تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

فيدان: القضاء على الوحدات الكردية «مسألة وقت»

فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على ضرورة ضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة، ورفض الانتهاكات الإسرائيلية هناك. وعكست مباحثات تركية - أردنية، ضمت وزيري الخارجية والدفاع ورئيسي مخابرات البلدين، بمقر «الخارجية» التركية في أنقرة، الاثنين، اتفاقاً بشأن دعم الإدارة السورية الجديدة في مرحلة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين وتسهيل الحياة اليومية للمواطنين.

وجاءت المباحثات وسط تصعيد تركي حاد ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق في شرق حلب، بعد ساعات من الهدوء الحذر. وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، في ختام المباحثات، إنه تمت مناقشة مكافحة الإرهاب مع الأردن، بالإضافة إلى التطورات في سوريا والأراضي الفلسطينية والعراق والمنطقة بشكل عام.

وأضاف أنه منذ اليوم الأول لسقوط بشار الأسد كان لدى بلاده تنسيق مع الأردن، وأن العمل مستمر كذلك من أجل إنهاء الكارثة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة. وتابع أن الاستقرار في سوريا مهم، وكذلك تقديم الدعم للإدارة الجديدة، وأن تركيا والأردن متفقتان فيما يخص استقرار سوريا وإعادة إعمارها ووحدتها واستقلالها، حيث جرى الاتفاق على وضع خريطة طريق لتقديم الدعم للشعب السوري بالتنسيق مع السوريين.

وأشار فيدان إلى أنه ستكون هناك اجتماعات مقبلة بين تركيا والعراق والأردن وسوريا ولبنان، من أجل مناقشة الأوضاع، مضيفاً: «نحن في تضامن تام مع الأردن ونبذل جهوداً كبيرة من أجل وقف العدوان في غزة».

دعم الإدارة السورية

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال المؤتمر الصحافي (الخارجية التركية)

بدوره، قال الصفدي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، إن أمن سوريا واستقرارها من أمن المنطقة واستقرارها، ورسالة الأردن وتركيا واضحة في دعم الشعب السوري وإرادته، وفي إعادة بناء وطنه على الأسس التي تضمن بناء مستقبل يشارك كل السوريين في صياغته. وذكر الصفدي أن اللقاء في أنقرة جاء لتنسيق الجهود التي نبذلها من أجل الشعبين السوري والفلسطيني، مضيفاً أن وتيرة التعاون بين الأردن وتركيا ستزيد في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة هذه الفترة.

وأضاف أن الجانبين بحثا كيفية الدعم الحقيقي للإدارة الجديدة بسوريا، والتنسيق في توفير الخدمات الأساسية، وسبل توفير الكهرباء لسوريا، حتى يحصل المواطن السوري على حقه بالعيش الآمن في بلده. ولفت الصفدي إلى أن الأردن سيزيد من وتيرة التعاون مع تركيا لتقديم الدعم للشعب السوري، ولمواجهة التحديات في المنطقة، وكذلك ننسق مع العراق من أجل بلورة آليات مشتركة تنعكس إيجاباً على كل المنطقة.

وشدد على أن مواقف الدول العربية واحدة في دعم استقرار وبناء سوريا على الأسس التي تضمن للشعب السوري تلبية طموحاته، وجدد رفض الأردن العدوان الإسرائيلي الجديد على الأرض السورية الذي يعد خرقاً واضحاً للقانون الدولي وللسيادة السورية.

جانب من المباحثات التركية - الأردنية في وزارة الخارجية التركية بأنقرة الاثنين (الخارجية التركية)

وعقدت في وزارة الخارجية التركية بأنقرة، الاثنين، مباحثات تركية - أردنية شارك فيها من الجانب التركي وزيرا الخارجية والدفاع التركيان، هاكان فيدان ويشار غولر، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، ومن الجانب الأردني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، تناولت إلى جانب العلاقات بين البلدين الشقيقين، التطورات الإقليمية، خصوصاً القضية الفلسطينية وجهود وقف العدوان، وفي مقدمتها التطورات في سوريا والتعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وقضية اللاجئين، والعدوان الإسرائيلي على غزة في إطار التنسيق والتشاور المستمرين بين البلدين.

