جلسة انتخاب رئيس لبنان الـ14: سجالات دستورية وشتائم… واحتفالات في الخارج

جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)
جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)
TT

جلسة انتخاب رئيس لبنان الـ14: سجالات دستورية وشتائم… واحتفالات في الخارج

جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)
جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)

قبل انطلاق الجلسة الـ13 لانتخاب رئيس للجمهورية، كان القصر الرئاسي في بعبدا، يتهيّأ لاستقبال الرئيس جوزيف عون. ورشة العمل بدأت باكراً؛ السجاد الأحمر مُدّ عند مدخل القصر... نافورة المياه استعدت للعودة إلى العمل بعد توقف سنتين وشهرين و10 أيام من الفراغ الرئاسي... السيارات الرئاسية المركونة منذ أكثر من سنتين نُفض عنها الغبار... المصورون والصحافيون بدأوا التوافد منذ الصباح إلى القصر لتغطية «الحدث المنتظر»، بعدما كانت كل المعطيات قد أشارت إلى أن التوافق تم بين الأفرقاء، وأن «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») سيتّجه إلى التصويت لمصلحة عون بعدما كانت معظم الكتل قد أعلنت تأييدها له.

المشهد السياسي، الذي كان واضحاً قبل ساعات من الموعد، تجلّى داخل قاعة البرلمان لدى افتتاح رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الجلسة عند الساعة الـ11 صباحاً. مداخلات النواب، التي تركّزت بشكل رئيسي على مقاربة تعديل الدستور لانتخاب عون، بين مؤيد لأسباب طارئة، ورافض له، تحوّلت إلى مشادة كلامية بين النائب سليم عون والنائبة بولا يعقوبيان على خلفية حديث الأخيرة «عمّن يرفضون اليوم تعديل الدستور لانتخاب عون، وهم سبق أن خالفوا الدستور مراراً»، في إشارة إلى «التيار الوطني الحر»، فما كان من عون إلا أن ردّ عليها، وتحول السجال إلى إهانات وسباب وجّهها نائب «التيار» إلى يعقوبيان التي ردّت عليه بدورها، ليتدخل النائب فراس حمدان ويتوجه إلى عون قائلاً: «اربط زندك»... ليرد عليه الأخير بتوصيف أثار استياء بري والنواب، وهنا حدث هرج ومرج داخل القاعة، لينهي بري السجال، ويطلب حذف كلام النواب من المحضر.

النواب اللبنانيون يتجمعون لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان وسط بيروت (أ.ب)

وفي إطار السجال الدستوري أيضاً، كان هناك حديث لرئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، الذي ذكّر بري بكلامه في جلسة سابقة عند سؤاله حول المادة الدستورية المرتبطة برفع جلسة الانتخاب من الدورة الأولى، وكانت إجابة بري آنذاك: «مَادّا إجْرَا من الشباك»، (تمد قدمها من النافذة) فقال الجميل لبري: «ونحن نسمع منكم ونحفظ»، فرد رئيس البرلمان عليه ضاحكاً: «منيحة منك». كذلك، وبعد رسالة وجّهها الجميل إلى «الثنائي الشيعي» قائلاً: «أقول لزملائي في (حزب الله) و(أمل) إن هذا البلد لنا جميعاً، ولن نقبل بأن يعيش أي لبناني ما عشناه من اضطهاد وتخوين وقتل على يد لبناني آخر، ويجب أن نبني هذا البلد يداً بيد»، كان هناك تعليق من النائب إلياس جرادي قال فيه: «موقف النائب سامي الجميّل خطاب قسم للرئيس المقبل عن كيفية التعاطي مع بعضنا في المرحلة المقبلة». وكان لافتاً ما تحدث عنه النائب أديب عبد المسيح، سائلاً: «من قال إن الرئيس يجب أن يكون مارونيا؟» (انطلاقاً من أن هذا الأمر بات عرفاً ولا ينص عليه الدستور) وهو ما لاقى تصفيقاً من بعض الحضور، ليرد عليه بري قائلاً: «كنا بمصيبة؛ لا نريد أن نصبح بمصيبتين».

ومع بدء التصويت، كان الترقّب سيد الموقف داخل القاعة، فقد جاءت النتيجة بحصول قائد الجيش العماد جوزيف عون على 71 صوتاً، وعمد بري إلى رفع الجلسة ساعتين إفساحاً في المجال أمام النقاش. وفيما كانت الساعتان مناسبتين لكتلتَي «حزب الله» و«حركة أمل» لمناقشة موقفهما مع قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي حضر في هذا الوقت إلى البرلمان وسط إجراءات أمنية مشددة، سُجّل انتشار عسكري كبير؛ بينه عدد من الضباط في محيط وسط بيروت.

أما نواب المعارضة، فكانتا لبعضهم مناسبة للخروج وتناول طعام الغداء، قبل أن يعودوا عند الساعة الثانية للمشاركة في جلسة الحسم، وقد كان الجميع واثقاً بأنها ستكون الجلسة الأخيرة وأنها ستنتهي بانتخاب عون رئيساً.

هذا في بيروت، أما في بلدة العيشية، التي يتحدر منها عون بقضاء جزين في جنوب لبنان، فكان أبناؤها يتحضرون منذ الصباح الباكر للاحتفال للمرة الثانية بابنهم، بعدما كانوا قد احتفلوا به عام 2017 عند تعيينه قائداً للجيش. وكانت العيشية قد تزيّنت بالأعلام اللبنانية وصور عون، فيما كان الأهالي يتابعون الانتخابات عبر شاشة وُضعت داخل كنيسة البلدة مترقبين مسار الجلسة، قبل أن يحضروا الحلوى عند انتهاء الجلسة الأولى وانتشار المعلومات بأن العملية الانتخابية ستنتهي بانتخاب قائد الجيش.

