الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

تركيا جدّدت دعمها لإدارة دمشق والاستمرار في العمليات ضد «قسد»

امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)
امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)
TT

الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)
امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)

أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية المؤقتة أسعد الشيباني، أنه سيتم خلال المرحلة الانتقالية «وضع دستور على أساس الحوار الوطني يضمن حقوق جميع السوريين على قدم المساواة»، مشدداً على «التمسك بوحدة سوريا وسيادتها، واتخاذ خطوات سريعة لمكافحة الإرهاب».

في موازاة ذلك، أكدت تركيا دعمها لإدارة دمشق، والاستمرار في عملياتها ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وقال الشيباني إن «الشعب السوري لم يسأل منذ أكثر من 50 عاماً عن نوع الدولة أو الإدارة التي يريدها، لكن هناك الآن تطور استراتيجي، ففي إطار الحوار الوطني سيجتمع كل السوريين، ويعبّرون عن رغباتهم».

حوار وطني ودستور

وأضاف في مقابلة تلفزيونية على هامش زيارته لتركيا على رأس وفد ضم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس المخابرات أنس خطاب: «نريد أن تكون سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، الشعب السوري شريك أساسي، والدستور الحالي لم يكن الدستور المرغوب فيه، والإدارة الجديدة تريد أن يعمل الشعب السوري معاً على وضع الدستور الجديد للبلاد».

الشيباني خلال مقابلة مع قناة «تي آر تي» التركية الحكومية خلال زيارته لأنقرة (إعلام تركي)

وأكد أن «سوريا لا يمكن تقسيمها إثنياً أو جغرافياً»، لافتاً إلى أن النظام السابق، الذي استمر لمدة 50 عاماً «كان سبباً رئيساً في تفكيك البلاد، والآن لا نريد أن يحكمنا نظام تستأثر به مجموعة معينة، بل يجب أن يكون هناك تمثيل لجميع فئات شعبنا من دون تمييز، سواء كان ذلك دينياً أو مذهبياً أو عرقياً».

وفيما يتعلق باللاجئين السوريين، أوضح الشيباني أن «هناك نحو 15 مليون سوري هاجروا أماكنهم داخلياً أو خارجياً، والإدارة الجديدة تسعى إلى إعادة مواطنيها بشكل آمن وكريم إلى وطنهم، وستعمل على تهيئة الظروف اللازمة لعودتهم في أقرب وقت، وضمان العيش بكرامة».

وفي هذا الإطار، دعا إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً أنه «لم يعد هناك مبرر لاستمرارها بعد رحيل النظام السابق... العقوبات هي واحدة من المشاكل التي خلّفها النظام السابق، لكن لم يعد هناك مبرر لبقائها، وقد تم منح بعض الاستثناءات، لكننا نريد أن يتم رفع هذه العقوبات بشكل كامل، حتى يتمكن الناس من العيش في ظروف اقتصادية أفضل».

ولفت إلى أهمية الدبلوماسية السورية في المرحلة المقبلة، وقال إن «الأولوية هي لتعريف سوريا بالمجتمع الدولي، وتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، والإدارة الجديدة تسعى إلى نقل طلباتها مباشرة إلى المجتمع الدولي وشرح خططها المستقبلية»، مشدداً على أن «صورة النظام السابق يجب ألا تتكرر في ذهن المجتمع الدولي».

وفيما يتعلق بمحاكمة الرئيس السوري السابق بشار الأسد ورموز نظامه، أكد الشيباني أن «الإدارة السورية تعمل على تحقيق العدالة، وأن المقابر الجماعية التي تم اكتشافها أظهرت حجم الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام السابق، والحكومة المؤقتة تواصل العمل من أجل محاكمة المسؤولين عن الجرائم بحق الشعب السوري».

