«هدنة غزة»: مطالبات بزيادة الجهود الدولية لتجاوز «الشكوك والفجوات»

توقعات بحضور أميركي في «مفاوضات الدوحة»

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: مطالبات بزيادة الجهود الدولية لتجاوز «الشكوك والفجوات»

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمَّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

برزت في القاهرة تأكيدات مصرية على أهمية زيادة الجهود الإقليمية والدولية لإنجاز وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تزامناً مع مفاوضات غير مباشرة تستضيفها الدوحة بين طرفَي الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام.

وتكشف تلك المطالبات المتزامنة مع حديث مسؤولين أميركيين عن وجود «شكوك وفجوات» تحيط بالمحادثات، وجود «عدم يقين» بشأن الاتفاق، حسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، واستبعدوا أن يجري الاتفاق في الوقت المتبقي من ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، مع استمرار جولات المحادثات دون «ترتيبات أو تنازلات حقيقية» على أن يكون الاتفاق قبيل أو مع تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري.

وناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، التطورات في قطاع غزة، وأكد «أهمية مواصلة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عوائق»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، يوم الأحد.

بلينكن كان قد استبق ذلك الاتصال بتصريحات لصحيفة «نيويورك تايمز»، أكد خلالها أن إدارة جو بايدن «أمضت أشهراً في العمل على خطة ما بعد الصراع مع كثير من البلدان في المنطقة والشركاء العرب»، لافتاً إلى أنه «إذا لم تُتَح لنا الفرصة للبدء في محاولة تنفيذها من خلال اتفاق وقف إطلاق النار في غضون الأسبوعين المقبلين، فسنسلمها إلى إدارة ترمب القادمة ويمكنها أن تقرر ما إذا كانت ستمضي قدماً في ذلك».

وبينما لا تزال مفاوضات غير مباشرة في الدوحة، استؤنفت (الجمعة) بحضور وفد إسرائيلي وآخر من «حماس»، تحيطها «شكوك وفجوات تعوق إمكانية إحراز تقدم لوقف إطلاق نار في غزة قبل تنصيب ترمب، غير أن الجهود لا تزال مستمرة»، وفق ما كشف عنه مسؤولون أميركيون مطّلعون على المحادثات لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، في ظل عدم حسم أمور من بينها عدد الرهائن الذين سيجري إطلاق سراحهم في الصفقة، وإنهاء الحرب، والوجود العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة بعد نهايتها، فضلاً عن مخاوف تُبديها الحركة دائماً من عودة نتنياهو للحرب بعد تسليم الأسرى، وهو ما يجعلها تطالب بضمانات من دول لتنفيذ الاتفاق.

ومن المتوقع أن ينضم مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، إلى محادثات الدوحة، من أجل دفع مساعي تأمين الصفقة قبل تنصيب ترمب، وسط تقديرات مسؤولين إسرائيليين كبار للصحيفة ذاتها أنه «لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق»، من دون أن يقدموا أي ضمانات لذلك.

ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير علي الحفني، أن «الجهود الدولية مطلوبة باستمرار، ومن المهم أن تدفع باتجاه اتفاق في ظل الشكوك والفجوات وعدم اليقين التي يشهدها مسار التفاوض حالياً»، مشيراً إلى أنه ليس هناك ما يبشّر بأن هناك اتفاقاً قبل تنصيب ترمب، ولكن هناك مساعٍ مستمرة من الوسطاء لتجاوز الخلافات والمسائل العالقة.

ويرى أن المفاوضات ستبقى تراوح مكانها ما دامت الزيارات المكوكية المتكررة خلال الفترة الأخيرة لم تنتهِ إلى ترتيبات واضحة بأزمنة محددة، مستدركاً: «كلما استمرت التصريحات واللقاءات دون ترجمة فعلية، ستبقى التقديرات بالتفاؤل في التوصل إلى اتفاق غير دقيقة، كما رأينا طيلة فترة بايدن بأحاديث عن الاقتراب من صفقة دون أن يحدث ذلك، وسيأتي ترمب بخطط أخرى».

وهو ما يتفق معه الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية سعيد عكاشة، قائلاً إن الضغوط الأميركية، على مدار أكثر من عام خلال إدارة بايدن لم تستطع أن تصل إلى اتفاق، قائلاً: «ما لم تفعله واشنطن، حليفة إسرائيل، لن يتم من غيرها، لكن تبقى أدوار الوسطاء، لا سيما من القاهرة، مهمة في تقريب وجهات النظر، والسعي لإنهاء مأساة الفلسطينيين وعدم حدوث أي تصعيد حاضر بقوة ولن يتوقف».

