ردود فعل عالمية لتصريحات ترمب عن غزة: المستقبل يكمن في «دولة فلسطينية مستقبلية»

فلسطينيون في أحد شوارع غزة المدمَّرة (أ.ب)
فلسطينيون في أحد شوارع غزة المدمَّرة (أ.ب)
TT

ردود فعل عالمية لتصريحات ترمب عن غزة: المستقبل يكمن في «دولة فلسطينية مستقبلية»

فلسطينيون في أحد شوارع غزة المدمَّرة (أ.ب)
فلسطينيون في أحد شوارع غزة المدمَّرة (أ.ب)

رفضت دول أوروبية أبرزها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، الأربعاء، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن الولايات المتحدة يجب أن تسيطر على القطاع الفلسطيني.

تأتي تعليقات الدول الأوروبية بعد يوم من كشف الرئيس ترمب عن خطة مفاجِئة للسيطرة على قطاع غزة الذي مزّقته الحرب، وتطويره اقتصادياً بعد إعادة توطين الفلسطينيين خارج القطاع. وكشف ترمب عن خطته المفاجئة، في مؤتمر صحافي مشترك، مساء الثلاثاء، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يزور الولايات المتحدة.

وفي خطةٍ تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية نقل أكثر من مليونيْ فلسطيني أو السيطرة على غزة، قال ترمب إنه سيجعل القطاع المدمَّر بسبب الحرب، مكاناً «مذهلاً» من خلال إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض، وإعادة تطويره اقتصادياً. وأضاف: «الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وسنقوم بعمل هناك أيضاً. سوف نمتلكه».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

فرنسا

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية: «ستُواصل فرنسا حملتها من أجل تنفيذ حل الدولتين؛ وهو الحل الوحيد الذي يمكن أن يضمن السلام والأمن على المدى الطويل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء»، مضيفة أن مستقبل غزة يجب ألا يتضمن «سيطرة دولة ثالثة». وشددت على معارضة فرنسا «أي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة».

امرأة فلسطينية تُعاين ما بقي من منزلها المدمّر في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

إسبانيا

من جانبه، رفض وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اقتراح ترمب إعادة توطين سكان غزة في أماكن أخرى، والسيطرة على القطاع لإنشاء «ريفييرا الشرق الأوسط». وقال ألباريس، للصحافيين: «أريد أن أكون واضحاً تماماً في هذا الشأن، غزة هي أرض الفلسطينيين سكان غزة، ويجب أن يبقوا فيها». وأضاف: «غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية التي تُدعّمها إسبانيا، ويجب عليها التعايش بما يضمن ازدهار دولة إسرائيل وأمنها».

بريطانيا

من جهته، أكّد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الأربعاء، أن الفلسطينيين يجب أن يكونوا قادرين على «العيش وأن ينعموا بالازدهار» في غزة والضفة الغربية المحتلة. وقال، خلال زيارة لكييف: «يجب أن نرى الفلسطينيين قادرين على العيش، وأن ينعموا بالازدهار في أراضيهم، في غزة والضفة الغربية».

ألمانيا

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الأربعاء، إن قطاع غزة مِلك للفلسطينيين، وإن طردهم منه سيكون غير مقبول ويتعارض مع القانون الدولي. وذكرت بيربوك، في بيان: «هذا مِن شأنه أيضاً أن يؤدي إلى معاناة جديدة وكراهية جديدة»، مضيفة: «يجب ألا يكون هناك حل يتجاهل الفلسطينيين».

