ابتعاد الحرب يُفرح الغزيين... لكن شبح التهجير مُقلق

TT

ابتعاد الحرب يُفرح الغزيين... لكن شبح التهجير مُقلق

فتى فلسطيني يحمل وعاءً فوق رأسه يوم الخميس بمنطقة المغراقة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني يحمل وعاءً فوق رأسه يوم الخميس بمنطقة المغراقة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أشاع إعلان حركة «حماس» التوصُّل لاتفاق مع الوسطاء بإلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق المرحلة الأولى وإدخالها مساعدات إنسانية مقابل إتمام تبادل الأسرى، حالةً من الإيجابية في أوساط سكان قطاع غزة الذين كانوا يخشون تجدُّد الحرب يوم السبت بعد تهديدات إسرائيلية.

ومع ذلك، لم تُبدِّد الفرحةُ بابتعاد الحرب، ولو مؤقتاً، وعودة الأسعار لسابق عهدها، القلقَ لدى عدد من الغزيين، الذين تحدَّثوا إلى «الشرق الأوسط» من شبح التهجير الذي يطرحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ورغم نفي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التوصُّل لأي حلول جديدة بشأن الأزمة الأخيرة، فإن مصادر إسرائيلية أكدت أن الأمر سيسير وفق ما هو مخطط له بعد اتصالات مع الجانب الأميركي والدول الوسيطة.

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن وفد الحركة خلال اللقاءات التي جرت في الدوحة والقاهرة «قدَّم كل مرونة ممكنة لحل الخلاف الذي كان قائماً، وبعد حصوله على ضمانات من الوسطاء بإدخال كل ما يلزم من احتياجات وفق اتفاق البروتوكول الإنساني، أكدت الحركة التزامها بالمضي قدماً في تسليم الدفعة الجديدة من الأسرى الإسرائيليين».

فتاة فلسطينية تقف الخميس فوق أنقاض منزل عائلتها المدمر في جباليا شمال غزة (رويترز)

وبحسب المصادر، فإن «الكرة حالياً في ملعب الاحتلال الإسرائيلي، ومدى التزامه بالاتفاق يعني التزام المقاومة به وتنفيذه»، مؤكدةً أن «المقاومة غير معنية بأن تكون هي مَن تُفشل الاتفاق الذي تتحمَّل حكومة الاحتلال المسؤولية عن التنصل في تنفيذه».

تضارب

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، عومر دوستر، إن «لا معدات ثقيلة» ستدخل قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر رغم أن مشاهد تلفزيونية أظهرت اصطفاف عشرات الشاحنات عند الحدود.

وأوضح المتحدث عبر منصة «إكس»: «لا دخول للكرفانات (المنازل المتنقلة) أو معدات ثقيلة إلى قطاع غزة، ولا تنسيق بهذا الخصوص».

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، يُستخدَم معبر رفح لإجلاء الجرحى والمرضى، في حين تدخل المساعدات الإنسانية والبضائع عبر معبر كرم أبو سالم.

لكن في المقابل تؤكد مصادر حكومية في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل أدخلت عبر موقع زيكيم العسكري الواقع شمال غرب القطاع، مساء الأربعاء، نحو 12 ألف خيمة، ليصل إجمالي ما وصل إلى القطاع من خيام نحو 70 ألفاً من أصل 200 ألف كان من المقرر أن تدخل فور وقف إطلاق النار».

وبحسب المصادر، فإنه «من المفترض أن تدخل الخميس، كمية أخرى من الخيام عبر (زيكيم) وكذلك معبر كرم أبو سالم، إلى جانب دخول أول مجموعة من البيوت (الكرفانات)».

ووفق الضمانات التي قدَّمها الوسطاء لحركة «حماس»، فإن إسرائيل ستسمح بشكل تدريجي بإدخال الخيام، والكرفانات، وكذلك المواد الطبية اللازمة، والمعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام والأنقاض، والوقود لصالح القطاع الخاص والمستشفيات وغيرهما.

