أكثر من 112 ألف شخص لا يزالون مختفين قسراً في سوريا

مدير الشبكة السورية: وثقنا أسماء 16200 متورط في تلك الجرائم

صور مفقودين خلال مظاهرة للاحتفال بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد في ساحة الأمويين بالعاصمة دمشق السبت الماضي (أ.ف.ب)
صور مفقودين خلال مظاهرة للاحتفال بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد في ساحة الأمويين بالعاصمة دمشق السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 112 ألف شخص لا يزالون مختفين قسراً في سوريا

صور مفقودين خلال مظاهرة للاحتفال بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد في ساحة الأمويين بالعاصمة دمشق السبت الماضي (أ.ف.ب)
صور مفقودين خلال مظاهرة للاحتفال بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد في ساحة الأمويين بالعاصمة دمشق السبت الماضي (أ.ف.ب)

أفادت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، أنَّ هناك ما لا يقل عن 112 ألفاً و414 شخصاً في سوريا لا يزالون مختفين قسراً، في جرائم جرت على يد نظام الأسد، على الرغم من الإفراج عن آلاف المعتقلين في الأسابيع الأخيرة. فيما صرح مدير الشبكة، فضل عبد الغني، لـ«الشرق الأوسط» بأن قائمة البيانات لديهم تشير إلى تورط 6724 فرداً من القوات الرسمية في تلك الجرائم، وأن الشبكة على استعداد لتزويدها بما لديهم من معلومات عن أبرز المتورطين في نظام الأسد.

وسلط التقرير الحقوقي الضوء على استمرار الكارثة الإنسانية الناتجة عن الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في سوريا، رغم فتح جميع مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد واكتشاف عدة مقابر جماعية.

الزنازين والغرف داخل سجن صيدنايا الذي عُرِف باسم المسلخ البشري (رويترز)

وكانت عمليات الإفراج عن المعتقلين قد تزامنت مع استعادة المدن الكبرى بالعمليات العسكرية التي أطلقتها «هيئة تحرير الشام»، تحت مسمى «ردع العدوان». وقد أدت هذه العمليات إلى استعادة السيطرة على مدن رئيسية مثل حلب، حماة، حمص، دمشق، وكذلك فتح السجون والفروع الأمنية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين. كما جرى اكتشاف مقابر جماعية خلال الأسابيع الأخيرة، ضمت رفات آلاف الضحايا الذين أعدموا خارج نطاق القانون، ما يؤكد الجرائم الممنهجة التي ارتكبها نظام بشار الأسد، بحسب تقرير الشبكة.

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا شمال دمشق (أ.ف.ب)

وقُدر التقرير الحقوقي عدد المُفرج عنهم بعد فتح السجون، بنحو 24 ألفاً و200 شخص. ومع ذلك، تشير قاعدة بيانات الشَّبكة، حتى أغسطس (آب) 2024، إلى أنَّ العدد الإجمالي للمعتقلين والمختفين قسراً بلغ 136 ألفاً و614 شخصاً، ما يعني أنَّ أكثر من 112 ألفاً و414 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين.

سوريون يبحثون عن أقاربهم المفقودين في سجن صيدنايا داخل مشرحة «مستشفى المجتهد» في دمشق (إ.ب.أ)

مع ذلك، شدد تقرير الشَّبكة على أنَّ هؤلاء الأشخاص يُعدون مختفين قسراً، حيث لم تُسلّم جثامينهم إلى ذويهم، ولم تُكشف تفاصيل دقيقة عن مصيرهم. وأنَّ الكشف عنها يتطلب جهوداً طويلة ومكثَّفة للوصول إلى الحقيقة الكاملة حول ما حدث لكل فرد من هؤلاء الضحايا. ويجب أن يتم ضمن إطار محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، مع تقديم تعويضات عادلة للضحايا وأسرهم.

يقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، لـ«الشرق الأوسط»، إن محاسبة المتورطين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا «ضرورة قانونية وأخلاقية» لضمان تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، «ولمنع تكرار الانتهاكات في المستقبل».

سهام وعصام صيام يرفعان صور لابنهما وسام الذي قضى في مجزرة التضامن بدمشق عام 2013 (أ.ب)

وعدَّ أن توثيق الجرائم (من مختلف المنظمات المعنية بما فيها الشبكة) التي ارتُكبت على مدار أكثر من عقد، يشكل خطوة محورية نحو هذه المحاسبة. وكشف عن أن الشبكة السورية عملت على بناء قاعدة بيانات شاملة، تضمنت قائمة بـ16 ألفاً و200 اسم من الأفراد المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم. تشمل هذه القائمة 6724 فرداً من القوات الرسمية، مثل الجيش وأجهزة الأمن، و9476 فرداً من القوات الرديفة لها (تأسست بعد انطلاق الحراك المدني السوري 2011)، مثل الميليشيات والمجموعات المساندة للقوات الرسمية فترة نظام الأسد.