ويرى أن الفجوات واضحة، وأبرزها مطالب «حماس» بالانسحاب الإسرائيلي، وكذلك مطلب نتنياهو بخصوص الرهائن الأحياء، وكلاهما سيمضى على هذا المنوال ما دام أنه لم تُقدَّم تنازلات حقيقية.

«حماس» من جانبها أعلنت يوم الجمعة، استئناف المفاوضات، وأكدت في بيان صحافي، جدِّيتها وإيجابيتها وسعيها إلى التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة»، وفي اليوم التالي نشرت مقطعاً ظهرت فيه الرهينة الإسرائيلية ليري ألباغ، وهي تحثّ إسرائيل على بذل جهود أكبر لإطلاق سراح الرهائن، داعيةً حكومة نتنياهو إلى وقف العمليات العسكرية لعدم جدواها.

وأفاد موقع «i24» الإسرائيلي، الأحد، بأن «هذا النشر من (حماس) في إطار استراتيجية الحرب النفسية التي تنفذها (حماس) التي تنشر بانتظام صور الرهائن للضغط على الحكومة الإسرائيلية في المفاوضات الحالية».

عائلة ألباغ، التي طلبت من الحكومة الإسرائيلية وقادة العالم استغلال الفرصة الحالية لإنقاذ جميع الرهائن وإعادتهم، تلقَّت وعداً من نتنياهو، وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، باستمرار «الجهود لإطلاق سراح الرهائن»، وفق بيانين صحافيين لمكتبَي الأخيرَين.

وليس الفيديو الذي نشرته «حماس»، وحده الذي تستخدمه الحركة لتأكيد مطالبها، بل جرى إطلاق 16 صاروخاً في نحو أسبوع بعد توقف دام شهوراً، وتلك الصواريخ عادةً ما كانت تطلَق قبل إبرام اتفاق، وفق عكاشة، موضحاً أن «(حماس) تريد أن تقدم مرونة لكن في الوقت نفسه تؤكد أنها تقاوم وكذلك إسرائيل ستفعل أموراً مماثلة لمجرد أن يقولوا إنهم يبذلون جهوداً، لكنّ هذا يحتاج إلى تنازلات حقيقية وليست أحاديث فقط».

ولا يُعتقد أن الاتفاق سيكون جاهزاً قبل وصول ترمب للسلطة، ولن يستطيع الرئيس الأميركي تفعيل تهديده بشكل واقعي على «حماس»، مؤكداً أن الحركة ليس لديها ما تخسره خصوصاً أن إسرائيل فعلت في غزة أكثر من الجحيم الذي توعد به الرئيس الأميركي المنتخب المنطقة حال لم يطلَق سراح الرهائن قبل 20 يناير الجاري.

ويتوقع الحفني أن يحدث اتفاق قبل عشية تولي ترمب منصبه، أو تذهب إسرائيل معه لما بعد ذلك محاولةً منها لاختباره وكسب مكاسب من «الجحيم» الذي توعد به الشرق الأوسط، مرجحاً أن تكون الأيام المقبلة حاسمة في توضيح مسار الصفقة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعلن الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

المشرق العربي فلسطينيون يبحثون بين أنقاض مبنى دمر بفعل غارة إسرائيلية في البريج وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

بموازاة عمليات عسكرية متواصلة، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» لتهديدات إسرائيل. وتحدث كاتس في لقاء مع مستوطنين

كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (غزة - باريس)
شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في شمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، مقتل 3 جنود في معارك في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

دعت قمة ثلاثية جمعت قادة مصر وقبرص واليونان، في القاهرة، الأربعاء، إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية في سوريا.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي دخان متصاعد في شمال قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:33

مقتل 14 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على غزة

قُتل 14 مواطناً على الأقل في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة المدمر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهراً.


الاتحاد الأوروبي يعد لرفع «عقوبات إنسانية» عن سوريا

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعد لرفع «عقوبات إنسانية» عن سوريا

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في مقر الخارجية الفرنسية قبل اجتماعهما بعد ظهر الأربعاء (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا التي تعوق تسليم المساعدات الإنسانية وتعافي البلاد قد تُرفع سريعاً.

وتستضيف روما، اليوم (الخميس)، اجتماعاً يلتقي فيه وزراء خارجية إيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، لتقييم الوضع في سوريا بعد شهر على سقوط نظام الأسد، حسب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن أمام مجلس الأمن، أمس، إن إعفاء المعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا من العقوبات الأميركية أمر محل ترحيب. وأضاف: «المزيد من العمل المهم في التعامل الكامل مع العقوبات والقوائم سيكون أمراً لا بد منه».

في غضون ذلك، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، بينها تشكيل حكومة وألا تشكل تهديداً لجيرانها.