مادة الأسبستوس الخطرة تغطي ركام غزة... ماذا نعرف عنها؟

مادة الأسبستوس الخطرة تغطي ركام غزة... ماذا نعرف عنها؟
TT

مادة الأسبستوس الخطرة تغطي ركام غزة... ماذا نعرف عنها؟

مادة الأسبستوس الخطرة تغطي ركام غزة... ماذا نعرف عنها؟

أفادت تقارير أممية بوجود مادة خطرة، وهي مادة الأسبستوس، وسط الركام في قطاع غزة، والتي قد تُصعّب عملية إزالة الأنقاض بعد توقف الحرب.

وكانت الأمم المتحدة قد أشارت في تقدير لها الشهر الماضي إلى أن الركام الذي خلَّفه القصف الإسرائيلي يُقدر بأكثر من 50 مليون طن، وأن إزالته قد تستغرق 21 عاماً، وتكلف 1.2 مليار دولار.

وكانت تقارير للأمم المتحدة قد أفادت بأن الأنقاض التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية على القطاع تحتوي على «مئات الآلاف من الأطنان من الأسبستوس».

وقال خبير إزالة المُتفجرات في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS)، تشارلز بيرش، في تصريحات سابقة: «إن غزة يوجد بها أنقاض أكثر من أوكرانيا، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن طول خط الجبهة الأوكراني يبلغ 600 ميل (965 كيلومتراً) وغزة 25 ميلاً (40 كيلومتراً)».

ما الأسبستوس؟

ويعد الأسبستوس مجموعة ألياف معدنية كانت لها، ولا تزال، استخدامات تجارية واسعة النطاق، ويمكن أن تُسبب الوفيات، كما أنها يمكن أن تُصيب العمال وغيرهم من الأشخاص الذين يتعرضون لهذه الألياف.

كما يُطلق مصطلح «الأسبستوس» على مجموعة معادن ليفية تتكون طبيعيّاً ولها فائدة تجارية؛ نظراً لمقاومتها غير العادية لقوة الشد، ورداءة توصيلها للحرارة، ومقاومتها النسبية لهجمات المواد الكيميائية عليها.

وتُستخدم مادة الأسبستوس لأغراض العزل داخل المباني، وفي تشكيلة مكونات عدد من المنتجات، مثل ألواح التسقيف، وأنابيب الإمداد بالمياه، وبطانيات إطفاء الحرائق، ومواد الحشو البلاستيكية، والعبوات الطبية، فضلاً عن استخدامها في قوابض السيارات وبطانات مكابح السيارات ومنصاتها، وفقاً لمنظمة الصحة.

وهناك 6 أشكال رئيسية من الأسبستوس، ومن أكثرها استخداماً حالياً الكريسوتيل (الأسبستوس الأبيض). ووفق تقييم أجرته منظمة الصحة العالمية، تُسبب جميع أشكال الأسبستوس أنواعاً من السرطان، ويُسبب الأسبستوس أيضاً أمراضاً تنفسية مزمنة. كما يستخدم الأسبستوس في مواد البناء؛ لذلك فإن كل شخص يشارك في بناء المباني التي استخدم فيها الأسبستوس وصيانتها وهدمها معرض للخطر، حتى بعد سنوات أو عقود كثيرة من وضع الأسبستوس.

وقد أجرت منظمة الصحة العالمية تقييماً لجميع أشكال الأسبستوس الستة الرئيسية، وخلصت إلى أنها تُسبب السرطان للبشر. ويسبب التعرض للأسبستوس، بما في ذلك الكريسوتيل، سرطان الرئة والحنجرة والمبيض وورم المتوسطة (سرطان البطانات الجنبية والبريتونية). وهناك أيضاً أدلة علمية واضحة تظهر أن الأسبستوس يُسبب أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل الأسبست (تليف الرئتين) وغيره من الآثار الضارة للرئتين.

سرطان ووفيات

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يتعرّض نحو 125 مليون شخص في جميع أنحاء العالم للأسبستوس في أماكن عملهم حالياً.

