الجيش اللبناني يستكمل انتشاره في القطاع الغربي بعد انسحابات إسرائيلية

دمار «شبه كامل» بالناقورة... وميقاتي يوجه «رسالة واضحة» لرعاة وقف النار

آليات للجيش اللبناني في الناقورة (حساب قيادة الجيش على إكس)
آليات للجيش اللبناني في الناقورة (حساب قيادة الجيش على إكس)
TT

الجيش اللبناني يستكمل انتشاره في القطاع الغربي بعد انسحابات إسرائيلية

آليات للجيش اللبناني في الناقورة (حساب قيادة الجيش على إكس)
آليات للجيش اللبناني في الناقورة (حساب قيادة الجيش على إكس)

تابعت وحدات الجيش اللبناني الانتشار في منطقة الناقورة الحدودية وبلدات في القطاعين الغربي والأوسط، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، فيما وجّه رئيس الحكومة اللبنانية «رسالة واضحة» بوجوب وقف الخروقات الإسرائيلية والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية.

وقالت قيادة الجيش اللبناني في بيان: «بدأت وحدات من الجيش الانتشار للتمركز في رأس الناقورة وعلما الشعب وطير حرفا - صور وبيت ليف - بنت جبيل وبلدات أخرى في القطاعَين الغربي والأوسط، بعد انسحاب العدو الإسرائيلي منها، فيما يُستكمل الانتشار في الناقورة». وأضافت: «تُتابع الوحدات المختصة المسح الهندسي بهدف إزالة الذخائر غير المنفجرة وفتح الطرقات وإزالة الركام، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) واللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، وبالتزامن مع جولة في المنطقة لرئيس اللجنة الجنرال الأميركي، وعضوَيها الجنرال الفرنسي وقائد قطاع جنوب الليطاني في الجيش».

ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى عدم الاقتراب من المنطقة والالتزام بتعليمات الوحدات العسكرية إلى حين انتهاء الانتشار. وكانت الحدود الجنوبيّة اللبنانيّة قد شهدت، الاثنين، مستجدّات مهمة تمثّلت بانسحاب الجيش الإسرائيلي من عدّة مناطق في القطاع الغربي، ولا سيّما بلدة الناقورة، وذلك قبل انتهاء مهلة وقف إطلاق النار المحدّدة بستّين يوماً.

وجاءت هذه الخطوة في أعقاب اجتماعٍ للجنة الخماسيّة في رأس الناقورة، بحضور الموفد الأميركيّ آموس هوكستين.

«رسالة واضحة»

من جهته، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه «أرسل رسالة واضحة إلى رعاة تفاهم وقف إطلاق النار الدوليين بوجوب وقف الخروقات والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبأن الالتزام بتطبيق الـ1701 ليس مسؤولية لبنان فقط بل هو ملزم للعدو الإسرائيلي».

من مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في المتحف الوطني لنفتتح «جناح نهاد السعيد للثقافة» (حسابه على إكس)

وأضاف: «حذرنا من الاستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار؛ لكونه يهدد التفاهم برمته، وهو أمر لا أعتقد أن أحداً يرغب بحصوله». وعبر عن تطلعه «إلى أن يكون هذا الافتتاح إيذاناً بوقف نهائي وشامل للعدوان وتداعياته، واستكمال نشر الجيش في كل الجنوب، وعودة جميع اللبنانيين النازحين».

دمار شبه كامل

وللمرة الأولى منذ اندلاع حرب لبنان، دخل الصيادون إلى مرفأ الناقورة برفقة الجيش اللبناني، وتفقدوا مراكبهم مع رئيس البلدية عباس عواضة، وشوهدت بعض المراكب غارقة في حرم الميناء نتيجة تلاطمها بالرصيف وتضرر بعضها.

صياد يجرّ قاربه في بلدة الناقورة الساحلية بجنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل في 7 يناير بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وأكد رئيس بلدية الناقورة عباس عواضة أن «بلدة الناقورة مدمرة بشكل شبه كامل». ودعا عواضة أهالي البلدة إلى «التريّث قبل العودة في انتظار الكشف الميداني خوفاً من وجود ذخائر غير منفجرة».

دمار شبه كامل في الناقورة (أ.ف.ب)

وكانت بلدية الناقورة أعلنت، الاثنين، أن الجيش اللبناني قد بدأ بالانتشار في مواقعه داخل البلدة، مشيرة إلى أنه «تسهيلاً لعمليات مرور آليات الجيش وفرقها اللوجيستية والهندسية إلى البلدة، وبالتنسيق مع الجيش والجهات الرسمية المعنية، سيتم إعلام الأهالي بتوقيت وخطة العودة في حال توافر المعطيات الجدية اللازمة». وأكدت البلدية أن «العودة الآمنة ستكون حصراً بمؤازرة قوة من الجيش وفرق الدفاع المدني، بعد التأكد من عدم وجود أي خطر محتمل».