وبحسب بيان لـ«حماس»، فإن وفدها أجرى «مباحثات مع الوسطاء بمَن في ذلك رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، ومباحثات هاتفية مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومسؤولو ملف المفاوضات بمصر وقطر، والفرق الفنية التي تتابع تنفيذ الاتفاق، وتم التأكيد على ضرورة الالتزام بتطبيقه، وتم التأكيد على إزالة كل العقبات وسد الثغرات، وبناءً عليه تقرر الاستمرار في تطبيق الاتفاق وفق ما تم التوقيع عليه بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد».

ارتياح

وأبدى سكان في غزة، ارتياحهم الكبير إزاء بيان «حماس»، عادّين أنه «يفوِّت الفرصة على إسرائيل لاستئناف الحرب»، كما هدَّدت بذلك.

وقال محمود الغول، وهو من سكان حي النصر بمدينة غزة لـ«الشرق الأوسط»، هذه «الأنباء أسعدتنا، وكان لها تأثير على كل مجريات الحياة هنا، بما في ذلك عودة الأسعار إلى ما كانت عليه بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ».

وأضاف عبر الجوال: «شعرنا لوهلة بأن الحرب ستعود مجدداً، وكنا على ثقة بأن الوسطاء وكذلك الفصائل الفلسطينية لن تتيح لإسرائيل الفرصة لأن تستأنف حربها من جديد»، مشيراً إلى أن «الخوف كان ينبع بشكل أساسي من تحركات الاحتلال وتهديداته، التي توحي بأنه يخطط لاستئناف الحرب فعلاً، وهذا ما أخاف السكان ودفع التجار لرفع أسعار البضائع».

بحسب ما رصد مراسل «الشرق الأوسط»، في أسواق في حي الشيخ رضوان والشاطئ (شمال غزة) فإن أسعار البضائع الأساسية، والخضراوات والمجمدات وغيرها، عادت لوضعها الطبيعي الذي كانت عليه بداية دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

فلسطينيون يتسوقون يوم الأربعاء وسط الدمار الناجم عن الحرب في خان يونس بجنوب غزة (د.ب.أ)

وخلال تجولها في سوق حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، قالت الشابة جنين علاء: «مرَّ يومان كأنهما كابوس بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، والآن عادت لوضعها الذي اعتدنا عليه في الأسابيع القليلة الماضية».

وأشارت إلى أن الأسعار في متناول اليد رغم أنها ليست كما كانت قبل الحرب، معربةً عن أملها في أن تتحسَّن الأوضاع تدريجياً، ويستمر اتفاق وقف إطلاق النار.

مخاوف التهجير

ورغم الارتياح الذي سرى بين كثير من الغزيين؛ فإن استمرار الرئيس الأميركي والمسؤولين الإسرائيليين في الحديث عن تهجير سكان القطاع، يقلق كثيراً من أهالي غزة من إمكانية تنفيذه، ومن هؤلاء السيدة سحر العامودي المقيمة بمخيم الشاطئ: «إحنا بدنا نضل (نظل) في بلادنا، يكفينا تهجير ونزوح وقصف ودمار، بدنا نعيش بأمان»، مشيرةً إلى أنه رغم تمسُّكها بموقفها هذا فإنها تخشى أن تُفرَض على الغزيين الهجرة إلى الخارج في حال نُفِّذت مخططات الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.

وقال الشاب أحمد الحلبي، وهو من سكان حي الشجاعية: «ضايلين هان (هنا)، وما راح نهاجر، بكفينا (يكفينا) اللي عشناه في الحرب هذه، والحروب السابقة». بينما أبدى فضل أبو هاني، ويسكن حي الشاطئ، قلقه من نجاح خطة ترمب «في ظل التفكك الفلسطيني، وانقسام المواقف المستمر»، عادّاً أن «تنازل (حماس) عن الحكم لصالح السلطة الفلسطينية قد يحل هذه الأزمة ويفككها دون رجعة، في ظل الموقف العربي الواضح الرافض لأي تهجير».


