تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

الشيباني أكد أنه لن يتم السماح بأي تهديدات للجيران وحل مشكلة القوات الكردية بالتفاوض

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
TT

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها مصدراً لتهديد جيرانها، واتفقتا على البدء بعملية سياسية تمهد لاستقرار البلاد وتحتضن جميع أبناء الشعب بلا تفرقة على أساس طائفي أو ديني أو عرقي.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك عقد عقب اجتماع وزراء الخارجية والدفاع ورئيسي جهازي المخابرات في كل من تركيا والإدارة السورية بمقر وزارة الخارجية في أنقرة، الأربعاء: «الآن هو الوقت المناسب للتخلص من الإرهاب والأسلحة، وهو الوقت المناسب للسلام والتضامن والتنمية والازدهار ونبذ الصراعات الداخلية في سوريا».

عملية سياسية شاملة

وأضاف فيدان أن الوقت قد حان لعملية سياسية تشمل كل العناصر العرقية والدينية والطائفية في سوريا، لافتاً إلى أنه «لسوء الحظ، لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا سارية المفعول، ومن الممكن للولايات المتحدة أن تمنح إعفاءً جزئياً، ونعلم أن الاتحاد الأوروبي يعمل على هذا الأمر أيضاً، إذا تم رفع العقوبات فإن العملية سوف تتسارع».

فيدان مصافحاً نظيره السوري خلال استقباله بالخارجية التركية في أنقرة (الخارجية التركية)

ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن نظام بشار الأسد استضاف منظمات إرهابية في سوريا لسنوات، وأن سوريا ستزداد قدرة على محاربة المنظمات الإرهابية بعد سقوط هذا النظام.

وذكر فيدان أن الاجتماع مع الجانب السوري تناول تقديم الدعم من جانب تركيا للعمليات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مضيفاً: «لن نوافق على تقسيم سوريا، وقد حان الوقت لتطهيرها وتطهير المنطقة من الإرهاب والأسلحة، وحان الوقت للسلام والتضامن والتنمية والازدهار، ولم يعد هناك مكان للإرهاب في المنطقة».

وأشار فيدان إلى أن تركيا ستعمل على دعم الإدارة السورية في جميع المجالات سواء إعادة الإعمار أو التنمية وتمهيد الظروف المناسبة لعودة اللاجئين وسيعمل البلدان معاً على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة وغيرها من المجالات.

وأعلن أن القنصلية التركية في حلب ستبدأ العمل في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

بدوره، أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية، أسعد الشيباني أن الإدارة الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا أو لأي دولة أخرى من جيرانها، مشيراً إلى حاجة سوريا إلى دعم حقيقي لإعادة إعمارها وتنميتها.

لا لتقسيم سوريا

وقال الشيباني إن الإدارة السورية ستعمل على عودة سوريا إلى دورها الفاعل البارز في المنطقة بما يحقق الأمن والاستقرار وحسن الجوار، ويد سوريا اليوم ممدودة للعالم أجمع وليست جزيرة منقطعة ضمن مشاريع مشبوهة كما أراد لها النظام السابق.

فيدان والشيباني خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

وأضاف: «إننا نؤكد اليوم أكثر من أي وقت مضي ضرورة تآلف الشعب السوري وتوحده وعدم التفاته للدعوات الطائفية أو التي تسعى لتقسيم مجتمعنا، والتي تحاول تغيير هوية سوريا وحاضرها وماضيها، فسوريا لكل السوريين وليست مرتبطة بفئة من الشعب».

وتابع «أننا نفتح صفحة جديدة بين الشعب السوري ومحيطه ونعمل على بناء الصورة الحديثة القائمة على الأسس الحضارية والأخلاقية لبلادنا، ونعمل كذلك على استكمال وحدة الأراضي السورية وجعلها تحت إشراف الحكومة المركزية في دمشق، فسوريا لا يمكن أن تقسم، ولن يقبل شعبها بذلك، وهذا هو المسار الوحيد لصون سوريا واستعادة سيادتها».

وأكد أن العلاقات بين بلاده وتركيا ستشهد في الفترة المقبلة آفاقاً واسعة للتعاون مع تركيا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيز الروابط الشعبية والبناء على الإرث المشترك.

ولفت إلى أن «الأمن والاستقرار والازدهار مرتبطة بشكل مشترك بين بلدينا ونتطلع لأن تكون العلاقات بينهما نموذجاً صادقاً في العلاقات بين الدول يقوم على احترام سيادة الدولتين ووحدة أراضيهما».

