زوجة دريد الأسد وابنته أمام القضاء اللبناني بـ«تزوير» جوازي سفرهما

السلطات السورية تحقق مع سفارتها في بيروت لحصول التزوير بداخلها

علم المعارضة السورية مرفوعاً على مبنى السفارة في بيروت بعد سقوط الرئيس بشار الأسد (السفارة السورية)
علم المعارضة السورية مرفوعاً على مبنى السفارة في بيروت بعد سقوط الرئيس بشار الأسد (السفارة السورية)
TT

زوجة دريد الأسد وابنته أمام القضاء اللبناني بـ«تزوير» جوازي سفرهما

علم المعارضة السورية مرفوعاً على مبنى السفارة في بيروت بعد سقوط الرئيس بشار الأسد (السفارة السورية)
علم المعارضة السورية مرفوعاً على مبنى السفارة في بيروت بعد سقوط الرئيس بشار الأسد (السفارة السورية)

أخذت قضية توقيف حفيدة رفعت الأسد ووالدتها في مطار رفيق الحريري الدولي لدى محاولتهما السفر إلى الخارج بواسطة جوازي سفر مزورين، بعداً قضائياً وأمنياً تخطّى لبنان، ووصل إلى الإدارة السورية الجديدة، التي علّقت العمل في قنصليّة سفارتها في بيروت، بعدما تبيّن أن عملية تزوير الجوازين حصلت داخل السفارة السورية في لبنان، وفتحت تحقيقاً لتحديد هوية الموظفين الذين زوّروا تاريخ صلاحية الجوازين، وتلاعبوا بـ«الوقوعات» والمعلومات الشخصية التي يحتويانها.

تهمة التزوير

وبمعزل عن الإجراءات التي ستلجأ إليها السلطات السورية في هذا الصدد، تستمرّ ملاحقة شمس دريد رفعت الأسد ووالدتها رشا خزيم في لبنان. وأفاد مصدر قضائي لبناني بأن جهاز الأمن العام «أنهى التحقيقات الأولية التي أجراها على مدى يومين مع شمس الأسد ووالدتها، بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحجار «أعطى إشارته بإحالة الموقوفين مع محاضر التحقيقات الأولية التي أجريت معهما على النيابة العامة في جبل لبنان للادعاء عليهما وملاحقتهما قضائياً بجرم حيازة جوازي سفر مزورين خلال تواجدهما على الأراضي اللبنانية، واستعمالهما عبر محاولة السفر بهما من مطار بيروت الدولي إلى القاهرة».

ولم تعرف مدة توقيف شمس الأسد ورشا خزيم في لبنان، إلّا أن المصدر القضائي أوضح أنهما «سيحاكمان بجرم حيازة وثيقة رسمية مزورة واستعمالها، وهي جنحة تتراوح عقوبتها بين السجن شهرين وثلاث سنوات»، مشيراً إلى أن «مدة التوقيف الاحتياطي يعود تقديرها إلى قاضي التحقيق، كما أن تقدير مدّة العقوبة يعود إلى محكمة الأساس، أي القاضي المنفرد الجزائي صاحب الاختصاص للنظر في الأمر؛ كون الجريمة هي من قبيل الجنحة وليست الجناية». واعتبر المصدر القضائي أنه «إذا تعززت الأدلة بأن واقعة تزوير جوازي السفر حصلت داخل السفارة السورية في لبنان، فهذا لا يعني أن جرم التزوير حصل على الأراضي اللبنانية، وتعود صلاحية الملاحقة فيها للسلطات السورية».

دخول خلسة

وعلى أثر توقيف حفيدة رفعت الأسد ووالدتها في مطار بيروت الدولي، اعترفتا بحسب المصدر القضائي بـ«دخول لبنان خلسة من خلال معبر غير شرعي وبمساعدة مهربين، وذلك بعد ساعات على سقوط نظام بشار الأسد، وأعلنتا أنهما لم تتمكنا من تجديد جواز سفرهما بسبب انتهاء مدة صلاحيتهما»، فيما ترددت معلومات مفادها بأن «دريد الأسد سافر إلى القاهرة قبل ساعات من توقيع زوجته وابنته، فيما غادر والده رفعت الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة عبر مطار بيروت الدولي، وذلك بواسطة جوازات سفر صحيحة».

رفعت الأسد

وأكد المصدر القضائي أن «مغادرة رفعت الأسد ونجله دريد حصلت بطريقة عادية جداً، إذ لم يثبت أنهما مطلوبان للقضاء اللبناني، ولا توجد مذكرات دولية بتوقيفهما».

وأثار تزوير الجوازين في مقر السفارة السورية، قلق الإدارة السياسية الجديدة في دمشق، التي أرسلت فريقاً للتحقيق في العملية، وكشف متابع للملف أن «موظفي السفارة السورية، وخصوصاً القسم القنصلي، يخضعون لتحقيقات مشددة من قبل السلطات السورية الجديدة».