مقالات ذات صلة

بعدما نجوا من القصف... حياة آلاف الغزيين مهدَّدة بسقوط البنايات المتضررة

المشرق العربي فلسطينيون متجمعون لتناول طعام الإفطار الرمضاني وسط الركام بشمال قطاع غزة في 15 مارس (رويترز)

بعدما نجوا من القصف... حياة آلاف الغزيين مهدَّدة بسقوط البنايات المتضررة

يحدق بسكان قطاع غزة خطر جديد يتمثل في البنايات الآيلة للسقوط بفعل القصف الإسرائيلي، والتي لم يجدوا خياراً آخر سوى العيش فيها من بعد النزوح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عائلة فلسطينية تتناول وجبة إفطار في منزلها المدمر وسط أنقاض المباني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لتفادي «انسداد» المفاوضات

جهود تتواصل نحو استئناف اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم مغادرة وفد حكومة بنيامين نتنياهو للقاهرة دون «تحقيق تقدم»، وفق تسريبات إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يقفون على دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة 10 مارس 2025 (رويترز)

إنفاق إسرائيل على الحرب بغزة ولبنان بلغ 31 مليار دولار في 2024

قالت وزارة المالية الإسرائيلية، في تقرير صدر اليوم الاثنين، إن إسرائيل أنفقت 112 مليار شيقل (31 مليار دولار) على صراعاتها العسكرية بغزة ولبنان خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس تحضر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل ببلجيكا 17 مارس 2025 (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يرحّب بخطة إعادة إعمار غزة شرط عدم مشاركة «حماس» في مستقبل القطاع

قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي الاثنين إن الاتحاد يرحّب بالخطة العربية لإعادة إعمار غزة بشرط ألا يكون لـ«حركة حماس» مستقبل في القطاع.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم العربي فلسطينيون يمشون بين أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

تحركات مصرية مكثفة لحشد الدعم السياسي والمادي لخطة إعمار غزة

كثفت مصر من تحركاتها بهدف حشد وتعبئة الدعم السياسي والمادي للخطة العربية - الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، فضلاً عن التحضير لمؤتمر القاهرة الدولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بعدما نجوا من القصف... حياة آلاف الغزيين مهدَّدة بسقوط البنايات المتضررة

فلسطينيون متجمعون لتناول طعام الإفطار الرمضاني وسط الركام بشمال قطاع غزة في 15 مارس (رويترز)
فلسطينيون متجمعون لتناول طعام الإفطار الرمضاني وسط الركام بشمال قطاع غزة في 15 مارس (رويترز)
TT

بعدما نجوا من القصف... حياة آلاف الغزيين مهدَّدة بسقوط البنايات المتضررة

فلسطينيون متجمعون لتناول طعام الإفطار الرمضاني وسط الركام بشمال قطاع غزة في 15 مارس (رويترز)
فلسطينيون متجمعون لتناول طعام الإفطار الرمضاني وسط الركام بشمال قطاع غزة في 15 مارس (رويترز)

كانوا على وشك الالتفاف حول موائد السحور في بناية على أطراف مخيم جباليا بشمال قطاع غزة قبل فجر الاثنين، حين سمعوا «طقطقات» في المبنى المتضرر بفعل القصف الإسرائيلي، فتركوا الطعام ولاذوا بالفرار قبل أن ينهار.

سقط المبنى المكون من ثلاثة طوابق، كل منها يحوي شقتين، وبكل شقة عائلة تضم من 5 إلى 14 فرداً، في منطقة الفاخورة على أطراف المخيم.

