تشكيل الحكومة الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان... فأحسنوا الاختيار

نصائح دبلوماسية للقوى السياسية المعنية بتأليفها

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

تشكيل الحكومة الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان... فأحسنوا الاختيار

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

ينصح مصدر دبلوماسي وثيق الصلة بسفراء اللجنة «الخماسية» القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة بتسهيل مهمة الرئيس المكلف القاضي نواف سلام، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لتوفير الأجواء لولادتها اليوم قبل غد؛ كونها تشكل فرصة أخيرة، لن تتكرر، لإخراج لبنان من التأزم. ويدعو المصدر إلى الإفادة من الاندفاع الدولي والعربي الذي قوبل به انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وتكليف سلام رئاسة الحكومة، محذراً من إضاعة اللحظة لإدراج لبنان مجدداً على لائحة الاهتمام الدولي، ناصحاً الكتل النيابية بالتعاون وحسن اختيار الوزراء.

الرئيس الفرنسي يوقِّع على سجل الزوار ويظهر إلى جانبه الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي (أ.ب)

ولفت المصدر الدبلوماسي إلى أنه يتوجب على القوى السياسية الإقرار بلا تردد بأن التحولات التي شهدتها المنطقة أدخلت لبنان في مرحلة سياسية جديدة غير التي كانت قائمة وأدت إلى انهياره.

وسأل المصدر: «على ماذا تراهن؟ ألم يحن الأوان لتعيد النظر في مواقفها وتراجع حساباتها لاستخلاص العبر بأن لبنان لن يُدار كما في السابق، وأنه بات مطلوباً منها بأن تقدّم، بملء إرادتها، التسهيلات الضرورية التي من دونها لا يمكن العبور إلى مرحلة التعافي؟».

الاندفاع الدولي لا يكفي

رأى المصدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن اندفاع الدول العربية وأصدقاء لبنان الدوليين لمساعدته لا يكفي ما لم تبادر القوى السياسية للانتفاضة على نفسها وتحسّن سلوكها السياسي لتكون مؤهلة لتوظيف هذه الاندفاعة في المكان الصحيح. وقال إنه لم يعد من خيار أمامها سوى الاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها الاتفاق لتثبيت وقف النار وانسحاب إسرائيل من البلدات الجنوبية التي تحتلها؛ تمهيداً لتطبيق القرار 1701 الذي بقي عالقاً منذ أن صدر عن مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) 2006.

ودعا المصدر نفسه قيادة «حزب الله» إلى الخروج من حال الإرباك التي أوقعت نفسها فيها. ورأى أن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم كان في غنى عن المواقف التي طرحها؛ لأنها لن تصرف سياسياً لالتحاق الحزب في مشروع إعادة تكوين السلطة في لبنان والانخراط فيه، وقال بأنه يتوخى من تصعيده شد عصب جمهوره ومحاكاة بيئته الحاضنة، ولا يعبّر عن المزاج الشيعي العام الذي يتطلع لعودة الاستقرار في الجنوب ليتفرغ لإعمار البلدات التي دمرتها إسرائيل والتي هي في حاجة إلى مساعدات دولية وعربية.

لا مكان لـ«جيش وشعب ومقاومة»

أكد المصدر الدبلوماسي أنه لم يعد من مكان في البيان الوزاري للحكومة الجديدة لثلاثية «جيش وشعب ومقاومة» التي لن تلقى التجاوب الشعبي المطلوب بينما يستعد لبنان لتطبيق القرار 1701. وقال إن «حزب الله» أخطأ في تقديره رد فعل إسرائيل عندما اتخذ قراره بإسناد غزة من دون العودة إلى الحكومة. وسأل ما إذا كان بادر إلى استمزاج رأي حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري عندما قرر الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل وأصرّ على الربط بين جبهتي الجنوب وغزة.

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

كما سأل المصدر نفسه: «ماذا يقصد الشيخ قاسم بقوله إن المقاومة منعت إسرائيل من التقدم وهو أول العالمين بأنها احتلت البلدات الواقعة على امتداد خطوط المواجهة الأمامية، وسيطرت بالنار على بلدات أخرى في جنوب الليطاني، ومنعت سكانها من الاقتراب منها، وهم ينتظرون انسحابها ليكون في وسعهم العودة إليها».

وقال على الحزب أن يدرك من تلقاء نفسه أن مشاركته في الحكومة يجب أن تكون من غير الحزبيين، والتي يتولى سلام الاتصالات بالقوى السياسية لتأليفها بالتشاور مع عون لتهيئة الظروف أمام إمكانية ولادتها قبل نهاية هذا الأسبوع بالتزامن مع انسحاب إسرائيل، في ضوء التأكيدات الأميركية والدولية بأنه سيحصل في موعده تنفيذاً لما نص عليه الاتفاق.