وتزامنت تصريحات ترمب الأخيرة مع استئناف الجولة الثانية من المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي أعلنت «حماس» انطلاقها، الثلاثاء. وأسفرت المرحلة الأولى من الهدنة، حتى الآن، عن إطلاق سراح 18 رهينة من غزة، ونحو 600 معتقل فلسطيني لدى إسرائيل، فضلاً عن وقف الأعمال القتالية، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصَر. ويُفترض أن تتيح المرحلة الثانية الإفراج عن آخِر الرهائن الأحياء من غزة، وإنهاء الحرب التي اندلعت على أثر هجوم «حماس» على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. واحتُجز 251 شخصاً رهائن في هجوم «حماس» الذي تسبَّب بمقتل 1210 أشخاص في الجانب الإسرائيلي. وأدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، ردّاً على الهجوم الذي تَواصل أكثر من 15 شهراً، إلى مقتل 47518 شخصاً على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة، التابعة لـ«حماس». ومنذ دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، تنفّذ إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضد مجموعات فلسطينية مسلَّحة في شمال الضفة الغربية المحتلة، تسببت بدمار وبمقتل العشرات.

المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف:

تعتقد روسيا أنه لا تسوية في الشرق الأوسط بغير الاستناد إلى أساس حل الدولتين. وقال بيسكوف: «هذا هو الطرح المكفول بالقرار ذي الصلة لمجلس الأمن الدولي، وهذا هو الطرح الذي تتشاركه الأغلبية الساحقة من البلدان المعنية بهذه المشكلة. ونمضي قدماً انطلاقاً منه (هذا الطرح) ونؤيده ونعتقد أنه الخيار الوحيد الممكن».

وزير الخارجية الآيرلندي سايمون هاريس:

«شعب فلسطين وشعب إسرائيل لهما الحق في العيش في دولتين آمنتين جنباً إلى جنب، وهذا هو الذي يجب أن ينصبّ عليه التركيز. وأي فكرة لتهجير سكان غزة إلى أي مكان آخر تتناقض بشكل واضح مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي:

«موقف أستراليا صباح اليوم هو نفسه مثلما كان العام الماضي. تدعم الحكومة الأسترالية حل الدولتين».

وزارة الخارجية السعودية:

«تؤكد وزارة الخارجية أن موقف المملكة العربية السعودية من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت لا يتزعزع، وقد أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال».

الديوان الملكي الهاشمي:

«الملك عبد الله الثاني يؤكد ضرورة وقف التوسع الاستيطاني، معرباً عن رفضه أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي:

أكد خلال اجتماع مع رئيس وزراء الفلسطيني «أهمية المضي قدماً في مشروعات وبرامج التعافي المبكر وإزالة الركام ونفاذ المساعدات الإنسانية بوتيرة متسارعة دون خروج الفلسطينيين من قطاع غزة، خصوصاً مع تشبثهم بأرضهم ورفضهم الخروج منها».

وزارة الخارجية الصينية:

«تأمل الصين أن تعدّ كل الأطراف وقف إطلاق النار وإدارة القطاع بعد انتهاء الصراع فرصة لإعادة التسوية السياسية للقضية الفلسطينية لمسارها الصحيح استناداً إلى حل الدولتين».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان:

قال فيدان: «تصريحات ترمب بأن الولايات المتحدة ستسيطر على غزة غير مقبولة». وأضاف أن أي خطط تترك الفلسطينيين «خارج المعادلة» ستؤدي إلى تأجيج الصراع.

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا:

قال إن مقترح ترمب لإعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة والسيطرة على القطاع الذي مزقته الحرب «ليس منطقياً». وأضاف خلال مقابلة مع محطات إذاعة محلية: «أين يعيش الفلسطينيون؟ هذا أمر لا يمكن لأي إنسان أن يفهمه... الفلسطينيون هم الذين يتعين عليهم الاهتمام بغزة».

مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان:

«من المهم للغاية أن نتحرك نحو المرحلة التالية من وقف إطلاق النار، لإطلاق سراح جميع الرهائن والسجناء المعتقلين تعسفياً، وإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة، مع الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي... من المحظور قطعاً أي نقل قسري للأشخاص أو ترحيلهم من الأراضي المحتلة».

القيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) سامي أبو زهري:

«تصريحات ترمب حول رغبته في السيطرة على غزة سخيفة وعبثية، وأي أفكار من هذا النوع كفيلة بإشعال المنطقة».