وشدد على أن الإدارة السورية الجديدة لن تسمح بأن تستخدم الأراضي السورية منطلقاً لتهديد الأراضي التركية والشعب التركي، و«سنعمل على إزالة هذه التهديدات عبر العديد من الوسائل، ونشكر تركيا على وضع ثقتها في قدرة الإدارة السورية على معالجة هذه التهديدات، خاصة فيما يتعلق بمنطقة شمال شرقي سوريا».

وأضاف: «إننا نعمل الآن على معالجة هذه القضايا بالتفاوض والحوار ونعتقد أننا سنصل إلى نتائج ملموسة في القريب العاجل».

مباحثات تركية سورية

وعقدت بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء مباحثات تركية مع الإدارة السورية، بصيغة 3+3، شارك فيها وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والسوري أسعد الشيباني، والدفاع التركي يشار غولر والسوري مرهف أبو قصرة، ورئيسا جهازي المخابرات التركي إبراهيم كالين والسوري أنس خطاب.

وزراء خارجية ودفاع ورئيسا مخابرات تركيا وسوريا قبل انطلاق مباحثاتهما بمقر الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

وبحث الاجتماع التطورات في سوريا، وبخاصة وضع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والاشتباكات المستمرة بينها وبين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من تركيا في شرق حلب، وموقف الإدارة السورية منها، حيث ترغب تركيا في حلها وإلقاء أسلحتها وخروج عناصرها الأجنبية من سوريا، وانخراط العناصر السورية في الجيش السوري الموحد.

وبحسب ما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تناولت المباحثات أيضاً ملفات التعاون الأمني والتعاون في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار والتنمية، إلى جانب الملف الأمني والتعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية.

كما تناولت المباحثات ملف العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وجهود رفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقالت المصادر إن الجانب التركي أكد مجدداً دعمه للإدارة السورية في مختلف المجالات لإنجاز المرحلة الانتقالية وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا.

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعضاء الوفد السوري بالقصر الرئاسي في أنقرة.

وكان إردوغان استبق المباحثات بإعلان أنها ستركز عل سبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

تحذير لـ«قسد»

وحذر من أن أنقرة لديها القوة والقدرة على سحق كل التنظيمات الإرهابية في سوريا، بمن فيهم مقاتلو تنظيم «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

إردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان، الأربعاء: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري».

وأضاف أن مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وإن لم تلق تلك الوحدات أسلحتها فلن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة.

وتابع: «إذا كانت سوريا والمنطقة تتخلصان من تهديد (داعش)، فإن تركيا هي القوة العظمى التي لديها القدرة على حل هذه القضية».

وقال إردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق تنظيم (داعش) و(الوحدات الكردية)، وجميع التنظيمات الإرهابية في وقت قصير».

وشدد إردوغان على أن تركيا تتابع وتدعم حل كل قضايا الإخوة الأكراد في سوريا، وأن تركيا هي الضامنة لأمن الأكراد.

بدوره، قال وزير الدفاع يشار غولر، رداً على سؤال حول عملية عسكرية تركية محتملة ضد «قسد» في شرق الفرات، إن العمليات والضربات مستمرة، لافتاً إلى تنفيذ عدد كبير من الضربات، الثلاثاء، مضيفاً: «مكافحة الإرهاب مستمرة».


مقالات ذات صلة

الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

المشرق العربي امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)

الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية أسعد الشيباني أنه سيتم خلال المرحلة الانتقالية وضع دستور على أساس الحوار الوطني يضمن حقوق جميع السوريين على قدم المساواة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي ونظيره التركي ترأسا جولة المشاورات في أنقرة الأربعاء (واس)

مشاورات سعودية - تركية لتعزيز التعاون الثنائي

بحثت جولة المشاورات السياسية الثانية بين وزارتي الخارجية السعودية والتركية سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (أنقرة)
خاص أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

خاص المقابر الجماعية «ملاذ» لسوريين أضناهم البحث عن مفقوديهم

تُقدر أعداد «المفقودين والمعتقلين تعسفياً» في سوريا منذ عام 2011 وحتى نهاية العام الماضي، بنحو 136614 شخصاً وفق ما توثق «الشبكة السورية لحقوق الإنسان».

