بغداد: توقيتات انسحاب قوات التحالف من العراق ثابتة

وسط تضارب الأنباء حول «رغبتها غير المعلنة» في بقاء القوات الأجنبية

العوادي يتحدث في إيجاز صحافي بُث على موقع رئاسة الوزراء العراقية
العوادي يتحدث في إيجاز صحافي بُث على موقع رئاسة الوزراء العراقية
TT

بغداد: توقيتات انسحاب قوات التحالف من العراق ثابتة

العوادي يتحدث في إيجاز صحافي بُث على موقع رئاسة الوزراء العراقية
العوادي يتحدث في إيجاز صحافي بُث على موقع رئاسة الوزراء العراقية

بينما تتناقل بعض المصادر غير الرسمية أنباءً عن «طلب» من بغداد إلى واشنطن بتمديد بقاء القوات الأميركية وقوات الائتلاف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» لفترة أطول، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، في تصريحات صحافية، أن «المواعيد المتفق عليها بين العراق وقوات التحالف الدولي، التي صدرت عن اللجنة العسكرية العليا، لا تزال قائمة ولم تشهد أي تغيير حتى الآن».

ويرجّح مراقبون وباحثون أن بغداد قد ترغب في إطالة أمد وجود القوات الأجنبية، خاصة في ظل الضعف الجوي الذي تعانيه القوات العراقية، مما يعوق قدرتها على حماية أجوائها في حال تعرضت لهجمات خارجية، بالإضافة إلى حاجة الجيش العراقي إلى الاستشارات العسكرية وبرامج التدريب.

اتفقت حكومتا العراق والولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي على إنهاء مهمة «الائتلاف الدولي لمحاربة تنظيم داعش» في العراق بحلول نهاية الشهر ذاته من العام الحالي، والانتقال إلى «علاقات أمنية ثنائية» تُعزز دعم القوات العراقية وتضمن استمرار الضغط على التنظيم الإرهابي. وجاء هذا القرار استجابة لضغوط متزايدة من «الفصائل والأحزاب الشيعية الموالية لإيران»، التي تُصر على تصنيف الوجود العسكري الأجنبي –خاصة الأميركي – باعتباره «احتلالاً» وليس تعاوناً بين حلفاء.

العلاقات مع سوريا

فيما يتعلق بالعلاقات مع سوريا، أكد العوادي أن «العراق وحكومته كانا سبّاقين بالاهتمام بالواقع السوري الجديد، وصدرتْ عن بغداد ملامح وعلامات الترحيب والاستعداد للتعاون، والأهمّ هو القرار العراقي الجدّي بعدم التدخّل بالشؤون السورية والقبول بما تفرزه المعادلة السورية الجديدة، وقبول أبناء سوريا لواقعهم وإدارتهم الجديدة».

كما أكد العوادي أنباء زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بغداد لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين.

قافلة للقوات الأميركية على الحدود بين سوريا والعراق (أرشيفية - رويترز)

ويقول المحلل السياسي نزار حيدر إن «العراق طلب مراراً من الولايات المتحدة حمايته من أي تداعيات سلبية ناتجة عن الأحداث السورية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر».

وأضاف حيدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تصريحات مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، قبل أيام، التي أشادت بـ«فاعلية التدخل الأميركي في منع إسرائيل من ضرب العراق»، تُعد مؤشراً على حاجة العراق للقوات الأميركية والدولية. وأكد أن «هناك ميلاً رسمياً عراقياً حقيقياً لتمديد وجود القوات الأميركية وقوات التحالف».

وأوضح حيدر أن «العراق ما زال بحاجة فعلية إلى التحالف الدولي، الذي لا يزال ينفذ عمليات جوية ضد الجماعات الإرهابية، مما يدل على تمسك العراق ببقاء هذه القوات». كما أشار إلى أن «نصوص الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين بغداد وواشنطن عام 2008 تلزم الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي والديمقراطية في العراق من أي مخاطر داخلية أو خارجية»، مما يعطي العراق الحق في طلب تمديد وجود القوات الأجنبية إذا رأى ضرورة لذلك.

تعزيز القدرات الأمنية

من جهة أخرى، قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، إن «الحكومة تولي اهتماماً كبيراً بالتعاقد مع كبريات الشركات لتعزيز الجاهزية الأمنية ورفع القدرات اللوجيستية والفنية، خاصة في ظل الاستقرار الأمني الذي تشهده البلاد والتقدم المحرز في القضاء على عصابات (داعش)».