تذكير إسرائيلي لسكان الجنوب

دعوة رئيس بلدية الناقورة سبقها «تذكير» من الجيش الإسرائيلي لسكان جنوب لبنان. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة «إكس»: «تذكير جديد إلى سكان جنوب لبنان أنه حتى إشعار آخر يحظر عليكم الانتقال جنوباً إلى خط القرى ومحيطها».

جنود من الجيش اللبناني فوق دباباتهم المتوقفة على طول طريق في بلدة الناقورة الساحلية بجنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

بيان السفارة الأميركية

إلى ذلك، أعلنت السفارة الأميركية، في بيان، أن «رئيس لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز والجنرال الفرنسي غيوم بونشان، انضما هذا الصباح في زيارة إلى مقر اللواء الخامس للجيش اللبناني في القطاع الغربي لجنوب لبنان».

ويقع المقر على مسافة خمسة كيلومترات شمال شرقي بلدة الناقورة، التي هي الآن تحت سيطرة الجيش اللبناني بعد تنفيذ المرحلة الأولى من انسحاب القوات الإسرائيلية، الاثنين. وأشار بيان السفارة إلى أنه «كجزء من عملية الانتقال التي أتاحت تنفيذها اللجنة، قام الجيش اللبناني بنشر قواته في المنطقة على الفور من أجل تطهير الطرق، وإزالة الذخائر غير المصرح بها، وتوفير الأمن للشعب اللبناني». واطلع الجنرالان جيفرز وبونشان، بحسب البيان، «على مخزونات الأسلحة التي سوف يتم تدميرها في الأيام المقبلة، والتي استولى عليها الجيش اللبناني من الجماعات المسلحة غير المصرح لها».

وأشاد جيفرز بعمل الجيش اللبناني، وأكد أن «الجيش اللبناني هو المؤسسة الشرعية التي توفر الأمن للبنان، وهو يستمر في الإثبات لي ولبقية أعضاء اللجنة أن لديه القدرة والنية والقيادة لتأمين لبنان والدفاع عنه. فهو تصرف بحزم وسرعة وبخبرة واضحة».

وأضاف: «اليوم رأينا مثالاً على ذلك مع جنود اللواء الخامس. إن فوج الهندسة على وجه الخصوص مليء بالمحترفين الحقيقيين الذين يزيلون أسبوعياً مئات القطع من الذخائر غير المنفجرة ويجعلونها آمنة».


مقالات ذات صلة

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

قُتل 6 أشخاص، وأصيب اثنان في جنوب لبنان بقصف إسرائيلي استهدف حافلة وسيارة، في أكبر حصيلة منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

لم يكن إخراج انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الرئيسان أمين الجميل وحافظ الأسد خلال قمة عدم الانحياز في نيودلهي عام 1983 (غيتي)

خاص حافظ الأسد لأمين الجميل: لهذه الأسباب باقون في لبنان

تنشر «الشرق الأوسط» فصلاً جديداً من كتاب وزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم بعنوان «الفرص الضائعة».

المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة.

هدى علاء الدين (بيروت)

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)
سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)
سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجالي «سيطرة» (احتلال) و«نفوذ» (استخباراتي) في الأراضي السورية، وفق مفهوم عملياتي جديد يسعى المسؤولون الأمنيون لبلورته، للتعامل مع الواقع الجديد الذي نشأ عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن تل أبيب تحتاج للاحتفاظ بمنطقة سيطرة عازلة بعمق 15 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بهدف التأكد من أن حلفاء النظام الجديد والموالين له لن يتمكنوا من إطلاق صواريخ صوب هضبة الجولان، كما تحتاج إلى مجال نفوذ يمتد لمسافة 60 كيلومتراً داخل سوريا، يسمح بسيطرة استخباراتية، بهدف مراقبة ومنع ظهور تهديدات أمنية محتملة.

والخطة الإسرائيلية التي كشفت عنها صحيفة «يديعوت أحرونوت» جاءت بعد أيام من تأكيد مسؤولين إسرائيليين أن الجيش الإسرائيلي لن يسحب قواته من المنطقة العازلة الحدودية والجانب السوري من جبل الشيخ، بعدما طلب أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الجديدة، من الولايات المتحدة أن تطلب من إسرائيل سحب قواتها من هناك، بحسب هيئة البث الإسرائيلية «كان». وقال مسؤولون إسرائيليون لهيئة البث إنهم لم يتلقوا أي طلب رسمي بهذا الشأن، مؤكدين أن وجود الجيش الإسرائيلي على الحدود وعبرها ضروري لحماية أمن إسرائيل.