الهجمات الإسرائيلية

وعن الهجمات الإسرائيلية في الأراضي السورية، وكيف ستتعامل إدارة دمشق معها، قال الشيباني إن «إسرائيل هاجمت قواعد ومناطق عسكرية، ويجب علينا بالتأكيد الدفاع عن وطننا وحماية الشعب السوري، ونحن في حالة تأهب ضد التهديدات الجديدة».

وأضاف: «أرسلنا رسائل بأن سوريا لن تكون مصدر تهديد لأي دولة، بما في ذلك إسرائيل، وكما يريدون أن يحفظوا أمنهم يجب أن يحافظوا على أمن الآخرين، أكدنا التزامنا باتفاقية عام 1974 التي تنص على وضع قوات فصل بين الأراضي السورية والحدود الإسرائيلية، وبهذه الطريقة يستطيع الطرفان أن يحفظا أمنهما بمراقبة دولية».

جنود إسرائيليون يعبرون الخط الحدودي في الجولان (أ.ف.ب)

وتابع: «ندعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية»، لافتاً إلى «أن الإسرائيليين استخدموا في الفترة السابقة (حزب الله)، ونظام الأسد، والميليشيات الإيرانية، ذريعة لقصف سوريا، ومع إزالة هذه المخاطر كان يجب عليهم أن يحترموا سيادة سوريا، وألا يتدخلوا في أراضيها».

وعن التهديدات التي تشكلها المنظمات الإرهابية، ومنها تهديدات المسلحين الأكراد للحدود التركية، قال الشيباني إن «أمن سوريا هو أمن تركيا والعكس». وأكد أن الإدارة السورية «ستتعامل بسرعة مع هذه التهديدات، وتتوقع نتائج إيجابية».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والشيباني خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء (الخارجية التركية)

كان الشيباني أكد، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة ليل الأربعاء - الخميس عقب مباحثات بين الجانبين، أن إدارة دمشق «لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدراً لتهديد الدول المجاورة».

ولفت إلى أن دمشق «تدرك موقف تركيا تجاه شمال شرقي سوريا، وإدارتها تعمل على التوصل إلى حل لهذه المشكلة من خلال الحوار».

العمليات ضد «قسد»

في السياق ذاته، أكدت وزارة الدفاع التركية أن قواتها «ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً على أمن تركيا وسوريا والمنطقة».

وقال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع، في إفادة صحافية الخميس إن «التنظيمات الإرهابية في سوريا، سواء (داعش)، أو (حزب العمال الكردستاني) - وحدات حماية الشعب الكردية - قسد، هي أهدافنا المشروعة».

وأضاف أنه «في سوريا، حيث تتواصل الجهود الرامية لإرساء الاستقرار وضمان العودة الكريمة للاجئين، سنواصل دعمنا لإرساء الأمن الدائم بشكل أقوى من الأمس، ونؤكد أننا سنتعاون مع الإدارة الجديدة في تعزيز قدرات سوريا الدفاعية والأمنية وفي مكافحة الإرهاب».

أحد مقاتلي الفصائل الموالية لتركيا يشاهد عن بُعد الدخان المتصاعد نتيجة القصف التركي على محور سد تشرين (أ.ف.ب)

في السياق، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطيران التركي شنّ، الخميس، 5 غارات جوية متتالية على مواقع في محيط «سد تشرين» بريفي منبج، وعين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، ما أسفر عن مقتل مدني وإصابة 10 آخرين، بينهم أطفال ونساء، بجروح متفاوتة.

كما نفّذ الطيران التركي غارتين على موقعين لـ«قسد» في قرية صكيرو بريف الرقة الشمالي، ومنطقة الجرنية بريفها الغربي، بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف قرية الشركة في التروازية بريف عين عيسى.


