شبكة الأغا خان للتنمية... دورها في حفظ السلم الأهلي في سوريا

الممثل المقيم في دمشق لـ«الشرق الأوسط»: مناطق الساحل بحاجة ملحة لإعادة بناء الثقة والتماسك المجتمعي

لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع رحيم أغا خان رئيس شبكة أغا خان للتنمية في بروكسل الاثنين الماضي
لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع رحيم أغا خان رئيس شبكة أغا خان للتنمية في بروكسل الاثنين الماضي
TT

شبكة الأغا خان للتنمية... دورها في حفظ السلم الأهلي في سوريا

لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع رحيم أغا خان رئيس شبكة أغا خان للتنمية في بروكسل الاثنين الماضي
لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع رحيم أغا خان رئيس شبكة أغا خان للتنمية في بروكسل الاثنين الماضي

في كلمته أمام مؤتمر المانحين في بروكسل، طالب رئيس شبكة «الأغا خان» للتنمية، رحيم أغا خان، جميع الأطراف بنبذ العنف والالتزام بالسلام. كما طالب الحكومة السورية الجديدة بالوفاء بوعدها بحكومة شاملة للجميع. وذلك بعد تعهده باستثمار ما لا يقل عن 100 مليون دولار في تعافي سوريا على مدى العامين المقبلين. الأمر الذي لاقى ترحيباً من السوريين، في ظل مخاوف من تأثير هشاشة الأوضاع في سوريا، على عرقلة رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، وتعيق وصول المساعدات ودفع عجلة الاقتصاد المعطل.

هل تشير مبادرة شبكة «الأغا خان» التي تمثل الطائفة الإسماعيلية في العالم، إلى دور محتمل للشبكة في تخفيف الاحتقان وتعزيز السلم الأهلي في سوريا خلال المرحلة المقبلة، سيما وأن الشبكة عازمة على تركيز مساعداتها الطارئة في مناطق الساحل السوري، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها الشهر الحالي؟

الممثل المقيم لشبكة «الأغا خان» للتنمية في سوريا غطفان غنوم

الممثل المقيم لشبكة «الأغا خان» للتنمية في سوريا، غطفان غنوم، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لاشك في أن المبادرات تسهم في تعزيز السلم الأهلي، ولدى الشبكة توجه لإطلاق مبادرات في الساحل تستهدف دعم مشاريع تشمل كل أطياف المجتمع هناك. ومن خلال جولاتنا لمسنا حاجة شديدة إلى المساعدات المعيشية والإنسانية، فهناك بيوت لا يوجد فيها حتى الخبز، غير أنه يرى أنه بقدر هذا الاحتياج، هناك حاجة ملحة أخرى، لإعادة بناء الثقة وجبر الخواطر، والتماسك الاجتماعي وجمع الناس معاً لتلبية احتياجاتهم الخاصة.

وستتركز المبادرات على تأمين سبل العيش العاجلة مثل طحين الخبز، وتوفير الطاقة ودعم إنشاء التعاونيات الزراعية، لمعالجة مشكلات القطاع الزراعي الناجمة عن تفتيت الملكية، ودعم التعليم.

وتعدّ سوريا مركزاً رئيسياً لتجمع أبناء الطائفة الإسماعيلية النزارية في الشرق الأوسط، خاصة في مدينة السلميّة، بريف حماة الشرقي، إضافة إلى مناطق مثل مصياف والقدموس ونهر الخوابي في طرطوس، وانتقل عدد منهم للعيش في مدن كبرى مثل دمشق وحلب.

أراض في منطقة سلمية بريف حماة الشرقي جافة ومشققة بسبب ندرة المياه (شبكة أغا خان)

ويقدر عدد أبناء الطائفة الإسماعيلية النزارية، في سوريا، بنحو 400 ألف نسمة، فيما يقدر عددهم في العالم ما بين 12 و15 مليون نسمة، تتوزع في أكثر من 35 دولة في العالم.

