رغم الترقب والخوف... المسيحيون في سوريا يشعرون بالتفاؤل

مواطنون يتظاهرون بعد إحراق شجرة الكريسماس بريف حماة الغربي

مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
TT

رغم الترقب والخوف... المسيحيون في سوريا يشعرون بالتفاؤل

مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)

يعيش المسيحيون في سوريا أجواء عيد الميلاد وسط حالة من الترقب والخوف، خاصة بعد إقدام أشخاص على حرق شجرة الكريسماس.

ورغم ذلك، تسود حالة من الوحدة، والتفاؤل بين أبناء الشعب السوري، مسيحيين ومسلمين، في إحداث تغيير حقيقي بعد انهيار نظام الأسد.

وشهدت مدينة دمشق وعدد من المدن السورية خروج مظاهرات تضم مسلمين ومسيحيين بعد إحراق شجرة الكريسماس في مدينة السقيلبية بريف حماة الغربي.

أهالي منطقة جرمانا في ريف دمشق يحتفلون بإضاءة شجرة عيد الميلاد (أ.ف.ب)

وأبدى الأب أندرو باهي لـ«وكالة الأنباء الألمانية» تخوفه من الأوضاع التي تعيشها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، قائلاً: «من حقنا أن نتخوف... لقد تعرضت أحياء مناطق شرق دمشق خلال السنوات الماضية لسقوط مئات القذائف وصمدنا في بيوتنا، لكن الآن لا تزال الأجواء غامضة، هناك تضارب وتناقض بين الأقوال والأفعال».

وأضاف باهي، وهو رجل دين في كنيسة بحي القصاع في دمشق، أن «التصريحات التي صدرت من القيادة الجديدة في دمشق مطمئنة، وأكدت احترام جميع الطوائف والأديان، لكن بعض التصرفات والشعارات هي مصدر قلق لنا، والأيام المقبلة هي المعيار».

سوري يقرع جرساً بالقرب من شجرة عيد الميلاد بحمص (أ.ف.ب)

بدوره، قال طوني مطانيوس، من حي باب توما بشرق دمشق، ويعمل في محل لبيع المواد الغذائية: «لم يصدر من عناصر الفصائل، الذين يتجولون في أحياء دمشق، أي تصرف يسيء لنا، ولم يقوموا بعمل ضار علينا، لكن الجميع حذر ويترقب».

وأضاف: «لم نقم بالزينة التي تزين المحال التجارية والمنازل التي اعتدنا عليها ولم يمنعنا أحد، لكن الكلام الذي نسمعه وينشر على بعض مواقع التواصل مخيف لنا».

وأكد مطانيوس أن «سوريا بلدنا ونحن أبناء هذا البلد... لقد تحملنا ما حصل خلال 13 عاماً... على العكس، نحن متفائلون بالتغيير ونراقب تصريحات القيادة الجديدة، ونأمل أن تكون أفعالا لا أقوالا».

وعدّت رنا ميداني أن «الظلم الذي وقع على السوريين خلال سنوات حكم الأسد أدى إلى تضرر أغلب السوريين مسيحيين ومسلمين»، مضيفة: «لقد خرجنا للمشاركة باحتفالات سقوط نظام الأسد، وعبّرنا عن فرحنا الحقيقي، ولم يدفعنا أحد للمشاركة في المسيرات».

وتضيف ميداني، التي تعمل في مؤسسة حكومية: «أغلب العاملين في المؤسسة التي أعمل بها يعارضون نظام بشار الأسد الذي أذل الناس وجوعهم... هم يعارضون الفساد والمحسوبيات في عهد مسؤولي النظام السابق، بعيداً عن الدين والطوائف».

مصلون يضيئون الشموع خلال قداس عيد الميلاد بالكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في دمشق (د.ب.أ)

وأكدت رنا تفاؤلها بـ«القيادة الجديدة»، قائلة: «لا يهمني إن كان الحاكم مسلماً أو مسيحياً، يهمني أن يحكم شخص قلبه على الشعب، ويريد الخير للكل، ويخدم الجميع».

