إسرائيل تؤكد تدمير منشأة للصواريخ أقامتها إيران بسوريا في شهر سبتمبر

عبر عملية تخللها إنزال جنود باستخدام طائرات

لقطة من فيديو لمداهمة قوات إسرائيلية منشأة لتصنيع الصواريخ في منطقة مصياف السورية (الجيش الإسرائيلي)
لقطة من فيديو لمداهمة قوات إسرائيلية منشأة لتصنيع الصواريخ في منطقة مصياف السورية (الجيش الإسرائيلي)
TT

إسرائيل تؤكد تدمير منشأة للصواريخ أقامتها إيران بسوريا في شهر سبتمبر

لقطة من فيديو لمداهمة قوات إسرائيلية منشأة لتصنيع الصواريخ في منطقة مصياف السورية (الجيش الإسرائيلي)
لقطة من فيديو لمداهمة قوات إسرائيلية منشأة لتصنيع الصواريخ في منطقة مصياف السورية (الجيش الإسرائيلي)

أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أن قواته دمّرت في سبتمبر (أيلول)، منشأة لتصنيع الصواريخ أقامتها إيران تحت الأرض في سوريا، عبر عملية تخللها إنزال جنود باستخدام طائرات مروحية.

مروحية تابعة للقوات السورية محترقة بعد قصف الجيش الإسرائيلي مستودعات أسلحة بالقرب من معسكر المزة (أ.ف.ب)

وأوضح الجيش الذي نادراً ما يعلّق على تحركاته في سوريا، أن العملية جرت في الثامن من سبتمبر، وشارك فيها أكثر من 100 جندي من وحدات «الكوماندوز»، فككوا المنشأة الواقعة في منطقة مصياف على مقربة من شاطئ البحر المتوسط في محافظة حماة.

ولم يذكر الجيش حصيلة للعملية، في حين كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث في حينه عن مقتل 27 شخصاً.

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية مستهدفة مواقع للقوات الحكومية وأهدافاً لإيران و«حزب الله» الحليفين للرئيس المخلوع بشار الأسد. ونادراً ما أكدت إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، لكنها شددت مراراً على أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات عدوها اللدود إيران لترسيخ وجودها العسكري على حدودها.

وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة «إكس»، إنّ القوات داهمت «مجمّعاً تحت الأرض امتلكه نظام بشار الأسد، تمّ إنشاؤه بتمويل ودعم إيرانيين»، موضحاً أن الموقع «كان يستخدم لإنتاج صواريخ موجهة بدقة متقدمة وقذائف صاروخية من نوع (أرض - أرض)».

وأشار بيان الجيش إلى أنّ مجمع مصياف احتوى على «مسارات إنتاج متقدمة مخصّصة لإنتاج الصواريخ الدقيقة والقذائف الصاروخية بعيدة المدى» لـ«(حزب الله) ووكلاء إيران في المنطقة».

ووفق البيان، فقد «هبطت القوات (الإسرائيلية) في الميدان من خلال مروحيات بغطاء من النيران وإسناد جوي لقطع سلاح الجو المسيّرة والطائرات الحربية وسفن سلاح البحرية».

وأضاف: «خلال سنوات قامت هيئة الاستخبارات بأعمال جمع معلومات ومراقبة استخبارية متواصلة بيّنت نوعية الهدف، حيث جرت قبل تنفيذ العملية بلورة خطة شاملة لتدمير الموقع من خلال قوات سلاح الجو».

وأشار أدرعي إلى أنّ «هذا المجمع كان مخصّصاً لتسليح (حزب الله) بمئات الصواريخ والقذائف الصاروخية سنوياً».

وكان «المرصد» أفاد بأن الموقع أنشأه وأشرف عليه «الحرس الثوري» الإيراني. وبُعيد العملية، نددت طهران بالهجوم، واصفة إياه بـ«الإرهابي».

