جولة الشرع في المحافظات السورية رسائل تستبق المؤتمر الوطني

تحدث عن خطط مرحلية لعامين بعدها توضع الخطط الاستراتيجية

استقبال شعبي للرئيس أحمد الشرع في اللاذقية (فيسبوك)
استقبال شعبي للرئيس أحمد الشرع في اللاذقية (فيسبوك)
TT

جولة الشرع في المحافظات السورية رسائل تستبق المؤتمر الوطني

استقبال شعبي للرئيس أحمد الشرع في اللاذقية (فيسبوك)
استقبال شعبي للرئيس أحمد الشرع في اللاذقية (فيسبوك)

بالتوازي مع انطلاق أول جلسة حوارية للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني في قصر الثقافة بمدينة حمص وسط سوريا، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى مدينتي اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري، الأحد، ضمن جولة له على المحافظات السورية بدأها السبت بزيارة إلى محافظتي إدلب وحلب، والريف الشمالي الغربي، وذلك قبل أسابيع من عقد المؤتمر الوطني المتوقع.

وصل الشرع إلى اللاذقية وسط استقبال جماهيري حاشد، أقيم في ساحة الشيخ ضاهر في الوسط النجاري للمدينة، حيث تقع مدرسة الشهيد جول جمال، ذات الرمزية التاريخية والوطنية، وقد أنشئت في العشرينات من القرن الماضي كأول مدرسة في الساحل درس فيها نخبة المتعلمين في الساحل السوري. وعبر تاريخ وقبل وصول «البعث» إلى السلطة، كانت المدرسة الحيز الأبرز لتشكل الوعي الوطني، ومنطلقاً للمظاهرات الطلابية ومسرحاً للتجاذبات السياسية الحزبية بين «البعث» و«الإخوان المسلمين» و«القومي السوري». إلا أن تاريخ المدرسة وأهميتها لأهالي اللاذقية والساحل لم يجنباها الإهمال، حيث تم إغلاقها خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

الشرع في اللاذقية أمام مدرسة جول جمال العريقة (فيسبوك)

الرسالة التي حملها الشرع إلى أهل الساحل كانت واضحة باختياره الظهور أمام مدرسة جول جمال، للتأكيد على الدور الوطني لمدينة اللاذقية التي صادرتها عائلة الأسد واعتمدتها معقلاً لها ولحاضنتها الشعبية التي لم تسلم من وحشية التسلط.

«الصبر» من حلب

وكان واضحاً أن الشرع حمل في جولته الأولى إلى المحافظات رسائل بأن ما نحتاج إليه الآن هو «الصبر»، فالأمور تأخذ مسارها نحو حل الأزمات التي يعانون منها، واحدة بعد الأخرى، وفق ما قاله في جلسة حوارية مفتوحة، جمعت عدداً من وجهاء وفعاليات اقتصادية واجتماعية في حلب وريفها، من الرجال والنساء.

الشرع يشارك في جلسة حوارية مفتوحة بحلب جمعت نخب المدينة الدينية والاجتماعية (سانا)

وأظهر الشرع خلال الاجتماع اهتمامه بالطروحات التي قدمها المجتمعون، فحرص على تدوين ملاحظاته بنفسه، وفق ما أفادت به مصادر متقاطعة حضرت الاجتماع، وأن النقاش تناول واقع البلاد وسبل النهوض على مختلف المستويات.

وقد ركز الرئيس الشرع على أهمية حلب الاقتصادية، ودورها في النهوض بالإنتاج الصناعي الوطني، كاشفاً عن أن قادة وممثلي الدول الذين التقاهم أظهروا اهتماماً خاصاً بحلب وجاهزيتها للإقلاع.

كما عبر الشرع عن ثقته بأن سوريا لديها القدرة على النهوض والتطور بفضل كوادرها البشرية الراغبة في بنائها. ورداً على الأسئلة المتعلقة بخطط الحكومة المستقبلية، أوضح الرئيس الشرع أن التركيز حالياً على خطط مرحلية للعامين الحالي والقادم، بعدها سيتم وضع الخطط الاستراتيجية.

الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع يزور مخيم يؤوي النازحين في مدينة إدلب شمال غربي البلاد السبت الماضي (إ.ف.ب)

وحسب المصادر، حرص الشرع في لقائه مع السوريين، على توصيل رسائل تطمين مباشرة، منها حديثه عن أنه من الشعب السوري وقد عانى مع أسرته ما عاناه السوريون عموماً من قساوة العيش والتعرض للاعتقال وفقد الأهل. وقال: «المعركة لم تنتهِ بعد، وما زلنا في الفكرة وليس حالة نشوة النصر»، وإن سوريا «دولة مواطنة، الجميع تحت سقف القانون، وليست دولة طوائف ومكونات».