وتُشير تقديرات المنظمة إلى أن أكثر من 107 آلاف شخص يقضون نحبهم كل عام بسبب سرطان الرئة وورم المتوسطة وداء مادة الأسبستوس نتيجة التعرض لتلك المادة في أماكن عملهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن هناك أكثر من 200 ألف حالة وفاة في العالم كل عام بسبب الأسبستوس، إلى جانب عبء كبير من اعتلال الصحة.

وتُشير تقديرات المنظمة أيضاً إلى أن مادة الأسبستوس تقف وراء ثلث الوفيات الناجمة عن أنواع السرطان التي تحدث جرّاء التعرض لعوامل مسرطنة في مكان العمل، وإلى إمكانية عزو آلاف من الوفيات التي تحدث كل عام إلى حالات التعرض للأسبستوس في البيت.

وكانت هناك أنباء تشير إلى انتشار مادة الأسبستوس في القطاع الذي تعرض لتدمير واسع، وذلك بعد تقارير تفيد بأن شخصين على الأقل أصيبا بجروح خطيرة في غزة بعد فتح علب صفيح تم التعرف عليها في البداية على أنها طعام مُفخخ، لكنها في الواقع تحتوي على فتائل للألغام، التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لتفجير شحنات متفجرة أكبر، بهدف تدمير الأنفاق وهدم المباني التي يُزعم أنها مرتبطة بحركة «حماس».

وتعد معالجة أزمة الأنقاض تحدياً كبيراً في قطاع غزة، بسبب انتشارها في مختلف أنحاء القطاع، وتعرض عدد من المناطق لتدمير شديد. كما أن حجم الأنقاض هائل، ما يزيد من تعقيد الأزمة الكم الكبير من الذخائر غير المنفجرة، إضافة إلى المخاطر الناجمة عن الأسبستوس وغيره من الملوثات، خصوصاً في مخيمات اللاجئين. كما تُضاف إلى ذلك المعاناة من العدد الكبير للجثث التي لا تزال ملقاة بين الأنقاض، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.


مقالات ذات صلة

الكرملين ينتظر مزيداً من التفاصيل حول خطة ترمب بشأن «تملُّك» غزة

المشرق العربي المتحدث باسم «الكرملين» ديمتري بيسكوف يتحدث خلال المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس بوتين يوم 19 ديسمبر 2024 (د.ب.أ) play-circle

الكرملين ينتظر مزيداً من التفاصيل حول خطة ترمب بشأن «تملُّك» غزة

قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، الاثنين، بشأن خطة ترمب لتملُّك أميركا قطاع غزة، إنه «علينا أن ننتظر التفاصيل بشأن هذا الأمر».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري فلسطينيون يعبرون الأحد محور نتساريم باتجاه شمال غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:37

تحليل إخباري ماذا يعني الانسحاب الإسرائيلي من محور نتساريم؟

مثّل محور نتساريم أهمية أمنية قصوى لتل أبيب طوال سنوات حتى كاد أن يفشل مفاوضات أوسلو في تسعينات القرن الماضي فماذا يعني انسحاب إسرائيل منه الآن؟ وهل يستمر؟

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم العربي قوات إسرائيلية في غزة (أ. ب)

الجيش الإسرائيلي يقتل 7 فلسطينيين في مناطق متفرقة من غزة

أفاد التلفزيون الفلسطيني، اليوم الأحد، بأن قوات الجيش الإسرائيلي قتلت ثلاثة مواطنين قرب دوار الكويت، جنوب مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يشقون طريقهم بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من معبر نتساريم مما يسمح للناس بالسفر في كلا الاتجاهين بين جنوب قطاع غزة وشماله (رويترز) play-circle

