مصادر تؤكد إلغاء سوريا عقد إدارة ميناء مع شركة روسية

العقد المُلغى منفصل عن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس التي بناها الاتحاد السوفياتي

سفينة روسية في ميناء طرطوس (أرشيفية - سانا)
سفينة روسية في ميناء طرطوس (أرشيفية - سانا)
TT

مصادر تؤكد إلغاء سوريا عقد إدارة ميناء مع شركة روسية

سفينة روسية في ميناء طرطوس (أرشيفية - سانا)
سفينة روسية في ميناء طرطوس (أرشيفية - سانا)

قال ثلاثة رجال أعمال سوريين ووسائل إعلام إن الإدارة السورية الجديدة ألغت عقداً مع شركة روسية لإدارة وتشغيل ميناء طرطوس وقِّع في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، فقد قال متحدثون باسم الحكومة السورية إنهم لا يستطيعون تأكيد التقارير، ولم يرد البعض الآخر على طلبات للتعليق. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية شبه الرسمية، أمس الخميس، عن مدير جمارك طرطوس، رياض جودي، قوله إن عقد الاستثمار ألغي بعد أن فشلت شركة «إس تي جي سترويترانسجاز» الروسية في الوفاء بشروط الصفقة المبرمة عام 2019 التي تضمنت استثمارات في البنية التحتية. وأكد هذا التقرير ثلاثة رجال أعمال سوريين أحدهم يعمل في ميناء طرطوس.

و«إس تي جي سترويترانسجاز» هي شركة إنشاءات كبرى كانت مهمتها الاستثمار وتطوير الميناء التجاري في طرطوس، وهو ثاني أكبر ميناء في سوريا بعد ميناء اللاذقية. ويعدُّ العقد منفصلاً عن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس التي بناها الاتحاد السوفياتي في سبعينات القرن الماضي في إطار اتفاق عسكري يعود إلى عقود مضت بين موسكو ودمشق بشأن استخدام الميناء المطل على البحر المتوسط.

وقالت روسيا والإدارة الحاكمة الجديدة في سوريا إنهما تجريان محادثات بشأن مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا بعد أن أطاحت جماعات من المعارضة السورية بالأسد حليف روسيا في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024.


مقالات ذات صلة

الشرع يلتقي أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني

المشرق العربي الشرع مرحباً بوفد الائتلاف الوطني والمعارضة وأعضاء هيئة التفاوض السورية (سانا)

الشرع يلتقي أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني

اجتمع الرئيس السوري، أحمد الشرع، مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، بحسب ما ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) الأربعاء.

موفق محمد (دمشق )
الولايات المتحدة​ صورة عامة لمخيم الهول للنازحين في محافظة الحسكة بسوريا 2 أبريل 2019 (رويترز) play-circle

واشنطن: لا يمكننا دفع تكاليف معسكرات سجناء «داعش» في سوريا للأبد

قالت واشنطن إن المساعدات الأميركية لإدارة وتأمين معسكرات في شمال شرقي سوريا تضم ​​سجناء مرتبطين بتنظيم «داعش» لا يمكن أن تستمر إلى الأبد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص رماد بقايا دولارات مزوّرة أحرقت قبل إخلاء المنطقة (الشرق الأوسط) play-circle

خاص تركة «حزب الله» في سوريا... معامل مخدرات ومصانع دولارات مزوّرة

«الشرق الأوسط» ترافق قوة أمنية سورية عثرت على عشرات المعامل التي كانت تصنع المخدرات وتزيّف الدولارات على الحدود مع لبنان.

كمال شيخو (القصير (حمص))
المشرق العربي الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع (أ.ف.ب) play-circle

المبعوث الأممي لسوريا: تصريحات دمشق تتماشى مع مبادئ قرار مجلس الأمن حول الحكم والدستور

أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون أن التصريحات الصادرة عن السلطات في دمشق تظهر تماشياً كبيراً مع المبادئ الرئيسة لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أسعد الشيباني وزير الخارجية السوري في السلطة الانتقالية سيمثل بلاده في المؤتمر الدولي في العاصمة الفرنسية (د.ب.أ)

انطلاق مؤتمر الدعم لسوريا في باريس الخميس

باريس عملت لتعبئة عربية ودولية في مؤتمر الدعم لسوريا من أجل مواكبة العملية الانتقالية، وماكرون سيختتم المؤتمر ويرجح إعلانه إعادة فتح سفارة بلاده في دمشق

ميشال أبونجم (باريس)

«حملة لاستئصال الفساد»... حكومة سوريا الجديدة تستهدف رجال أعمال الأسد

البنك المركزي السوري في دمشق (رويترز)
البنك المركزي السوري في دمشق (رويترز)
TT

«حملة لاستئصال الفساد»... حكومة سوريا الجديدة تستهدف رجال أعمال الأسد

البنك المركزي السوري في دمشق (رويترز)
البنك المركزي السوري في دمشق (رويترز)

تدقق الحكومة السورية الجديدة في إمبراطوريات الشركات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والمملوكة لحلفاء الرئيس المخلوع بشار الأسد، وأجروا محادثات مع بعض هؤلاء الأثرياء فيما يقولون إنها حملة لاستئصال الفساد والنشاط غير القانوني.