وقال: «نرفض تصريحات ترمب التي قال فيها (لا بديل أمام سكان قطاع غزة إلا مغادرته)، ونعدّها وصفة لإنتاج الفوضى والتوتر في المنطقة».

وأضاف: «شعبنا في غزة لن يسمح بتمرير مخططات ترمب، والمطلوب هو إنهاء الاحتلال والعدوان على شعبنا لا طرده من أرضه».

الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية:

«إن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته، وإن قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين إلى جانب الضفة الغربية، والقدس الشرقية المحتلة... الحقوق الفلسطينية المشروعة غير قابلة للتفاوض».

مسؤول إيراني كبير:

«إيران لا توافق على أي تهجير للفلسطينيين، وقد عبرت عن ذلك عبر قنوات مختلفة».

أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ:

«القيادة الفلسطينية تؤكد على موقفها الثابت بأن حل الدولتين وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي هو الضمان للأمن والاستقرار والسلام. وتؤكد رفضها كل دعوات التهجير للشعب الفلسطيني من أرض وطنه. هنا وُلدنا، وهنا عشنا، وهنا سنبقى، ونثمّن الموقف العربي الملتزم بهذه الثوابت».

«حركة الجهاد الإسلامي»:

«مواقف ترمب ومخططاته لتوسيع مساحة الاحتلال الصهيوني على حساب شعوب أمتنا، وتهجير أهالي غزة، وإنهاء وكالة (أونروا)، ودعم الحصار والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الضفة وغزة، هي تصعيد خطير يهدّد الأمن القومي العربي والإقليمي، خصوصاً في مصر والأردن، اللتين تريد الإدارة الأمريكية أن تضعهما في مواجهة الشعب الفلسطيني وحقوقه».

وزير الأمن الوطني الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير

قال بن غفير إن «تشجيع» سكان غزة على الهجرة من القطاع هو الاستراتيجية الصحيحة الوحيدة بعد نهاية الحرب في غزة. وحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تبني هذه السياسة «على الفور».

عضو مجلس النواب الديمقراطية الفلسطينية - الأميركية رشيدة طليب:

«الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان. لا يستطيع هذا الرئيس إلا أن يبث هذا الهراء المتعصب بسبب الدعم من الحزبين في الكونجرس لتمويل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. لقد حان الوقت لرفاقي (المؤيدين لحل الدولتين) أن يرفعوا أصواتهم لدعم حل الدولتين».


مقالات ذات صلة

مبعوث ترمب يحضِّر خيارات لإنهاء حرب أوكرانيا

الولايات المتحدة​ كيث كيلوغ مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لروسيا وأوكرانيا خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض يوم 22 سبتمبر 2020 (رويترز) play-circle

مبعوث ترمب يحضِّر خيارات لإنهاء حرب أوكرانيا

قال مسؤول غربي، لموقع «سيمافور» الأميركي، إن كيث كيلوغ مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لروسيا وأوكرانيا، يُعِد مجموعة من الخيارات لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو - واشنطن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوّح بيده أثناء صعوده إلى الطائرة الرئاسية في نيو أورليانز بالولايات المتحدة في 9 فبراير 2025 (أ.ب)

مؤتمر ميونيخ للأمن: اقتراح ترمب «الاستيلاء على الأراضي» يعني أن أميركا تُعَد الآن خطراً

قال منظمو مؤتمر ميونيخ الأمني إن اقتراح الرئيس الأميركي ترمب «الاستيلاء على الأراضي» يعني أن أميركا لم تعد مرساة للاستقرار، بل أصبحت خطراً يجب التحوّط ضده.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
الاقتصاد زحام ساعة الذروة في الضاحية المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

اليابان تسجل فائضاً قياسياً في الحساب الجاري بفضل عوائد الاستثمار الأجنبي

أظهرت بيانات من وزارة المالية اليابانية، يوم الاثنين، أن فائض الحساب الجاري لليابان قفز إلى مستوى قياسي العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مصنع لشركة «يو إس ستيل» في ولاية بنسلفانيا الأميركية (أ.ف.ب)