مقالات ذات صلة

إشهار «منظمة التراث السوري اليهودي» في دمشق

المشرق العربي كنيس الفرنج في دمشق وقد منحت السلطات السورية ترخيصاً لمنظمة يهودية سورية تُعنى باستعادة الممتلكات المصادرة (أ.ف.ب) play-circle 01:31

إشهار «منظمة التراث السوري اليهودي» في دمشق

أعلنت الحكومة السورية أنها منحت ترخيصاً لمنظمة تهتم بالحفاظ على التراث اليهود ستعمل حسب أحد مؤسسيها على إعادة ممتلكات هذه الطائفة التي صادرتها السلطات السابقة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب) play-circle

«النواب الأميركي» يقرّ إلغاء «عقوبات قيصر» المفروضة على سوريا

أقر مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، مشروع قانون يتضمن إلغاء عقوبات «قيصر» التي كانت مفروضة على سوريا، وذلك ضمن مناقشته مشروع موازنة الدفاع للعام 2026.

واشنطن بوست
تحقيقات وقضايا الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

سوريا بعيون أميركية... «رحلة جنونية من العزلة إلى الانفتاح»

يرى خبراء أميركيون أن سوريا الجديدة تواجه تحديات داخلية تشمل الاستقرار السياسي وإعادة بناء الاقتصاد، فضلاً عن تحديات خارجية تتعلق برفع العقوبات ومكافحة الإرهاب.

هبة القدسي (واشنطن)
تحقيقات وقضايا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله الرئيس السوري أحمد الشرع خلال أول زيارة له في أنقرة 4 فبراير 2025 (الرئاسة التركية)

الصعود التركي في سوريا... من المواجهة إلى التحالف

في الأسابيع الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تشكلت قناعة بأن تركيا لعبت الدور الأكبر في الوصول «السلس» لفصائل المعارضة إلى دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة أرشيفية لـ«قيصر» مخفياً هويته بمعطف أزرق خلال جلسة نقاش في الكونغرس الأميركي لقانون حماية المدنيين السوريين (أ.ف.ب) play-circle 02:48

أميركا.. إلغاء قانون قيصر وقيود على مساعدة الجيش اللبناني

فيما تحتفل سوريا بذكرى مرور سنة على سقوط نظام بشار الأسد وفراره من دمشق، وافق الكونغرس الأميركي على إلغاء العقوبات التي فُرضت بموجب قانون قيصر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقليص دور «اليونيفيل» وتعزيز «الميكانيزم» في لبنان: أدوار جديدة لا تلغي القديمة

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تقليص دور «اليونيفيل» وتعزيز «الميكانيزم» في لبنان: أدوار جديدة لا تلغي القديمة

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي جنوب لبنان يوم 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحوّلت لجنة «الميكانيزم» من آلية تقنية لضبط وقف إطلاق النار، إلى إطار تنسيقي يُستخدم لإدارة النزاع في الجنوب اللبناني. فالتحركات الدولية المكثفة، من المبادرة الفرنسية ومؤتمر دعم الجيش، إلى المقاربة الأميركية لسلاح «حزب الله»، مروراً بالهواجس العربية من أي اهتزاز في السلم الأهلي، توحي بأن اللجنة باتت الإطار العملي الوحيد القادر على جمع القوى المعنية، وتنسيق الضغوط على مختلف الأطراف.

وتشير مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الميكانيزم» تمثل هيكلاً دولياً تشكّل بفعل ظروف المرحلة الراهنة لتطبيق القرارات الدولية، وأن «اليونيفيل» جزء أساسي منه لكنها ليست تابعة له، لأن الأخيرة تُدار حصراً عبر مجلس الأمن وبحكم القانون الدولي، فيما تتمتع اللجنة بهوامش أوسع في التنسيق والتنفيذ والمواكبة التقنية.

عناصر في قوات «اليونيفيل» يراقبون عملية إزالة الأنقاض من موقع مستهدف بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي تطور لافت، كشف السفير الأميركي بالأمم المتحدة مايك والتز، أن بلاده «تعمل على تقليص حجم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) حتى لا يستخدمها (حزب الله) غطاء لعملياته». وأضاف عبر منصة «إكس»، أنه «لإبقاء (حزب الله) في حالة هزيمة، فالعمل جارٍ على تعزيز قدرات الجيش اللبناني، وممارسة الضغوط القصوى على إيران».