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن العملية كانت جزءاً من «سلسلة من المهمات الشجاعة» في الشرق الأوسط «بهدف تدمير قدرات تصنيع الصواريخ لدى المحور الإيراني».

لقطة من فيديو لمداهمة قوات إسرائيلية منشأة لتصنيع الصواريخ تحت الأرض في سوريا (الجيش الإسرائيلي)

مئات الغارات الجوية

ووفق بيان للجيش، تطرق هاليفي إلى ضربات أخرى في قطاع غزة والضاحية الجنوبية لبيروت معقل «حزب الله»، وفي داخل إيران «خلال الأشهر القليلة الماضية»، مضيفاً: «على مدى سنوات، شكّلت إيران حلقة من نيران الصواريخ والقذائف حول حدود إسرائيل، وقد ضربنا الحلقة ورأسها».

وأظهرت مقاطع مصوّرة قال الجيش إنها للعملية في مصياف، ونشرها الخميس، جنوداً يصعدون إلى مروحيات في قاعدة، هبطت لاحقاً في محيط الهدف داخل سوريا.

وأظهر الفيديو الجنود يتقدمون داخل مجمع في حين يُسمع صوت إطلاق نار في الخلفية. وفي مرحلة لاحقة، تُظهر صور مبهمة غير واضحة الجنود لدى عودتهم.

وأشار بيان الجيش إلى أنّ قواته تمكّنت من الوصول إلى «آليات ضرورية لعملية إنتاج الصواريخ الدقيقة، ووسائل قتالية عديدة، ووثائق استخبارية تم نقلها للدراسة»، مضيفاً أنّها «دمّرت المجمع وعادت بسلام».

وكان مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن، أفاد «وكالة الصحافة الفرنسية»، في سبتمبر، بأن غارات جوية مكثفة سبقت العملية الإسرائيلية، وأدت إلى تدمير مركز منفصل للبحوث العلمية في مصياف يُستخدم لتطوير الأسلحة، حيث كان يعمل خبراء إيرانيون.

وأطلقت فصائل مسلحة تقودها «هيئة تحرير الشام» هجوماً مباغتاً أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) سيطرت خلاله على مدن سورية رئيسة، ودخلت دمشق فجر الثامن من ديسمبر (كانون الأول). وفرّ الرئيس السوري بشار الأسد من العاصمة، منهياً بذلك حكم عائلته الذي تواصل لأكثر من خمسة عقود.

وبُعيد سقوط الأسد، تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في هضبة الجولان السورية التي تحتلها، في خطوة لقيت تنديداً دولياً. كما نفّذ الجيش الإسرائيلي بعد سقوط الأسد سلسلة ضربات واسعة طالت قواعد ومنشآت عسكرية وتجهيزات عائدة للجيش السوري.

والخميس، زار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المنطقة العازلة، والتقى ممثلين لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وفق بيان صادر عن مكتبه.

وقال: «إسرائيل تراقب عن كثب الوضع في سوريا، ولن تعرّض أمنها للخطر. لن نسمح بتكرار سيناريو السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على أي جبهة»، في إشارة إلى هجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في عام 2023، والذي أطلق شرارة الحرب المتواصلة في غزة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا

شؤون إقليمية من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ) play-circle 01:06

تقرير: إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا

قالت وكالة «بلومبرغ» إن إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا، في حين دفعت حرب إسرائيل ضد وكلاء طهران إلى تصعيد الهجمات ضد تل أبيب في القارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية المفاعل النووي الإيراني في بوشهر بجنوب العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)

أنظار نتنياهو على إيران بعد «حماس» و«حزب الله» وسوريا

يتأهب نتنياهو لتوجيه كل الاهتمام لطموحات إيران النووية وبرنامجها الصاروخي، والتركيز على تفكيك وتحييد هذه التهديدات الاستراتيجية لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب)
تحليل إخباري دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)

