سوريون يحتفلون بـ«الفطر» بعد الإطاحة بالأسد: «العيد عيدان»

سوريون يؤدون صلاة عيد الفطر للمرّة الأولى منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد (إ.ب.أ)
سوريون يؤدون صلاة عيد الفطر للمرّة الأولى منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد (إ.ب.أ)
TT
20

سوريون يحتفلون بـ«الفطر» بعد الإطاحة بالأسد: «العيد عيدان»

سوريون يؤدون صلاة عيد الفطر للمرّة الأولى منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد (إ.ب.أ)
سوريون يؤدون صلاة عيد الفطر للمرّة الأولى منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد (إ.ب.أ)

في باحة الجامع الأموي في دمشق، كما في ساحة نصب الجندي المجهول القريب من قصر الشعب في منطقة قاسيون، أدى آلاف السوريين، الاثنين، صلاة عيد الفطر، للمرّة الأولى منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد.

وقال غسان يوسف، المقيم في العاصمة لوكالة الصحافة الفرنسية: «عيدنا عيدان بعد التخلّص من الأسد».

منذ ساعات الصباح الباكر، توافدت الحشود من رجال ونساء وأطفال إلى الجامع العريق الواقع في دمشق القديمة، بينهم فاطمة عثمان التي قالت بفرح: «لأول مرة نشعر ببهجة العيد، بعد هذا النصر العظيم، وبعدما تخلصنا من حكم الأسد الطاغية».

إثر انتهاء الصلاة، تبادل المصلّون التهاني بالعيد الذي احتفلت سوريا بأول أيامه الاثنين وبمرور 4 أشهر على الإطاحة بالأسد.

كان باعة متجولون يحملون البالونات الملونة والألعاب يتجولون بينهم، بحثاً عن زبائن من الأطفال الذين ارتدوا ثياباً مزركشة والتقطوا الصور مع أفراد عائلاتهم.

على بُعد كيلومترات عدة صعوداً إلى جبل قاسيون المشرف على دمشق، الذي كان محظوراً على السوريين قبل الإطاحة بحكم الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، تقاطر بضعة آلاف إلى ساحة نصب الجندي المجهول لأداء صلاة العيد في الهواء الطلق وبينهم عناصر أمن وجيش مع أسلحتهم وبزيهم العسكري.

واكتظ الطريق المؤدي إلى الساحة بمئات السيارات والحافلات، وفق ما شاهد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية.

وتبادل المصلّون التهاني، ووزّع بعضهم الحلوى، بينما كان العلم السوري الجديد ذو النجوم الثلاث مرفوعاً في المكان.

وكان الدخول إلى نصب الجندي المجهول خلال الحكم السابق يقتصر إجمالاً على الأسد ومعاونيه، لوضع أكاليل زهور في مناسبات وطنية.

ويقع النصب التذكاري، حيث وضعت شاشة عملاقة لنقل صلاة العيد، قرب قصر الشعب حيث أدّى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع صلاة العيد إلى جانب مفتي سوريا أسامة الرفاعي وعدد من وزرائه الجدد، قبل أن يتلقّى التهاني ويلقي كلمة أكد فيها أن بلاده أمام «طريق طويل وشاق» للتعافي، لكنها تملك «كل المقومات التي تدفع إلى نهضة هذا البلد».

«نطير من الفرحة»

من السويد التي هاجر إليها قبل أكثر من عقد من الزمن على وقع النزاع الدامي الذي اندلع قبل 14 عاماً، عاد وائل حمامية إلى دمشق، للاحتفال مع عائلته بعيد الفطر بعد غياب طويل.

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية بينما ارتسمت ملامح الفرح على وجهه: «هذا أول عيد لي هنا بعد نحو 15 عاماً. أشعر بأنه عيد بكل ما للكلمة من معنى، لم ولن يمر مثل هذا اليوم علينا».

وأضاف بحماسة: «كل مَن يصلّي وكل مَن جاء إلى هنا، يشعر وكأنه يطير من الفرحة، إنه عيد الأعياد»، آملاً في أن «تتحسّن الأمور في المرحلة المقبلة».

وطغت التجمعات في الأماكن المفتوحة على المشهد الاحتفالي في دمشق، بينما تمكّن سوريون لأول مرة منذ اندلاع النزاع من زيارة قبور أحبائهم في مناطق كان ممنوعاً ارتيادها، إذ شكّلت لسنوات معاقل للفصائل المعارضة على غرار حي جوبر واليرموك في العاصمة والغوطة الشرقية وضاحية دمشق.

