الضربات الإسرائيلية تلقي بظلالها على زيارة عون إلى فرنسا

باريس تلقي باللوم على تل أبيب وتبرئ ساحة «حزب الله»

0 seconds of 33 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:33
00:33
 
TT
20

الضربات الإسرائيلية تلقي بظلالها على زيارة عون إلى فرنسا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس اللبناني جوزيف عون بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس اللبناني جوزيف عون بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

طغت الضربات الإسرائيلية الأخيرة على زيارة الرئيس جوزيف عون إلى فرنسا، الجمعة، دافعةً نظيره إيمانويل ماكرون إلى رفع النبرة ضدّ إسرائيل والمطالبة بـ«ضغط» أكبر من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لصون الهدنة الهشّة في لبنان.

وكان الهدف من هذه الزيارة الرسمية الأولى التي يجريها الرئيس اللبناني إلى دولة غربية منذ انتخابه في يناير (كانون الثاني) الاحتفاء بـ«الصداقة الراسخة» بين البلدين، بحسب الجانب الفرنسي.

وخلال مؤتمر صحافي، قال ماكرون الذي زار بيروت في 17 يناير لتهنئة جوزيف عون الذي استتبع انتخابه تشكيل حكومة برئاسة الإصلاحي نواف سلام، إن «لبنان على المسار الصحيح»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وساهمت فرنسا مساهمة حثيثة في الجهود الدبلوماسية المبذولة لحلحلة الوضع في لبنان، وباتت تأمل اليوم في أن تنطلق عجلة الإصلاح في البلد ليخرج من أزمتيه الاقتصادية والاجتماعية.

وأكّد ماكرون أن باريس تعتزم استضافة «مؤتمر دولي لإنعاش لبنان» بناء على «الإصلاحات المؤسسية والاقتصادية التي تطلقها الحكومة اللبنانية».

غير أن زيارة الرئيس اللبناني إلى فرنسا جرت في يوم تعرّض فيه وقف إطلاق النار الهشّ الذي أبرم برعاية الولايات المتحدة وفرنسا بين إسرائيل و«حزب الله» المدعوم من إيران، لأكبر خرق منذ دخوله حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وشنّ الجيش الإسرائيلي ضربات على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، للمرّة الأولى منذ سريان الهدنة قبل أربعة أشهر، بعدما كان قصف جنوب لبنان ردّاً على صواريخ أطلقت باتّجاه الدولة العبرية، الجمعة.

«حزب الله» ليس مسؤولاً

ومن الإليزيه، صرّح الرئيس اللبناني وإلى جانبه نظيره الفرنسي أن تحقيقات الجيش تشير إلى أن «(حزب الله) ليس مسؤولاً» عن إطلاق الصواريخ أخيراً نحو إسرائيل.

وأكّد عون: «سيكون هناك تحقيق» في مصدر عمليات إطلاق الصواريخ، مضيفاً: «استناداً لتجربتنا السابقة والأدلّة الموجودة على الأرض، فإنّه ليس (حزب الله)... (حزب الله) أعلن عدم مسؤوليته».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس اللبناني جوزيف عون بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس اللبناني جوزيف عون بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

وعن مصير اتفاق وقف إطلاق النار، تساءل الرئيس اللبناني خلال المؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي: «إن لم تكن الولايات المتحدة وفرنسا قادرتين على تأمين ضمانات، فمن يمكنه تأمين ضمانات؟».

وصرّح ماكرون من جانبه أن ما من معلومات وردته «في هذه المرحلة» عن «ضربات لـ(حزب الله)»، مشيراً إلى أنه «لم ينفّذ أنشطة قد تبرّر هذه الضربات».

ووجّه الرئيس الفرنسي سهامه إلى الدولة العبرية، مندّداً بضربات تشكّل «انتهاكاً لوقف إطلاق النار» على نحو «أحادي»، وهي من ثمّ «غير مقبولة»، و«تنكث وعداً مقطوعاً»، و«تصبّ في مصلحة (حزب الله)».

وأعلن ماكرون عزمه الاتصال بترمب «في الساعات المقبلة»، وبرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اليومين المقبلين. وقال إنه يتوقّع من نظيره الأميركي أن يمارس «ضغطاً خاصاً» على إسرائيل، رامياً بذلك الكرة في ملعب واشنطن.