تحليل إخباري ضربات إسرائيل في صنعاء تضاعف المخاوف المعيشية والأمنية

يخشى السكان في صنعاء من تأثير الضربات الإسرائيلية على معيشتهم وحياتهم ومن ردة فعل الجماعة الحوثية واستغلال الفرصة لمزيد من الانتهاكات بحقهم.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية ترمب يلتقي برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مقر إقامته مارالاغو بولاية فلوريدا 26 يوليو 2024 (أ.ب)

قلق إسرائيلي من رسائل ترمب بشأن «نووي» طهران

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن قلق حكومة بنيامين نتنياهو بشأن رسائل الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بتوجيه ضربة للبرنامج النووي.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (إ.ب.أ)

نتنياهو: إسرائيل «ليست لديها مصلحة في مواجهة» سوريا

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن إسرائيل «ليست لديها مصلحة» في خوض مواجهة مع سوريا.


سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
TT

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

بعد 12 عاماً على صورته بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، يبدو اللاجئ السوري الأكثر شهرة في ألمانيا، أنس معضماني، مُرتاحاً في وطنه بالتبني.

ورغم أنه لم يكن يعرف من هي ميركل حينما التقط معها الصورة وهي تزور مركز اللجوء الذي كان فيه؛ فإنه بات اليوم معلقاً بألمانيا قدر ارتباطه بوطنه الأم سوريا.

مثل باقي السوريين الذين وصلوا لاجئين إلى ألمانيا بعد شرارة الثورة في بلادهم عام 2011، يواجه أنس وغيره من أبناء جيل اللجوء، قراراً صعباً: هل نعود إلى سوريا أم نبقى في ألمانيا؟

وخلال فترة ما بعد سقوط الأسد، يبدو أن خطط أنس بدأت تتضح معالمها: يريد الشاب المتحدر من داريا في ريف دمشق، العودة إلى سوريا لزيارة أهله، ومساعدتهم على إعادة بناء منزلهم كخطوة أولى.

بعدها، يقول أنس لـ«الشرق الأوسط»، إنه يريد أن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتح مشاريع في البلدين. وكما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه يستدرك: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكني أحب ألمانيا وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».

في ألمانيا، بات أنس مثالاً للاجئ السوري المندمج؛ فهو تعلم اللغة، وحصل على الجنسية ودخل سوق العمل، حتى إنه تعرف على فتاة أوكرانية تُدعى آنا، ويخططان لمستقبلهما معاً.

ولعل مسألة حصول أنس على جواز سفر ألماني هي ما يسهل قراره بالعودة وإن كانت جزئية إلى سوريا؛ فهو يعلم أنه يمكنه التحرك بحرّية بين الجانبين من دون أن يخشى خسارة أوراقه أو إقامته.

أنس معضماني (الشرق الأوسط)

وأنس واحد من قرابة 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون بإقامات لجوء، أو إقامات حماية مؤقتة يمكن أن تُسحب منهم عندما يستقر الوضع في سوريا.

الارتباك للجميع

غير أن الارتباك لم يكن من نصيب اللاجئين السوريين فقط؛ فالتغيير السريع للوضع في دمشق أربك أيضاً سلطات الهجرة في ألمانيا، ودفعها إلى تعليق البت في 47 ألف طلب لسوريين راغبين في الهجرة... الجميع ينتظر أن تتضح الصورة.

ولقد كان الأساس الذي تعتمد عليه سلطات اللجوء لمنح السوريين الحماية، الخوف من الحرب أو الملاحقة في بلادهم. وبعد انتفاء هذه المخاوف بسبب سقوط النظام، ربما سقط السند القانوني.

وامتد هذا الإرباك بشأن وضع اللاجئين السوريين إلى السياسيين الذين سارعوا بالحديث عن «ترحيل السوريين» إلى بلادهم بعد ساعات قليلة على سقوط الأسد.