عودة تشغيل الآلية: مقاربة حكومية واضحة

مصدر وزاري لبناني أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنّ تفعيل «الميكانيزم تم بعد تفاهم رُسّخ مع الجانب الأميركي»، موضحاً أنّ ما يجري «ليس انقلاباً على الآلية ولا تغييراً لطبيعتها، بل عودة جدّية إلى تشغيلها بعدما تعطّلت لفترة طويلة». وأضاف أنّ دخول السفير سيمون كرم إلى المفاوضات على رأس الوفد اللبناني، «جاء نتيجة اتفاق مسبق على ضرورة الانتقال من حالة التعليق إلى حالة العمل التنفيذي». وأكد أنّ الطرح اللبناني «واضح ومترابط ويرتكز على الانسحاب الإسرائيلي، وإعادة الأسرى، ووقف الأعمال العدائية، ووضع آلية مراقبة تمنع تكرار الخروقات، وهذه العناصر، تشكل العمود الفقري لمهمة السفير كرم في المرحلة المقبلة».

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يستقبل رئيس الوفد اللبناني المفاوض سيمون كرم غداة جلسة «الميكانيزم» (رئاسة الحكومة)

وتابع المصدر الوزاري أنّ الجلسة الأولى للجنة كانت «جلسة تعارف وعموميات، على أن تتبعها جلسة تفصيلية في 19 الجاري»، مشدداً على أنّ «تقييم المسار مرتبط بالموقف الإسرائيلي، وما نريده هو التنفيذ، والتنفيذ وحده».

أدوار جديدة لا تلغي القديمة

بدوره، قدّم أستاذ القانون والسياسات الاستراتيجية في باريس، الدكتور محيي الدين الشحيمي، قراءة تحليلية لطبيعة التمايز بين الآليتين، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الفارق البنيوي بين (اليونيفيل) و(الميكانيزم) جوهري وأساسي لفهم التحولات الجارية في الجنوب». موضحاً أنّ «(اليونيفيل) قوة أممية قائمة منذ عام 1978، مهمتها حفظ السلام وتوثيق الخروقات تحت الفصل السادس، فيما (الميكانيزم) ليست قوة عسكرية ولا تضم عناصر انتشار، بل هي هيكل تنفيذ دولي يساعد في تطبيق القرارات الدولية ومواكبة المرحلة الجديدة».

وأضاف أنّ «الزخم الدبلوماسي غير المسبوق، من زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، إلى وفود مجلس الأمن والاجتماعات الأميركية، يعكس قناعة دولية بأن الوضع في الجنوب دخل مرحلة مختلفة». لكنه شدد على أنّ «(الميكانيزم) لا تشكل بأي حال بديلاً لـ(اليونيفيل)»، موضحاً أنّ فعاليتها «مرتبطة بالكامل بخطوات الدولة اللبنانية، ومدى قدرتها على اتخاذ قرارات واضحة، وخصوصاً فيما يتعلق بانتشار الجيش وحصرية السلاح».

الاستقرار المشروط ودور الدولة المركزي

ويرى الشحيمي أن حصرية السلاح بيد الدولة، باتت «عنصراً بنيوياً في أي مسار استقرار جديد»، مؤكداً أنّ المجتمع الدولي «لن يذهب بعيداً في دعم إعادة الإعمار أو تثبيت الحدود ما لم تُعالج ازدواجية السلاح». ويوضح أنّ «القوات الدولية ستبقى على الأرض طالما أنّ القرار 1701 لم يُنفّذ بالكامل»، مع احتمال «تعديل مهامها أو إعادة تشكيلها، لكن من دون انسحاب كامل قبل اكتمال شروط الاستقرار».