دور «الميسّر»

وأشار ماكرون إلى أن فرنسا تمارس من جانبها «ضغطاً سياسياً» لكن مع إدراك الحدود، لافتاً إلى أن الأميركيين يملكون «وسائل ضغط أكبر من أيّ كان لأن الإسرائيليين يعوّلون على الولايات المتحدة الأميركية لعتادهم العسكري الذي يسمح لهم بتنفيذ عملياتهم».

وقال في إشارة إلى غزة إن ترمب «عرف كيف يبيّن» أنه «عندما تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل، تصبح اتفاقات وقف إطلاق النار ممكنة وقابلة للاحترام».

وحرص الرئيس الفرنسي على إضفاء بُعد إقليمي قوي على هذه الزيارة، إذ بالإضافة إلى اللقاءات الثنائية لعون مع ماكرون، عقد الرئيسان اجتماعاً عبر الفيديو مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.

ماكرون وعون يعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً في قصر الإليزيه (رويترز)
ماكرون وعون يعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً في قصر الإليزيه (رويترز)

وأوضحت الرئاسة الفرنسية لصحافيين أن الغرض من الاجتماع كان بحث «قضية الأمن على الحدود السورية - اللبنانية» حيث أدت «توترات إلى وقوع مواجهات» في الفترة الأخيرة.

وعرضت فرنسا الاضطلاع بدور «الميسّر» لتهدئة التوتّرات عند الحدود السورية - اللبنانية.

كذلك شمل البرنامج اجتماعاً خماسياً «مخصصاً لشرق المتوسط» ضمّ إلى الرؤساء الثلاثة نظيريهم القبرصي واليوناني، لمناقشة «التحديات» المرتبطة بـ«الأمن البحري»، و«التأثير البيئي الإقليمي على الأمن»، بحسب الإليزيه. كما ركّز الرؤساء الخمسة على مسألة عودة النازحين السوريين.


مقالات ذات صلة

رسائل إسرائيلية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

المشرق العربي لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

رسائل إسرائيلية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

ذهبت إسرائيل بقصفها الضاحية الجنوبية لبيروت، الثلاثاء، أبعد من إطار ردود الفعل على إطلاق صواريخ باتجاهها.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي مبنى متضرر بشدة جراء الغارة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب) play-circle

الأمم المتحدة: قصف ضاحية بيروت الجنوبية جاء رغم اتخاذ حكومة لبنان خطوات إيجابية

قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان إن الغارة الأخيرة التي شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية جاءت رغم اتخاذ الحكومة اللبنانية خطوات إيجابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أطفال يلتقطون صوراً تذكارية الى جانب "المسحراتي" في مدينة صيدا بجنوب لبنان (أ ب)

التصعيد الإسرائيلي يربك خطط مغتربين لبنانيين لزيارة عائلاتهم بعيد الفطر

أربك التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان، يوم الجمعة الماضي، خطط المغتربين اللبنانيين الذين كانوا يستعدون لزيارة لبنان خلال عطلة عيدَي الفطر والفصح.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (يمين) يستقبل رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام في مكة المكرمة قبل أداء صلاة عيد الفطر المبارك (واس / أ.ف.ب)

رئيس وزراء لبنان يؤكد ضرورة تعزيز الشراكة بين بلاده والسعودية

رئيس وزراء لبنان يؤكد ضرورة المضي قدماً في تعزيز الشراكة بين بلاده والسعودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج نائب أمير منطقة مكة المكرمة مستقبلاً رئيس الوزراء اللبناني لدى وصوله إلى جدة (واس)

رئيس الوزراء اللبناني يصل جدة

وصل إلى جدة، فجر الأحد، رئيس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام.

«الشرق الأوسط» (جدة)

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
TT
20

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

لا يملك لبنان خيارات كثيرة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، سوى الخيار السياسي والدبلوماسي، وإن لم يثبت حتى الآن نجاحه في لجم التمادي الإسرائيلي، واستهداف ضاحية بيروت الجنوبية للمرّة الثانية في أقل من أسبوع، في وقت تطالب فيه دول غربية الدولة اللبنانية بـ«الوفاء بتعهداتها ووضع حدٍّ لإطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلّة، والبدء بنزع سلاح (حزب الله)» الذي تتذرّع به إسرائيل للمضيّ بسياسة الاغتيالات لقادة الحزب وكوادره.