ولم تصدر تلك الدعوات من الأحزاب اليمينية فقط، بل أيضاً من الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة، ووزيرة الداخلية نانسي فيزر المنتمية للحزب، والتي تحدثت عن المساعي لتغيير قواعد اللجوء للسوريين، والعمل على إبقاء «المندمج ومن يعمل» وترحيل المتبقين.

سورية ترتدي علم المعارضة السورية ضمن مظاهرات في شوارع برلين 10 ديسمبر احتفالاً بسقوط نظام الأسد (أ.ب)

ولكن الترحيل ليس بهذه البساطة. والكثير مما يتردد عن ترحيل السوريين قد تكون أسبابه انتخابية قبل أسابيع قليلة عن الانتخابات العامة المبكرة التي ستجري في 23 فبراير (شباط) المقبل.

وصحيح أنه من حيث المبدأ، يمكن سحب الإقامات المؤقتة من حامليها؛ لكن ذلك يتطلب أن تصنف وزارة الخارجية سوريا «دولة آمنة ومستقرة»، وهو ما قد يستغرق سنوات.

نيات البقاء والمغادرة

وحتى مع تأخر التصنيف الألماني لسوريا آمنة ومستقرة، لا يبدو أن الكثير من اللاجئين متشجعون للعودة. وبحسب «المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين» الذي يجمع معلومات دورية حول نيات اللاجئين بالبقاء أو المغادرة، فإن 94 في المائة من السوريين قالوا قبل سقوط الأسد إنهم يريدون البقاء في ألمانيا.

ورغم أنه ليست هناك إحصاءات جديدة منذ سقوط الأسد بعد، فإن المكتب يشير إلى أنه في العادة تزداد نيات البقاء مع زيادة فترة وجود اللاجئ في البلاد. وكلما طالت فترة وجوده، ازدادت إرادة البقاء.

وصل معظم السوريين إلى ألمانيا قبل أكثر من 5 سنوات، جزء كبير منهم قبل عقد من الزمن، وهذا يعني، حسب المركز، أن تعلقهم بألمانيا بات قوياً.

وتنعكس هذه الدراسة فعلاً على وضع اللاجئين السوريين في ألمانيا.

سيامند عثمان مثلاً، لاجئ سوري كردي، وصل إلى ألمانيا قبل 11 عاماً، يتحدر من القامشلي، وهو مثل مواطنه أنس، تعلم اللغة، وحصل على جواز ألماني، وما زالت معظم عائلته في القامشلي. ومع ذلك، لا يفكر بالعودة حالياً.

سيامند عثمان سوري كردي يعيش بألمانيا لا يفكر في العودة حالياً (الشرق الأوسط)

يقول عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في مناطق الأكراد «صعب في الوقت الحالي، وما زال غير مستقر»، ولكنه يضيف: «أنا أحب العودة وهذه أمنيتي، فأهلي هناك، ولكن أتمنى أولاً أن تتفق كل الأطراف في سوريا، ويصبح هناك أمان في منطقتنا».

أكثر ما يخيف سيامند هو عودة الحرب في سوريا، يقول: «تخيلي أن أترك بيتي هنا وأسلم كل شيء وأبيع ممتلكاتي وأعود إلى سوريا لتعود معي الحرب بعد أشهر وأضطر للنزوح مرة جديدة». ومع ذلك فهو مصرّ على أنه سيعود عندما تستقر الأمور.

ماذا عن الاقتصاد؟

المخاوف من عدم الاستقرار ليست وحدها التي تجعل السوريين مترددين في العودة. فالوضع الاقتصادي يلعب دوراً أساسياً، وفق ما تُقدر آلاء محرز التي وصلت عام 2015 إلى ألمانيا.

تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها «بنت نفسها من الصفر»؛ تعلمت اللغة، وعادت وتدربت على مهنتها (المحاسبة)، وهي الآن تعمل في هذا المجال، وحصلت على الجنسية الألمانية.