عناصر من الجيش يقفون على آليتهم مقابل موقع حانيتا الإسرائيلي المواجه لبلدة علما الشعب بجنوب لبنان في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

كما أشار إلى أنّ المقاربة الدولية «تنظر إلى (الميكانيزم) على أنها جسر تنفيذي لا بد منه لمنع الانزلاق إلى مواجهة أوسع، ولتنظيم المرحلة الانتقالية التي تبدأ بوقف العمليات العدائية وتصل إلى تثبيت الحدود وانتشار الجيش». وختم: «(الميكانيزم) ليست نظاماً أمنياً جديداً، بل أداة مساعدة، وبقدر ما تلتزم الدولة بخطوات واضحة ومسؤولة، يتعزز الضغط الدولي على إسرائيل، ويقترب لبنان من تحويل حدوده الجنوبية إلى حدود طبيعية شبيهة بحدود الأردن أو مصر».


تمسك إسرائيلي بنزع سلاح «حماس»... ورفض لمقترح تجميده

فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)
TT

تمسك إسرائيلي بنزع سلاح «حماس»... ورفض لمقترح تجميده

فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني ينظر من داخل خيمة في تجمع للنازحين يوم الخميس بحي الزيتون بمدينة غزة وسط موجة أمطار كثيفة تضرب القطاع (أ.ف.ب)

تمسكت إسرائيل بنزع سلاح حركة «حماس»، في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتي بدأت مرحلتها الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأعلن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب ترفض مقترحاً من قيادة «الحركة» بتجميد استخدام السلاح ضِمن هدنة طويلة الأمد.

وقال مسؤول إسرائيلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس: «لن يكون هناك مستقبل لـ(حماس) في إطار الخطة المكونة من 20 نقطة، سيُنزع سلاح الحركة». مضيفاً: «ستكون غزة منزوعة السلاح».

جاءت تلك التصريحات غداة حديث خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في الخارج، في مقابلةٍ بثّتها قناة «الجزيرة»، الأربعاء، أن «فكرة نزع السلاح كلياً مرفوضة للمقاومة، وتطرح فكرة تجميده أو الاحتفاظ به، أو بمعنى آخر المقاومة تطرح مقاربات تحقق الضمانات لعدم وجود تصعيد عسكري من غزة مع الاحتلال الإسرائيلي».

القيادي في «حماس» خالد مشعل (إكس)

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤول في تل أبيب، الخميس، تأكيده أن إسرائيل «متمسكة بنزع سلاح غزة بالكامل»، مشيراً إلى أن «هناك تنسيقاً مستمراً مع الولايات المتحدة بهذا الشأن».

وينص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أن يجري نزع سلاح «حماس» والفصائل المسلَّحة بغزة.

«انفتاح في إدارة ترمب»

ويعتقد مصدر كبير في «حماس» أن إدارة ترمب، التي تؤكد باستمرارٍ نزع السلاح، «باتت أكثر انفتاحاً على أفكار يجري تبادلها بين (حماس) والوسطاء من جانب، وواشنطن من جانب آخر».

وقال المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك عدة أفكار طُرحت من الحركة وطوَّرها الوسطاء، وما زالت بعض المقترحات الأخرى تنقل من عدة أطراف، بهدف المساعدة في تسريع عملية الانتقال للمرحلة الثانية».

لكن تصورات «حماس» تبدو متناقضة مع تصريحات علنية كان أحدثها، على لسان السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز، خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، الأربعاء، إذ قال إن واشنطن لن تسمح لـ«حماس» بإعادة بناء نفسها.

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

وتؤكد مصادر من «الحركة» أن الاتصالات مستمرة مع كل الأطراف، وهناك رغبة جادة أكبر تظهر من خلال المحادثات الحالية، من أجل التوصل لاتفاق بشأن هذه القضية وقضايا أخرى.

ويبدو أن حركة «حماس» تُعوّل على ليونة أميركية يمكن أن تخدم هدفها بالاحتفاظ بسلاحها أو تخزينه بهدف تجميده، أو حتى وضعه تحت عهدة طرف عربي أو إسلامي.

