بري لـ«الشرق الأوسط»: ضيق الوقت يحول دون تعديل قانون انتخاب البلديات بلبنان

الحفاظ على المناصفة ببيروت يستدعي جمع الأضداد بأوسع تحالف

رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: ضيق الوقت يحول دون تعديل قانون انتخاب البلديات بلبنان

رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)

تبقى الأنظار السياسية مشدودة إلى العاصمة اللبنانية، بيروت، مع بدء العد العكسي لإنجاز استحقاق الانتخابات البلدية (المحلية) على 4 مراحل، بدءاً بمحافظة جبل لبنان في 4 مايو (أيار) المقبل، للتأكد من مدى التزام القوى الحزبية والعائلات، بدعم من المرجعيات الروحية، في الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلسها البلدي، وعدم تهديده لتفادي إقحام لبنان في أزمة سياسية ذات بُعد طائفي، في ضوء استبعاد تعديل قانون الانتخابات البلدية على نحو يسمح باعتماد اللائحة المقفلة لتوفير الحماية للمناصفة، وقطع الطريق على إخضاعها للتشطيب.

ويتألف مجلس بلدية بيروت من 24 عضواً، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين بموجب العرف وليس بالنص القانوني، وثمة مخاوف من حصول إخلال في هذا التوازن الطائفي، في ظل طغيان الصوت المسلم، بغالبيته السنيّة، على الصوت المسيحي.

ضرورة الحفاظ على المناصفة

وهذا الأمر من الأسباب الداعية إلى إدخال تعديل على قانون الانتخاب البلدي، بما يسمح بتشكيل «لوائح مقفلة» تضمن التقيُّد بمبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، من خلال إلزام المقترعين بالتصويت للاّئحة بأكملها، وتمنعهم من شطب أسماء واردة فيها.

لكن تعديل القانون أصبح مستبعداً، كما يقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«الشرق الأوسط»، نظراً إلى ضيق الوقت، إذ «لم يعد هناك من متسع أمامنا لإجراء الانتخابات سوى أسابيع معدودة، ومجرد الدخول في تعديله سيؤدي حكماً إلى تأجيل إجراء الانتخابات البلدية» في موعدها الذي حدده وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، و«نحن من جانبنا نلتزم بإنجازها، ولا نؤيد ترحيلها إلى موعد لاحق».

ويصر بري على «الحفاظ على المناصفة (في بيروت) وتوفير الحماية لها». ويرى أن «الاستعاضة عن التعديل تكون في قيام أوسع تحالف سياسي تنخرط فيه الأحزاب والتجمعات السياسية والعائلات؛ خصوصاً الفاعلة منها، شرط أن تلتزم بالاقتراع للائحة الأقرب إلى تحقيق المناصفة».

وإذ يشدد على التزام الأحزاب والقوى السياسية بالتصويت للّائحة التي تُعَدّ الأقرب للفوز في الانتخابات، يؤكد في المقابل التزامه وحليفه «حزب الله» بـ«تأييدها فعلاً لا قولاً، على أن ينسحب ذلك على الأطراف الأخرى». ويقول إن «هناك حاجة وطنية لقيام أوسع تحالف في ضوء عزوف تيار (المستقبل) عن خوض الانتخابات البلدية، وهذا ما توارد إلينا».

عزوف «المستقبل»

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية موثوقة، أن زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يدرس إصدار بيان في اليومين المقبلين يعلن فيه عزوف التيار عن خوض الانتخابات ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأطراف.

وعلمت أيضاً أن معظم الكتل النيابية المعنية بالاستحقاق البلدي في بيروت كانت قد باشرت الاتصال للتوافق على أن يتقدم عدد من نوابها باقتراح قانون يرمي إلى تعديل قانون البلديات لناحية اعتماد اللائحة المقفلة لضمان الحفاظ على المناصفة في المجلس البلدي لبيروت لقطع الطريق على احتمال الإخلال بها؛ خصوصاً بما يتعلق بحفظ تمثيل المسيحيين، لئلا يؤدي الخلل إلى اضطرار الفائزين منهم لتقديم استقالاتهم فوراً، احتجاجاً على تهديد الشراكة، وإعطاء ذريعة للمطالبين من الأحزاب المسيحية بتقسيم العاصمة إلى دائرتين انتخابيتين تجتمعان تحت سقف مجلس بلدي واحد.