آلاء محرز لاجئة سورية تعمل في ألمانيا (الشرق الأوسط)

ورغم تفاؤلها الكبير بمستقبل سوريا، فإن آلاء المتحدرة من حمص ما زالت تحمل تحفظات حول الوضع هناك، والمسار الذي قد تسلكه سوريا في السنوات المقبلة، وتخشى أن تترك وظيفتها ومنزلها في برلين وتعود من دون أن تجد عملاً مناسباً.

مصاعب العائلات

وإذا كان قرار فرد المغادرة أو البقاء صعباً، فإنه قد يكون أكثر صعوبة للعائلات السورية التي وصلت مع أبنائها الذين نسوا اللغة العربية وأضاعوا سنوات لتعلم الألمانية.

يقول أنس فهد، المتحدر من السويداء، الذي وصل إلى ألمانيا قبل 3 أعوام تقريباً مع عائلته وابنه المراهق، إنه «ما زال يحمل إقامة حماية مؤقتة، ويعمل مهندساً كهربائياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الوقت مبكر الآن لاتخاذ قرار بالعودة»، شارحاً أن ابنه أمضى عاماً من الدراسة يتعلم اللغة الألمانية، وهو يحقق نتائج جيدة جداً في المدرسة ببرلين، ومن الصعب إعادته إلى مدارس سوريا حيث سيضطر لإضاعة عام آخر لدراسة اللغة العربية.

«وصلت يوم سقط الأسد»

وحتى الواصلون الجدد لا يخططون للعودة. لعل أحدثهم باسل حسين الذي وصل إلى برلين يوم سقوط الأسد، بعد أن دفع أكثر من 13 ألف يورو ليدخل عن طريق التهريب، والذي يقول إنه لن يعود الآن وقد وصل للتوّ.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع ما زال غير واضح، وهناك قرارات جديدة كل يوم». يفضل باسل أن يستكشف مستقبله في ألمانيا حتى ولو كان ذلك يعني أن عليه البدء من الصفر، على أن يعود إلى مستقبل غير معروف.

باسل حسين لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا يوم سقوط الأسد (الشرق الأوسط)

وليس فقط السوريون هم المترددين حيال العودة، بل إن الألمان يخشون خسارة كثير منهم دفعة واحدة، خصوصاً أولئك الذين دخلوا سوق العمل ويملأون فراغاً في مجالات كثيرة.

ويعمل أكثر من 5 آلاف طبيب سوري في مستشفيات ألمانيا، ويشكلون بذلك الشريحة الأكبر من بين الأطباء الأجانب في ألمانيا. ويعمل المتبقون في مهن تعاني من نقص كبير في العمال؛ كالتمريض والبناء وقطاع المطاعم والخدمات.

وبحسب معهد أبحاث التوظيف، فإن معدل دخول السوريين سوق العمل هو 7 سنوات لتعلم اللغة وتعديل الشهادات. ويشير المعهد إلى أن السوريين يملأون شغوراً في وظائف أساسية في ألمانيا، ومع ذلك فإن معدل البطالة مرتفع بينهم، خصوصاً بين النساء اللواتي تعمل نسبة قليلة منهن فقط.

وقد حذرت نقابات الأطباء والعمل من الدعوات لتسريع ترحيل السوريين، لما قد يحمله ذلك من تأثيرات على سوق العمل في ألمانيا.

وحذر كذلك مانفريد لوشا، وزير الصحة في ولاية بادن فورتمبيرغ في غرب ألمانيا التي يعمل بها عدد كبير من الأطباء السوريين، من النقاشات حول تسريع الترحيل، وقال: إذا غادر العاملون السوريون في قطاع الصحة «فستكون هناك ثغرة هائلة».

وقالت نقابة المستشفيات في الولاية نفسها، إن «مغادرة كل طبيب أو عامل صحة سوري ستشكل خسارة لنا».