وطلب أن يثق السوريون به في «معالجة قضايا السلم، كما وثقوا به في التخطيط للتحرير وتحقيق النصر». وكرر ما سبق وقاله في تصريحات سابقة، بأن «ما بين العدالة الانتقالية والسلم الأهلي شعرة يعمل عليها».

الرئيس الشرع يلتقي وجهاء وأعيان منطقة عفرين وريفها السبت (سانا)

عفرين وأكراد سوريا

ووفق المصادر، خلفت زيارة الشرع إلى حلب شعوراً عاماً بالارتياح، لا سيما زيارته إلى مدينة عفرين وريفها ولقائه مع وجهائها ورئيس مجلس محلية عفرين للمجلس الوطني الكردي، تأكيداً منه على أن الأكراد السوريين جزء من الشعب السوري، وكذلك كانت زيارته للمخيمات شمال غربي سوريا، وإعلانه من هناك أنهم على رأس أولويات حكومته التي ستعمل على إعادتهم إلى بيوتهم ومناطقهم وقراهم.

وكان لافتاً أن الشرع بدأ أول جولة له في المحافظات بعد تسلمه الرئاسة للمرحلة الانتقالية من إدلب والمخيمات، حيث أظهرت صور ومقاطع فيديو لجولة الشرع الحفاوة الشعبية التي لاقاها، وعبر عنها السوريون الذين استقبلوه بهتافات «نيال اللي ما بينسى أهله».

الجلسة الحوارية التحضيرية التي انطلقت من حمص الأحد (سانا)

ومن المتوقع أن تكون جولة الشرع في إدلب وحلب واللاذقية وطرطوس جزءاً من سلسلة زيارات إلى محافظات ومدن أخرى خلال الأيام المقبلة، وذلك بالتوازي مع انطلاق أولى الجلسات التشاورية التي تجريها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري في مدينة حمص، كخطوة نحو وضع محاور للمؤتمر العام، واختيار ممثلين عن كل محافظة، وترتيب جدول الأولويات، بعد سلسلة جلسات ستشمل كل المناطق السورية، تشارك فيها النخبة المجتمعية من مثقفين وسياسيين ورجال ونساء وأعيان ورجال أعمال وقادة ثوريين من جميع الأطياف الدينية والثقافية السورية.


مقالات ذات صلة

كيف خططت إسرائيل لاستغلال ملف الدروز لإرباك حكم الشرع؟

المشرق العربي استعراض عسكري مؤخراً في شوارع محافظة السويداء رُفع خلاله العلم الإسرائيلي وصورة نتنياهو (مواقع)

كيف خططت إسرائيل لاستغلال ملف الدروز لإرباك حكم الشرع؟

«واشنطن بوست» تكشف تحويل إسرائيل آلاف الدولارات إلى أشخاص، استعداداً لتفعيلهم بعد سقوط بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزراء الخارجية والدفاع السوريون والأتراك خلال لقائهم في دمشق (الدفاع التركية - إكس)

سوريا وتركيا تتهمان «قسد» بالمماطلة بتنفيذ اتفاق الاندماج وسط تصعيد في حلب

اتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جانب من لقاء الشرع مع الوفد التركي (سانا) play-circle

الشرع يبحث مع وفد تركي التطورات الإقليمية

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم (الاثنين) وفدا تركيا ضم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة إبراهيم كالن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي القبض على أحد عناصر «خلية داعش» في داريا بريف دمشق (سانا)

عملية أمنية تستهدف وكراً لتنظيم «داعش» في داريا بريف دمشق

فكَّك الأمن الداخلي السوري خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش»، وألقى القبض على أفرادها، وذلك خلال عملية أمنية محكمة في منطقة داريا بريف دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ ترمب في المكتب البيضاوي في 11 ديسمبر 2025 (رويترز)

الموازنة الدفاعية... التشريع الذي لا يفشل

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» أولويات الإنفاق العسكري الأميركي وانعكاساته على التحالفات والحروب والنفوذ وأبرز البنود فيه.

رنا أبتر (واشنطن)

اختفاء ضابط لبناني على صلة بملف رون آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
TT

اختفاء ضابط لبناني على صلة بملف رون آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)

قال مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تحقيقات تجريها قوى الأمن الداخلي ترجح أن إسرائيل اختطفت النقيب المتقاعد أحمد شكر، خلال «عملية استدراج استخباراتي» للاشتباه بعلاقته بملف الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد، منذ 1986.

