تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»

ترقّب لموقف ترمب وسط إصرار العسكريين الأميركيين على دعم «قسد»

تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»
TT

تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»

تركيا لمحور ضغط إقليمي يُنهي مشكلة المسلحين الأكراد و«داعش»

تكثّف تركيا مساعيها لتطويق «وحدات حماية الشعب الكردية» أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ونزع الذريعة الأميركية لدعمها بوصفها حليفاً في الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.

وبدا في الأيام الأخيرة أن أنقرة تسعى إلى تشكيل محور ضغط مع الإدارة السورية الجديدة والحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان وإيران؛ للقضاء على وجود مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في شمال سوريا، وإجبار الوحدات الكردية على إلقاء أسلحتها ومغادرة مقاتليها الأجانب إلى خارج الأراضي السورية والاندماج في الجيش السوري الموحّد.

وفي الوقت ذاته، تسعى تركيا إلى تنسيق الجهود الرامية لمنع عودة نشاط تنظيم «داعش» الإرهابي، ونقل المسؤولية عن حماية السجون التي يوجد فيها مسلحوه وعائلاتهم في سوريا إلى الإدارة السورية، مع استعداد تركيا لتقديم الدعم في حراسة هذه السجون، وهي الذريعة التي تسوقها أميركا لاستمرار دعمها للوحدات الكردية، الذي يشكّل ملفاً خلافياً مع واشنطن.

بين بغداد ودمشق

في هذا الإطار زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بغداد، الأحد، وبالتزامن زار رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، دمشق، والتقى القائد العام للإدارة السورية، أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني.

فيدان ونظيره العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحافي في بغداد الأحد (رويترز)

وأكد فيدان، بعد مباحثاته في بغداد، ضرورة توحيد الجهود الإقليمية للقضاء على تنظيمات «داعش»، و«حزب العمال الكردستاني»، و«وحدات حماية الشعب الكردية».

وجاءت زيارة فيدان للعراق، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين لدمشق، وهي الثانية بعد سقوط الأسد، وسط دعوات متكررة من أنقرة إلى حل «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال شرقي سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي، وتهديدها بشن عملية جديدة عبر الحدود ضدها ما لم تمتثل للشروط.

وقال فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي فؤاد حسين، إنه نقل مجدداً توقعات تركيا من العراق بشأن تصنيف «حزب العمال الكردستاني» منظمة إرهابية رسمياً، وذلك بعد أن صنّفته بغداد «منظمة محظورة» العام الماضي.

وأضاف: «أود أن أؤكد بقوة هذه الحقيقة: (حزب العمال الكردستاني) يستهدف تركيا والعراق وسوريا، ومن أجل مستقبل منطقتنا وازدهار شعوبنا، يتعيّن علينا أن نخوض معركة مشتركة ضد الإرهاب، يتعيّن علينا تدمير (داعش) و(حزب العمال الكردستاني) بكل ما أُوتينا من قوة».

ولفت إلى أنه ناقش خلال زيارته آليات التعاون الممكنة في مجالي الاستخبارات والعمليات، فضلاً عن مشاركة دول المنطقة في الحرب ضد تنظيم «داعش».

وكان وزير الخارجية العراقي، حذّر في تصريحات، الخميس، خلال مشاركته في منتدى «دافوس» من أن مهاجمة تركيا مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا تنطوي على مخاطر وستزيد مشكلة اللاجئين.

تحركات إقليمية

وتحدّثت بعض التقارير عن أن زيارة فيدان لبغداد ولقاءه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، إلى جانب مباحثاته مع نظيره فؤاد حسين، استهدفت الاتفاق على عقد اجتماعات لممثلين عن تركيا وسوريا والعراق وإقليم كردستان وإيران؛ لمناقشة المشكلات الأمنية الناجمة عن تهديد المسلحين الأكراد، وما يتعلّق بتهديد تنظيم «داعش» بعد سقوط نظام الأسد، ومناقشة تأمين السجون التي تخضع لسيطرة «قسد»، لا سيما مخيم الهول الذي يضم آلاف السجناء من «داعش» وعائلاتهم الذين تتخوّف بغداد من أن يؤدي الإفراج عنهم إلى تهديد أمن العراق.

وأكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، خلال المؤتمر الصحافي مع فيدان، مخاطر تنظيم «داعش» على الحدود العراقية - السورية - التركية، قائلاً إنه «جرت مناقشة الظروف المحيطة بين البلدين، خصوصاً ما يتعلّق بالتعامل مع الوضع في سوريا؛ حيث يجري التواصل المستمر مع الإدارة الجديدة في دمشق». وأضاف أنه «جرت مناقشة الوضع الأمني ووجود تنظيم (داعش) الإرهابي على الحدود، وستُعقد اجتماعات متعددة بين الجانبين للبحث في ملفات المنطقة ومحاربة الإرهاب».

امرأة تسير بجانب سور سجن الصناعة الذي يضم عناصر من «داعش» في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وصدرت عن أنقرة تصريحات متكررة في الفترة الأخيرة تنتقد استمرار الدعم الأميركي لـ«قسد» التي تستخدمها حارساً على سجون «داعش» في شمال شرقي سوريا، وأكد فيدان أن الإدارة السورية الجديدة قادرة على القيام بهذه المهمة، وأن تركيا ستدعمها في هذه المهمة إذا طلبت ذلك.

ترقب لموقف ترمب

وتنتظر أنقرة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن يفي بتعهداته خلال ولايته السابقة بسحب القوات الأميركية من سوريا، ووقف الدعم المقدم إلى الوحدات الكردية، لكن التصريحات الصادرة عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتحركات القادة العسكريين الأميركيين في الفترة الأخيرة، وقبل أيام من تولي إدارة ترمب، أشارت جميعها إلى استبعاد أي تغيير في المستقبل على العلاقة مع «قسد» أو تقديم أي إشارة لانسحاب أميركي محتمل.

قوات التحالف الدولي تعزّز وجودها في قواعدها شمال شرقي سوريا بالتعاون مع «قسد» («تويتر»)

ودفع هذا بعض المراقبين والمحللين الأتراك، ومنهم الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة، فاتح تشيكيرجه، إلى التساؤل عما إذا كان ذلك سيشكّل ضغطاً على الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترمب، وفي الوقت ذاته، على إدارة الشرع في دمشق، التي لا ترغب في وجود بيئة صراع في سوريا خلال الوقت الراهن، والتي تعمل على إقناع «قسد» بإلقاء أسلحتها بالطرق السلمية والاندماج في الجيش الموحّد.

وقال تشيكيرجه إن هذا السؤال تصعب عليه الإجابة في الوقت الراهن، لكن ما هو معروف جيداً أن تركيا لن تسمح بـ«ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية.


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.