سكان ضاحية بيروت يسألون بذهول: هل جددت إسرائيل الحرب؟

اختبروا النزوح بعد 4 أشهر من وقف إطلاق النار

سكان نزحوا الى شارع آمن بعد قصف إسرائيلي لمنطقة سكنهم بضاحية بيروت الجنوبية  (أ ب)
سكان نزحوا الى شارع آمن بعد قصف إسرائيلي لمنطقة سكنهم بضاحية بيروت الجنوبية (أ ب)
TT
20

سكان ضاحية بيروت يسألون بذهول: هل جددت إسرائيل الحرب؟

سكان نزحوا الى شارع آمن بعد قصف إسرائيلي لمنطقة سكنهم بضاحية بيروت الجنوبية  (أ ب)
سكان نزحوا الى شارع آمن بعد قصف إسرائيلي لمنطقة سكنهم بضاحية بيروت الجنوبية (أ ب)

عمت الفوضى شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، فور نشر الجيش الإسرائيلي تحذيره إلى السكان هناك. شهدت المنطقة ازدحاماً مرورياً كثيفاً على مداخلها، وباتت بعض الشوارع شبه مقفلة يملأها الناس بسياراتهم ومشياً على الأقدام.

للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تختبر الضاحية النزوح مرة أخرى. السكان هنا يحاولون الفرار إلى أي مكان يكون أكثر أماناً، تسكن ملامح الخوف والقلق وجوههم. أما المحال التجارية الأساسية فأقفلت أبوابها، في حين أخذ البعض على عاتقه مهمة تسيير السير. وترافق هذا المشهد مع إطلاق نار كثيف لتنبيه الناس وإخلاء المنطقة بسرعة.

الدخان يتصاعد جراء قصف اسرائيلية لضاحية بيروت الجنوبية الجمعة (أ ب)
الدخان يتصاعد جراء قصف اسرائيلية لضاحية بيروت الجنوبية الجمعة (أ ب)

في منطقة السان تريز؛ حيث وقع الاستهداف، أقفلت المدارس أبوابها خوفاً من حصول كارثة إنسانية، ولم يجد الأهل سوى الدراجات النارية وسيلة لأخذ أولادهم من المدارس. أمام إحدى المدارس، يحمل رجل 3 أطفال على دراجة نارية صغيرة، ويسرع بها باتجاه «بوليفار كميل شمعون»... أما أصحاب المتاجر، فقد سارعوا إلى إقفال أبوابهم، رغم أن السوق تكون مزدحمة عشية عيد الفطر.

يقول أحد سكان المنطقة لـ«الشرق الأوسط»: «هي عملية خروج قسري من الضاحية... خرجنا من المباني القريبة من نقطة الاستهداف، ونحن نسأل: هل ستشن إسرائيل حرباً علينا مرة أخرى؟»، علماً بأن الضاحية كانت قد تعرضت لقصف شديد خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.

وقد أعاد الاستهداف الجديد إلى أذهان السكان في الضاحية مشاهد ومشاعر كانوا قد اختبروها في أوائل التحذيرات التي كان يعلنها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، وكانت تجعل الناس في حالة تخبُّط وهلع كبيرين.

خوف عام

حالة من الخوف أصيب بها ليس فقط سكان المبنى الذي تمّ استهدافه، وإنما غالبيّة سكان الضاحية. يقول يوسف (36 سنة) وهو من سكان برج البراجنة: «نحن خائفون، حتّى إن شوارع الضاحية الآن باتت صامتة دون أي حركة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ما حصل اليوم هو استمرار للعدوان الذي يحصل يومياً في الجنوب اللبناني، وأن لا حل سياسياً قائماً في الوقت الراهن. العدو يختلق الذرائع لقصفنا مجدداً، ربما لفرض التطبيع معه، وهو أمر صعب للغاية».

يُخبرنا عن مشاعره: «أصابني نوع من اليأس من عدم إيجاد حلول. رأيت النساء والأطفال يركضون في الشوارع هناك. الناس تعيش مشاعر الألم، حتّى إن بعضهم نزح من الضاحية باتجاه بيروت الإدارية والكورنيش البحري».

طفلة تنتحب بعد غارة اسرائيلية استهدفت منطقة الحدت في ضاحية بيروت الجنوبية (أ ب)
طفلة تنتحب بعد غارة اسرائيلية استهدفت منطقة الحدت في ضاحية بيروت الجنوبية (أ ب)

وفي حال تطورت رقعة الاستهدافات، يقول: «لا أتمنى ذلك، ولكنني سأضطر للخروج ووالدتي المسنَّة، إلى مكان آمن... لا أعرف الوجهة بعد». ويختم: «قد يكون استهدافاً واحداً وانتهى. لكننا للأسف عدنا إلى دوامة التهويل والقصف والتحذيرات وغياب الاستقرار ذاتها؛ فإسرائيل لا تؤتمن».