ورغم تحذير واشنطن وباريس من تزايد مخاطر وقوع هجمات خلال العيد، لم تشهد دمشق أي إجراءات أمنية استثنائية، وفق مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء احتفال سوريا بعيد الفطر بعد يومين من إعلان تشكيلة حكومية ضمّت 23 وزيراً، تنتظرها تحديات كبيرة، بعدما أرخت سنوات الحرب بثقلها على الاقتصاد والبنى التحتية والوضع المعيشي في البلاد حيث يعيش غالبية السكان تحت خط الفقر.

في مقهى الروضة في دمشق، كان عامر حلاق (36 عاماً) وأصدقاؤه يتبادلون الحديث بعد غياب حلاق عنهم منذ عام 2014، حين فرّ من الخدمة الإلزامية في رحلة قادته إلى برلين.

وقال الرجل العامل في منظمة إنسانية: «اعتقدت لسنوات طويلة أنني لن أرى أهلي مجدداً ولن أحتفل بالعيد معهم». وأضاف: «كانت الفرحة كبيرة بالتحرير والنصر، لكن الآن لدينا الكثير من العمل وما زلنا في بداية الطريق».


مقالات ذات صلة

ابن خال بشار الأسد يشكل «قوات نخبة» لـ«حماية الساحل»

المشرق العربي رجل الأعمال السوري وابن خال الرئيس المخلوع رامي مخلوف (فيسبوك)

ابن خال بشار الأسد يشكل «قوات نخبة» لـ«حماية الساحل»

أعلن رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، تشكيل ما سماها «قوات نخبة» بالتعاون مع قائد القوات الخاصة في قوات النظام السابق سهيل الحسن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مشاورات تركية - روسية حول سوريا والتطورات في المنطقة عقدت في إسطنبول (الخارجية التركية)

تركيا وروسيا تطالبان برفع العقوبات على سوريا وتدعمان إدارتها

أكدت تركيا وروسيا ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، وجدّدتا تمسكهما بوحدتها ودعم إدارتها الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي توقيف ضابط بارز من المخابرات الجوية خلال حكم الأسد (الشرق الأوسط)

السلطات السورية توقف ضابط أمن سابقاً «متورطاً بجرائم حرب»

أعلنت وزارة الداخلية السورية توقيف ضابط بارز من المخابرات الجوية خلال الحكم السابق، قالت إنه ضالع في ارتكاب «جرائم حرب»، ونسَّق بين «حزب الله» ومجموعات مسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي العميد سليمان التيناوي في قبضة الأمن العام السوري (الداخلية السورية)

القبض على عميد سابق بالمخابرات الجوية التابعة لنظام الأسد

أعلنت مديرية الأمن العام في اللاذقية القبض على العميد سليمان التيناوي، الذي يعد أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية في النظام السابق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (يمين) ووزير خارجيته أسعد الشيباني في إحدى رحلاتهما الخارجية (الرئاسة السورية)

دمشق تسعى إلى «لم شمل» الدبلوماسيين المنشقين عن نظام الأسد

دعت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، الدبلوماسيين المنشقين عن النظام السابق، إلى «لمّ الشمل».

سعاد جروس (دمشق)

في غزة... «لا أكل ولا غاز ولا طحين ولا حياة»

فلسطينيون ينتظرون الحصول على طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون ينتظرون الحصول على طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)
TT
20

في غزة... «لا أكل ولا غاز ولا طحين ولا حياة»

فلسطينيون ينتظرون الحصول على طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون ينتظرون الحصول على طعام من مطبخ خيري في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

قال فلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بينما يخشون أن يكون ذلك جزءاً من خطة لمحاصرتهم في معسكر ضخم على الأرض القاحلة.

ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ ما يقرب من شهرين حين فرضت إسرائيل ما أصبح منذ ذلك الحين أطول حصار شامل لها على الإطلاق على القطاع، في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر 6 أسابيع.

واستأنفت إسرائيل حربها في منتصف مارس (آذار)، واستولت منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي، وأمرت السكان بإخلاء ما تطلق عليها «مناطق عازلة» حول أطراف غزة، بما في ذلك مدينة رفح بأكملها التي تشكل نحو 20 في المائة من مساحة القطاع.

فتاتان فلسطينيتان تنظران إلى ركام منزل تعرض لقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
فتاتان فلسطينيتان تنظران إلى ركام منزل تعرض لقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

وذكرت «هيئة البث العامة الإسرائيلية» (كان)، يوم السبت، أن الجيش بصدد إنشاء «منطقة إنسانية» جديدة في رفح، حيث سيتم نقل المدنيين بعد إجراء تفتيش أمني لمنع مقاتلي «حماس» من دخولها. وستتولى شركات خاصة توزيع المساعدات.