وتتركز الجهود الأمنية على كشف مصيره في منطقة البقاع (شرق لبنان)، حيث يُعتقد أن العملية نُفذت بواسطة شخصين سويديّيْن، أحدهما من أصل لبناني. ويرتبط شكر، وهو من متقاعدي الأمن العام، بعائلة ذات صلات بـ«حزب الله»، مما يعيد إثارة النزاعات حول قضية رون آراد. وقال المصدر القضائي إنه يخشى أن يكون اختفاء شكر جزءاً من مسلسل العمليات الإسرائيلية في لبنان.

وتتعدد السيناريوهات بشأن مصير الضابط المتقاعد، بين احتمال تصفيته، على غرار ما نُسب إلى جهاز «الموساد» في قضية اغتيال الصراف أحمد سرور، المرتبط بـ«حزب الله»، العام الماضي، وبين فرضية أكثر خطورة لكنها الأكثر واقعية، وهي نقله إلى خارج لبنان، أي إلى إسرائيل.

ويعيد هذا العمل الأمني الخطير فتح سجل طويل من العمليات الإسرائيلية التي استهدفت أشخاصاً على صلة مباشرة أو غير مباشرة بملف رون آراد، سواء عبر الاغتيال أو الاختطاف أو محاولات التجنيد.


مقتل مسؤول أمن سوري سابق في لبنان

سورية تسير مع صغيريها في حلب بعد اتفاق دمشق وقوات ”قسد“ على خفض التصعيد مساء الاثنين (رويترز)
سورية تسير مع صغيريها في حلب بعد اتفاق دمشق وقوات ”قسد“ على خفض التصعيد مساء الاثنين (رويترز)
TT

مقتل مسؤول أمن سوري سابق في لبنان

سورية تسير مع صغيريها في حلب بعد اتفاق دمشق وقوات ”قسد“ على خفض التصعيد مساء الاثنين (رويترز)
سورية تسير مع صغيريها في حلب بعد اتفاق دمشق وقوات ”قسد“ على خفض التصعيد مساء الاثنين (رويترز)

باشرت الأجهزة الأمنية اللبنانية، أمس، تحقيقات لتحديد ملابسات العثور على جثة الضابط السابق في الاستخبارات السورية غسان نعسان السخني، قرب المنزل الذي كان يقيم فيه في منطقة كسروان بلبنان. وأثار الغموض الذي يلف الحادثة تساؤلات حول ما إذا كانت تنطوي على جريمة جنائية بحتة أم أن لها أبعاداً سياسية.

وأفادت المعلومات الأمنية الأولية بأن السخني «كانت له علاقات وثيقة مع العميد سهيل الحسن، الملقب بـ(النمر)، أحد أبرز قادة الاستخبارات الجوية السورية، وارتبط اسمه بعمليات عسكرية دامية، خصوصاً في الغوطة الشرقية».

وتفيد معلومات، استقتها «الشرق الأوسط»، بأن السخني «لجأ إلى لبنان عقب سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع العشرات ممن فرّوا إثر هروب الأسد».


المستأجِرون في غزة محاصَرون بالشروط والغلاء

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 18 ديسمبر 2025 (رويترز)
لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 18 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

المستأجِرون في غزة محاصَرون بالشروط والغلاء

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 18 ديسمبر 2025 (رويترز)
لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 18 ديسمبر 2025 (رويترز)

يرزح الغزيون الباحثون عن مسكن مستأجَر تحت نير شروط وُصفت بـ«التعجيزية». فإلى جانب الغلاء الفاحش في الأسعار، يشارك أصحاب الوحدات السكنية، المستأجِر حصته في المياه نظراً لشحها، بل ويشترطون «عدم استقبال الرجال»، حتى وإن كانوا أشقاءه؛ خشية انتمائهم لفصائل فلسطينية، واحتمال استهدافهم إسرائيلياً.

وأظهرت إفادات لمستأجرين، وأصحاب بنايات، ووسطاء تحدَّثوا لـ«الشرق الأوسط» أنَّ بعض المُلاك يرفضون تأجير شققهم لأسرة يزيد عدد أفرادها على 6، أو لمَن يعملون في مجالات معينة كالصحافة، والقطاعات الطبية؛ بسبب استهدافهم المتكرِّر خلال الحرب. كما يشترط المؤجِّرون عدم استضافة أي نازحين.

إلى ذلك، أجبرت «ضغوط أميركية» وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على التراجع عن تصريحاته بشأن بقاء الجيش الإسرائيلي في غزة، إذ قال إن الحكومة لا ‌تنوي إقامة مستوطنات في القطاع، بعد ساعات من إفادته بأن الجيش لن ينسحب بشكل كامل من هناك أبداً. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول أميركي قوله: «الأميركيون أبدوا غضبهم من التصريحات، وطالبوا بتوضيحات لأنها تتعارض مع خطة الرئيس دونالد ترمب».