وقال أحد المصادر من الحركة إن «الوسطاء قادرون على تحقيق حالة تقارب وتفاهم واسع مع الولايات المتحدة، بشأن قضية السلاح وملفات أخرى مهمة مثل نشر القوات الدولية وحكم قطاع غزة».

كان مشعل قد شرح فكرته بالدعوة إلى تجميد وليس نزع السلاح، بالقول: «نريد تكوين صورة تتعلق بهذا الموضوع فيها ضمانات ألا تعود حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة. نستطيع فعل ذلك، فيمكن أن يحفظ هذا السلاح ولا يُستعمل ولا يُستعرض به. في الوقت نفسه عرضنا فكرة الهدنة الطويلة المدى بحيث تشكل ضمانة حقيقية».

وأضاف مشعل: «الوسطاء يستطيعون أن يضمنوا غزة و(حماس) وقوى المقاومة، بحيث لا يأتي من داخل غزة أي تصعيد عسكري ضد إسرائيل».

«دور للسلطة»

وتُصر إسرائيل على الانتقال للمرحلة الثانية، بعد تسليم «حماس» جثة آخِر مختطف إسرائيلي لديها، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال، قبل أيام، إن الانتقال لهذه المرحلة بات قريباً، منوّهاً بالصعوبات التي تكتنفها مثل نزع سلاح «حماس» وغزة، «سواء بالطريقة السهلة أم الصعبة».

وفي ظل كل هذا الجدل بين «حماس»، وإسرائيل، يظهر موقف السلطة الفلسطينية التي تتمسك بتسلم مهامّها كاملة في القطاع، وأن يكون لها سيادة الحكم والقانون، ضمن سلاح واحد تابع لها.

وحدة العمليات الخاصة 101 في الأمن الوطني الفلسطيني (موقع الأمن الوطني)

وتحدّث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الأيام الأخيرة، مع عدد من زعماء الدول العربية والإسلامية والأوروبية، مؤكداً استعداد السلطة الفلسطينية لذلك، وأنها ماضية في برنامجها الإصلاحي، الذي يتيح تمكينها من أداء مهامّها كاملة، والاستعداد لإجراء انتخابات شاملة.

ولا تُعلّق «حماس» علناً على مواقف السلطة الفلسطينية بهذا الشأن، لكن المصدر القيادي في «حماس» قال، لـ«الشرق الأوسط»: «لا مانع لدينا من التنسيق مع السلطة الفلسطينية، وأن تتولى مهامها بغزة، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق على برنامج وطني متكامل».

وأشار المصدر إلى أن «هناك مشكلة أخرى تتعلق بأن إسرائيل ترفض أن يكون هناك أي دور للسلطة بغزة، ونعمل مع كل الأطراف، بمساعدة من ضغوط دولية على تل أبيب، حتى تتولى السلطة الفلسطينية مستقبلاً حكم القطاع».


بري يرفض «تهديد اللبنانيين» ويتمسك بـ«مسلّمات التفاوض» مع إسرائيل

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
TT

بري يرفض «تهديد اللبنانيين» ويتمسك بـ«مسلّمات التفاوض» مع إسرائيل

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً السفير الأميركي ميشال عيسى (رئاسة البرلمان)

رفض رئيس البرلمان نبيه بري «تهديد اللبنانيين»، وجدد التشديد على ما وصفها بـ«مسلّمات التفاوض» عبر لجنة الـ«ميكانيزم»، مؤكداً، من جهة أخرى، أنه لا تأجيل ولا إلغاء للانتخابات النيابية المقرَّرة في شهر مايو (أيار) المقبل، وواصفاً علاقته الشخصية بالمملكة العربية السعودية بـ«الجيدة جداً»، والعلاقة بين لبنان والمملكة بـ«الجيدة».

وأتت مواقف بري، خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة برئاسة عوني الكعكي، فيما كان لافتاً استقباله، للمرة الثانية خلال 24 ساعة، السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى، حيث تناول اللقاء «تطورات الأوضاع العامة والمستجدّات، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين»، وفق ما جاء في بيان لرئاسة البرلمان.