بعد تولي السلطة في ديسمبر (كانون الأول)، تعهدت السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع، التي تدير سوريا الآن، بإعادة إعمار البلاد بعد حرب أهلية وحشية استمرت 13 عاماً، وكذلك بإنهاء النظام الاقتصادي شديد المركزية والفاسد الذي هيمن عليه أتباع الأسد، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ولتحقيق هذه الأهداف، شكَّلت السلطة التنفيذية لجنة مكلفة بتحليل المصالح التجارية المتشعبة لكبار رجال الأعمال المرتبطين بالأسد مثل سامر فوز ومحمد حمشو، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر لـ«رويترز».

ووفق مراسلات اطَّلعت عليها «رويترز» بين مصرف سوريا المركزي والبنوك التجارية، فإن الإدارة الجديدة أصدرت أوامر بعد أيام من السيطرة على دمشق تهدف إلى تجميد الأصول والحسابات المصرفية للشركات والأفراد المرتبطين بالأسد، وشملت في وقت لاحق على وجه التحديد أولئك المدرجين على قوائم العقوبات الأمريكية.

مواطنون يصطفون أمام المقر الرئيسي لمصرف سوريا المركزي في دمشق (أ.ف.ب)

وذكر مسؤول حكومي ومصدران سوريان مطّلعان على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن حمشو وفوز عادا إلى سوريا من الخارج والتقيا شخصيات بارزة في هيئة تحرير الشام في دمشق في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على حمشو وفوز منذ عامي 2011 و2019 على الترتيب.

رجل الأعمال السوري محمد حمشو

وأوضحت المصادر الثلاثة أن الرجلين، اللذين يثيران استهجان كثير من السوريين العاديين بسبب علاقاتهما الوثيقة مع الأسد، تعهَّدا بالتعاون مع جهود تقصي الحقائق التي تبذلها القيادة الجديدة.

وتتهم وزارة الخزانة الأمريكية مجموعة «أمان القابضة» التي يملكها فوز بالتربح من الحرب في سوريا، وتتنوع أعمالها بين صناعة الأدوية وتكرير السكر والتجارة والنقل.

وبالمثل، فإن مصالح حمشو التي تندرج تحت مجموعة «حمشو الدولية» واسعة النطاق، تتراوح بين البتروكيماويات والمنتجات المعدنية إلى الإنتاج التلفزيوني.

ولم يستجب حمشو، الذي اتهمته وزارة الخزانة الأمريكية بأنه واجهة للأسد وشقيقه ماهر، لطلب من «رويترز» للتعليق. ولم يتسنَّ الوصول إلى فوز للتعقيب.

ولم يسبق الإعلان عن إنشاء اللجنة، التي لا يُعرف أعضاؤها، أو المحادثات بين الحكومة السورية الجديدة واثنين من رجال الأعمال اللذين ربطتهما صلات وثيقة بحكومة الأسد ويسيطران على قطاعات كبيرة من الاقتصاد السوري.

ويقول محللون ورجال أعمال سوريون إن النهج الذي ستتَّبعه الحكومة السورية الجديدة تجاه الشركات القوية المرتبطة بالأسد، والذي لم يتضح بالكامل بعد، سيكون أساسياً في تحديد مصير الاقتصاد في الوقت الذي تكافح فيه الإدارة لإقناع واشنطن وحلفائها برفع العقوبات.

وأكد وزير التجارة ماهر خليل الحسن، ورئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية، لـ«رويترز»، أن الحكومة على اتصال ببعض رجال الأعمال المرتبطين بالأسد دون تحديدهم، أو الخوض في تفاصيل.

وأكد خلدون الزعبي، الذي تعاون مع فوز لفترة طويلة، أن شريكه أجرى محادثات مع السلطات السورية لكنه لم يؤكد معلومة زيارته للبلاد.

وقال الزعبي، من بهو فندق «فور سيزونز» في وسط دمشق، الذي تملك مجموعة فوز حصة أغلبية فيه: «أبلغهم فوز بأنه مستعد للتعاون مع الإدارة الجديدة وتقديم كل الدعم للشعب السوري والدولة الجديدة. وهو مستعد لفعل أي شيء يُطلب منه».

رجل يقف بالقرب من السيارات المتوقفة في فندق «فور سيزونز» بدمشق (رويترز)

وقال المصدران السوريان إن فوز، الذي يحمل الجنسية التركية، غادر دمشق بعد المحادثات. ولم يتسنَّ لـ«رويترز» التأكد من مكان حمشو.

«اقتصاد البلد في أيديهم»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على فوز وحمشو وآخرين ممن لعبوا دوراً اقتصادياً بارزاً، ومن بينهم ياسر إبراهيم، أكثر مستشار حظيَ بثقة الأسد.

ويقول محللون سوريون إن نحو 12 رجلاً يشكلون الحلقة الضيقة من أباطرة الأعمال المرتبطين بالنظام السابق، ويعدهم المسؤولون الحكوميون، الذين عيّنتهم هيئة تحرير الشام، أشخاصاً محل اهتمام.