رفعت الأسد عم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ب)

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «واقعة التزوير والتلاعب بواقعات جوازي السفر لمساعدة زوجة دريد الأسد وابنته على مغادرة لبنان، تثير الريبة من وجود تعاطف من موظفي السفارة مع مسؤولين في نظام بشار الأسد، ومساعدتهم على الفرار إلى الخارج».

ولم يستبعد أن «يطلب الجانب السوري تعاوناً فنياً من لبنان لتبيان كيفية حصول التزوير، فإذا ما طلبوا هذه المساعدة يبنى على الشيء مقتضاه». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إن «واقعة التزوير تتناقض مع البيان الصادر عن السفارة في اليوم التالي لسقوط النظام السوري، الذي عبّر عن الارتياح التام للتخلص من حقبة الظلم والإجرام التي عاشها الشعب السوري في ظلّ حكم آل الأسد على مدى نصف قرن».


مقالات ذات صلة

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (إكس)

لبنان يقرر تسليم القرضاوي للإمارات ويكلّف الأمن العام بالتنفيذ

يتصدّر ملف الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، اهتمام القضاء اللبناني.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الموفد الأميركي آموس هوكستين مع نواب من المعارضة في دارة النائب فؤاد مخزومي (صفحة مخزومي على «إكس»)

زخم خارجي… وحراك داخلي لإنقاذ جلسة انتخاب الرئيس اللبناني الخميس

رغم تكثيف اللقاءات والمشاورات، بين الأفرقاء اللبنانيين فيما بينهم ومع الموفدين الدوليين، قبل ساعات حاسمة على جلسة انتخاب رئيس لبناني، لا تزال الأجواء ضبابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي يعتزم زيارة دمشق قريباً

يعتزم رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي زيارة دمشق في وقت قريب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدستور اللبناني لا يفرض على المرشحين لرئاسة الجمهورية تقديم ترشيح رسمي (رويترز) play-circle 02:13

بعد أكثر من عامين على الشغور... جلسة برلمانية الخميس لانتخاب رئيس لبناني

يجتمع مجلس النواب اللبناني الخميس لاختيار رئيس جديد للجمهورية بعد أكثر من عامين على شغور المنصب وحرب مدمّرة أضعفت لاعبا أساسيا هو «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تتمسك بمواصلة الحرب... و«حماس» تطلب الانسحاب الشامل

دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)
دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)
TT

إسرائيل تتمسك بمواصلة الحرب... و«حماس» تطلب الانسحاب الشامل

دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)
دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)

يتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمواصلة الحرب في قطاع غزة حتى بعد صفقة، فيما تطالب حركة «حماس» بالانسحاب الشامل من القطاع في أي صفقة، مما يجعل المفاوضات بشأن صفقة محتملة معقدة قبل وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ورأى القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان أن تجربة التفاوض مع إسرائيل «أثبتت أن الحل الوحيد لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني هو الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، وإجباره على التراجع».

وقال حمدان، في مؤتمر صحافي بالجزائر، الثلاثاء، إن الاحتلال كان يعمل على تعطيل المفاوضات في كل لحظة، مؤكداً أن موقف الحركة واضح في المفاوضات، وأنه يتمثل في وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال. وأضاف: «موقفنا الواضح في المفاوضات هو وقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، وتبادل الأسرى، وإعادة إعمار غزة، دون شروط إسرائيلية».

فلسطينيون ينتظرون دورهم لتعبئة الماء بمخيم للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (د.ب.أ)

وعدّ حمدان أن ترمب كان متسرعاً في القول إنه سيكون هناك «ثمن باهظ» ما لم يطلَق سراح الرهائن بحلول موعد تنصيبه. وقال: «يجب أن يكون (ترمب) أكثر انضباطاً ودبلوماسية ويعمل على وقف الحرب بدلاً من التهديد».

جاءت تصريحات حمدان في حين أكدت إسرائيل أنها لن تنهي الحرب حتى القضاء على «حماس» وإطلاق سراح جميع الرهائن. وقالت وزيرة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية، غيلا غمالئيل، من حزب «الليكود» اليميني الحاكم، إنه لن يكون هناك انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة قبل الحصول على كل المختطفين.

ويعقد مسؤولون من «حماس» وإسرائيل محادثات بوساطة مصر وقطر وسط جهود مكثفة منذ أشهر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. ودعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أوشكت ولايته على الانتهاء، إلى بذل جهد للتوصل إلى اتفاق قبل مغادرته منصبه، وينظر كثيرون في المنطقة حالياً إلى تنصيب ترمب على أنه موعد نهائي غير رسمي لذلك.

ولكن مع اقتراب الموعد، يتبادل الجانبان الاتهامات بالتمسك بشروط عرقلت جميع المحاولات السابقة التي جرت على مدى أكثر من عام للتوصل إلى اتفاق. وكانت إسرائيل أرجات، الاثنين، رحلة رئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي، ديفيد برنياع، إلى قطر في انتظار إجابات من حركة «حماس» بشأن مصير المختطفين في القائمة التي تضم 34 اسماً، والتي كانت قدمتها إسرائيل لـ«حماس» في وقت سابق ووافقت عليها الحركة أخيراً لإطلاق سراحهم.