ملف الأكراد

وخلال المؤتمر الصحافي، قال فيدان إن القضاء على «وحدات حماية الشعب» الكردية بات «مسألة وقت»، وأن أنقرة لن توافق على أي سياسة تسمح للوحدات الكردية بالحفاظ على وجودها في سوريا. وأكد فيدان أن بلاده لن تسمح بتمرير أي أجندات غربية قائمة على دعم تنظيم «بي كي كي» بذريعة مكافحة «داعش». وأضاف: «إمبراطورية العنف التي أسسها (تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي)، عبر استغلال المشاعر النبيلة لإخواننا الأكراد شارفت على الانهيار»، قائلاً: «الإخوة في العراق يغضون الطرف عن الاحتلال في سنجار لماذا يحدث هذا؟ لا نعرف، ربما سيختفي بعد فترة».

ولفت فيدان إلى أن تنظيم «(داعش) مثل السم بالنسبة للعالم الإسلامي، وأن أميركا وبعض الدول الأوروبية أسندت دور حراسة (داعش) إلى المنظمة الإرهابية (الوحدات الكردية)، وما قدموه تحت غطاء الكفاح ضد (داعش)، لا يتوافق مع الواقع». وقال: «نحن في وضع يسمح لنا ليس فقط بالرصد، بل سحق أي نوع من المؤامرات في المنطقة».

وأضاف أن تركيا تكافح بحساسية كبيرة للتخلص من «داعش»، الذي يعدّ مشكلة مشتركة للمجتمعات الإسلامية، داخل الحدود وخارجها، «وهذا يتطلب تعاون كثير من الدول، وقد عقدنا اجتماعات مع دول صديقة وشقيقة، وبخاصة الأردن، واستخدمنا جميع الأساليب، خصوصاً تبادل المعلومات الاستخبارية والعمليات المشتركة، ومن المهم جداً بالنسبة لنا أن (داعش) لن يظهر مرة أخرى في منطقتنا».

لقاء إردوغان والصفدي

جانب من استقبال إردوغان للصفدي (الرئاسة التركية)

بدوره، قال الصفدي، الذي التقاه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عقب مباحثات الوفدين التركي والأردني: «إننا ندعم تركيا في مواجهة الإرهاب وأي تهديدات لأمنها واستقرارها». وأضاف أن «الأردن وتركيا هما الأقدر في المنطقة على مقاربة قضاياهما، ويجب أن يكون لهما دور رئيسي في مواجهة التحديات بالمنطقة، كما أننا حريصون على أن يعيش الأكراد في سوريا حياة كريمة ومستقرة مع باقي مكونات الشعب السوري، ونرفض أن يعيد الإرهاب وجوده ومكانه في سوريا، ولا نريد حدوث اقتتال في سوريا».

في السياق، قال إردوغان إن القيادة السورية الجديدة عاقدة العزم على اجتثاث الانفصاليين (القوات الكردية) في سوريا. وأضاف إردوغان، في كلمة خلال كلمة المؤتمر الإقليمي الثامن لـ«حزب العدالة والتنمية» في طرابزون شمال تركيا، مساء الأحد، أن «آمال المنظمة الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية) تتبدد في ظل الثورة بسوريا، فالإدارة الجديدة بسوريا تظهر موقفاً حازماً للغاية في الحفاظ على وحدة أراضي البلاد وهيكلها الموحد». وتابع: «نهاية التنظيم الإرهابي اقتربت، لا خيار لأعضائه سوى تسليم أسلحتهم والتخلي عن الإرهاب وحل التنظيم، سيواجهون قبضة تركيا الحديدية».

اشتباكات منبج

وتجددت الاشتباكات والقصف المدفعي بدعم من المسيرات التركية على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق بريف منبج شرق حلب، الاثنين، بين فصائل «الجيش الوطني» الموالية لتركيا وقوات «قسد»، وسط محاولات من الفصائل لتحقيق تقدم ميداني على الأرض.

وتسعى فصائل غرفة «عملية فجر الحرية»، التي انطلقت بأوامر من تركيا لـ«الجيش الوطني السوري» الشهر الماضي، بالتزامن مع تقدم «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا باتجاه دمشق، إلى فرض السيطرة على جميع المناطق التي تسيطر عليها «قسد» في شرق الفرات، بدءاً بمدينة عين العرب (كوباني)، ثم الرقة والحسكة، وذلك بعدما سيطرت على مدينتي تل رفعت ومنبج، التي لا يزال القتال دائراً على محاورها الجنوبية الغربية والشرقية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 4 عناصر من الفصائل الموالية لتركيا، إثر استهداف نقطة تمركزهم بالقرب من جسر قره قوزاق بطائرة مسيّرة تابعة لـ«قسد»، كما قتل أحد عناصر «قسد» جراء القصف المدفعي من جانب القوات الكردية على المحور ذاته. واستهدفت مسيّرة تركية سيارة عسكرية تابعة لـ«قسد»، ما أدى إلى إصابة سائقها بجروح خطيرة.