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يعقد مؤتمراً صحافياً في دمشق (رويترز)

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يدعو لمصالحة وطنية بسوريا

دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم (الأربعاء) إلى مصالحة وطنية في سوريا لضمان تحقق العدالة فيما يتعلق بجرائم ارتكبت.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان والوزير سيرغي لافروف (الخارجية السعودية)

فيصل بن فرحان ولافروف يبحثان المستجدات الإقليمية

بحث الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، المستجدات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أين أصبحت «حماس» بعد 15 شهراً من الحرب؟

جانب من الدمار الذي خلفته غارات إسرائيلية سابقة بمدينة غزة... يوم 16 يناير 2025 (رويترز)
جانب من الدمار الذي خلفته غارات إسرائيلية سابقة بمدينة غزة... يوم 16 يناير 2025 (رويترز)
TT

أين أصبحت «حماس» بعد 15 شهراً من الحرب؟

جانب من الدمار الذي خلفته غارات إسرائيلية سابقة بمدينة غزة... يوم 16 يناير 2025 (رويترز)
جانب من الدمار الذي خلفته غارات إسرائيلية سابقة بمدينة غزة... يوم 16 يناير 2025 (رويترز)

بالنسبة إلى إسرائيل، حركة «حماس» هي العدو الأول. في الأيام الأولى التي أعقبت هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حددت الحكومة الإسرائيلية لنفسها هدف تدمير القدرات العسكرية والسياسية لـ«الحركة» في قطاع غزة، فضلاً عن تحرير الرهائن الإسرائيليين لديها. وعلى مدى أكثر من 15 شهراً من الحرب المدمرة، تعرّضت «حماس» لضربات قاسية، وقُتل أبرز قادتها؛ يحيى السنوار ومحمد الضيف، كما اغتيل رؤوس أركانها. ويقدّر الجيش الإسرائيلي أنه نجح في القضاء على نحو نصف مقاتلي «حماس» الذين يبلغ عددهم نحو 30 ألف مقاتل. لكن رغم ذلك، فإنه من الواضح أن «حماس» لا تزال صامدة، وفق تقرير من صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية أمس الأربعاء.

وكتبت صحيفة «لوموند» الفرنسية، اليوم (الخميس)، كذلك تقريراً في هذا السياق، بمناسبة الإعلان عن وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» يبدأ تنفيذه الأحد، تقول فيه إنه حتى بعد إضعاف «حماس» جراء 15 شهراً من الحرب، فإنّ «الحركة» تظل قوة لا يمكن تجاوزها في قطاع غزة.

ووصفت «لوموند» حركة «حماس» حالياً بأنّها «لم تعد سوى ظل لما كانت عليه في السابق. قُضي على قادتها الرئيسيين واحداً تلو الآخر: في بيروت صالح العاروري، وفي طهران إسماعيل هنية، وفي غزة نفسها يحيى السنوار؛ المهندس الرئيسي لهجوم 7 أكتوبر 2023، الذي حكم بقبضة من حديد الأراضي الفلسطينية (غزة)».

وقلّصت إسرائيل، وفق «لوموند»، «جميع قيادات (حماس) تدريجياً: الضباط، وضباط الصف، والجنود، وقوات الشرطة، والمهندسون، والمديرون التنفيذيون. ودُمرت الترسانة العسكرية لـ(الحركة)، بما فيها آلاف الصواريخ، إلى حد كبير».

وتابعت الصحيفة: «(حزب الله)؛ الحليف اللبناني لـ(حماس) في (محور المقاومة) الذي تقوده إيران ضد إسرائيل، تعرّض لإضعاف عميق على يد الجيش الإسرائيلي»، وعدّت «لوموند» أنه بعد 15 شهراً من الحرب، لم تعد «حماس» تمثل التهديد الذي كانت تمثله على إسرائيل، لكن «من الصعب جداً على معظم الإسرائيليين الاعتراف بأن (حماس) ما زالت تحكم غزة».

وقد أوضح مايكل ميلستين، ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق: «إن (حماس)، بعد 15 شهراً من هذه الحرب، ورغم تعرضها لأضرار غير مسبوقة، تظل اللاعب المهيمن في غزة».

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال العملية البرية للجيش الإسرائيلي ضد «حماس» بقطاع غزة يوم 13 نوفمبر 2023 (رويترز)

مضايقة القوات الإسرائيلية

وتذكر «لوموند» أن «الحركة» تستمر في «مضايقة قوات الدولة العبرية، خصوصاً في شمال قطاع غزة، حيث يركز الجيش الإسرائيلي عملياته بمنطقة مدمَّرة، فقد دُمر أكثر من 70 في المائة من المباني هناك». وفي 30 ديسمبر (كانون الأول) 2024، أحبط الجيش الإسرائيلي هجوماً شاركت فيه مجموعة من الكوماندوز يتراوح عددهم بين 6 رجال و30 رجلاً في مخيم جباليا للاجئين، ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من مائة مقاتل. وخلال 3 أشهر من القتال في شمال غزة، فقدت إسرائيل أكثر من 50 جندياً.

أما تقرير «لوفيغارو»، فيعدّ أن «هذه المضايقات المستمرة» (من قِبل «حماس») تستنزف القوات الإسرائيلية، وأن التقديرات تشير إلى أن «حماس» جندت عدداً من المسلحين الجدد يساوي نحو عدد من خسرتهم، وفق ما أعلن أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، الثلاثاء، فيما يقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل 18 ألف مقاتل من مختلف المجموعات المسلحة في القطاع.