صورة عبر الأقمار الاصطناعية من «بلانت لابس بي بي سي» بتاريخ 3 يناير 2025 تظهر المباني المدمرة في بيت حانون (أ.ف.ب)

وتثير الخلافات الحالية مخاوف من أن التوصل إلى اتفاق سيكون معقداً قبل وصول ترمب إلى البيت الأبيض، خصوصاً مع إصرار نتنياهو على أنه سيعود للحرب.

ويرفض نتنياهو وقف الحرب في قطاع غزة، ولا يضع خطة لليوم التالي هناك. ويوجد جدل في إسرائيل بشأن ذلك. وكان مسؤولون كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي طالبوا بإيجاد بديل لحكم «حماس» حتى قبل الوصول إلى صفقة؛ لأنه في غياب ذلك، فستفقد إسرائيل «مكاسب الحرب، ولن نحقق أحد أهداف الحرب الأساسية؛ وهو انهيار (حماس)».

وتتفق هذه الرؤية مع موقف كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي و«جهاز الأمن العام (الشاباك)»، الذين يعتقدون أنه على الرغم من تدمير قدرات «حماس» العسكرية بشكل شبه كامل، فإن قدراتها في إدارة القطاع لا تزال قائمة. لكن مصدراً سياسياً أكد أن نتنياهو سيعود للحرب بعد أي صفقة، وأنه لا يقبل التعامل مع أمر واقع يُبقي «حماس» في غزة، ولذلك فإنه يعتقد أنه «لا يمكن تنفيذ الخطط الخاصة بـ(اليوم التالي) في غزة حتى يتم تدمير الحركة بالكامل». وعاد المصدر وأكد أن «السياسة التي يقودها رئيس الحكومة في غزة هي أنه في جميع الحالات لا يمكن لـ(حماس) أو السلطة الفلسطينية أن تسيطر على غزة أو على توزيع المساعدات الإنسانية. لذلك، يجري فحص بدائل مختلفة في هذا السياق».

فلسطينية تخبز داخل خيمتها في دير البلح وسط قطاع غزة الثلاثاء (د.ب.أ)

وإصرار نتنياهو على العودة إلى القتال بعد الصفقة من العقبات التي تعرقل الوصول إلى اتفاق، إلى جانب قضية الأسماء الـ34، والانسحاب، ومصير الأسرى الفلسطينيين.

وفي تطور لافت، دعا ناتان إيشيل، أحد مساعدي نتنياهو، إلى وقف فوري للقتال في غزة، قائلاً إن استمرار القتال «غير ضروري» و«لا يجلب رهائن أو إنجازات عسكرية»، وإنه «يحصد خسائر فادحة في أرواح الجنود، وجرحى».

وقدم إيشيل في مراسلات خاصة نشرت الصحف الإسرائيلية مقاطع منها، استراتيجية بديلة تعتمد على الحصار وإخضاع المساعدات الإنسانية للرقابة، إلى جانب توفير خيار الخروج للسكان الذين يرغبون في ذلك. وقال إيشيل: «من لا يريد أن يعيش ولا يخرج بطريقة منظمة ومنضبطة، إما يموت برصاصة جندي إسرائيلي وإما يموت جوعاً... هذه الطريقة أثبتت فاعليتها عبر التاريخ».

وفي إشارة إلى السياسة الأميركية، زعم إيشيل أن إدارة بايدن ليست مهتمة بالتوصل إلى اتفاق كامل في غزة، بل بالحفاظ على قدرتها في التلاعب بإسرائيل. واقترح الانتظار أسبوعين آخرين حتى دخول إدارة ترمب البيت الأبيض، ومن ثم تنفيذ الاستراتيجية المقترحة. ووفقاً له؛ فإن مثل هذه الخطوة «جيدة لإسرائيل وجيدة لمواطني غزة الذين لا يشاركون والذين لديهم أرواح». لكن نتنياهو ومكتبه لم يردا فوراً على دعوة إيشيل.

خلال ذلك يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته في قطاع غزة على كل المحاور تقريباً، مؤكداً أنه سيستمر في ذلك حتى «القضاء على حماس». لكن مسؤول إسرائيلي كبير حذر (الثلاثاء) في حديث مع موقع «واي نت» بأن «(حماس) تشعر بالإحباط من الوضع وتبحث عن إنجازات في أماكن أخرى». وقال المسؤول إن «(حماس) تضغط من أجل تنفيذ هجمات ضد أهداف خارج حدود البلاد». ووفقه؛ فإن هناك قلقاً متنامياً في إسرائيل بشأن محاولات «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في الخارج.

وقال الموقع إنه خلال الحرب التي طال أمدها في قطاع غزة، أُحبطَ كثير من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية في جميع أنحاء العالم. وأضاف: «تسعى المنظمات التي تستلهم إيران إلى الإضرار بالأفراد والسفارات والأهداف اليهودية الأخرى».