أفراد من «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا شرق حلب (أ.ف.ب)

وتجدد القصف من جانب القوات التركية والفصائل الموالية لها بعد ساعات من الهدوء الحذر على محاور القتال في ريف منبج.

وقالت «قسد» إنها تتصدى لهجوم عنيف تشنه القوات التركية والفصائل على قرى في جنوب وشرق منبج وسد تشرين.

وكان الهدوء الحذر خيم، الأحد، على محاور القتال في ريف منبج، عقب معارك عنيفة استمرت 24 يوماً بين الفصائل المدعومة من تركيا و«قسد» والتشكيلات التابعة لها في محاور قرى حج حسين، والسعيدين، وعطشانة، وعلوش، والمصطاحة، إضافة إلى سد تشرين وجسر قره قوزاق.

وأحصى المرصد السوري مقتل 280 شخصاً في الاشتباكات والهجمات في المنطقة؛ منهم 199 من عناصر الفصائل الموالية لتركيا و56 من «قسد»، إلى جانب 25 مدنياً، بينهم 5 نساء وطفلان. وقالت وزارة الدفاع التركية، الأحد، إن قواتها قتلت 32 من عناصر الوحدات الكردية في عمليات بشمال سوريا.

تسهيل عودة اللاجئين

على صعيد آخر، أعلنت إدارة الهجرة التركية فتح 7 معابر حدودية أمام السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن، ضمن الإجراءات الرامية إلى تسهيل عودة السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وبحسب بيان لرئاسة إدارة الهجرة التركية، تضمنت المعابر المخصصة للعودة الطوعية 5 معابر لعودة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة، هي: جيلوا غوزو (معبر باب الهوى)، ويايلاداغي (معبر كسب) في هطاي، وأونجو بينار (باب السلامة) في كيلس، وكاراكميش (معبر جرابلس) في غازي عنتاب، وأكتشا قلعة (معبر تل أبيض) في شانلي أورفا.

تدفق السوريين على البوابات الحدودية للعودة إلى بلادهم (أ.ب)

وتم تخصيص معبرين إضافيين للسوريين الراغبين في زيارة بلادهم لترتيب أوضاع عائلاتهم تمهيداً للعودة، حيث يسمح لفرد واحد من كل عائلة بالخروج والدخول 3 مرات في الفترة بين يناير (كانون الثاني) الحالي ويونيو (حزيران) المقبل، هما تشوبان باي (معبر الراعي)، وزيتين دالي (معبر الحمام في عفرين).

وفي سياق متصل، فتحت السلطات التركية تحقيقاً في تصريحات رئيس بلدية بولو من «حزب الشعب الجمهوري»، تانجو أوزجان، قال فيها إنه ألغى، بشكل غير قانوني، بعض التراخيص التجارية للسوريين في مدينته الواقعة شمال غربي تركيا.

رئيس بلدية بولو تانجو أوزجان (من حسابه في «إكس»)

وقال أوزجان، في مقابلة تلفزيونية، السبت، إنه اتخذ إجراءات ضد السوريين في المدينة، منها إزالة لافتات تجارية مكتوبة باللغة العربية وإلغاء تراخيص تجارية، وزيادة تكلفة الزواج واستهلاك المياه، ما دفعهم إلى مغادرة المدنية، وهو ما سمح للمواطنين الأتراك بأن يتحركوا بحرية وبخروج النساء والأطفال بأمان دون التعرض للتحرش.

وأضاف أن السوريين ربما يكسبون الدعاوى إذا طعنوا في الإجراءات التي اتخذها أمام المحكمة الإدارية. وقال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، إن مكتب المدعي العام في مدينة بولو فتح تحقيقاً مع رئيس البلدية بشأن تصريحاته عن السوريين في بلادنا.

وعلق أوزجان عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «لقد قلت، وفعلت ما فعلته بشأن اللاجئين، مع الأخذ في الحسبان العواقب، أنا مستعد لدفع ثمن هذا».


مقالات ذات صلة

ميقاتي في دمشق… مدشناً العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي في دمشق… مدشناً العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.

