التطورات على الحدود الشرقيّة تفرض يقظة أمنية لبنانية

تحذير من تداعيات فرار 130 ألف إيراني وسوري إثر سقوط الأسد

قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)
قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)
TT
20

التطورات على الحدود الشرقيّة تفرض يقظة أمنية لبنانية

قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)
قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)

ارتفع منسوب القلق في لبنان من وجود آلاف السوريين والإيرانيين الذين دخلوا لبنان بصورة غير شرعية خلال سقوط النظام السوري السابق، وفرار كبار المسؤولين من سوريا إلى لبنان مستخدمين المعابر البرّية غير الشرعيّة. ويتعاظم الخوف من تسخين الوضع على الحدود اللبنانية - السورية، في ظلّ مطاردة قوات الأمن العام السوري للمطلوبين وشبكات المخدرات الذين يتحصنون في مناطق جبلية على الحدود بين البلدين.

وكتب عضو كتلة «الجمهورية القوية»، النائب بيار بوعاصي، على صفحته بمنصّة «إكس»، قائلاً: «لبنان في خطر... 130 ألف إيراني وسوري دخلوا لبنان بعد سقوط الأسد، باعتراف نائب وزير الخارجية الإيراني الذي طلب تأمين الرعاية لهم». ودعا بوعاصي الأجهزة الأمنية إلى «تقديم تقرير مفصّل بهذا الخصوص، وضبط الحدود (مع سوريا) من دون التذرّع بالنقص في الإمكانات».

واعتبر مصدر رسمي لبناني أن «الحذر مشروع في ظلّ تأزم الأوضاع على الحدود، والخشية من ردّة فعل أو هجوم معاكس من الجانب اللبناني باتجاه الحدود السورية رداً على العمليات الأمنية التي ينفذها الأمن السوري، والتي أسفرت عن سقوط قتلى لبنانيين من أبناء العشائر في منطقة البقاع». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش اللبناني «يتخذ إجراءات وعمليات مراقبة مشددة على الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا، لمنع تسلل أشخاص من الجانب السوري، ولمنع أي اعتداءات على الأراضي اللبنانية». وإذ اعتبر المصدر الرسمي أن «الحذر مشروع»، لفت إلى أن «الوضع الأمني الداخلي ممسوك جيداً، والوضع على الحدود مع سوريا تحت السيطرة، والدولة تتخذ الإجراءات بالتنسيق مع الجانب السوري».

هذه المخاوف عززها كلام نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القنصلية، وحيد جلال زاده، خلال زيارته بيروت نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وتأكيده أن بلاده «مهتمة بالمواطنين السوريين الذين اضطروا نتيجة المستجدات التي حدثت في سوريا إلى النزوح من سوريا إلى لبنان». وقال جلال زاده: «تداولنا مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقيناهم، كل الأمور المرتبطة بشأن هؤلاء الإخوة السوريين الأعزاء، وطلبنا منهم أن يكون هناك تعاون وثيق وبنَّاء في تقديم أفضل العناية اللازمة التي يحتاجون إليها».

وجددت السلطات اللبنانية تأكيدها عدم امتلاكها معلومات جدّية عن فرار مسؤولين سوريين وإيرانيين من سوريا إلى لبنان، لكن مصدراً قضائياً «لم يستبعد لجوء قيادات أمنية سورية إلى لبنان منعاً لاعتقالهم داخل الأراضي السورية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن القضاء «يتعاطى مع الوقائع، فإذا تم توقيف أي شخص سوري أو غير سوري دخل لبنان خلسة، يجري توقيفه ويخضع للتحقيق»، مشيراً إلى أن «المسؤولين السوريين الذين عبروا لبنان وغادروا منه إلى الخارج باتوا معروفين، ولم يجرِ توقيفهم لأنهم غير مطلوبين ولم يرتكبوا أي جرم على الأراضي اللبنانية».

وعبر عدد من المسؤولين السوريين لبنان، ومنه سافروا إلى الخارج، بينهم رفعت الأسد عمّ الرئيس السوري السابق وأفراد عائلته، وزوجة ماهر الأسد، وبثينة شعبان مستشارة الأسد، وغيرهم. وجزم مصدر أمني لبناني بأن «أياً من مسؤول أمني في النظام السوري السابق لم يدخل لبنان عبر المعابر البرية الشرعية، وأن جميع الذين دخلوا غير ملاحقين في لبنان ولا توجد مذكرات اعتقال بحقهم». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوريين الذين عبروا إلى لبنان خلال فترة سقوط نظام الأسد، إما دخلوا للإقامة ولدى الأمن العام عناوين إقاماتهم، وإما دخلوا ترانزيت للسفر إلى الخارج عبر مطار بيروت الدولي».