وأضاف النعمان، في تصريح للوكالة الرسمية، أن «جهود الحكومة تصب في تعزيز القدرات الفنية واللوجيستية لجميع الأجهزة الأمنية بما يتناسب مع المهام الموكلة إليها». وكشف عن «اهتمام كبير» بالتعاقد مع شركات عالمية لتحقيق مستويات عالية من الجهوزية في ظل الاستقرار الأمني الحالي.

وأشار إلى أن «التحديات الأمنية واضحة للقيادات الأمنية، وقد تم وضع خطط لمواجهتها وإيجاد الحلول المناسبة». كما لفت إلى أن «العراق أصبح اليوم واجهة للعالم ومراقباً من قبل الدول الإقليمية والعالمية، بعد أن كان في السابق مصدراً لعدم الاستقرار في المنطقة».

واختتم النعمان تصريحه بالتأكيد أن «القيادات الأمنية والسياسية مطمئنة على الوضع الأمني في العراق، وقدرات القوات الأمنية، ومتانة حدود البلاد مع الدول المجاورة».


مقالات ذات صلة

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

المشرق العربي سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

كشف وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، عن إبلاغ بلاده واشنطن بأن طهران تستخدم وثائق عراقية مزورة لتصدير نفطها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)

العراق وأميركا يناقشان استمرار التعاون ضد الإرهاب

أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، السفير دانيال روبنستاين، الأحد، «أهمية دور العراق المحوري بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عبد المهدي خلال كلمة له في مؤتمر اليمن (مواقع التواصل)

تحليل إخباري ما «مضمون» زيارة عادل عبد المهدي اليمن؟

ما زال الظهور الأخير لرئيس وزراء العراق الأسبق، عادل عبد المهدي، في اليمن رفقة بعض القيادات الحوثية يثير مزيداً من التكهنات والجدل بشأن طبيعة الزيارة وأهدافها.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (إعلام البرلمان)

العراق: شعبية السوداني ودخول الصدر يربكان خطط القوى السياسية للانتخابات البرلمانية المقبلة

مع أن موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، في نسختها السادسة، لا يزال بعيداً نسبياً (نهاية السنة الحالية)، فإن الاستعدادات لها بدأت مبكراً...

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

تفاهم أميركي - كردي على الإسراع بتصدير نفط كردستان

حثّ مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل والتز، إقليم كردستان على الإسراع بتشكيل الحكومة واستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.

فاضل النشمي (بغداد)

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)
سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)
TT

بغداد تتهم طهران بتزوير وثائق عراقية لتصدير نفطها

سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)
سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)

بعد يومين من إعلان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أنه لا علاقة للعراق بما تسمى «وحدة الساحات»، كشف وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، عن إبلاغ بلاده واشنطن بأن طهران تستخدم وثائق عراقية مزورة لتصدير نفطها.

وكانت واشنطن اتهمت بغداد، الأسبوع الماضي، بتصدير شركة «سومو» العراقية النفطَ الإيراني، بينما كشف عبد الغني عن أن ناقلات النفط الإيرانية، التي احتجزتها القوات الأميركية في الخليج، كانت تستخدم وثائق عراقية مزورة.

وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الرد الإيراني على رسالة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التي بعث بها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، فإن بغداد أخذت تنأى بنفسها عن التوتر الحالي بين طهران وواشنطن، فضلاً عن استمرار الفصائل العراقية المسلحة في التزام الصمت، في وقت بدأت فيه تصريحات كبار المسؤولين العراقيين ترتفع عالياً بشأن فك ارتباط العراق بـ«وحدة الساحات»، وهو المصطلح الذي أطلقته طهران بهدف توحيد أذرعها في المنطقة بعد «طوفان الأقصى».

جنود من البحرية العراقية على متن سفينة مجهولة يشتبه بأنها تهرّب نفطا في أم القصر يوم 18 مارس 2025 (رويترز)

وسبق أن أعلن وزير الخارجية العراقي بوضوح أن بلاده لم تعد ضمن «محور وحدة الساحات»، من دون أن يلقى اعتراضاً أو رداً من قبل الفصائل المسلحة أو من داعميها في العراق، بمن فيهم القوى السياسية ضمن «الإطار التنسيقي» الذي دعا بعضُ أطرافه إلى استجواب حسين في البرلمان، لكن ليس بشأن تصريحاته إزاء نأي العراق عن «وحدة الساحات»، بل لأنه دعا وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لزيارة العراق، رغم أن الأخير استُقبل بحفاوة من قبل الرئاسات العراقية الثلاث.