العثور على جثث وهياكل عظمية بعد الانسحاب الإسرائيلي من محور نتساريم

أفادت مصادر فلسطينية، اليوم الأحد، بالعثور على جثث وهياكل عظمية لعدد من المواطنين بعد الانسحاب الإسرائيلي من محور نتساريم وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج نازحون أجبرتهم إسرائيل على الانتقال من خان يونس إلى جنوب قطاع غزة خلال الحرب (أ.ف.ب)

رفض عربي وإسلامي لتصريحات الاحتلال الإسرائيلي ضد السعودية

رفضت دول عربية، و«منظمة التعاون الإسلامي»، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضد السعودية بشأن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

توقعات أممية بانعدام الغذاء لـ17 مليون يمني

الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
TT

توقعات أممية بانعدام الغذاء لـ17 مليون يمني

الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية تستغل مختلف المناسبات وبينها رمضان لفرض مزيد من الجبايات (أ.ف.ب)

توقعت الأمم المتحدة أن يواجه أكثر من 17 مليون يمني، أغلبهم في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال العام الجاري، وهو رقم يساوي نصف سكان البلاد، وفق التقديرات.

وأورد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في تقرير خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الجاري أن 17.1 مليون شخص، أي نحو 49 في المائة من سكان البلاد، سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال هذا العام، وبانخفاض قدره نصف مليون شخص عن العام السابق له الذي كان يُقدر بـ17.6 مليون شخص.

الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

وطبقاً للتقرير، فإن أزمة الغذاء الممتدة في اليمن، نتيجة تفاعل معقد بين نقاط الضعف والعوامل المتفاقمة التي تشمل «الصراعات المتقطعة، والنزوح، والاضطرابات الاقتصادية، وعدم استقرار العملة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفرص الدخل، وسبل العيش المحدودة، وتأثيرات تغير المناخ».

وبيَّن التقرير أن 12.4 مليون شخص، أو ما نسبته 73 في المائة من إجمالي الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد هذا العام، يوجدون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مقابل 4.7 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

ومن بين هؤلاء سيعاني 5.1 مليون شخص من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وبواقع 4 ملايين شخص في مناطق الحوثيين و1.1 مليون آخرين في مناطق الحكومة.

وتستهدف خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام الوصول إلى 12 مليوناً من الأشخاص الأكثر عرضةً لانعدام الأمن الغذائي الحاد؛ من بينهم 6.6 مليون طفل، و2.6 مليون امرأة، و2.8 مليون رجل من خلال توفير المساعدات الغذائية الطارئة ودعم سبل العيش.

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تشهد مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن ركوداً اقتصادياً متفاقماً، إذ تعاني الشركات التجارية الكساد بفعل تراجع القدرة الشرائية للسكان وتأثيرات أحداث البحر الأحمر بالإضافة إلى الجبايات المفروضة عليها، وسط توقعات أممية بمعاناة نصف سكان البلاد من الجوع خلال العام الجاري، أغلبهم في مناطق سيطرة الحوثيين.

أكثر من 4 ملايين يمني في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مستوى حرجاً من الجوع (الأمم المتحدة)

أزمة الشركات

إلى ذلك، ذكرت مصادر تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية الشركات تبحث عن وسائل وتدابير لتخفيف الأعباء المالية، حيث لجأ بعضها إلى إغلاق عدد من فروعها ونقاط البيع التابعة لها، والاعتماد على وكلاء محليين من تجار الجملة والتجزئة، كما اتجه عدد منها إلى تسريح العمال والموظفين والتخفيف من الإعلانات التجارية بمختلف أشكالها.

وكشف موظف في إحدى الشركات التجارية عن أنه وزملاءه حصلوا على إجازة من دون راتب تبدأ قبل شهر رمضان بأسبوع، وتنتهي بعده بأسبوعين على الأقل، حسبما سيجري من تطورات تمكِّن الشركة من الحصول على بضائعها المستوردة وإيصالها إلى الأسواق اليمنية بأقل التكاليف.