ويبدو التعويل اللبناني على دورٍ أميركي حاسم في وقف انتهاك إسرائيل للسيادة اللبنانية مبالغاً فيه، إذ كشف مصدر دبلوماسي لبناني عن «رسالة تحمّلتها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في زيارتها المرتقبة خلال أيام إلى بيروت».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن أورتاغوس «تحمل في جعبتها عنوانين أساسيين: الأول ممارسة أقصى الضغوط لنزع سلاح (حزب الله)، والإسراع في تشكيل لجان تقنية وسياسية للتفاوض مع إسرائيل من أجل انسحابها من النقاط الخمس التي تحتفظ بها في جنوب لبنان، والثاني وضع ترتيبات سياسية لترسيم الحدود المتنازع عليها بين بيروت وتلّ أبيب، ورسم معالم المرحلة المقبلة بينهما».

إشارات غير مطمئنة

الغارة الإسرائيلية على منطقة الصفير، فجر الثلاثاء، هي الثانية التي تستهدف عمق الضاحية الجنوبية، وذلك بعد تدمير مبنيين في منطقة الحدث، يوم الجمعة الماضي، لكنّ الاستهداف الثاني منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حصل من دون إنذار مسبق للسكان بإخلاء المبنى المستهدف. وحذّر المصدر الدبلوماسي اللبناني الذي رفض ذكر اسمه من أنّ «الغارة الجديدة الإسرائيلية على الضاحية لن تكون الأخيرة». وقال: «تلقى لبنان في الساعات الماضية إشارات غير مطمئنة تفيد بأن تل أبيب ماضية بسياسة الاغتيالات، كما أنها أخذت على عاتقها مهمّة تدمير ترسانة (حزب الله) العسكرية، طالما أن خطوات الحكومة اللبنانية غير كافية»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تعدّ أن لبنان الرسمي لا يزال يساير الحزب، ويتجنّب الاحتكاك به، وحتى الآن الحكومة غير قادرة على الالتزام بتطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1559، وهو بندٌ أساسيٌ في القرار 1701».

لبنانيون يتفقدون الأضرار في موقع الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
لبنانيون يتفقدون الأضرار في موقع الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

اتصالات دبلوماسية

زادت الغارة الثانية على الضاحية من حرج الدولة، حيث كثّف وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي اتصالاته مع الدول المعنية ولا سيما الولايات المتحدة، لوضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية، بحسب مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن رجّي «أجرى اتصالات مكثّفة مع دول صديقة للبنان، خصوصاً مع الجانب الأميركي، الأكثر تأثيراً على إسرائيل». وأشار إلى أن وزير الخارجية «يقوم بدور فاعل منذ تعيينه على رأس الدبلوماسية اللبنانية لوضع حدّ لانتهاك إسرائيل للسيادة الوطنية وقتل لبنانيين بشكل شبه يومي». وقال المصدر: «أبقى وزير الخارجية اتصالاته مفتوحة مع الخارجية الأميركية ووزراء خارجية أوروبيين لشرح الموقف اللبناني الملتزم بالمطلق بتنفيذ القرار 1701، مقابل مضي إسرائيل في العدوان على لبنان»، مشدداً على أن لبنان «ملتزم بالمواجهة السياسية والدبلوماسية بمواجهة العدوان الإسرائيلي».

الدبلوماسية اللبنانية

وعلى رغم محدودية تأثيرها لجهة وقف التصعيد الإسرائيلي بشكل نهائي، فإن «الدبلوماسية اللبنانية قادرة أن تلعب دوراً مؤثراً في لجم العدوان الإسرائيلي أو التخفيف منه، وبالحدّ الأدنى تحييد بيروت وضواحيها عن الاستهداف»، حسبما قال سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد.

وأضاف شديد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يمتلك لبنان رصيداً دبلوماسياً مهمّاً، يمكن الاستفادة منه، لكن هذه الدول تطلب من لبنان أن يتعهّد أيضاً بمنع الخروق من الجانب اللبناني، أي وقف إطلاق الصواريخ والتعهّد بنزع سلاح (حزب الله)، سواء جنوب الليطاني وعلى كلّ الأراضي اللبنانية»، مشيراً إلى أنه «لا خيار أمام لبنان سوى العمل الدبلوماسي، فهو غير قادر على الدخول بحرب عسكرية مع إسرائيل، ولا يقبل تحويل لبنان إلى ساحة لتبادل الرسائل».