الوزير عبد الغني، في حوار تلفزيوني مساء الأحد، قال: «تلقينا استفسارات شفهية بشأن ناقلات نفط احتجزتها القوات البحرية الأميركية في الخليج، وكانت تحمل بيانات شحن عراقية»، مضيفاً أنه «لم تكن هناك أي اتصالات رسمية مكتوبة». وتابع: «اتضح أن هذه الناقلات إيرانية وتستخدم وثائق عراقية مزورة. شرحنا ذلك للجهات المعنية بشفافية تامة، وقد أكدت ذلك أيضاً».

وأكد عبد الغني أن «(شركة تسويق النفط - سومو) العراقية تبيع النفط الخام حصراً للشركات التي تملك مصافي التكرير، ولا تُورّده لشركات تجارية»، مضيفاً أن «كثيراً من التجار يقفون وراء هذه الخطة». وأكد أن «(سومو) تعمل بشفافية تامة، ولم ترتكب أي مخالفات في عملية تصدير النفط العراقي».

وثائق مزورة

يذكر أن القوات البحرية الأميركية احتجزت ناقلات إيرانية تحمل نفطاً بوثائق تشير إلى أنه عراقي، رغم أن النفط في الواقع إيراني المصدر، لكن الوزير العراقي أكد أن «الوثائق كانت مزورة؛ إذ قامت هذه الناقلات الإيرانية بتزييف أوراق رسمية عراقية لبيع النفط إلى الأسواق العالمية على أنه عراقي».

سفينة ضبطتها البحرية العراقية للاشتباه في تهريبها نفطاً يوم 18 مارس 2025 (رويترز)

إلى ذلك، أعلن الوزير عبد الغني عن إنشاء منصة ثابتة لاستيراد الغاز من الخارج، في منطقة الفاو بالبصرة، جنوب العراق، بدلاً من الغاز الإيراني. وقال: «العراق ينتج أكثر من 60 في المائة من الغاز، ويستورد نحو 40 في المائة منه»، مضيفاً أنه «في وقت الذروة، تزداد نسبة استيراد العراق من الغاز وتصل إلى حدود 50 في المائة». وأكد أن «هناك زيادة في استثمار الغاز، وأنجزنا استثمار غاز حقل الفيحاء بطاقة 130 مليون قدم مكعبة يومياً»، مبيناً أن «نسبة استثمار الغاز المصاحب بالعراق وصلت إلى 67 في المائة، وبنهاية العام ستصل إلى 70 في المائة»، وأنه «ستحوَّل هذه الكميات المستثمرة من الغاز إلى محطات الكهرباء».

وأشار عبد الغني إلى أن «(شركة غاز البصرة) تستثمر الغاز في 3 حقول نفطية... وفي منتصف العام الحالي ستدشَّن وتُفتتح وحدة المعالجة الثانية بطاقة 200 مليون قدم مكعبة».

وأوضح عبد الغني، في حديثه عن المشروعات الغازية، أن «هناك مناقصة مطروحة لإنشاء منصة ثابتة في الفاو ستمكننا من استيراد كميات كبيرة من الغاز»، منوّهاً بأنه «بعد وصول العراق إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتحقيق الفائض من الغاز، فإنه سيصدَّر عبر المنصة الثابتة».

لا وساطة من عبد المهدي

وفي سياق ما بدا سعياً عراقياً للنأي بالنفس عن التوتر الحالي الحاصل بين واشنطن وطهران، أكد مصدر عراقي موثوق لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا علاقة للعراق الرسمي بالزيارة الحالية التي يقوم بها رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي إلى صنعاء ولقائه القادة الحوثيين».

وكانت زيارة عبد المهدي أثارت كثيراً من التكهنات بشأن ما إذا كانت وساطة عراقية يقوم بها مسؤول عراقي كبير سابق، أم هي محاولة لحمل رسائل متبادلة بين الأميركيين والحوثيين عن طريق مسؤول عراقي حتى ولو كان سابقاً. وفي حين أشارت وسائل إعلام مختلفة إلى أن هذه الزيارة لا تخلو من إمكانية حمل رسائل بين الأميركيين والحوثيين تحت غطاء شبه رسمي عراقي، فإن المصدر المسؤول أكد أن «زيارة عادل عبد المهدي إلى صنعاء كانت بدعوة رسمية من جامعة صنعاء للمشاركة في أعمال (المؤتمر العلمي الدولي الثالث) تحت عنوان (فلسطين قضية الأمة المركزية)» مبيناً أن «عبد المهدي لا يحمل معه أي رسالة من أي جهة، ولم يكلف أي وساطة من أي جهة».