وكانت إسرائيل سيطرت فوراً بعد الإطاحة بنظام الأسد، الشهر الماضي، على المنطقة العازلة، التي أنشئت بموجب اتفاقية فصل القوات مع سوريا بعد حرب «يوم الغفران»، كما استولت أيضاً على جبل الشيخ.

وخلال زيارة قام بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت لاحق إلى جبل الشيخ، قال من هناك: «سنبقى في هذا المكان المهم حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل. وسنحدد الترتيب الأفضل الذي يضمن أمننا».

جنود إسرائيليون الجمعة بجوار دباباتهم في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

وشنت إسرائيل أيضاً مئات الضربات على أصول عسكرية سورية، قائلة إنها تهدف إلى منع وقوع الأسلحة في أيدٍ معادية. وشملت الأهداف مواقع صواريخ ودفاعات جوية وأهدافاً للقوات الجوية والبحرية. وفيما كان واضحاً من تصريحات نتنياهو وغيره، أن إسرائيل ستبقى في المرحلة الحالية في المناطق التي دخلتها في سوريا، يبدو أن لديها خطة أعمق بعيدة المدى.

وجاءت الخطة الإسرائيلية الجديدة التي يعتقد أنها تقوم على احتلال مباشر ودائم بعمق 15 كيلومتراً، وسيطرة استخباراتية تقوم على تشغيل أدوات مراقبة وتجسس مثل الطائرات المسيّرة بعمق 60 كيلومتراً، على الرغم من أن النظام الجديد في دمشق أرسل رسائل واضحة إلى إسرائيل مفادها أنهم لا ينوون الدخول في أي مواجهة معها، وهي رسائل قابلتها الدولة العبرية بتشكك. وقال مسؤول إسرائيلي إن ذلك «قد يكون صحيحاً لمدة عام، أو عامين، أو ربما حتى 10 أو 20 عاماً، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن أنهم لن يتوجهوا نحونا بعد ذلك، يريد الجولاني (الكنية التي كان يُعرف بها الشرع سابقاً) الآن رفع العقوبات عن سوريا من أجل جلب الأموال، لكن على المدى الطويل، سيتعين على إسرائيل الحفاظ على منطقتي سيطرة ونفوذ في سوريا». وعبّر المسؤول الذي لم تذكر «يديعوت» اسمه، عن أمل إسرائيل في أن يمنحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بعد تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني)، الدعم الكامل للخطة. وأضاف: «نحن نبني مفهوماً تشغيلياً للواقع الجديد».

ولم تحدد إسرائيل الجهات التي يمكن أن تنقلب ضدها، لكن المسؤول تطرق إلى القلق من أن تعزز حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وجودهما في سوريا فيما يغض الحكم الجديد الطرف. وقال: «لن نسمح لهما بترسيخ وجودهما في سوريا، كما لن نسمح لإيران بترسيخ وجودها هناك». وأضاف: «نقدر أن الجولاني يفضل بقاءهم حتى يحاولوا العمل ضد إسرائيل، حتى لو كان سيحتفظ بمساحة للإنكار».

وجاءت الخطة الإسرائيلية أيضاً على وقع غضب إسرائيلي مما ووصفه مسؤولون بـ«تهافت» الغرب على النظام السوري الجديد. واتهم مسؤولون في إسرائيل الغرب بـ«العمى المتعمد» إزاء طبيعة الحكم الجديد في دمشق. وفي اجتماع أمني سابق، سخر وزراء إسرائيليون من محاولة الغرب التأكد من أن القيادة الجديدة صارت معتدلة، في إشارة إلى ارتباطها بتنظيم «القاعدة» سابقاً.

وتعزز الخطة الإسرائيلية الجديدة وجود نيات لدى إسرائيل لاستغلال الفرصة التي لاحت في سوريا وقد لا تتكرر، وتحقيق أقصى مصالح ممكنة. وبحسب تقرير سابق صادر عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، فإن مصالح إسرائيل في سوريا تتمثل بتحقيق استقرار أمني عند مثلث الحدود، وإحباط هجمات مسلحة قد تنطلق من الأراضي السورية، ووقف تهريب السلاح من سوريا إلى الأردن، ومن ثم إلى الضفة الغربية، وضمان استقرار الأردن، ومنع هيمنة تركية أو إيرانية في سوريا، وإقامة نظام سياسي ودي جديد في سوريا، ومتسامح تجاه الأقليات فيها، وتحديداً الأكراد والدروز، واستبعاد سيطرة الحركات الإسلامية أو تعزيزها أو حصولها على أسلحة.