وأمرت السلطات السورية الشركات والمصانع التابعة أو المرتبطة بأباطرة الأعمال بمواصلة العمل تحت إشراف سلطات هيئة تحرير الشام فيما تحقق اللجنة في أعمالها المختلفة.

وقال وزير التجارة لـ«رويترز» خلال مقابلة في أوائل يناير: «سياستنا هي السماح لموظفيهم بمواصلة العمل وتوريد السلع إلى السوق مع تجميد تحركات أموالهم الآن».

وزير التجارة السوري ماهر خليل الحسن يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في دمشق 6 يناير 2025 (رويترز)

وأضاف: «إنه ملف ضخم. اقتصاد البلد في أيديهم (حلفاء الأسد من رجال الأعمال). لا يمكنك أن تطلب منهم المغادرة ببساطة»، موضحاً أن الحكومة الجديدة لا تستطيع تجنب التعامل معهم.

وذكرت مصادر مطلعة بشكل مباشر أن مجموعة «حمشو الدولية» من ضمن الشركات التي وُضعت تحت إشراف هيئة تحرير الشام.

ووجدت «رويترز» خلال زيارة قامت بها في أواخر يناير أن القليل من العمل كان يجري في مقر المجموعة الحديث متعدد الطوابق في دمشق، حيث تعرض بعض المكاتب للنهب عقب سقوط الأسد.

وقال موظف، طلب عدم نشر اسمه، إن الموظفين تلقوا تعليمات بالتعاون الكامل مع الإدارة السورية الجديدة، التي يزور أفراد منها الشركة بانتظام سعياً للحصول على معلومات.

ويقول بعض خبراء الاقتصاد إن الوضع الاقتصادي المزري في البلاد يجبر الشركات المحلية الكبرى على مواصلة العمل بغضّ النظر عمّن قد تكون تابعة له.

وتقول الأمم المتحدة إن 90 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

ورغم توافر السلع الأساسية قليلاً بعد رفع القيود التجارية الصارمة عقب سقوط الأسد، لا يزال كثير من السوريين يجدون صعوبات في تحمل تكلفتها.

وقال كرم شعار، مدير شركة استشارات اقتصادية تركز على سوريا وتحمل اسمه: «على السلطات السورية توخي الحذر قبل شن حملة صارمة على فلول النظام السابق لأن هذا قد يؤدي إلى نقص كبير (في السلع)».

«أكبر قدر ممكن من العدالة»

قال رجلا أعمال بارزان والمسؤول الحكومي إن الكثير من الأثرياء السوريين لم يكن لديهم وقت للتصرف في أصولهم المحلية أو نقلها بسبب سرعة سقوط الأسد وهروبه في الثامن من ديسمبر إلى روسيا، مما أعطى الإدارة السورية الجديدة فرصة لاستغلال ذلك بقوة في التعامل معهم. وتم تجميد أصولهم منذ ذلك الحين.

لكن عدم تعامل سلطات هيئة تحرير الشام بشفافية مع الأباطرة وأعمالهم التجارية يهدد بردود فعل عكسية.

وقال شعار الذي يدعو إلى اتّباع مسار قانوني صارم: «النهج العام تجاه فلول نظام الأسد غير واضح وقد يعتمد على الفاعل وعلى مقدار الدعم الذي يتمتعون به أيضاً».

واعترف رئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية، الذي عُين للتعامل مع المستثمرين الأجانب المحتملين وتقديم المشورة للسلطات الحاكمة الجديدة بشأن السياسة الاقتصادية، بالمخاوف الشعبية بشأن مستقبل الشركات المرتبطة بالنظام والتي تتفاوت في الحجم والأهمية.

وقال إن رجال الأعمال العاديين، الذين أُجبروا على دفع رشى أو العمل مع النظام، ليسوا تحت نظر الإدارة الجديدة.

لكنه أضاف أن العملية ستكون مختلفة بالنسبة إلى قلة ممن أقاموا شراكات مع الأسد وحققوا ثروات على حساب الدولة وقاموا بأنشطة غير قانونية.

فماهر الأسد على سبيل المثال، الذي تقول الولايات المتحدة إنه كان على صلة بحمشو، يدير الفرقة الرابعة للجيش السوري التي ارتبطت فيما بعد بإنتاج عقار الكبتاغون المشابه للأمفيتامين.

إدارة مكافحة المخدرات تضبط مستودع مخدرات يتبع ماهر الأسد في منطقة الصبورة بريف دمشق (وزارة الداخلية)

وقال حموية: «إذا تغلبت على أحد (أباطرة الأعمال) أو سجنته، فمَن المستفيد؟ عليك أن تعمل ببطء، ومع اللجان والمعلومات والتحقيقات حتى تحقق أكبر قدر ممكن من العدالة».

وذكر الزعبي، الذي حافظ على علاقات مع بعض جماعات المعارضة السورية إلى جانب شراكته مع فوز، أنه فهم من تعاملاته مع الإدارة الجديدة أنها تسعى إلى اتباع نهج «المصالحة».

وأضاف: «أنا متفائل بأن الإدارة الجديدة لا تشخصن الأمور».