صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

مجلس ذي قار استجوب الإبراهيمي عن «تجاوزات ومخالفات»

مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)
مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)
TT

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)
مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صوّت مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي» الشيعي، الذي هيمنت قواه على الحكومات المحلية في وسط البلاد وجنوبها، بعد الانتخابات المحلية التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) 2023، وتقاسمت مناصبها في ظل غياب التيار الصدري.

وأعلن رئيس مجلس المحافظة، عزة عودة الناشي، التصويت على إقالة المحافظ بـ«الأغلبية المطلقة حسب قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم وبناءً على طلب مقدم من 10 أعضاء من مجلس محافظة ذي قار لعقد جلسة طارئة والتصويت على إقالة المحافظ».

وتحدّث عن «منح المحافظ مدة 30 يوماً لتصريف أعمال المحافظة، ثم تخويل النائب الأول للمحافظ بإدارة المحافظة».

وعقب التصويت على الإقالة، قال المتحدث باسم مجلس المحافظة، أحمد سليم، في مؤتمر صحافي، إن «التصويت على عدم القناعة بأجوبة محافظ ذي قار صحيح، لكن التصويت على الإقالة باطل، لأن القرار سبق جلسة الاستجواب بساعة، ما يخالف النظام الداخلي»، داعياً المحافظ إلى «الاستمرار في منصبه لحين البت في النتائج الأخرى».

في المقابل، أكد عضو مجلس ذي قار سلام الفياض أن «جلسة إقالة المحافظ قانونية، وتمت من خلال التصويت بالأغلبية وبحضور 10 أعضاء».

وينتمي المحافظ المقال إلى تيار «الحكمة الوطني» الذي يتزعمه عمار الحكيم، ويخوض منذ أشهر صراعاً مع قوى تنتمي لـ«الإطار التنسيقي»، لأسباب تتعلق بـ«مصالح مالية واقتصادية»، طبقاً لمصادر مطلعة على تفاصيل الصراع بين الطرفين.

مرتضى الإبراهيمي محافظ ذي قار (موقع المحافظة)

وطالب أعضاء في البرلمان الاتحادي عن محافظة ذي قار، في نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، باستبدال الإبراهيمي بسبب «تفرده بالقرارات وغياب التعاون مع النواب»، لكن طلبهم لم يلقَ استجابة من الحكيم.

وكان خصوم المحافظ قد سرّبوا، قبل نحو أشهر، مقطع فيديو يزعم أنه للمحافظ في وضع وصف بـ«المخل»، وهو ما نفاه الإبراهيمي، رغم أن فتاة كانت قد ظهرت معه في المقطع المسرب قد أقامت دعوى قضائية عليه.

ويتهم خصوم المحافظ بالقيام بتجاوزات ومخالفات مالية وإدارية كثيرة، قادت إلى استجوابه والتصويت على إقالته.

وتفيد مصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن «تقاطع المصالح الحزبية كانت السبب الرئيسي وراء الإقالة، رغم أن المحافظ ارتكب تجاوزات خلال توليه المنصب».

وتضيف، أن «تقاطع المصالح مرتبط غالباً بالمشاريع والأعمال التجارية التي يبدو أن الشخصيات القريبة من المحافظ أرادوا احتكارها لأنفسهم وأحزابهم، ما أثار حفيظة آخرين».

وتميل المصادر إلى الاعتقاد بـ«انفراط تحالف قوى الإطار» في حال اتخذ قرار الإقالة الصفة القانونية، لأن ذلك «قد يدفع إلى مراجعة وهيكلة جميع الاتفاقات السياسية داخل قوى الإطار في بقية المحافظات».

وتضمنت الأسئلة الموجهة للمحافظ قضايا تتعلق بخروقات مالية وإدارية في إدارته للمحافظة خلال فترة توليه المنصب منذ مطلع العام الماضي، وفق مصادر.

ومطلع نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، أخفق المجلس في استجواب المحافظ بعد أن أعد لائحة طويلة من الأسئلة المتعلقة بخروق ارتكبها المحافظ، لكنه لم يتمكن من استجوابه، وكانت تتعلق التجاوزات في «عدم إنجاز الخريطة الاستثمارية، فضلاً عن إلحاق الضرر الجسيم بمناطق الأهوار، من خلال التلاعب بـ50 مليار دينار عراقي، كانت مخصصة لتلك المناطق»، وتضمنت كذلك «عدم التزام المحافظ بقرارات مجلس المحافظة، وتكليف معاونين ومستشارين بشكل مخالف للقانون».


مقالات ذات صلة

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السوداني وبارزاني خلال اجتماعهما في بغداد (رئاسة إقليم كردستان)

أربيل تفجر قنبلة استفتاء كركوك في وجه بغداد

في حين يواصل رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، اجتماعاته في بغداد مع القادة السياسيين، فإن حكومة الإقليم فجّرت قنبلة موقوتة تتعلق باستفتاء كركوك.