قلق وتوتر

تحكي منى (35 سنة) وهي من سكان عرمون كيف سيطرت عليها مشاعر القلق والخوف منذ بدء الغارات على المناطق المختلفة في جنوب لبنان صباح الجمعة، وتقول: «رغم أنني أسكن في منطقة شبه آمنة في بيروت، فقد أصابتني حالة من القلق والتوتر الكبيرين، مع بدء التهديدات للضاحية الجنوبية لبيروت، وشعرت بأن يدَيّ ترتجفان».

وتضيف: «كان همي الأول الوصول إلى مدرسة ابني في منطقة الشويفات، كي لا يرتعب من صوت الاستهدافات»، وتتابع: «مشاهد القصف لا تزال محفورة في ذهني. انصبَّ كل تفكيري حينها على مشهد اليوم الأول للحرب، وأنها حتماً ستتكرر».

وعن تفاصيل ما عاشته اليوم، تقول: «ما زاد من توتري هو مشهد الأهالي الذين قدموا لاصطحاب أطفالهم من المدرسة، والخوف الذي سيطر عليهم، وكان من الصعب جداً إخبار أطفالنا بحقيقة ما يجري أو قد يحصل».

وعما هو قادم تضيف: «أخاف أن تندلع الحرب بشكل موسع، وأن أعيش تجربة النزوح بكل مرارتها مجدداً، ما سيشكل ضغطاً نفسياً كبيراً عليّ».


مقالات ذات صلة

تحليل إخباري رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز (الوكالة الوطنية للإعلام)

تحليل إخباري جيفرز إلى بيروت مجدداً... و«حزب الله» يربط سلاحه بتحرير الجنوب

يترقّب اللبنانيون ما سيحمله رئيس هيئة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز في لقاءاته الأربعاء المقبل في بيروت.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني أمام سيارة تفحمت بسبب غارة إسرائيلية في جنوب لبنان الأسبوع الماضي (أ.ب)

غارة إسرائيلية تقتل عنصراً في «حزب الله» جنوب لبنان

قتل شخص في ضربة نفّذتها مسيّرة إسرائيلية على بلدة حلتا بجنوب لبنان، في وقت يواصل مسؤولو «حزب الله» انتقاد أداء الدولة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين ببلدة الطيبة جنوب لبنان يوم 6 أبريل (أ.ف.ب)

قرار نزع سلاح «حزب الله» يربك بيئته: من قوة «منتصرة» إلى نقمة

بعد الإحباط الذي سيطر على بيئة «حزب الله» أعاد الخطاب الجديد لقيادة الحزب بثّ بعض النبض في أوساط مناصريه ومؤيديه

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحد عناصر الأمن العام السوري يحمل أسلحة مضادة للدروع عقب ضبط مخزن أسلحة في ريف دمشق (أرشيفية - الأمن العام)

ضبط أسلحة بريف حمص مخبأة في حافلة قادمة من لبنان

أفادت قناة «الإخبارية» السورية، السبت، بضبط شحنة أسلحة في ريف حمص كانت مخبأة في حافلة قادمة من لبنان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

استهداف مفاجئ يربك ضاحية بيروت الجنوبية

دخان كثيف يتصاعد من موقع ضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)
دخان كثيف يتصاعد من موقع ضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)
TT
20

استهداف مفاجئ يربك ضاحية بيروت الجنوبية

دخان كثيف يتصاعد من موقع ضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)
دخان كثيف يتصاعد من موقع ضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)

استأنفت إسرائيل أمس استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار مفاجئ أطلقه الجيش الإسرائيلي على لسان الناطق باسمه أفيخاي أدرعي، محذراً السكان الموجودين حول مبنى في منطقة الحدث - حي الجاموس - بالابتعاد؛ ما أثار حالةً من الذعر والخوف، وموجة نزوح من المنطقة والمناطق المجاورة.

وعلى الفور، دعا الرئيس اللبناني جوزيف عون، في بيان، الولايات المتحدة وفرنسا إلى «إجبار» الدولة العبرية على «التوقف فوراً» عن ضرباتها. وجاء في بيان الرئاسة: «على الولايات المتحدة وفرنسا، كضامنتين لتفاهم وقف الأعمال العدائية، أن تتحملا مسؤولياتهما وتجبرا إسرائيل على التوقف فوراً عن اعتداءاتها».

كذلك، دان رئيس الحكومة نواف سلام مواصلة إسرائيل اعتداءاتها، مؤكداً أن «لبنان يلتزم بنود القرار (1701) كاملاً، وأن الجيش اللبناني يواصل عمله ويوسع انتشاره في الجنوب كما في سائر الأراضي اللبنانية لبسط سلطة الدولة، وحصر السلاح بيدها وحدها».

وكانت مسيَّرة إسرائيلية نفذت، صباح أمس، غارة بصاروخ موجّه، استهدف المواطن عامر عبد العال أثناء عمله في مزرعته في منطقة العرقوب.