«نيبون» اليابانية تدرس «تعديلاً جريئاً» لخطة شراء «يو إس ستيل» الأميركية

قال مسؤول ياباني رفيع يوم الاثنين إن شركة «نيبون ستيل» تدرس اقتراح «تغيير جريء» في خطتها «يو إس ستيل» الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الولايات المتحدة​ يحمل أحد الحضور عَلم فلسطين مكتوباً عليه «السودان» و«غزة» خلال استراحة الشوط الأول من مباراة كرة القدم الأميركية السوبر بول (أ.ب)

اعتقال راقص في «السوبر بول» بعد رفعه عَلمي فلسطين والسودان (فيديو)

احتُجز أحد الراقصين في استراحة الشوط الأول بحفل السوبر بول بعد رفعه عَلميْ فلسطين والسودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

توقعات أممية بانعدام الغذاء لـ17 مليون يمني

الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
TT

توقعات أممية بانعدام الغذاء لـ17 مليون يمني

الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)

توقعت الأمم المتحدة أن يواجه أكثر من 17 مليون يمني، أغلبهم في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال العام الجاري، وهو رقم يساوي نصف سكان البلاد، وفق التقديرات.

وأورد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في تقرير خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الجاري أن 17.1 مليون شخص، أي نحو 49 في المائة من سكان البلاد، سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال هذا العام، وبانخفاض قدره نصف مليون شخص عن العام السابق له الذي كان يُقدر بـ17.6 مليون شخص.

الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

وطبقاً للتقرير، فإن أزمة الغذاء الممتدة في اليمن، نتيجة تفاعل معقد بين نقاط الضعف والعوامل المتفاقمة التي تشمل «الصراعات المتقطعة، والنزوح، والاضطرابات الاقتصادية، وعدم استقرار العملة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفرص الدخل، وسبل العيش المحدودة، وتأثيرات تغير المناخ».

وبيَّن التقرير أن 12.4 مليون شخص، أو ما نسبته 73 في المائة من إجمالي الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد هذا العام، يوجدون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مقابل 4.7 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

ومن بين هؤلاء سيعاني 5.1 مليون شخص من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وبواقع 4 ملايين شخص في مناطق الحوثيين و1.1 مليون آخرين في مناطق الحكومة.

وتستهدف خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام الوصول إلى 12 مليوناً من الأشخاص الأكثر عرضةً لانعدام الأمن الغذائي الحاد؛ من بينهم 6.6 مليون طفل، و2.6 مليون امرأة، و2.8 مليون رجل من خلال توفير المساعدات الغذائية الطارئة ودعم سبل العيش.

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تشهد مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن ركوداً اقتصادياً متفاقماً، إذ تعاني الشركات التجارية الكساد بفعل تراجع القدرة الشرائية للسكان وتأثيرات أحداث البحر الأحمر بالإضافة إلى الجبايات المفروضة عليها، وسط توقعات أممية بمعاناة نصف سكان البلاد من الجوع خلال العام الجاري، أغلبهم في مناطق سيطرة الحوثيين.

أكثر من 4 ملايين يمني في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مستوى حرجاً من الجوع (الأمم المتحدة)

أزمة الشركات

إلى ذلك، ذكرت مصادر تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية الشركات تبحث عن وسائل وتدابير لتخفيف الأعباء المالية، حيث لجأ بعضها إلى إغلاق عدد من فروعها ونقاط البيع التابعة لها، والاعتماد على وكلاء محليين من تجار الجملة والتجزئة، كما اتجه عدد منها إلى تسريح العمال والموظفين والتخفيف من الإعلانات التجارية بمختلف أشكالها.

وكشف موظف في إحدى الشركات التجارية عن أنه وزملاءه حصلوا على إجازة من دون راتب تبدأ قبل شهر رمضان بأسبوع، وتنتهي بعده بأسبوعين على الأقل، حسبما سيجري من تطورات تمكِّن الشركة من الحصول على بضائعها المستوردة وإيصالها إلى الأسواق اليمنية بأقل التكاليف.

