القانون الذي تقدم به وزملاؤه «تحييد المجلس البلدي لبيروت عن الصراعات السياسية والخلاف المستشري بين المكونات الفاعلة في العاصمة». وقال إنه وقّع مع زملائه على اقتراح القانون الذي يجمع بين المناصفة واستعادة الصلاحيات.

لبنانية تقترع في الانتخابات المحلية في بيروت عام 2016 (أرشيفية - أ.ب)

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجمعنا الحفاظ على العيش المشترك ووحدة العاصمة في مجلس بلدي تتمثل فيه جميع الطوائف باستثناء العلويين». ولفت إلى أن مطران بيروت للروم الأرثوذكس، إلياس عودة، اطلع على الاقتراح وأيده، وقال إن حاصباني «حضر اللقاء الذي عُقد الثلاثاء بالإنابة، كما أبلغنا، عن أحزاب القوات والكتائب والأرمن والتيار الوطني الحر».

وشدد مخزومي على أنه «لا مصلحة بتسييس المجلس البلدي الذي نطمح في أن يتشكل من أصحاب الكفاءات والاختصاصيين ومن وجوه جديدة ناشطة في المجتمع المدني، والمطلوب من الأحزاب أن توفر الدعم السياسي لهذه الوجوه بحثّ محازبيها وأنصارها على الإقبال بكثافة على أقلام الاقتراع».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن النواب مخزومي والصايغ وحاصباني شاركوا في اللقاء الموسع إلى جانب رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، وأحمد دباغ عن «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية - الأحباش»، وعضو مجلس الأمناء في جمعية «المقاصد»، بسام برغوت، المرشح لرئاسة المجلس البلدي.

وتم التواصل عن بُعد مع عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب محمد خواجة، في إطار التنسيق لخوض الانتخابات البلدية على لائحة واحدة، على أن تُسمي حركة «أمل»، بالتوافق مع «حزب الله»، 3 مرشحين عن الشيعة على اللائحة الائتلافية. لكن تردد أن خواجة اعتذر عن عدم الحضور لانشغاله بلقاءات بلدية.

«لا مكان للانتقاء»

وحذرت مصادر بيروتية من المسّ باقتراح القانون المقدم من النواب الخمسة. وقالت إنه «لا مكان للانتقاء بتأييد المناصفة من دون استعادة الصلاحيات». ولفتت إلى أن اللائحة التي يجري تشكيلها لا تضم حزبيين، وأن القيمين عليها «يتطلعون للمجيء بمجلس بلدي منسجم، ولديه القدرة على الإنتاج بخلاف المجالس البلدية التي كانت دون المستوى المطلوب في تقديم الخدمات لأهل بيروت والنهوض بالعاصمة».

ونفت ما تردَّد عن تقاسم الحصص بين الأحزاب الداعمة للائحة، مؤكدة أن «لا جوائز ترضية لأحد، وتحديداً للنواب الذين يشكلون رافعة للائحة». ورأت أن «إطاحة التلازم تعني أن التعديل ينسف الغاية السياسية المرجوة منه بحثّ الناخبين على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع للحفاظ على المناصفة».

وأبدت تخوفها من «رد الفعل السنّي» حيال ترحيل استعادة الصلاحيات للمجلس البلدي «لما يترتب عليه من تداعيات قد تهدد المناصفة مع تعدد اللوائح، أكانت المدعومة من نواب في (قوى التغيير) أو من تعاون النائب في (الجماعة الإسلامية) عماد الحوت مع زميله (نبيل بدر)، رغم أن الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة الانتخابات لم تتوقف».

نبيه بري يترأس جلسة للبرلمان اللبناني (أ.ف.ب)

لذلك، فإن الغموض يطغى على الجلسة ويُنذر بانقسام حاد بين النواب، ما لم يبادر بري، كعادته، إلى «تدوير الزوايا» لاستيعاب التأزم ومنعه من التفاعل في مجلس النواب، وصولاً لابتداع صيغة تؤمّن التلازم بين المناصفة واستعادة الصلاحيات، لأن مجرد الفصل بينهما يهدد الحفاظ على التوازن بداخل المجلس البلدي ويخلّ به مسيحياً؛ ما قد يدفع الفائزين من المسيحيين للاستقالة احتجاجاً على الإطاحة بالمساواة في مجلسها البلدي الذي يتشكل من 24 عضواً.