وحالياً، تركز شبكة «الأغا خان» للتنمية التي تنشط في أكثر من ثلاثين دولة، على تعزيز جهودها للتصدي للأزمة الإنسانية في سوريا، وذلك في ضوء الظروف الراهنة. بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

الأمن العام يقوم بتأمين طلاب ريف طرطوس خلال تنقلهم في الساحل السوري (سانا)

وهذا العام، تقوم الشبكة بتمويل أكثر من 25 جمعية وتجمعاً مدنياً؛ «بهدف تعزيز مفاهيم العمل المشترك والمواطنة والسلم الأهلي»، وفق كلمة رئيس الشبكة رحيم أغا خان، في مؤتمر بروكسل، الاثنين الماضي، مشيراً إلى أن الشبكة تعمل في كل المحافظات السورية، وستستمر في دعم العوائل الهشة بالمساعدات الإنسانية الطارئة، وكذلك دعم المشاريع الصغيرة الفردية والتعاونية، من خلال برامج المؤسسة ومصرف التمويل الصغير الأول.

برامج التنمية الطفولة المبكرة في سوريا لمواكبة التحديات الناجمة عن النزاع والتعافي ونقص الموارد (شبكة أغا خان)

كذلك، دعم المراكز الصحية التي تغطي الرعاية الأولية وكذلك التعليم والطفولة المبكرة، إضافة برامج تسريع الازدهار وحاضنات الأعمال التكنولوجية، ودعم مشاريع الطفولة المبكرة. وكذلك إعادة تأهيل الأسواق التجارية والأبنية التاريخية في حلب والقدموس وسلمية. وكذلك المشاريع التي تخفف أثر التغير المناخي، وتعيد تكوين التنويع الحيوي والبيئي.

وبحسب غطفان عجوب، «تواجه الشبكة في تنفيذ مبادراتها في سوريا صعوبات أمنية، تتعلق بحياة وسلامة فرق العمل والناس المستهدفة بالمبادرات، كما تواجه مشكلة في السيولة المالية بسبب تقييد سحب الكاش من البنوك و⁠الزيادة المضطردة للاحتياجات المختلفة، مع الانهيارات السريعة لمعيشة أكثر السوريين بسبب التوقف عن دفع الرواتب، وإيقاف العاملين عن العمل بشكل جماعي، بالإضافة إلى ⁠تذبذب السريع في سعر الصرف».

أسواق مدينة جبلة في محافظة اللاذقية الساحلية (سانا)

وعما إذا كانت الشبكة تقوم بمبادراتها عن طريق الحكومة في دمشق قال عجوب: «بحكم طبيعة عملنا ننسق مع وزارة الخارجية وإدارة العمل الإنساني من أجل الاتفاق على المشاريع المختلفة؛ كي لا يحصل تعارض أو ازدواجية في تنفيذ هذه الأعمال»، لافتاً إلى أنه «بحكم القانون نستطيع العمل وحدنا دون حاضن كمنظمة الهلال الأحمر السوري أو المنظمة السورية للتنمية، لكن لا بد من التنسيق لعدم ازدواجية المشاريع وتكرارها بين المانحين».

وفيما يتعلق بتأكيد الحكومة السورية عدم قبولها فرض أجندات خارجية عليها عبر المساعدات؟ قال عجوب: «من المؤكد لا يمكن فرض أجندات مخالفة للتوجهات العامة للحكومة، لكن من خلال التجربة لا تتدخل الحكومة بمضمون المشاريع، إلا أنه من المفروض أن تعلم بها من أجل عدم التكرار، وهذا منطقي».

ومع أن شبكة «الأغا خان» للتنمية تخص الطائفة الإسماعيلية، فإنها ليست منظمة دينية، ونشاطها لا يقتصر على مجتمع أو بلد أو منطقة محددة. وتتمثل رؤية الشبكة في «السعي لتحقيق تغيير إيجابي طويل الأمد، مع التركيز على مساعدة الشعب السوري في تحسين جودة حياته»، وفق ما تقوله الشبكة في موقعها الإلكتروني، وأنها تعتمد على التقليد الإسماعيلي للخدمة التطوعية، حيث يتطوع الأفراد للمساهمة في تنفيذ وصيانة المشاريع، خاصة فيما يتعلق بالمرافق الصحية والتعليمية.