وحسب إفادة المصدر لـ«الشرق الأوسط» منحت الشركة الموظفين مبالغ مالية في صورة مكافآت وسلة غذائية لشهر رمضان، وأبلغت الموظفين أن أسباب ذلك تعود إلى حالة الكساد التي تعاني منها، والتكاليف الإضافية التي اضطرت إلى تحملها من أجل وصول البضائع المستوردة، بسبب اضطرابات البحر الأحمر وتراجع كفاءة ميناء الحديدة بعد الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفته.

حملة جبايات حوثية في أسواق صنعاء خلال أواخر العام الماضي (فيسبوك)

ودأبت الجماعة الحوثية على استغلال المناسبات لفرض جبايات على الشركات والتجار والباعة والمحلات تحت مسميات مختلفة، ومع قدوم شهر رمضان فإن الجبايات التي يجري فرضها تتخذ مسميات دعم الهيئات والمؤسسات الحوثية.

وتمنع الجماعة التجار والشركات من تقديم أي مساعدات مباشرة للسكان تحت أي مبرر، وتفرض توجيه تلك التبرعات عبر القنوات التي تديرها وتسيطر عليها، في ظل اتهامات لها باستخدام الأموال التي تجمعها بالإكراه في إثرائها أو تقديمها لأتباعها ومقاتليها في الجبهات.

كما تُتهم الجماعة باستخدام المساعدات في إغراء العائلات بتجنيد أطفالها واستقطاب أتباع جدد.

ركود قطاع الإعلانات

ويشتكي التجار من أن الجماعة الحوثية لا تكتفي بفرض الجبايات والإتاوات عليهم، بل تجبرهم على البيع بالأسعار التي تحددها لهم، وتوقع العقوبات والغرامات المتنوعة عليهم في حال مخالفتهم لها، وهو ما يزيد من الأعباء المالية عليهم، لعدم قدرتهم على تحقيق الأرباح بعد ما أُجبروا على دفعه من أموال، وعدم تمكنهم من زيادة الأسعار.

الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة عطلت الاستيراد وأضرَّت بالقطاع التجاري (رويترز)

وقال أحد التجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة الحوثية باتت تدرك مستوى تراجع القدرة الشرائية للسكان، وما يلحق بالتجار من خسائر نتيجة ذلك، فلجأت إلى فرض جبايات وإتاوات سابقة على المناسبات التي كانت في السابق تمثل مواسم تجارية تحقق مزيداً من الأرباح.

ووفقاً للتاجر، فإن الجماعة الحوثية تبدأ موسم الجبايات عن شهر رمضان قبل قدومه بأسابيع، كي تتجنب شكاوى التجار من الكساد والركود.

وبينما يشتكي قطاع الإعلانات من تراجع سوق الدعاية خلال شهر رمضان، وعزوف الشركات التجارية عن الإعلان عن منتجاتها وسلعها في وسائل الإعلام ورعاية البرامج التلفزيونية بسبب الكساد والركود؛ يشكو عدد من أكبر البيوت والشركات التجارية من إجبارها على الإعلان في وسائل الإعلام التابعة للجماعة الحوثية من خلال الابتزاز.

وأوضحت المصادر التجارية أن الشركات تراجعت خلال السنوات الأخيرة عن بث إعلاناتها على وسائل الإعلام في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بسبب تراجع مبيعاتها وأرباحها وانخفاض القدرة الشرائية للسكان.

مشرفون حوثيون ينفّذون حملة جبايات في الحديدة تحت مسمى رقابة الأسعار والجودة (إعلام حوثي)

لكنَّ السبب الأهم في التراجع عن الإعلانات هو استغلال الجماعة الحوثية تلك الإعلانات لفرض مزيد من الجبايات والإتاوات عليها، بحجة أن الإعلانات تسبِّب لها مزيداً من المكاسب المالية.

وفي ظل تراجع الشركات عن الإعلان عن منتجاتها وخدماتها أُصيبت سوق الإعلانات بالركود بدورها، وزادت معاناة العاملين في هذا القطاع من البطالة وتردي المداخيل.