وما إن انتهت الجلسة الثانية وأُعلن فوز عون، حتى أُطلقت المفرقعات النارية في سماء العاصمة بيروت، فيما أطلق أهالي العيشية العنان للموسيقى والرقص على وقع الأغاني الوطنية، ونُحرت الخراف في الساحة العامة للبلدة، آملين أن يكون الرئيس الجديد على قدر أحلامهم وأحلام أبناء بلدهم، وأن يتمكن من تنفيذ عهده في خطاب القسم بأن تبدأ مع ولايته مرحلة جديدة من تاريخ لبنان.


مقالات ذات صلة

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

قُتل 6 أشخاص، وأصيب اثنان في جنوب لبنان بقصف إسرائيلي استهدف حافلة وسيارة، في أكبر حصيلة منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس (إ.ب.أ)

لبنان مُصِرُّ على «الانسحاب الإسرائيلي الكامل» من أراضيه

بدأت الحركة السياسية بالقصر الرئاسي في بعبدا، الجمعة، باكراً، باجتماعات عقدها رئيس الجمهورية جوزيف عون وتلقيه اتصالات وبرقيات تهنئة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة play-circle 01:14

انطلاق عملية ترميم المؤسسات الدستورية اللبنانية… باستشارات تسمية رئيس الحكومة

طلب رئيس الجمهورية، جوزيف عون، من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار مجلس الوزراء في عملية تصريف الأعمال إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي إلى دمشق لتدشين العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لبنان مُصِرُّ على «الانسحاب الإسرائيلي الكامل» من أراضيه

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس (إ.ب.أ)
TT

لبنان مُصِرُّ على «الانسحاب الإسرائيلي الكامل» من أراضيه

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس (إ.ب.أ)

بدأت الحركة السياسية بالقصر الرئاسي في بعبدا، الجمعة، باكراً، باجتماعات عقدها رئيس الجمهورية جوزيف عون وتلقيه اتصالات وبرقيات تهنئة، فيما سجّلت أول زيارة لرئيس أجنبي لتهنئته من قِبَل الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، الذي دعاه للمشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي على مستوى رؤساء الدول في بروكسل، مارس (آذار) المقبل.

واستقبل الرئيس عون رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي زاره مهنئاً، وتمنى له بعد اللقاء «النجاح في هذه الظروف الصعبة»، وقال: «هذا واجب بالطبع أن يأتي الرئيس السابق للتهنئة وللتمني للرئيس الجديد بالتوفيق والنجاح في مهمته».

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الرئيس السابق ميشال عون (الرئاسة اللبنانية)

وبعد الظهر، استقبل الرئيس عون نظيره القبرصي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، قبل أن ينقل عون إلى بكركي للقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي. وأكد الرئيس القبرصي، بعد اللقاء، وقوف بلاده إلى جانب لبنان ودعمه في المجالات كافة، وتطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون، مشيراً إلى حرصه على أن تكون زيارته إلى لبنان في اليوم الثاني لانتخاب رئيس الجمهورية، للدلالة على عمق العلاقات بين البلدين، بحسب بيان رئاسة الجمهورية.

كما وجه الدعوة للرئيس عون لزيارة قبرص عندما يرى ذلك ممكناً، وأشار الرئيس القبرصي إلى أنه يعتزم دعوة الاتحاد الأوروبي لتقديم كل الدعم للبنان، كما دعا الرئيس عون للمشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي على مستوى رؤساء الدول في بروكسل في مارس المقبل، ليتمكن من عرض رؤيته أمام هؤلاء الرؤساء حول واقع لبنان وحاجاته ومستقبله.

بدوره، أعرب الرئيس عون عن امتنانه الكبير للزيارة، عادّاً أنها بمثابة رسالة أمل لجميع اللبنانيين. وشدد رئيس الجمهورية على أهمية العلاقات الثنائية ببين لبنان وقبرص، شاكراً للرئيس القبرصي الدعم الذي يبديه تجاه لبنان والحرص على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى أعلى مستوى. وعرض الرئيس عون حاجات لبنان في المجالات كافة، لا سيما الدعم الاقتصادي والمساعدات للقوى المسلحة اللبنانية.

كما عرض رئيس الجمهورية الوضع في الجنوب، مؤكداً «إصرار لبنان على انسحاب العدو الإسرائيلي بالكامل مما تبقى من أراضيه المحتلة، وانتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية». ولفت عون إلى أنه فور تشكيل الحكومة الجديدة ستنطلق عجلة العمل الحكومي، عادّاً أن دعم الاتحاد الأوروبي في هذا المجال ضروري وبنّاء.

وبعد اللقاء، تحدث الرئيس القبرصي إلى الصحافيين مشيراً إلى أنه قرر أن يزور لبنان لتهنئة الرئيس عون «ولإبلاغه استعدادنا للوقوف إلى جانب الشعب والحكومة اللبنانية، والقيام بما يلزم من أجل ازدهار الشعب اللبناني».

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (إ.ب.أ)

وكان الرئيس عون تلقى سلسلة اتصالات تهنئة من لبنان والخارج. إذ اتصل مهنئاً برئيس الجمهورية، كل من ملك المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس وزراء هولندا ديك سخوف، ووزير الدفاع البريطاني جون هيلي، ووزير الداخلية القبرصي كونستانتينوس يوانو، وعدد من قادة جيوش الدول الشقيقة والصديقة.