عنصر من قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)
عنصر من قوى أمن الحدود السوري على طريق فرعي مؤدٍّ للحدود اللبنانية (الشرق الأوسط)

وأقرّ المصدر الأمني بـ«دخول آلاف الأشخاص خلسة إلى لبنان خلال الفوضى التي رافقت سقوط الأسد، وليس معلوماً حتى الآن ما إذا كان بعضهم ينتمون إلى المخابرات السورية أو لـ(الحرس الثوري) الإيراني». وقال: «لقد أوقفت الأجهزة الأمنية عدداً من الضباط والجنود الذين كانوا في صفوف (الفرقة الرابعة)، وقد تمت إعادة قسم منهم إلى سوريا بناء على طلبهم بعد إجراء تسوية مع السلطات السورية الجديدة، والبعض الآخر سافروا إلى الخارج، علماً أن هؤلاء غير ملاحقين في لبنان ولم تطلب السلطات السورية استعادتهم».

ضبط الأمن السوري 3 معامل لصنع المخدرات كانت خاضعة لسيطرة «حزب الله» اللبناني قبل طردهم الأسبوع الماضي من قرية حاويك السورية (الشرق الأوسط)
ضبط الأمن السوري 3 معامل لصنع المخدرات كانت خاضعة لسيطرة «حزب الله» اللبناني قبل طردهم الأسبوع الماضي من قرية حاويك السورية (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

التصعيد الإسرائيلي يربك خطط مغتربين لبنانيين لزيارة عائلاتهم بعيد الفطر

المشرق العربي أطفال يلتقطون صوراً تذكارية الى جانب "المسحراتي" في مدينة صيدا بجنوب لبنان (أ ب)

التصعيد الإسرائيلي يربك خطط مغتربين لبنانيين لزيارة عائلاتهم بعيد الفطر

أربك التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان، يوم الجمعة الماضي، خطط المغتربين اللبنانيين الذين كانوا يستعدون لزيارة لبنان خلال عطلة عيدَي الفطر والفصح.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (يمين) يستقبل رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام في مكة المكرمة قبل أداء صلاة عيد الفطر المبارك (واس / أ.ف.ب)

رئيس وزراء لبنان يؤكد ضرورة تعزيز الشراكة بين بلاده والسعودية

رئيس وزراء لبنان يؤكد ضرورة المضي قدماً في تعزيز الشراكة بين بلاده والسعودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)

القوى السياسية اللبنانية ترفض تأجيل الانتخابات البلدية

لا يبدو أن معظم القوى السياسية اللبنانية ستسير باقتراح القانون الذي تقدم به النائبان وضاح الصادق ومارك ضو، لتأجيل تقني للانتخابات البلدية لـ5 أشهر.

بولا أسطيح (بيروت)
الخليج نائب أمير منطقة مكة المكرمة مستقبلاً رئيس الوزراء اللبناني لدى وصوله إلى جدة (واس)

رئيس الوزراء اللبناني يصل جدة

وصل إلى جدة، فجر الأحد، رئيس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي قائد الجيش العماد رودولف هيكل في ثكنة بنوا بركات في صور (قيادة الجيش)

قائد الجيش اللبناني يتفقد الحدود: إسرائيل عائق وحيد أمام انتشارنا

أكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل على الالتزام بتنفيذ القرار 1701 عادّاً عمليات إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية تخدم إسرائيل

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش اللبناني يوقف مشتبهاً بهم بإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل بينهم فلسطيني

قائد الجيش العماد رودولف هيكل يتفقد الوحدات العسكرية على الحدود مع إسرائيل (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل يتفقد الوحدات العسكرية على الحدود مع إسرائيل (مديرية التوجيه)
TT
20

الجيش اللبناني يوقف مشتبهاً بهم بإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل بينهم فلسطيني

قائد الجيش العماد رودولف هيكل يتفقد الوحدات العسكرية على الحدود مع إسرائيل (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل يتفقد الوحدات العسكرية على الحدود مع إسرائيل (مديرية التوجيه)

قطع الجيش اللبناني شوطاً في الإجراءات التي يتخذها لملاحقة المتورطين بإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وأوقف مجموعة من المشتبه بهم، بينهم لبنانيون وفلسطيني واحد على الأقل، في حين جدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مطالبة الدولة اللبنانية بضمانة «عدم انطلاق هجمات من هناك باتجاه إسرائيل».

وشنّت إسرائيل، الجمعة الماضي، هجمات هي الأوسع على لبنان منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت بغارات جوية، رداً على إطلاق قذيفتين صاروخيتين من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل. وجاءت الهجمات بعد أسبوع على موجة مشابهة، استهدفت جنوب وشرق لبنان، لكنها لم تستهدف الضاحية، رداً أيضاً على إطلاق «صواريخ بدائية» من الجنوب باتجاه مستعمرة المطلة.

مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة أمينه العام السابق حسن نصر الله قرب موقع استهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة أمينه العام السابق حسن نصر الله قرب موقع استهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

وبينما نفى «حزب الله» ضلوعه بالهجمات الصاروخية، تعهدت الدولة اللبنانية بملاحقة المتورطين، واتخذ الجيش إجراءات أمنية وفتح تحقيقات وبدأ بملاحقة المشتبه بهم.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، إن الجيش أوقف بالفعل مجموعة من المشتبه بهم على ذمة التحقيق، وهم لبنانيون وفلسطيني واحد، مشيراً إلى أن التحقيقات لا تزال في بداياتها، كما أن الملاحقات تُستكمل بجدية بالغة والإجراءات تُنفذ خطوات حثيثة.

من جانبها، نقلت قناة «العربية» عن مصدر أمني قوله إن الجيش اللبناني «وصل إلى خيوط قد تدلّ على الجهة التي تقف خلف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل»، ولفت إلى «توقيف سوريين وفلسطينيين مشتبه بهم بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل».

قائد الجيش اللبناني

وكان قائد الجيش العماد رودولف هيكل قد أكد خلال تفقده السبت قيادة قطاع جنوب الليطاني أن «عناصر الوحدات المنتشرة، ضباطاً ورتباء وأفراداً، يؤدون دوراً أساسياً لخدمة الوطن والمساهمة في صموده، وأن واجب المؤسسة العسكرية حماية لبنان وأبنائه على اختلاف انتماءاتهم». واعتبر أن عمليات إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة تخدم العدو، لافتاً إلى أن الجيش يجري التحقيقات اللازمة لكشف الفاعلين، وقد أوقف عدداً من المشتبه فيهم قيد التحقيق.

وأشار العماد هيكل إلى أن «العائق الوحيد أمام استكمال انتشار الجيش نهائياً وتثبيت وقف إطلاق النار هو وجود العدو الإسرائيلي في النقاط والمواقع المحتلة داخل الأراضي اللبنانية، فضلاً عن اعتداءاته المتكررة على لبنان وخروقاته للسيادة الوطنية، وسعيه للبحث عن ذرائع من أجل توسيع أعماله العدائية ضد وطننا».

نتنياهو

وبينما تمضي السلطات اللبنانية بالإجراءات، جدد رئيس الحكومة الإسرائيلية تحميل لبنان المسؤولية. وقال الأحد: «في لبنان هناك إنفاذ صارم، بلا مساومة. هذه هي التعليمات التي أعطيناها أنا ووزير الأمن و(الكابينت) للجيش، وهو ينفّذها بأفضل وجه. لا نسمح بأي تهاون، ولا أي تخفيض في مستوى الردع، ولا اعتبارات خاصة». وأضاف: «دولة لبنان مسؤولة عما ينطلق من أراضيها، ويجب عليها أن تضمن عدم انطلاق هجمات من هناك باتجاه إسرائيل».

الدمار يعمّ موقعاً استهدفته إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة (د.ب.أ)
الدمار يعمّ موقعاً استهدفته إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة (د.ب.أ)

اليونيفيل

ولا تزال إسرائيل تحتل نحو 7 نقاط داخل الأراضي اللبنانية، وتستهدف البيوت الجاهزة التي ينقلها السكان للإقامة في قراهم الحدودية التي تعرضت لتدمير شبه كامل، كما تستهدف الانتهاكات قوات حفظ السلام الأممية العاملة في الجنوب (يونيفيل). وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، السبت، بأن «دورية راجلة تابعة للوحدة الفرنسية العاملة ضمن قوة الاحتياط التابعة لقائد (اليونيفيل) تعرضت في وادي قطمون خراج بلدة رميش، لرشقات نارية من أحد مراكز قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى تفقدها ساتراً ترابياً استحدثه العدو في المنطقة».

وأعلن الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، في بيان، أن «جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل أفادوا بأن الجيش الإسرائيلي أطلق عليهم طلقات تحذيرية من سلاح رشاش عبر الخط الأزرق، وذلك عند العصر خلال قيامهم بدورية استطلاعية مقررة قرب بلدة رميش في جنوب لبنان، في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، ولحسن الحظ، لم يُصب أحد بأذى».

وأضاف: «وفي حادث منفصل اليوم، أفاد جنود حفظ السلام التابعون لليونيفيل بأن دورية تابعة للجيش الإسرائيلي وجّهت الليزر نحوهم، مستهدفة أجسادهم وأعينهم».

وتابع الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أن «أي عمل يُعرّض سلامة جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة للخطر أثناء قيامهم بالمهام المنوطة بهم هو أمر غير مقبول».

وشدد تيننتي على أن «أمن جنود حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونُذكّر جميع الأطراف بالالتزام باحترامه، ونحن نتابع هذه الأمور مع الجيش الإسرائيلي».