«غلطة» براك

وخلال استقباله وفد النقابة، ردّ بري على سؤال «حول التهديدات التي يطلقها بعض الدبلوماسيين، وخصوصاً ما صدر أكثر من مرة عن المُوفد الأميركي توم براك لجهة ضم لبنان إلى سوريا»، قائلاً: «لا أحد يهدد اللبنانيين، لا يُعقل أن يجري التخاطب مع اللبنانيين بهذه اللغة على الإطلاق، خاصة من الدبلوماسيين، ولا سيما من شخصية كشخصية السفير توم براك، وما قاله عن ضم لبنان إلى سوريا غلطة كبيرة غير مقبولة على الإطلاق».

وأكد بري أنه «لا بديل ولا مناصّ للبنانيين لمواجهة المخاطر والتداعيات والتهديدات من أي جهة إلا بوحدتهم، وبوحدتنا نستطيع أن نحرر الأرض».

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم براك والوفد المرافق بالقصر الرئاسي في يوليو 2025 (أرشيفية-أ.ب)

وحول اتفاق وقف إطلاق النار والمفاوضات سأل بري: «أليست لجنة الميكانيزم إطاراً تفاوضياً؟ هناك مسلَّمات نُفاوض عليها عبر هذه اللجنة هي: الانسحاب الإسرائيلي، انتشار الجيش اللبناني، وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني بيدِ الجيش اللبناني، وهذه اللجنة هي برعاية أميركية فرنسية وأممية»، مضيفاً: «قلت، أكثر من مرة، إنه لا مانع من الاستعانة بأي شخص مدني، أو تقني إذا لزم الأمر ذلك، بشرط تنفيذ الاتفاق».

وأوضح بري: «لبنان ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، نفذ كل ما هو مطلوب منه،والجيش اللبناني انتشر بأكثر من 9300 ضابط وجندي بمؤازرة قوات اليونيفيل، التي أكدت، في آخِر تقاريرها، ما نقوله، لجهة التزام لبنان بكل ما هو مطلوب منه، في حين أن إسرائيل خرقت هذا الاتفاق بنحو 11000 خرق».

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع نقابة الصحافة (رئاسة البرلمان)

وقال بري: «الجيش اللبناني نفّذ 90 في المائة من بنود اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة جنوب الليطاني، وسوف يُنجز بشكل تام ما تبقّى مع انتهاء العام الحالي، وهذا ما أكدته «اليونيفيل» و«الميكانيزم» وقائد الجيش العماد رودولف هيكل».

وأضاف: «لكن المؤسف أنه لا أحد يسأل عما إذا التزمت إسرائيل ببند واحد من اتفاق وقف إطلاق النار، بل هي زادت من مساحة احتلالها للأراضي اللبنانية».

لا إلغاء للانتخابات النيابية

من جهة أخرى، وفي ضوء مطالبة بعض الكتل بتعديل قانون الانتخابات المتعلق باقتراع المغتربين، أكد رئيس البرلمان «أن القانون الانتخابي الحالي نافذ، والانتخابات لن تجري إلا وفقاً له». وقال: «إلغاء مافي، وتأجيل مافي، كل الناس تريد الانتخابات، وما زلنا منفتحين على أي صيغة تفضي إلى توافق حول المسائل العالقة التي هي موضع خلاف بين القوى السياسية، خاصة في موضوع المغتربين، فلا أحد يريد إقصاء المغتربين... ورغم ذلك قلت وأقول: تعالوا لنطبق اتفاق الطائف في شِقه المتصل بقانون انتخاب وإنشاء مجلس للشيوخ، لكن هل هم موافقون؟».

وحول ودائع اللبنانيين في المصارف، أعاد بري تأكيد «أن الودائع هي حقوق مقدسة ولا يجوز التفريط أو القبول أو التنازل عن هذا الحق».