مقالات ذات صلة

سوريا تشكر السعودية وقطر على سداد المستحقات المتأخرة للبنك الدولي

الخليج سوريا تشكر السعودية وقطر على سداد المستحقات المتأخرة للبنك الدولي

سوريا تشكر السعودية وقطر على سداد المستحقات المتأخرة للبنك الدولي

عبّرت سوريا عن شكرها وتقديرها العميق لكلٍّ من السعودية وقطر للإعلان عن سداد المتأخرات المالية المستحقة عليها لدى البنك الدولي، والتي بلغت 15 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج جانب من اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن (واس)

الرياض والدوحة تسدّدان متأخرات دمشق لدى «البنك الدولي»... ومطالبة المؤسسات الدولية باستئناف أعمالها

أكد بيان مشترك صادر عن وزارتي المالية في السعودية وقطر، اليوم الأحد، سداد متأخرات سوريا لدى «مجموعة البنك الدولي»، التي تبلغ نحو 15 مليون دولار.

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي امرأة سورية تتحدث مع موظفة في محل صرافة بدمشق (أ.ف.ب)

آمال التعافي السوري معلقة على رفع العقوبات الأميركية

وزير المالية السوري: «الطاولة المستديرة بشأن ⁧‫سوريا‬⁩ على هامش اجتماعات ⁧‫صندوق النقد‬⁩ والبنك الدوليين حدث غير مسبوق، والفضل يعود للمملكة العربية ⁧‫السعودية».

سعاد جروس (دمشق )
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (د.ب.أ)

الرئاسة السورية: دعوة قيادة «قسد» للفيدرالية تهدد وحدة البلاد وسلامتها

قالت الرئاسة السورية، اليوم (الأحد)، إن تصريحات قيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حول الفيدرالية تتعارض مع مضمون الاتفاق الموقَّع معها وتهدد وحدة البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

عون: «حصر السلاح» قرار اتُّخذ ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب

الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)
TT

عون: «حصر السلاح» قرار اتُّخذ ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب

الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم الاثنين، إن الانسحاب الإسرائيلي من التلال الخمسة التي يوجد بها في جنوب لبنان ضروري للإسراع باستكمال انتشار الجيش حتى الحدود، بحيث تتولى الدولة وحدها مسؤولية أمن الحدود.

وأوضح الرئيس اللبناني، في تصريحات، خلال استقباله وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي، أن الجيش منتشر على الحدود الشمالية الشرقية، ويقوم بواجباته كاملة، ويتولى أيضاً مكافحة الإرهاب، ومنع عمليات التهريب، وحفظ الأمن الداخلي.

وشدد عون على أن حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية «قرار اتُّخذ، ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب».

وأوضح الرئيس اللبناني أن لجاناً مشتركة لبنانية سورية ستتشكَّل لمعالجة الموضوعات العالقة، بما في ذلك ترسيم الحدود البرية والبحرية، وأوضاع النازحين السوريين الموجودين بلبنان لأسباب اقتصادية.

وأضاف عون: «بدأنا اتخاذ الإصلاحات الضرورية، وسيجري استكمالها لأنها حاجة لبنانية قبل أن تكون مطلباً خارجياً». ولفت إلى أن «التركيز على مكافحة الفساد جزء أساسي من الإصلاحات؛ بهدف خدمة المواطن، وتعزيز النظام العام».

وأكد أن «الانتخابات البلدية ستُجرى في موعدها، ودور الدولة هو تأمين العملية الانتخابية أمنياً وإدارياً، في حين يبقى الخيار للبنانيين في اختيار من يمثلهم في المجالس البلدية والاختيارية».

وقال: «ما نسعى إليه في كل ما نقوم به هو بناء الدولة وإعادة الثقة بها، في الداخل والخارج».