خاص زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)

خاص مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: نُجري محادثات بناءة مع الشرع

أكدت واشنطن أنها تُجري محادثات «بناءة» مع الإدارة السورية الجديدة، معلنة أن أولوياتها مع دمشق تشمل المشاركة الجامعة للسوريين ومكافحة الإرهاب وإضعاف إيران وروسيا

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)

عمليات ثأر في ريف دمشق تثير قلقا حقوقيا

أثار احتفال أهالي بلدة دمر، غرب دمشق، الجمعة، بـ«إعدام» مختار المنطقة السابق مازن كنينة ميدانياً، قلق نشطاء المجتمع المدني وحقوقيين.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الجمعة (رويترز)

تركيا تنسّق مع أميركا في سوريا وتطالب فرنسا باستعادة «دواعشها»

أعطت تركيا إشارة إلى تنسيقها مع الولايات المتحدة بشأن التحرك ضد القوات الكردية في شمال سوريا، وانتقدت بعنفٍ موقف فرنسا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي شملت التعديلات الجديدة حذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية (رويترز)

الإدارة السورية الجديدة تحذف مادة التربية الوطنية في جديد تعديلات المناهج

أصدرت وزارة التربية والتعليم السورية الجديدة، قراراً بحذف مادة التربية الوطنية كاملة من المناهج الدراسية مع توزيع درجاتها تساويا بين مادتَي التاريخ والجغرافيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)

كاتس طلب من الجيش خطة «هزيمة كاملة» لـ«حماس»

جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)
جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)
TT

كاتس طلب من الجيش خطة «هزيمة كاملة» لـ«حماس»

جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)
جنود إسرائيليون في نفق يقول الجيش إن مسلحي «حماس» استخدموه لمهاجمة معبر «إيريز» في شمال قطاع غزة 15 ديسمبر 2023 (أ.ب)

طلب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجمعة، من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة في أسرع وقت ممكن لإلحاق هزيمة كاملة بحركة «حماس» في قطاع غزة، إذا لم تخرج صفقة التبادل إلى حيز التنفيذ حتى موعد تنصيب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في الـ20 من الشهر الحالي.

وأكد كاتس أنه أصدر تعليماته بهذا الشأن لرئيس هيئة الأركان، هيرتسي هاليفي، في اجتماع أمني عقد، الخميس، وأوضح له أنه لا ينبغي لإسرائيل الانجرار إلى حرب استنزاف مع «حماس» في غزة؛ لأنها ستكون مكلفة، ولن تحقق الهدف الاستراتيجي للحرب، وهو هزيمة «حماس» المطلقة، فيما يبقى المختطفون في الأنفاق معرضين لخطر الموت.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يحذر الجيش من الانجرار لحرب استنزاف (أرشيفية - د.ب.أ)

وطلب كاتس من هاليفي توضيح أي نقاط تجعل تنفيذ الخطة صعباً، بما في ذلك الموضوع الإنساني أو أي قضايا أخرى، حتى يقرر المستوى السياسي.

وأكد كاتس أن الحل السياسي في غزة ليس ذي صلة بطلبه؛ «لأنه لن يتحمل أي طرف عربي أو غيره مسؤولية إدارة الحياة المدنية في غزة ما دام لم يتم سحق (حماس) بشكل كامل». ورأى وجوب تغيير طريقة عمل الجيش حتى يتسنى القضاء على «حماس»، وإنهاء الحرب.

ولم يعرف ما المقصود بالهزيمة الكاملة، على الرغم من أن القضاء على البنية التحتية العسكرية لـ«حماس» وإنهاء حكمها في القطاع كانا هدفين محددين لإسرائيل منذ بداية الحرب.

وقال محرر الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش، دورون كدوش، إن كاتس يعتقد أن الجيش الإسرائيلي لم يتصرف بشكل صحيح حتى الآن لهزيمة «حماس»، وتم جره إلى حرب استنزاف، ولذا يريد تغيير السياسة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، ويعتقد أن ذلك قد يساعد على هزيمة الحركة. وأضاف: «لا يُعرف ما الخطة التي سيقدمها الجيش لكاتس بهدف هزيمة (حماس) بالكامل. لكن في مناقشات مغلقة كانوا يتحدثون بشكل واضح عن أنه من دون إيجاد بديل لحكم (حماس) سيكون من المستحيل الإطاحة بحكمها». وبحسبه، من الممكن أيضاً نشر ثلاث فرق عسكرية أخرى في القطاع، وتنفيذ مناورة برية في وقت واحد في عدة مناطق.