وقال سكان إن دوي انفجارات هائلة يُسمع الآن بلا انقطاع من المنطقة المدمَّرة التي كان يقطنها سابقاً 300 ألف نسمة.

وقال تامر، وهو من سكان مدينة غزة نزح إلى دير البلح شمالاً لوكالة «رويترز» للأنباء عبر رسالة نصية «الانفجارات ما بتتوقفش لا نهار ولا ليل، كل ما الأرض تهز بتعرف أنهم بينسفوا بيوت في رفح، رفح انمسحت». وأضاف أنه يتلقى مكالمات هاتفية من أصدقاء في مصر على الحدود مع قطاع غزة، حيث لم يتمكن أطفالهم من النوم بسبب الانفجارات.

امرأة فلسطينية تعزي أخرى تحمل جثة طفلها الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية على منزل عائلة أبو مهدي في بيت لاهيا خارج المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تعزي أخرى تحمل جثة طفلها الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية على منزل عائلة أبو مهدي في بيت لاهيا خارج المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال أبو محمد، وهو نازح آخر في غزة، عبر رسالة نصية: «إحنا الخوف عنا إنه يجبرونا ننزح هناك ويسكروا علينا زي القفص أو معسكر نزوح كبير معزولين عن العالم».

وتقول إسرائيل، التي تفرض حصاراً مطبقاً على غزة منذ الثاني من مارس، إن إمدادات كافية وصلت إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت 6 أسابيع، ومن ثم فإنها لا تعتقد أن السكان في خطر. وتؤكد أنها لا يمكنها السماح بدخول الغذاء أو الدواء خشية أن تستغلها «حماس».

فلسطينيون يتلقون طعاماً أعدته جمعية خيرية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتلقون طعاماً أعدته جمعية خيرية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

وتقول وكالات الأمم المتحدة إن سكان غزة على شفا تفشٍّ واسع للمجاعة والمرض، وإن الظروف الآن في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عندما هاجم مقاتلو «حماس» تجمعات سكنية إسرائيلية.

وأعلن مسؤولو الصحة في غزة، الاثنين، مقتل 23 شخصاً على الأقل في أحدث الضربات الإسرائيلية على القطاع. وقُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص بينهم أطفال في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا شمال القطاع، إلى جانب 6 آخرين في غارة جوية على مقهى بجنوب القطاع. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضحايا مصابين بجروح خطيرة حول طاولة بالمقهى.

يأكلون العشب والسلاحف

لم تفلح المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر حتى الآن في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أطلقت «حماس» خلاله سراح 38 رهينة، بينما أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين.

ولا يزال 59 رهينة إسرائيلياً محتجزين في غزة، ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. وتقول «حماس» إنها لن تفرج عنهم إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق إلا على هدن مؤقتة ما لم يتم نزع سلاح «حماس» بالكامل، وهو ما يرفضه مقاتلو الحركة.

وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري، السبت، إن الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة أحرزت بعض التقدم.

فلسطينيون أمام إحدى التكيات في بيت لاهيا لتسلُّم طعام (رويترز)
فلسطينيون أمام إحدى التكيات في بيت لاهيا لتسلُّم طعام (رويترز)

وأعلن برنامج الأغذية العالمي، يوم الجمعة، نفاد مخزوناته الغذائية في غزة بعد أطول حصار يُفرض على القطاع على الإطلاق.

وجاب بعض السكان الشوارع بحثاً عن الأعشاب التي تنمو طبيعياً على الأرض، بينما جمع آخرون أوراق الأشجار اليابسة. وفي ظل اليأس، لجأ صيادون إلى صيد السلاحف وسلخها وبيع لحومها.

وقالت امرأة من مدينة غزة لوكالة «رويترز» للأنباء طالبة عدم نشر اسمها خشية الانتقام: «المرة الماضية رحت على الدكتور قال لي عندك حصاوي في الكلى ولازم عملية جراحية بتتكلف حوالي 300 دولار، أنا أحسن لي آخد مسكنات وأخلي المصاري لأولادي أطعمهم فيهم». وأضافت: «باختصار الوضع في غزة لا أكل ولا غاز للطبخ ولا طحين ولا حياة».

فلسطينيون يصلون بجانب جثامين أفراد عائلة أبو مهدي الذين استُشهدوا في غارات إسرائيلية على منزل العائلة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلون بجانب جثامين أفراد عائلة أبو مهدي الذين استُشهدوا في غارات إسرائيلية على منزل العائلة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

واندلعت حرب غزة بعد هجوم قادته «حماس» في السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل، والذي أسفر حسبما تشير الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ ذلك الحين أدت إلى مقتل أكثر من 51400 فلسطيني.