ويمثل هذا التوثيق الدقيق جهداً يتيح للمجتمع الدولي والهيئات القضائية الدولية والمحلية، إمكانية متابعة وملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم، لا سيما القيادات العليا التي وضعت خطط الانتهاكات وأشرفت على تنفيذها، بحسب عبد الغني.

شخص يصلي في مقبرة جماعية على أرواح ضحايا هجوم بالسارين عام 2013 في حي زملكا على مشارف دمشق (أ.ب)

ومما يلفت الانتباه للمتابع، أن السلطات الجديدة في سوريا لم تعلن حتى الآن عن قائمة المتورطين في جرائم التعذيب في سجون النظام، وقد اعتقل بعضهم، ولم تتسرب معلومات، حتى الآن، عن فحوى التحقيق معهم أو أسماء المسؤولين الموقوفين، وقد شدد عبد الغني على أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان «على استعداد لتزويد السلطات الجديدة بما لديها من معلومات عن أبرز المتورطين في نظام الأسد البائد».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

خاص سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

يتردد سوريون مقيمون بألمانيا في اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد، وعلى وجه خاص بات أبناء جيل اللجوء أمام قرار صعب بعد اندماجهم في المجتمع.

راغدة بهنام (برلين)
خاص مدخل داريا الشمالي وتظهر صورة الأسد  ممزقة إلى اليسار وزُيّن الجدار بالعلم السوري الجديد (الشرق الأوسط)

خاص «داريا»... سُمّيت «أيقونة الثورة» وفيها تشكل أول مجلس عسكري

سُمّيت بـ«أيقونة الثورة»، وفيها تشكَّل أول مجلس عسكري للثورة، مقاتلوها أول مَن استهدف بالصواريخ قصر بشار الأسد رداً على استهدافه المدنيين وحراكهم السلمي.

موفق محمد (دمشق)
الخليج وفد سعودي يتفقد مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق للاطلاع على الواقع الصحي وتحديد الاحتياجات (سانا‬⁩)

السعودية: 3 آلاف متطوع مستعدون لدعم القطاع الصحي السوري

أكثر من ثلاثة آلاف متطوع من الكوادر الطبية السعودية أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى برنامج «أمل» الذي أتاحه المركز لدعم القطاع الصحي في سوريا.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الرئيسان أمين الجميل وحافظ الأسد خلال قمة عدم الانحياز في نيودلهي عام 1983 (غيتي)

خاص حافظ الأسد لأمين الجميل: لهذه الأسباب باقون في لبنان

تنشر «الشرق الأوسط» فصلاً جديداً من كتاب وزير الخارجية اللبناني السابق إيلي سالم بعنوان «الفرص الضائعة».


ترحيب عربي ودولي واسع بانتخاب عون رئيساً للبنان

سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)
سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)
TT

ترحيب عربي ودولي واسع بانتخاب عون رئيساً للبنان

سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)
سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)

لاقى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبنان ردود فعل دولية وعربية مرحبّة ومشددة على أهمية أن تستعيد البلاد الأمن والاستقرار.

فرنسا

وهنّأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس اللبناني الجديد، معتبراً أنّ انتخابه بعد شغور في المنصب استمر أكثر من عامين «يمهّد طريق الإصلاحات». وقال ماكرون في منشور على منصة «إكس» إنّ «هذه الانتخابات الحاسمة (...) تمهّد طريق الإصلاحات والترميم والسيادة والازدهار في لبنان»، مضيفاً: «أيّها اللبنانيون، فرنسا إلى جانبكم».

بدوره، وجّه وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل بارو تهنئة مماثلة، وكتب على منصة «إكس»: «اختار لبنان رئيساً. هذه خطوة حاسمة لتعافي البلد. إنّ فرنسا، التي تحشد جهودها لتحقيق هذا الهدف، ستبقى إلى جانب لبنان لإعادة إرساء دولة ذات سيادة ولإعادة الإعمار. مبروك لجوزيف عون وأتمنّى له كلّ النجاح».

من جهتها، أكدت السفارة الأميركية في لبنان التزامها العمل «بشكل وثيق» مع الرئيس الجديد للبنان. ونشرت السفارة منشوراً على منصة «إكس»، قالت فيه: «نحن ملتزمون بالعمل بشكل وثيق مع الرئيس عون مع بدئه جهود توحيد البلاد، وتنفيذ الإصلاحات وتأمين مستقبل مزدهر للبنان». كذلك، أكد الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في حديث لقناة «العربية» أن «انتخاب عون خطوة نحو السلام والاستقرار في لبنان».

قطر

كذلك، رحّبت الدوحة بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، معربة عن أملها في أن تساهم هذه الخطوة في «إرساء الأمن والاستقرار» في هذا البلد.