وحسب إفادة المصدر لـ«الشرق الأوسط» منحت الشركة الموظفين مبالغ مالية في صورة مكافآت وسلة غذائية لشهر رمضان، وأبلغت الموظفين أن أسباب ذلك تعود إلى حالة الكساد التي تعاني منها، والتكاليف الإضافية التي اضطرت إلى تحملها من أجل وصول البضائع المستوردة، بسبب اضطرابات البحر الأحمر وتراجع كفاءة ميناء الحديدة بعد الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفته.

حملة جبايات حوثية في أسواق صنعاء خلال أواخر العام الماضي (فيسبوك)

ودأبت الجماعة الحوثية على استغلال المناسبات لفرض جبايات على الشركات والتجار والباعة والمحلات تحت مسميات مختلفة، ومع قدوم شهر رمضان فإن الجبايات التي يجري فرضها تتخذ مسميات دعم الهيئات والمؤسسات الحوثية.

وتمنع الجماعة التجار والشركات من تقديم أي مساعدات مباشرة للسكان تحت أي مبرر، وتفرض توجيه تلك التبرعات عبر القنوات التي تديرها وتسيطر عليها، في ظل اتهامات لها باستخدام الأموال التي تجمعها بالإكراه في إثرائها أو تقديمها لأتباعها ومقاتليها في الجبهات.

كما تُتهم الجماعة باستخدام المساعدات في إغراء العائلات بتجنيد أطفالها واستقطاب أتباع جدد.

ركود قطاع الإعلانات

ويشتكي التجار من أن الجماعة الحوثية لا تكتفي بفرض الجبايات والإتاوات عليهم، بل تجبرهم على البيع بالأسعار التي تحددها لهم، وتوقع العقوبات والغرامات المتنوعة عليهم في حال مخالفتهم لها، وهو ما يزيد من الأعباء المالية عليهم، لعدم قدرتهم على تحقيق الأرباح بعد ما أُجبروا على دفعه من أموال، وعدم تمكنهم من زيادة الأسعار.

الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة عطلت الاستيراد وأضرَّت بالقطاع التجاري (رويترز)

وقال أحد التجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة الحوثية باتت تدرك مستوى تراجع القدرة الشرائية للسكان، وما يلحق بالتجار من خسائر نتيجة ذلك، فلجأت إلى فرض جبايات وإتاوات سابقة على المناسبات التي كانت في السابق تمثل مواسم تجارية تحقق مزيداً من الأرباح.

ووفقاً للتاجر، فإن الجماعة الحوثية تبدأ موسم الجبايات عن شهر رمضان قبل قدومه بأسابيع، كي تتجنب شكاوى التجار من الكساد والركود.

وبينما يشتكي قطاع الإعلانات من تراجع سوق الدعاية خلال شهر رمضان، وعزوف الشركات التجارية عن الإعلان عن منتجاتها وسلعها في وسائل الإعلام ورعاية البرامج التلفزيونية بسبب الكساد والركود؛ يشكو عدد من أكبر البيوت والشركات التجارية من إجبارها على الإعلان في وسائل الإعلام التابعة للجماعة الحوثية من خلال الابتزاز.

وأوضحت المصادر التجارية أن الشركات تراجعت خلال السنوات الأخيرة عن بث إعلاناتها على وسائل الإعلام في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بسبب تراجع مبيعاتها وأرباحها وانخفاض القدرة الشرائية للسكان.

مشرفون حوثيون ينفّذون حملة جبايات في الحديدة تحت مسمى رقابة الأسعار والجودة (إعلام حوثي)

لكنَّ السبب الأهم في التراجع عن الإعلانات هو استغلال الجماعة الحوثية تلك الإعلانات لفرض مزيد من الجبايات والإتاوات عليها، بحجة أن الإعلانات تسبِّب لها مزيداً من المكاسب المالية.

وفي ظل تراجع الشركات عن الإعلان عن منتجاتها وخدماتها أُصيبت سوق الإعلانات بالركود بدورها، وزادت معاناة العاملين في هذا القطاع من البطالة وتردي المداخيل.