رغم تصريحات ترمب والمطر الغزير... سكان غزة يتشبثون بأرضهم

نازحون فلسطينيون يقفون خارج خيمة أقيمت أمام المباني المدمرة بجباليا شمال قطاع غزة 5 فبراير وسط الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يقفون خارج خيمة أقيمت أمام المباني المدمرة بجباليا شمال قطاع غزة 5 فبراير وسط الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
TT

رغم تصريحات ترمب والمطر الغزير... سكان غزة يتشبثون بأرضهم

نازحون فلسطينيون يقفون خارج خيمة أقيمت أمام المباني المدمرة بجباليا شمال قطاع غزة 5 فبراير وسط الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يقفون خارج خيمة أقيمت أمام المباني المدمرة بجباليا شمال قطاع غزة 5 فبراير وسط الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غزة، اجتاحت رياح عاتية وأمطار غزيرة القطاع في الساعات الأولى من صباح الخميس، لتغمر المياه الخيام التي تؤوي الأسر النازحة وتتمزق الأغطية البلاستيكية التي تغلق فتحات المنازل المهدمة.

لكن سكان غزة قالوا إن إعلان ترمب عن خطط سيطرة الولايات المتحدة على القطاع وتهجيرهم لم يزدهم إلا إصراراً على البقاء.

وقال قاسم أبو حسون، وهو يقف تحت المطر بين المنازل المهدمة والطرق المدمرة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة: «رغم المأساة اللي إحنا عايشين فيها، رغم الأجواء الماطرة، الأجواء التعيسة جداً في المنخفض، الناس قاعدة في العراء»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وعادت عائلة أبو حسون إلى منزلها المدمر بمجرد سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير (كانون الثاني) بعد أن أمضت شهوراً نازحة في أماكن أخرى باتجاه شمال القطاع. وليس لدى العائلة أي نية للمغادرة مرة أخرى.

وقال قاسم لوكالة «رويترز»: «هذا ما يدل على أن الناس متمسكة ببلدها، الناس متمسكة بأرضها. الناس متمسكة بكل شيء، بذرة رمل في غزة».

وفي الليلة التي أعقبت إعلان ترمب الصادم، أيقظت العاصفة الأسر من نومها ومزقت الخيام المؤقتة المصنوعة من البلاستيك والأقمشة. ولجأ السكان إلى التخلص من المياه التي غمرت الخيام باستخدام أوعية بلاستيكية صغيرة.

وفي الصباح التالي، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجيش الإسرائيلي بإعداد خطة للسماح «بالخروج الطوعي» للسكان من غزة.

وقال عبد الغني، وهو أب لأربعة يعيش مع أسرته وسط أنقاض منزلهم الذي دمرته إسرائيل في مدينة غزة: «يبدو إنه الطقس كمان ضدنا، بس لا الطقس ولا ترمب ولا إسرائيل راح يقدروا يطلعونا من أرضنا».

وقال لوكالة «رويترز» في رسالة نصية: «ما راح نبيع أرضنا لواحد تبع عقارات، مطور عقارات؟ صحيح إنه احنا جوعانين ونازحين بلا بيوت وحالتنا صعبة لكن مش عملاء، إذا صحيح بده يساعد خليه ييجي يبني لنا واحنا هنا في مكاننا».

وفي إسرائيل، ذكرت «القناة 12» أن خطة كاتس ستشمل خيارات الخروج من القطاع عن طريق المعابر البرية، بالإضافة إلى ترتيبات خاصة للمغادرة بحراً وجواً.

وتهجير الفلسطينيين من أكثر القضايا حساسية في الشرق الأوسط. ويشكل التهجير القسري للسكان تحت الاحتلال العسكري جريمة حرب كما أنه محظور بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949.

وقال القيادي في حركة «حماس» باسم نعيم لوكالة «رويترز»، إن تصريح كاتس لم يكن مفاجئاً وكان يهدف إلى «التغطية على دولة فشلت في تحقيق أي من أهدافها في الحرب على غزة».

وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى القضاء على «حماس» التي أشعل الهجوم الذي شنته في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أحدث موجة من الصراع. ولكن منذ سريان وقف إطلاق النار قبل ثلاثة أسابيع، استعاد مقاتلو «حماس» سيطرتهم على القطاع.

وفي الوقت نفسه، عاد مئات الألوف من الفلسطينيين النازحين داخل غزة إلى منازلهم، خصوصاً في الجزء الشمالي من القطاع الذي تحول بالكامل تقريباً أنقاضاً. وقال نعيم إن هذا دليل على تشبث الفلسطينيين الشديد بالأرض.

فلسطينيون يسيرون على طريق في يوم ممطر وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بمدينة غزة 6 فبراير (رويترز)

وتابع نعيم: «مشاهد شعبنا وهو يقف لأيام في البرد الشديد على شارع الرشيد ينتظر بفارغ الصبر العودة إلى دياره التي أجبرته إسرائيل بالقوة والموت على مغادرتها، هو خير دليل على تمسك شعبنا بأرضه».

وأضاف نعيم: «إن كانوا صادقين فيما يدعون، فليرفعوا الحصار الخانق عن غزة وليفتحوا المعابر، وسيصدمون بأن حجم العائدين إلى غزة أكبر من المغادرين رغم الدمار الكبير».

واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم «حماس» الذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

صورة تظهر حياً مدمراً في جباليا شمال قطاع غزة 5 فبراير أثناء الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل على غزة عقب الهجوم أدت إلى مقتل أكثر من 47 ألف فلسطيني على مدى 16 شهراً الماضية. كما أثارت الحملة اتهامات لإسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية وجرائم حرب، وهو ما تنفيه إسرائيل.

ولا يزال وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، الذي تستمر المرحلة الأولى منه ستة أسابيع، صامداً إلى حد بعيد. وتم إبرام الاتفاق بوساطة من مصر وقطر وبدعم من الولايات المتحدة. لكن احتمالات التوصل إلى تسوية دائمة بعد المرحلة الأولى غير واضحة.


مقالات ذات صلة

قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة

المشرق العربي فلسطينيان يتفقدان منزلاً متضرراً تعرض لقصف إسرائيلي سابق بمخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة يوم 26 مارس 2025 (أ.ف.ب)

قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة

أفاد إعلام فلسطيني بمقتل 4 مواطنين على الأقل، وجرح آخرين، في قصف طائرات إسرائيلية مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون فارّون من القصف يقودون سيارات تحمل أمتعتهم على محور رئيسي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية يحذّر من تدهور الأوضاع في قطاع غزة

حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن الإمدادات الأساسية في قطاع غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام ما لم يُستأنف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي فلسطينيات يصرخن خلال جنازة أفراد من عائلتهم قُتلوا في قصف إسرائيلي وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:37

«التعاون الإسلامي»: إسرائيل قتلت 979 فلسطينياً وأسقطت 1474 جريحاً في أسبوع

ذكر تقرير حول جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين خلال الفترة من 19 وحتى 24 مارس الحالي، وقوع أحداث دامية سقط خلالها 979 قتيلاً و1474 جريحاً.

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص أطفال مع أهليهم يُلوِّحون بعد سريان اتفاق الهدنة في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

خاص هدنة 10 سنوات والتخلي عن حكم غزة... عرض حماس «الملحّ» بعد حرب 7 أكتوبر

أكدت مصادر «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة طرحت بالفعل هذه الفكرة، ليس لعشر سنوات فقط، بل أكثر، وهي ليست فكرة جديدة وإنما ظروفها تغيرت بعد حرب 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على بيت لاهيا في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:40

مقتل ما لا يقل عن 13 في هجمات إسرائيلية على قطاع غزة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية، في ساعة مبكرة من يوم الثلاثاء، بمقتل ما لا يقل عن 13 في هجمات إسرائيلية على مناطق مختلفة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

غزة... الاحتجاجات تتوسع ضد «حماس»


فلسطينيون يطالبون بإنهاء الحرب ويرفعون شعارات مناهضة لـ«حماس» أمس في بيت لاهيا شمال غزة (رويترز)
فلسطينيون يطالبون بإنهاء الحرب ويرفعون شعارات مناهضة لـ«حماس» أمس في بيت لاهيا شمال غزة (رويترز)
TT

غزة... الاحتجاجات تتوسع ضد «حماس»


فلسطينيون يطالبون بإنهاء الحرب ويرفعون شعارات مناهضة لـ«حماس» أمس في بيت لاهيا شمال غزة (رويترز)
فلسطينيون يطالبون بإنهاء الحرب ويرفعون شعارات مناهضة لـ«حماس» أمس في بيت لاهيا شمال غزة (رويترز)

لليوم الثاني على التوالي توسعت، أمس، الاحتجاجات في غزة وردد مشاركون فيها هتافات ضد حركة «حماس»، وطالبوا بإنهاء الحرب.

وشهدت مناطق عدة بالقطاع، منها: الشجاعية، وبيت لاهيا، ودير البلح احتجاجات مختلفة الكثافات في كل فعالية. وكانت شعلة الاحتجاجات قد انطلقت من بيت لاهيا، الثلاثاء، بمشاركة كبيرة من سكان البلدة بعدما طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها عقب إطلاق صواريخ منها باتجاه المستوطنات.

وقال شاهد لـ«رويترز»: «كانت مسيرة عفوية ضد الحرب لأن الناس تعبوا وليس لديهم مكان يذهبون إليه». وأضاف: «ردد كثيرون، ولكن ليس الكل، بل كثيرون، هتافات ضد (حماس)، وقالوا بره يا حماس. الناس منهكون، ولا ينبغي أن يلومهم أحد».

وعدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أن الاحتجاجات ثمرة لاستئناف الحرب ضد غزة. وقال: «شهدنا واقعة غير مسبوقة، احتجاجات علنية في غزة ضد حكم (حماس). ويُظهر ذلك أن سياساتنا ناجحة. نحن عازمون على تحقيق جميع أهداف حربنا».

والتزمت «حماس» الصمت الرسمي إزاء المظاهرات، لكنها وزعت بياناً باسم «فصائل العمل الوطني والإسلامي» عدّ «التحركات الشعبية جزءاً من معركة الصمود». إلا أن البيان خاطب الغزيين بالقول: «إننا ندعوكم إلى اليقظة والحذر والانتباه من كل محاولة لحرف مسار حراككم الجماهيري الغاضب، واستغلال معاناتكم ووجعكم لتهديد التماسك الوطني».