وبارك أمير قطر تميم بن حمد، للرئيس جوزيف عون انتخابه رئيساً جديداً للجمهورية، كما بارك للشعب اللبناني، مشيراً إلى «أننا نرجو أن تمثّل هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار». وأكّد أنّ «قطر ستظل دائماً داعمة للبنان وشعبه في مسيرتهم نحو مستقبل مشرق».

وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إنّ «دولة قطر تتطلّع إلى أن يسهم إنهاء الشغور الرئاسي في إرساء الأمن والاستقرار في لبنان وتحقيق تطلعات شعبه في التقدم والتنمية والازدهار»، مؤكدة أنّ الدوحة «ستواصل وقوفها الدائم إلى جانب الشعب اللبناني».

مجلس التعاون الخليجي

وفي هذا الإطار أيضاً، أمل جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، الخميس، بأن يساهم انتخاب عون في استعادة الأمن والسلام في البلاد، وتحقيق تطلعات الشعب في الاستقرار والرخاء والتنمية. وعبّر البديوي عن أمله في أن تتعزز خلال عهده العلاقات التاريخية بين المجلس ولبنان. وأكد مواقف المجلس الثابتة مع شعب لبنان، ودعمه المستمر سيادة بلاده وأمنها واستقرارها، وللقوات المسلحة التي تحمي حدودها. وشدّد في المقابل، على ضرورة تطبيق القرار رقم 1701، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائمين في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه، واستقلاله السياسي، وسيادته داخل حدوده المعترَف بها دولياً، وبسط سيطرة الحكومة على جميع أراضيه، وفق القرارات الدولية ذات الصلة و«اتفاق الطائف».

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون في قصر بعبدا (د.ب.أ)

إيران

وأعلنت إيران أيضاً عن تطلعها للعمل مع الرئيس اللبناني المنتخب من أجل تعزيز العلاقات، آملة أن يتعاون البلدان خدمة «للمصالح المشتركة»، وذلك بحسب منشور على منصة «إكس» لسفارة إيران لدى لبنان.

وقالت البعثة الإيرانية في بيروت: «نهنئ لبنان الشقيق بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية ونتطلع (...) إلى التعاون في مختلف المجالات في شكل يخدم المصالح المشتركة لبلدينا».

ورحّبت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس - بلاسخارت، بانتخاب عون، «بوصفه خطوة أولى طال انتظارها لتجاوز الفراغ السياسي والمؤسساتي في لبنان، بما يوفر للشعب اللّبنانيّ مؤسسات حكوميّة فعّالة تلبّي تطلّعاتهم».

وشدّدت على ضرورة «الإسراع في تكليف رئيس للوزراء وتشكيل حكومة دون أي تأخير؛ إذ إنّ المهام الملقاة على عاتق الدولة اللّبنانية ضخمة للغاية ولا تحتمل المزيد من إضاعة الوقت». وأضافت: «حان الوقت لكلّ صانع قرار أن يضع مصلحة لبنان في المقام الأول، فوق الاعتبارات الشخصية أو السياسية كافة».

جو بايدن

ورحّب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن بانتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان، معتبراً أنّ قائد الجيش هو «الزعيم المناسب لهذه الفترة».

وقال بايدن في بيان: «أثق بالرئيس عون، وأعتقد بشكل راسخ أنّه الزعيم المناسب لهذه الفترة»، معتبراً أنّ عون سيوفر «قيادة حاسمة» في الإشراف على وقف إطلاق النار الساري بين إسرائيل و«حزب الله».

مجلس الأمن

ورحّب مجلس الأمن الدولي الخميس بانتخاب قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، في خطوة «أنهت أكثر من عامين من الشغور في هذا المنصب المهم».

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)

وفي بيان تلاه أمام الصحافيين السفير الجزائري عمار بن جامع الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس لشهر يناير (كانون الثاني) قال أعضاء المجلس الـ15 إنّهم يؤكّدون على «أهمية انتخاب رئيس في لبنان لضمان سير عمل مؤسسات الدولة بالكامل، ومواجهة التحدّيات الاقتصادية والأمنية الملحّة».

وأضاف البيان أنّ مجلس الأمن يجدّد التأكيد على أهمية «استقرار لبنان»، وكذلك أيضاً على «دعمه وحدة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي».

من جهته، هنّأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على لسان المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك الرئيس اللبناني الجديد، معتبراً انتخابه «خطوة حاسمة على طريق الخروج من المأزق السياسي والمؤسسي في لبنان»، وداعياً إلى «تشكيل حكومة جديدة بسرعة».

تركيا

وهنّأت تركيا الخميس الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، معربة عن أملها في أن يساهم انتخابه في «تحقيق الاستقرار» في لبنان.وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نأمل في أن تساهم الحكومة المقبلة التي سيتم تشكيلها في استقرار لبنان، وكذلك في السلم والازدهار في المنطقة».