والواقعة متكررة. ففي الآونة الأخيرة سقطت بنايات ومنازل متضررة في مناطق عدة بقطاع غزة بعد أن كانت قد تعرضت لقصف إسرائيلي مباشر، أو كانت في محيط استهدافات خلال الحرب التي استمرت 15 شهراً قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

فبعدما نجوا من القصف، لا تزال حياة الآلاف من سكان القطاع مهددة بانهيار المباني التي لم يكن لهم سواها من محيص بعد هدوء أصوات المدافع والانفجارات. أزالوا الركام عن أجزاء منها للعيش فيها، بدلاً من البقاء في خيام لا تكاد تسترهم أو تقيهم قسوة البرد والمطر، أو في مراكز إيواء تُفقدهم وأُسرهم أي خصوصية.

كانت قوة إسرائيلية قد فجَّرت، خلال العملية العسكرية الأخيرة في مخيم جباليا قبل الإعلان عن التوصل لوقف إطلاق النار، جهازاً آلياً في محيط البناية التي ظهرت فيما تبقى من هيكلها تصدعات واضحة قبل أن تسقط قبيل فجر الاثنين. وتمكن مَنْ بالداخل من النجاة بأرواحهم.

يقول عبد الله حميد (41 عاماً)، ابن مالك البناية، إنهم شعروا في الأيام الأخيرة بأن المنزل سيسقط في أي لحظة، وكانوا يرقبونه باستمرار خشية انهياره عليهم. ولأنه لم تكن هناك بدائل سكن أخرى؛ اضطروا إلى البقاء فيه، مفضلين المخاطرة بحياتهم على العيش في خيام مهترئة تتقاذفها الرياح.

ويروي حميد لـ«الشرق الأوسط» كيف نجوا حين سمع أحد أقاربهم قبيل السحور «طقطقات» من السطح، فأدرك أن المبنى قد ينهار في أي لحظة، وطلب من الجميع مغادرته فوراً. وخرج الجميع، صغاراً وكباراً، قبل أن ينهار تماماً.

ويقع المنزل مقابل مدرسة الفاخورة التي شهدت خلال الحرب مجزرتين نتيجة قصفها جواً وبالمدفعية. ومن قبل ذلك كانت المدرسة قد أُحرقت خلال حرب 2008 – 2009 باستخدام الفسفور الأبيض المحرم دولياً.

ويقول حميد: «كادت أن تحصل مجزرة جديدة هنا في هذه المنطقة التي اشتُهرت بالكثير من المجازر في الحروب والعمليات الإسرائيلية، ولكن نجونا هذه المرة بعد أن سبق ونجونا من مجازر وغارات في الحرب الأخيرة وفي غيرها».

انهيارات متكررة

لم تكن هذه الحادثة الأولى التي تقع في الآونة الأخيرة؛ ففي غضون 3 أيام خلال الأسبوع الماضي انهار برجان في منطقة أبراج الكرامة بشمال مدينة غزة، وكان أحدهما قد عاد إليه بعض السكان للعيش فيه، وكانت به عشرات العائلات قبل إخلائه بعد تحذيرات وردت من جهاز الدفاع المدني بإمكانية سقوطه، وهو ما حدث بعد الإخلاء بيوم واحد.

كما سقط مبنى مكون من 4 طوابق في حي الشجاعية، وآخر مكون من طابقين في حي الصبرة، وثالث في حي الزيتون، وذلك في غضون شهر واحد.

وتسببت هذه الحوادث في بعض الإصابات، دون خسائر في الأرواح.

سيدة فلسطينية تُعدّ طعام الإفطار الرمضاني ببيتها المتضرر من القصف بمدينة غزة في 15 مارس (إ.ب.أ)

ويقول محمد طوطح (56 عاماً)، من سكان حي الزيتون بجنوب مدينة غزة، إنه يعيش في منطقة المصلبة، وهي منطقة مدمرة بالكامل تقريباً.