اقتراح قانون

كشفت مصادر نيابية بارزة أن نواباً بيارتة من كتل متعددة كانوا باشروا في التوقيع على اقتراح القانون باعتماد اللائحة المقفلة، لكنهم لم يسجلوا اقتراحهم حتى الساعة لدى الأمانة العامة للمجلس النيابي، بخلاف الاقتراح الذي كان تقدم به النائب وضاح الصادق وزميله في تحالف «قوى التغيير» مارك ضو، وينص على إدخال إصلاحات على قانون البلديات، لا يقتصر فقط على اعتماد اللائحة المقفلة، ويقترحان تأجيل الانتخابات إلى حين إصلاح القانون البلدي.

وتوقعت المصادر أن يصرف عدد من النواب البيارتة النظر عن المضي في التوقيع على العريضة، ربما للأسباب والدوافع التي تحدث عنها الرئيس بري. وسألت: لماذا لم تتقدم الحكومة بمشروع قانون يرمي إلى اعتماد اللائحة المقفلة، وتطلب فيه تأجيل إجراء الانتخابات البلدية متذرعة بالتزامها بدعوة الوزير حجار لإجراء الانتخابات على 4 مراحل، بدلاً من أن ترمي كرة التأجيل في مرمى البرلمان الذي هو في غنى عن تحميله رد فعل المجتمع المدني احتجاجاً على ترحيلها إلى الخريف المقبل.

توسيع التحالف

وأكدت أن توسيع رقعة التحالف بما يضمن انخراط أحزاب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«التقدمي الاشتراكي» و«جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية - الأحباش» و«الجماعة الإسلامية» إلى جانب «التيار الوطني الحر» وكبرى العائلات البيروتية بغطاء واحتضان من المرجعيات الروحية، إضافة إلى «حزب الله» وحركة «أمل»، على أن تتشكل لائحة من أعضاء غير حزبيين ومن أصحاب الكفاءات على شاكلة ما اتُّبع في تشكيل الحكومة.

جهد استثنائي

ورأت أن عزوف «المستقبل» عن المشاركة يستدعي من المعنيين في الحفاظ على المناصفة وترسيخ العيش المشترك، القيام بجهد استثنائي غير مسبوق في حثهم البيارتة للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع والتصويت للائحة المقفلة، من وجهة نظر القيمين عليها لسد الفراغ المترتب عن عزوفه؛ كونه يشكل أكبر خزان انتخابي في العاصمة، وقالت إن تشكيلها لا يعني انعدام المنافسة، فيما يتحضر عدد من النواب في «قوى التغيير» لتشكيل لائحة من المجتمع المدني على غرار لائحة «بيروت مدينتي» التي خاضت على أساسها الانتخابات البلدية عام 2016، وسجّلت رقماً لا بأس به.

ناخبة لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

ولفتت إلى أن تجميع الأحزاب والتجمعات السياسية والعائلات في لائحة واحدة لا يكفي، ما لم يتوافر الحد الأدنى من الانسجام بداخل المجلس البلدي، لئلا يتحول إلى ساحة للصراع السياسي تجمع الأضداد تحت سقف واحد. وتنتقل المتاريس من الشارع إلى الداخل يتبادلون فيها الاتهامات، ما يؤدي إلى تعطيل دور المجلس، وتجعله عاجزاً عن تحقيق الإنماء لبيروت، في ظل عدم تصويب الخلل الذي ينتاب علاقة المجلس بالمحافظ وصولاً إلى معالجته، وهذا ما يشكو منه عدد من نواب الشطر الغربي من العاصمة الذين يطالبون بصلاحيات تنفيذية في المجلس البلدي؛ كونه المنتَخَب ويجب معاملته أسوة بالمجالس البلدية على امتداد الوطن.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تلاحق سكان جنوب لبنان بـ«القنابل الصوتية»

المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يعاينون موقع الغارة التي استهدفت سيارة في بلدة أبو الأسود في قضاء صور حيث أدت إلى مقتل شخص (أ.ف.ب)

إسرائيل تلاحق سكان جنوب لبنان بـ«القنابل الصوتية»

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل قائداً عسكرياً في «حزب الله» بجنوب لبنان، في ضربة هي الرابعة من نوعها هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أعلنت قيادة الجيش توقيف 86 شخصاً من المتورطين في إطلاق النار العشوائي في الانتخابات البلدية (قيادة الجيش)

الجيش اللبناني يلاحق مطلقي النار في الانتخابات البلدية

بدأ الجيش اللبناني حملة غير مسبوقة واتخاذ تدابير صارمة لملاحقة مطلقي النار العشوائي للحد من هذه الظاهرة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في لقاء سابق للمعارضة (أرشيفية)

انتخابات زحلة المحلية: معركة مسيحية بامتياز والعين على الصوت الشيعي

تأخذ معركة الانتخابات البلدية في مدينة زحلة طابعاً سياسياً مسيحياً بامتياز، على خلاف معظم البلدات في محافظة البقاع.