حمزة مصطفى (بغداد)

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

يسعى المفاوضون المجتمِعون، اليوم الأربعاء، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية»، وفقاً لقطر، بعد حرب متواصلة منذ أكثر من 15 شهراً سقط فيها آلاف القتلى.

وقبل أيام قليلة من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة؛ من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجَزين في قطاع غزة.

وفيما يستمر الطرفان في وضع الشروط، حثَّهما الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي، أمس الثلاثاء، على إبداء «المرونة اللازمة» في المفاوضات؛ للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وفق المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية محمد الشناوي.

وقالت قطر، الوسيط الرئيسي إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، إن المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»، وأن العَقبات الأخيرة التي تعترض التوصل إلى اتفاق «جَرَت تسويتها»، دون توضيح ماهيتها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري: «نحن على أمل بأن هذا سيؤدي إلى اتفاق قريباً جداً».

وقال مصدران مقرَّبان من «حماس» إن الحركة ستطلق سراح 33 رهينة في مقابل إفراج إسرائيل عن نحو ألف معتقل فلسطيني، في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وأفاد أحد المصدرين بأن الإفراج عنهم سيجري «على دفعات، بدءاً بالأطفال والنساء»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وأعربت «حماس» عن أملها في أن «تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل».

وأكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر أن إسرائيل تسعى لإطلاق سراح «33 رهينة»، خلال المرحلة الأولى، وأنها مستعدة لإطلاق سراح «المئات» من المعتقلين الفلسطينيين.

«الوقت يداهم»

وقُتل أكثر من 46645 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحرب الإسرائيلية على غزة، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتَعدُّها «الأمم المتحدة» موثوقة. وتُواصل إسرائيل شن غارات جوية على قطاع غزة، حيث قُتل 61 فلسطينياً، على الأقل، خلال أربع وعشرين ساعة حتى صباح أمس الثلاثاء، وفق وزارة الصحة في غزة.

طفل فلسطيني جريح بمستشفى الأقصى عقب غارة إسرائيلية في دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي غزة، تأمل النازحة نادية مصطفى ماضي في التوصل لوقف إطلاق نار. وأكدت: «أنا مستعدة لإعادة بناء حياتي وسط الأنقاض».

ومنذ اندلاع الحرب، لم يجرِ التوصل سوى إلى هدنة واحدة استمرت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، واصطدمت المفاوضات غير المباشرة، التي تجري منذ ذلك الحين، بتصلب الطرفين. إلا أن الضغوط الدولية زادت للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يترافق مع الإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون محتجَزين في قطاع غزة، خصوصاً بعدما وعد دونالد ترمب بتحويل المنطقة إلى «جحيم»، في حال عدم الإفراج عن الرهائن، قبل عودته إلى السلطة.

أطفال وأهالٍ فلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على الغذاء بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

وقالت جيل ديكمان، قريبة الرهينة كارمل غات، خلال تجمُّع، مساء أمس الثلاثاء، في القدس: «الوقت يُداهمنا، والرهائن الأحياء سيموتون في نهاية المطاف. والرهائن الذين قضوا قد يُفقد أثرهم. يجب التحرك الآن».

«منطقة عازلة»

وأفاد مسؤول إسرائيلي بأن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ في «اليوم السادس عشر» على دخول المرحلة الأولى حيز التنفيذ. وأوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن المرحلة الثانية ستتناول «الإفراج عن باقي الأسرى، الجنود الذكور، الرجال في سن الخدمة العسكرية، وجثث الرهائن الذين قُتلوا».

وقال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء: «إننا قريبون من الهدف، لكننا لم نبلغه بعد»، لكنه شدد على أن إسرائيل لن تغادر «غزة ما دام لم يعد جميع الرهائن؛ الأحياء والأموات». كما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه سيُسمح لإسرائيل بالحفاظ على «منطقة عازلة» في قطاع غزة، أثناء تنفيذ المرحلة الأولى. وأفاد مصدر مقرَّب من «حماس» بأن الجيش الإسرائيلي سيبقى على «عمق 800 متر داخل القطاع، في شريط يمتد من رفح جنوباً حتى بيت حانون شمالاً»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويفيد المعلِّقون الإسرائيليون بأن نتنياهو قرر، في النهاية، تجاهل ضغوط وزراء اليمين المتطرف في حكومته المناهضين لوقف إطلاق النار. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، من روما: «ثمة إرادة فعلية من جانبنا للتوصل إلى اتفاق حول الرهائن. في حال نجحنا في ذلك، ستؤيد الاتفاق غالبية في الحكومة».

متظاهر يرفع لافتة خلال احتجاج يدعو لاتخاذ إجراءات لتأمين إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب أمس (أ.ف.ب)

واقترح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال كلمة ألقاها في واشنطن، أمس الثلاثاء، إرسال قوة أمنية دولية إلى قطاع غزة، ووضعه تحت إشراف الأمم المتحدة. ورأى كذلك أن على السلطة الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية المحتلة أن تدير القطاع في المستقبل.