مظاهرة في تل أبيب بعنوان «أنتم تقتلونهم» تطالب حكومة نتنياهو بالتحرك لإنقاذ جميع الرهائن الجمعة (أ.ف.ب)

وفيما يعتقد كاتس، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه لا يوجد حالياً مجال لخلق بديل حاكم لـ«حماس»، وفيما يخشى الجيش الإسرائيلي من تعميق مناورته البرية في مناطق في وسط القطاع قد يودي بحياة مختطفين، فإن التركيز أغلب الظن سيكون على تغيير السياسة المتعلقة بالمساعدات.

وتعتقد إسرائيل أنه مع دخول ترمب إلى السلطة، يمكن تقليص المساعدات لقطاع غزة، وهذا سيشكل مفتاحاً رئيسياً لإضعاف وإنهاء حكم «حماس».

وأعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الأسبوع الماضي، أنه بعد تنصيب ترمب، ستقلص إسرائيل المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة إلى «الحد الأدنى المطلوب بموجب القانون الدولي».

ويدعم سموتريتش سيطرة مدنية إسرائيلية في قطاع غزة، وإدارة توزيع المساعدات الإنسانية، ويعتقد أن ذلك هو الطريق الوحيد لإعادة المحتجزين.

طفلة فلسطينية تبكي وهي تنتظر دورها للحصول على وجبة طعام من مطيخ تديره جمعية خيرية في خان يونس جنوب قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)

مفاوضات الدوحة

ويحاول الوسطاء في العاصمة القطرية الدوحة دفع اتفاق قبل وصول ترمب الذي هدد الشرق الأوسط «بجحيم» إذا وصل إلى البيت الأبيض دون صفقة منجزة. ويوجد تقدم كبير في المفاوضات لكن بعض القضايا ما زالت بحاجة إلى حلول.

وقال المسؤول عن المختطفين والمفقودين، جال هيرش، لعائلات محتجزين التقاهم، الخميس، إن المفاوضات جارية من أجل اتفاق لعودة جميع المختطفين، لكن على مراحل.

وأوضح هيرش أن جميع المناقشات تتركز حالياً على المرحلة الأولى. وبحسبه، فإنه بعد أسبوعين من الاتفاق ستبدأ المفاوضات حول المرحلة التالية من الصفقة.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المفاوضات مستمرة في الدوحة وليست عالقة، على الرغم من الصعوبات والفجوات.

وزعمت الصحيفة أن الأطراف تحرز تقدماً، ولكن في كل مرة يتم حل قضية واحدة تعيد «حماس» فتح النقاط، التي تم الاتفاق عليها بالفعل.

جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)

ووصفت الصحيفة المفاوضات بالمرهقة بسبب صعوبات الاتصال بين «حماس» في الخارج وقائد الجناح المسلح في قطاع غزة محمد السنوار. وأشارت إلى أن «حماس» ترفض حتى الآن تقديم قائمة بأسماء المختطفين الأحياء، فيما يحاول الوسطاء إيجاد حلول وسط لذلك.

وفي إسرائيل ثمة إصرار على أنه دون قائمة المختطفين لا توجد إمكانية للتقدم، وهي ترى أن رفض «حماس» توضيح من هو حي ومن هو ميت بمثابة لعبة منها لمحاولة إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المعتقلين الفلسطينيين، مقابل أقل عدد ممكن من المختطفين على قيد الحياة.

وبحسب «يديعوت أحرونوت»، فإن الخلاف حول نهاية الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي لا يزال قائماً. وعلى الرغم من أن «حماس» لا تضع ذلك شرطاً فورياً، فإنه في كل مرة تعود القضية إلى السطح. وقالت: «إسرائيل تصر على ترك منطقة عازلة بعرض كيلومتر في شرق القطاع وجنوبه على محور فيلادلفيا، وهذا سيحد من عودة السكان إلى منازلهم».

وخلصت «يديعوت أحرونوت» إلى القول إن الوسطاء يأملون في أن يساعد انضمام مبعوث ترمب، ستيف ويتكوف، إلى الوسطاء في خلق ديناميكية جديدة ويحرك «حماس»، ويجعلها تفهم أن ترمب جاد في تهديداته بـ«فتح أبواب الجحيم» إذا لم يتم إطلاق سراح المختطفين.