كاد قرار المحكمة الاتحادية العراقية بتجميد 3 قوانين، بينها «العفو العام» يشعل أزمة سياسية في البلاد، قبل أن يقرر مجلس القضاء إعادة العمل به، وإلزام المحاكم بتطبيق فقرات القانون.
وكان البرلمان العراقي أقر في 21 يناير (كانون الثاني) 2025، ثلاثة قوانين إشكالية، هي: العفو العام، والأحوال الشخصية، وإعادة العقارات المصادرة أو المستولى عليها.
وينص «قانون العفو العام» على العفو عن محكومين في قضايا محددة، باستثناء الجرائم الكبرى مثل الإرهاب والفساد، بهدف تخفيف الاكتظاظ في السجون، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
وأفاد التلفزيون العراقي، الأربعاء، بأن مجلس القضاء الأعلى ألزم المحاكم بالمضي قدماً في تنفيذ «قانون العفو العام» بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً بوقف العمل به.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مجلس القضاء أن المحاكم ملزمة بتطبيق «قانون العفو العام» الذي صوّت عليه مجلس النواب في الشهر الماضي، مشيراً إلى أن الدستور منع تعطيل تنفيذ القوانين، «ما دام لم يصدر قرار باتّ بعدم دستوريتها أو إلغائها من الجهة التي أصدرتها».
وأضاف المجلس: «بالتالي، يكون لزاماً على المحاكم المضي بتنفيذ قانون تعديل (قانون العفو العام) على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص».
وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق أصدرت، الثلاثاء، قراراً يقضي بوقف تنفيذ ثلاثة قوانين خلافية سبق أن أقرها مجلس النواب، وهي «الأحوال الشخصية»، و«العفو العام»، و«إعادة العقارات لأصحابها». وأشارت المحكمة، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، في وثيقة القرار، إلى أن ذلك جاء عقب طعن قدمه عدد من أعضاء مجلس النواب لدى المحكمة الاتحادية بشأن صحة التصويت على القوانين دفعة واحدة.
وقال الخبير القانوني، أحمد العبادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمر الولائي لم يكن يعني إلغاء القوانين الثلاثة بقدر ما يعني إيقافاً مؤقتاً لها لحين البت بالطعون المقدمة ضدها».
وقال العبادي: «صلاحية المحكمة الاتحادية العليا هي النظر بدستورية القوانين وفقاً للدستور والنظام الداخلي»، مؤكداً أن «القوانين المطعون فيها لم تتم المصادقة عليها من قبل رئيس الجمهورية، ولم تنشر بالجريدة الرسمية، وبالتالي فهي غير نافذة».
أزمة سياسية
وكان قرار المحكمة قد أشعل أزمة سياسية، بعدما أعلن زعيم حزب «تقدم» محمد الحلبوسي رفضه للقرار، مؤكداً أن «القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن الإرهابيين».
واتهم الحلبوسي المحكمة بـ«تسييس قراراتها»، مطلقاً عليها تسمية «محكمة جاسم العميري».
وشدد الحلبوسي على «عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب»، قبل أن يعود حزبه، الأربعاء، بتقديم اعتذار للقضاء العراقي.
وأعلن محافظو الأنبار وصلاح الدين ونينوى تعطيل الدوام الرسمي؛ احتجاجاً على قرار المحكمة، فيما تخوف سياسيون من توسع ذلك إلى نشاط احتجاجي في تلك المدن.
وزار وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، الأربعاء، رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي، وأكد الأخير تبنيه السبل القانونية والدستورية السليمة في إبداء وجهات النظر السياسية والشعبية، والتي لا تؤثر على أمن البلاد في حال وجود أي اعتراضات سياسية، بعد تحشيده إلى مظاهرات عارمة، على إثر إيقاف «قانون العفو العام».
من جهته، قال رئيس البرلمان محمود المشهداني، في بيان صحافي، إن «المجلس ملتزم بكل ما يصدر عن القضاء العراقي من قرارات».
في حين عدّ تحالف «السيادة»، بزعامة خميس الخنجر، «قانون العفو العام خطوة أساسية نحو إنصاف المظلومين والأبرياء الذين طالهم الحيف والحرمان خلال السنوات الماضية».
وقال التحالف، في بيان صحافي، إن إقرار هذا القانون من شأنه أن يُعيد الحقوق إلى أصحابها، ويُسهم في ترسيخ الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مما يعزز وحدة الجبهة الداخلية، ويقوي النسيج الوطني في ظل التحديات التي تواجه العراق».