وتشير «لوفيغارو» إلى أن «حماس» تستخدم الألغام البدائية والصواريخ المضادة للدبابات، وأنه يسقط كل أسبوع جنود إسرائيليون في قطاع غزة. وفي المدن الإسرائيلية المحيطة بالأراضي الفلسطينية، بدأت صفارات الإنذار المضادة للصواريخ تدوي مرة أخرى في الأسابيع الأخيرة، وهو ما يشكل دليلاً على أن «الحركة»، فضلاً عن حليفتيها «حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، حافظت على ترسانتها من الصواريخ وقذائف «الهاون» أو تمكنت من تجديدها.

عناصر من «حماس» يشاركون في استعراض بمناسبة الذكرى الـ31 لتأسيس الحركة... بمدينة غزة يوم 16 ديسمبر 2018 (رويترز)

ورقة دبلوماسية

«لعل (الحركة) التي صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية ظلت الأقوى نفوذاً على الساحة الدبلوماسية»؛ وفق صحيفة «لوفيغارو»، التي أشارت إلى أن المفاوضات، التي لا نهاية لها بشأن وقف إطلاق النار والتي وُقّعت بوساطة قطر ومصر، هي في المقام الأول حوار غير مباشر بين إسرائيل و«حماس».

وعرفت «الحركة» كيفية الاستفادة مما لديها، وفي مقدمة ذلك الرهائن، «للصمود في وجه الدولة العبرية. فبتعويلها على ملف الرهائن، تعتزم (حماس) أن تلعب دوراً في عملية إعادة الهيكلة الحتمية للنظام السياسي الفلسطيني والإدارة المستقبلية لقطاع غزة»، وفق «لوفيغارو».

امرأة في القدس تمر أمام ملصقات لصور الرهائن الإسرائيليين الموجودين بقطاع غزة يوم 16 يناير 2025 (رويترز)

تراجع إيران داعمةِ «حماس»

من الواضح أن إيران فقدت نفوذها في المنطقة، خصوصاً بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بجماعة «حزب الله» في لبنان، وفق «لوفيغارو».

في قطاع غزة، أصبحت «حماس» أكثر تحفظاً على مدى أشهر الحرب... و«بعد أن أصبحت شرطتها مستهدفة بالغارات الإسرائيلية، تخلت عن ضمان الحفاظ على النظام، وهو ما يفسر الوضع الفوضوي وانتشار العصابات المسلحة، في حين يرفض الجيش الإسرائيلي أيضاً ضمان دور للشرطة في المنطقة». كتبت «لوفيغارو» أنه «في الأيام الأخيرة، وعلى أمل التوصل إلى هدنة، ظهر ضباط شرطة ملثمون في معسكرات بجنوب قطاع غزة؛ مما يشير إلى أن هيكل الشرطة التابع ﻟ(حماس) ربما لا يزال يعمل».

تجديد للقيادات

«تتمتع (حماس) بمهارة كبيرة في تجديد قيادات المستوى المتوسط. وعلى مستوى أعمق؛ يمكنها أن تحشد الطلاب والشباب...»؛ يقول أحمد فؤاد الخطيب، وهو مختص بشؤون غزة وباحث في «المجلس الأطلسي»، وهو مركز دراسات مقره واشنطن.

يضيف: «لن يكون هؤلاء المجندون مدربين بشكل جيد للغاية، وسيكونون مسلحين بشكل متواضع، لكنهم قادرون... على ممارسة سيطرة حقيقية على المنطقة».

وتستطيع هذه القوات الجديدة الاستفادة من معرفتها بالتضاريس، وشبكة من مئات الكيلومترات من الأنفاق التي بنتها «حماس». كما اكتسبت «الحركة» خبرة في إعادة تدوير الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة، وفق ما نقلته صحيفة «لوموند».

فلسطينيون يتفقدون أنقاض مبانٍ تضررت جراء غارات إسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة يوم 16 يناير 2025 بعد الإعلان عن اتفاق الهدنة بين إسرائيل و«حماس»... (أ.ف.ب)

ويقول هيو لوفات، الخبير بشؤون فلسطين في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» ومقره لندن، متحدثاً عن شقيق يحيى السنوار؛ محمد، الذي أخذ الزمام في «الحركة» بغزة: «لا شك في أن هذا الجيل الجديد من الناشطين قد تأثر بالحرب، وسيكون أكثر ميلاً إلى مواصلة القتال ضد إسرائيل...»، مضيفاً أنه في هذه الأثناء سوف تثبت «حماس» نفسها من خلال التوصل لوقف إطلاق النار.