كارولين عاكوم
المشرق العربي أشخاص يهرعون إلى موقع السيارة المستهدفة في منطقة صور (وسائل التواصل) play-circle

ضربة إسرائيلية تقتل «قيادياً» من «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه قتل «قائداً» في «حزب الله» بجنوب لبنان في رابع ضربة ينفذها هذا الأسبوع بهذا البلد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار «حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين ببلدة الطيبة في جنوب لبنان يوم 6 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

ظاهرة العملاء تتزايد في بيئة «حزب الله» وتكشف اختراق قيادته

تحوّل ملف عملاء إسرائيل إلى كابوس يقضّ مضاجع «حزب الله»، وبات خطره يعادل تداعيات الحرب الإسرائيلية ضده وضد بيئته.

يوسف دياب (بيروت)

نحو 100 قتيل في ضربات إسرائيلية مكثفة على قطاع غزة

فلسطينيون ينقلون قتيلاً إلى مستشفى الأقصى في دير البلح (أ.ب)
فلسطينيون ينقلون قتيلاً إلى مستشفى الأقصى في دير البلح (أ.ب)
TT

نحو 100 قتيل في ضربات إسرائيلية مكثفة على قطاع غزة

فلسطينيون ينقلون قتيلاً إلى مستشفى الأقصى في دير البلح (أ.ب)
فلسطينيون ينقلون قتيلاً إلى مستشفى الأقصى في دير البلح (أ.ب)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية سقوط 97 قتيلاً في غارات إسرائيلية على قطاع غزة، منذ فجر اليوم الأحد، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.

وقالت الوزارة، في بيان صحافي، إن 45 من القتلى سقطوا في مدينة غزة وشمال القطاع.

كان الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، قد أعلن في وقت سابق اليوم مقتل 33 فلسطينياً «أكثر من نصفهم من الأطفال» إثر ضربات جوية إسرائيلية في مناطق مختلفة من قطاع غزة.

وقال بصل لوكالة الصحافة الفرنسية إن طواقم الدفاع المدني «نقلت 33 شهيداً على الأقل، وأكثر من نصفهم من الأطفال (..) جراء سلسلة من الغارات الإسرائيلية العنيفة بعد منتصف الليل وفجر اليوم» في مناطق مختلفة في قطاع غزة.

وأوضح بصل أنه «نُقل 22 شهيداً على الأقل و100 مصاب جراء قصف جوي إسرائيلي بعد منتصف الليل، لعدد من خيام النازحين في منطقة المواصي» غرب خان يونس في جنوب قطاع غزة. كذلك، قُتل رجل وابنه جراء قصف منزلهما في منطقة الفخاري شرق خان يونس.

وقال بصل إن عدة غارات جوية نُفذت أيضاً في شمال القطاع، موضحاً نقل «7 شهداء على الأقل وعدد من الإصابات جراء قصف الاحتلال منزلاً لعائلة مقاط في شارع الزرقاء في بلدة جباليا» بشمال غزة.

وأشار بصل إلى «أضرار جسيمة» أصابت مباني في مستشفى العودة في منطقة تل الزعتر في مخيم جباليا، كما أشار إلى أن مناطق شرق وشمال مدينة خان يونس تعرضت صباح اليوم لقصف مدفعي مكثف.

وفي بيان، اعتبرت حركة «حماس» استهداف خيام النازحين «وإحراقها بمن فيها من مدنيين أبرياء هو جريمة وحشية جديدة».

وأضافت الحركة: «تتحمّل الإدارة الأميركية بمنحها حكومة الاحتلال الإرهابي غطاء سياسياً وعسكرياً مسؤولية مباشرة عن هذا التصعيد الجنوني واستهداف المدنيين» في القطاع.

وبعد هدنة استمرت شهرين، استأنفت إسرائيل في 18 مارس (آذار) عملياتها العسكرية في غزة واستولت على مساحات كبيرة من القطاع.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه باشر «ضربات واسعة ونقل قوات للسيطرة على مناطق» في غزة.

وشدد على أنه يهدف خصوصاً إلى «الإفراج عن الرهائن وإلحاق الهزيمة بحماس» في إشارة إلى الرهائن المحتجزين منذ هجوم «حماس» غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.