وأكد أنه يتفهم الدوافع التي أملت على الشيخ قاسم محاكاة جمهوره بمواقف من العيار الثقيل تخالف ما هو قائم على الأرض. وقال إنه يهدف إلى تعبئته وإشعاره بأن المواجهة يمكن أن تحصل في أي وقت، في رده على استفسار محازبيه عن الأسباب الكامنة وراء عدم الرد على الخروق الإسرائيلية للهدنة. ورأى أن مواقفه لن تبدّل من الوضع الميداني على الأرض ولن تفعل فعلها في إدخال أي تعديل على الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية، واعتبر أنه بتصعيده ربما يهدف للضغط على إسرائيل للتقيُّد بالجدول الزمني لانسحابها من الجنوب.

ولفت المصدر نفسه إلى أنه يولي أهمية للدور الذي يتولاه بري لتسهيل تشكيل الحكومة، خصوصاً وأنه لم ينقطع عن تفاؤله، ويكتفي بالتأكيد بأن الأمور ماشية، في تعليقه على الأجواء التي سادت اللقاء الذي عقده سلام مع المعاونين السياسيين لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل، وأمين عام «حزب الله» حسين خليل، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، وتم الاتفاق على أن يبقى مفتوحاً للتداول في أسماء المرشحين لتمثيل الثنائي الشيعي في الحكومة.

وأكد بأن لا مصلحة للحزب بالتمايز عن حليفه بري من موقع الاختلاف في مقاربتهما لتشكيل الحكومة، خصوصاً وأنه لم يعد لديه من حلفاء، مع إعادة خلط الأوراق السياسية التي ظهرت للعلن، سواء بانتخاب الرئيس أو بتسمية رئيس الحكومة المكلف. وقال إن الخيار الوحيد للحزب يكمن بوقوفه خلف بري للحفاظ على تماسك الضرورة بداخل الطائفة الشيعية وإقناع الحزب بوجوب التكيُّف مع المرحلة السياسية الجديدة.

لذلك؛ يبقى الرهان على مدى استعداد القوى السياسية للتجاوب مع الجهود الرامية لتشكيل الحكومة بالمواصفات الدولية لإخراج لبنان من التأزم الذي أوقعته فيه التشكيلات الوزارية السابقة.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمهام عمليات حفظ السلام هيرفى لادوس يعاين عام 2013 ضريحاً يقع على جانبي الحدود بموقع العباد جنوب لبنان (الأمم المتحدة)

اليهود المتدينون يصرون على ضم «تلة العباد» في لبنان

في أعقاب تراجع الجيش الإسرائيلي من لبنان، أبلغ المتدينين اليهود أنه لن يسمح لهم بزيارة ضريح «راب آشي» القائم على تلة العباد اللبنانية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يتموضعون قرب الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)

فرنسا تدعو إسرائيل لـ«انسحاب كامل» من جنوب لبنان «بأقرب وقت»

أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنّ باريس «أخذت علماً» مساء الثلاثاء بانسحاب القوات الإسرائيلية من قرى في جنوب لبنان

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السلك الدبلوماسي العربي برئاسة عميد السلك سفير دولة فلسطين أشرف دبور (الرئاسة اللبنانية)

عون: لا إقصاء لأحد ولبنان لن يكون منصة للهجوم على الدول الشقيقة

أكد رئيس الجمهورية جوزيف عون أن لبنان سيبذل كل جهد ممكن من خلال الخيارات الدبلوماسية ودعم الدول العربية والصديقة لتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة ملتقطة من بلدة العديسة جنوب لبنان في 19 فبراير 2025 في أعقاب انسحاب الجيش الإسرائيلي بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يستهدف عنصراً من «حزب الله» في عيتا الشعب بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، أن سلاح الجو الإسرائيلي استهدف أحد عناصر «حزب الله» في منطقة عيتا الشعب بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

3 قتلى في اشتباكات مع قوات إسرائيلية بمخيم الفارعة بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
TT

3 قتلى في اشتباكات مع قوات إسرائيلية بمخيم الفارعة بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

ذكرت «وكالة الأنباء الفلسطينية» أن 3 أشخاص لم تعرف هويتهم بعد قتلوا مساء اليوم (الأربعاء)، بعدما حاصر الجيش الإسرائيلي منزلاً في مخيم الفارعة جنوب طوباس بالضفة الغربية.

ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية قولها: «ثلاثة مواطنين استشهدوا عقب استهداف جيش الاحتلال للمنزل المحاصر بالرصاص والقذائف، وقام باختطاف جثامينهم».

وقالت مصادر طبية إن طواقم الإسعاف دخلت المنزل بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، وعثرت على أشلاء وآثار دماء.

وأضافت الوكالة أن قوات الاحتلال كانت قد حاصرت المنزل في مخيم الفارعة بعد تسلل قوات خاصة إليه، ودفعت بتعزيزات عسكرية من حاجز الحمرا العسكري باتجاه المخيم.