ولفت إلى أنه منذ انسحاب القوات الإسرائيلية من الحي منذ نحو 3 أشهر، انهار ما لا يقل عن 7 منازل في المنطقة، من بينها منزل ابن عمه المكون من طابق علوي وآخر أرضي، مشيراً إلى أنه انهار بفعل قصف جوي طال منازل مجاورة عدة.

وأضاف: «نعيش هنا بحالة خوف شديد، ونخشى من انهيار منازلنا ومنازل بجوارنا فنفقد حياتنا وحياة أطفالنا الذين يخافون الخروج للشوارع حتى لا تسقط عليهم جدران تلك المنازل».

وتوجَّه المتضررون للجهات المختصة كي تتحرك لوقف هذا الخطر، إلا أنهم اصطدموا بالواقع: الجهات المعنية، سواء الدفاع المدني أو البلديات، عاجزة عن تقديم أي خدمات بعد أن فقدت كل معداتها.

«خطر داهم»

أصدر سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، بياناً يوم الاثنين يُحذّر فيه من انهيار مئات المباني الآيلة للسقوط جراء قصفها أو حرقها خلال الحرب، وهو ما قال إنه يشكل «خطراً داهماً على حياة آلاف المواطنين الذين يعيشون داخلها أو في محيطها».

وأضاف البيان أنه تم تحديد 220 مبنى آيلاً للسقوط وجرى إخلاؤها من ساكنيها وتحذير المحيطين بها.

وقال محمود بصل، المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، في تصريحات صحافية، الاثنين، إن مئات المنازل والمباني في القطاع مهددة بالانهيار نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بها جراء القصف والحرق.

وأشار بصل إلى أن الظروف المأساوية التي تعيشها آلاف العائلات في منازل آيلة للسقوط تشكل تهديداً حقيقياً لحياة أفرادها. ودعا إلى تدخل المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية لتوفير حلول عاجلة.

وترفض إسرائيل حتى الآن إدخال أي معدات ثقيلة تساهم في إزالة الأنقاض والركام، والعمل على ترميم أو إزالة المنازل والبنايات الآيلة للسقوط، والتي تشكل خطراً حقيقياً على السكان في كل أنحاء القطاع، خصوصاً مدينة غزة وشمالها.

وكان من المفترض السماح بإدخال هذه المعدات من مصر إلى قطاع غزة خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في التاسع عشر من يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أن إسرائيل لا تزال تماطل في ذلك.

ويصف توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، حجم الدمار وصعوبة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بأنه لا مثيل له في كل مناطق الصراع حول العالم. فيما سبق أن وصفه مونغو بيرتش، المسؤول عن دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، بأنه أكبر من الدمار في أوكرانيا ودول أخرى تشهد صراعات.

فلسطينيون متجمعون بين مبانٍ مدمَّرة في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة لتناول طعام الإفطار الرمضاني (إ.ب.أ)

وتشير تقارير أممية ودولية، بالاعتماد على تقارير موثقة من الميدان أو من خلال صور الأقمار الاصطناعية، إلى أن أكثر من 75 في المائة من منازل القطاع قد دُمّرت بالكامل أو لحقت بها أضرار بالغة.

وتؤكد تلك التقارير بما فيها الصادرة عن الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي أن قطاع غزة في حاجة إلى عقد من الزمن حتى يُعاد إعماره، وسط تقديرات أنه قد يحتاج لأكثر من 15 عاماً.

كما تشير تقديرات جهات فلسطينية وأخرى دولية وأممية إلى وجود أكثر من 55 مليون طن من الركام بقطاع غزة، وإلى أن إزالة الأنقاض ستستغرق فترات طويلة.

وبحسب الخطة المصرية المدعومة عربياً لإعادة إعمار قطاع غزة، هناك حاجة ماسة إلى مبلغ 53 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار، بما يشمل مراحل التعافي المبكر من خلال إزالة الأنقاض والتعامل مع المنازل الآيلة للسقوط.