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني في الكويت

المشرق العربي أمير الكويت مستقبلاً الرئيس اللبناني لحظة وصوله إلى الكويت (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني في الكويت

وصل الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى الكويت في زيارة رسمية تستمر يومين، تلبية لدعوة من أمير الدولة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الدفاع ميشال منسى ووزير الداخلية أحمد الحجار خلال زيارة «غرفة العمليات المشتركة» في محافظة الشمال (وزارة الداخلية)

​الاستحقاق البلدي في شمال لبنان... سباق مبكر على رئاسة «الاتحادات»

اختلفت حدة الحماوة الانتخابية في محافظتي الشمال وعكار بين قضاء وآخر إذ إن لكل منطقة وبلدة خصوصيتها السياسية والعائلية مع تداخل الاثنين في أكثر من منطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس عون يتابع سير الانتخابات البلدية في الشمال وعكار (الرئاسة اللبنانية)

لبنان ينجز المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية

أنجز لبنان، الأحد، المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية في محافظتي الشمال وعكار حيث اختلطت التحالفات السياسية بالعائلية والإنمائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إرنستو راميريز ريغو خلال لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون الشهر الماضي (الرئاسة اللبنانية)

جولة جديدة قريباً لبعثة صندوق النقد في بيروت

من المقرر أن تستأنف بعثة صندوق النقد الدولي مشاوراتها في بيروت عقب إتمام دورات الانتخابات أواخر الشهر الحالي.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي مسافرون بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (أ.ب) play-circle

تقرير: إحباط محاولة تهريب ذهب لـ«حزب الله» من مطار بيروت وفصل عشرات الموظفين

فصل العشرات من موظفي مطار بيروت للاشتباه في انتمائهم لـ«حزب الله»، كما تم إحباط محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغراماً من الذهب للحزب عبر المطار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل 10 على الأقل بغارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا

الفلسطيني محمد الأغا يحمل طفلته زينة (عامان) بعد مقتلها إثر غارات إسرائيلية في مستشفى «ناصر» بخان يونس في قطاع غزة (أ.ب)
الفلسطيني محمد الأغا يحمل طفلته زينة (عامان) بعد مقتلها إثر غارات إسرائيلية في مستشفى «ناصر» بخان يونس في قطاع غزة (أ.ب)
TT

مقتل 10 على الأقل بغارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا

الفلسطيني محمد الأغا يحمل طفلته زينة (عامان) بعد مقتلها إثر غارات إسرائيلية في مستشفى «ناصر» بخان يونس في قطاع غزة (أ.ب)
الفلسطيني محمد الأغا يحمل طفلته زينة (عامان) بعد مقتلها إثر غارات إسرائيلية في مستشفى «ناصر» بخان يونس في قطاع غزة (أ.ب)

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 10 فلسطينيين على الأقل، بينهم عدد من الأطفال، جرَّاء غارة شنها الطيران الحربي الإسرائيلي فجر اليوم (الاثنين) واستهدفت مدرسة لإيواء النازحين في جباليا شمال قطاع غزة.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «تم نقل 10 شهداء على الأقل بينهم عدد من الأطفال، بعدما استهدفت طائرات الاحتلال نحو الساعة الثانية والنصف فجر اليوم (بتوقيت القدس) مدرسة (فاطمة بنت أسد) التي تؤوي أكثر من ألفي نازح في بلدة جباليا». وأشار إلى أن من بين القتلى «سيدتين».

وأوضح أنه «تم نقل الشهيدة الطفلة ريماس سمير عبيد وعدد من المصابين، إثر استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي مسجد (حماد الحسنات) في مخيم النصيرات».

وذكر شهود عيان أن الطيران الحربي نفَّذ عدة غارات جوية عنيفة في رفح جنوب القطاع، وفي منطقتي الزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة.

وأكد الشهود أن الجيش الإسرائيلي نسف بواسطة المتفجرات فجر اليوم (الاثنين) عدداً من المباني والمنازل في رفح.

واندلعت الحرب الأكثر دموية في قطاع غزة، عقب هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأسفر عن مقتل 1218 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وقُتل ما لا يقل عن 52829 فلسطينياً منذ اندلاع الحرب، معظمهم من المدنيين، حسب حصيلة بثتها أمس (الأحد) وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» وتعدُّها الأمم المتحدة موثوقة.