وشهدت العاصمة دمشق ليلة أمس خروج مسيرات في عدد من الأحياء ضد حرق شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية، وقال سامر إلياس: «عندما وصلنا خبر إحراق الشجرة في مدينة السقيلبية، نزل الأهالي، المسيحي منهم والمسلم، إلى الشوارع احتجاجاً على هذا العمل».

وأضاف: «نعيش عائلة واحدة... يباركون لنا بأعيادنا ونبارك لهم أعيادهم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، وهتف الجميع مطالبين بحماية المسيحيين في سوريا».

وأقدم أشخاص ليلة أمس على حرق شجرة الميلاد في الساحة الرئيسة وسط مدينة السقيلبية، وخرج الأهالي بمظاهرة مطالبين بحماية المسيحيين.

وقال مصدر في الأمن العام في محافظة حماة: «ما وصلنا من التحقيقات الأولية أن أشخاصا قاموا بعملية الحرق، وتم إلقاء القبض على أحدهم، والإدارة تعهدت بإعادة بناء الشجرة».

وأضاف: «لا تزال التحقيقات في بدايتها، ولن نقبل الإساءة لأي شخص... المسيحيون جزء من الشعب السوري، ولن نقبل الإساءة لأي من مكوناته».


مقالات ذات صلة

وقفة صامتة في دمشق للمطالبة بمعرفة مصير المعتقلين والمغيبين في سوريا

المشرق العربي وفا مصطفى (وسط) تحمل صورة والدها المغيب منذ مشاركته في مظاهرة عام 2013 خلال وقفة بدمشق (أ.ب)

وقفة صامتة في دمشق للمطالبة بمعرفة مصير المعتقلين والمغيبين في سوريا

تجمع عشرات السوريين، اليوم (الجمعة)، أمام محطة الحجاز بدمشق، في وقفة صامتة للمطالبة بكشف مصير المعتقلين والمغيبين في سوريا، وحماية المقابر الجماعية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جانب من اجتماع الشرع مع مدير الاستخبارات العراقية (أ.ف.ب)

انقسام عراقي حول زيارة الوفد الأمني إلى دمشق

أحدثت الزيارة التي بدت مفاجئة، وإن كانت متوقعة، والتي قام بها وفد عراقي رفيع المستوى إلى دمشق انقساماً حاداً في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي سوري يحمل أغراضه لدى عبوره الحدود من تركيا إلى سوريا 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تركيا: أكثر من 30 ألف لاجئ عادوا لسوريا منذ سقوط الأسد

عبَر أكثر من 30 ألف لاجئ سوري الحدود التركية إلى بلدهم، خلال الأيام الـ17 الأخيرة، وفق ما أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي «قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)

قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

وقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني السوري» وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» على محور سد تشرين بريف حلب الشرقي أسفرت عن قتلى مصابين من الجانبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي اللواء جميل الحسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

لبنان تحت مجهر الإنتربول في تعقّب مسؤولي النظام السوري السابق

تفاعلت في لبنان قضية ملاحقة رموز النظام السوري السابق، سواء المطلوبين بمذكرات توقيف صادرة عن الإنتربول، أو الذين تتعقّبهم السلطات السورية الجديدة.

يوسف دياب (بيروت)

قوات إسرائيلية تقتحم «مستشفى كمال عدوان» في شمال غزة

فلسطيني متأثر قرب جثة طفل قبل دفنه بغزة الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطيني متأثر قرب جثة طفل قبل دفنه بغزة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

قوات إسرائيلية تقتحم «مستشفى كمال عدوان» في شمال غزة

فلسطيني متأثر قرب جثة طفل قبل دفنه بغزة الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطيني متأثر قرب جثة طفل قبل دفنه بغزة الجمعة (أ.ف.ب)

اقتحمت قوات إسرائيلية، الجمعة، مستشفى «كمال عدوان»، أحد المرافق الطبية الثلاثة الواقعة بالجزء الشمالي من قطاع غزة، وأحرقت أجزاء كبيرة منه، وأمرت العشرات من المرضى ومئات آخرين بإخلاء المجمع.

وقالت وزارة الصحة في غزة، إن الاتصال انقطع مع الموظفين داخل مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا، الذي يتعرض لضغوط شديدة من القوات الإسرائيلية على مدى أسابيع.

وقال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، في بيان: «قوات الاحتلال توجد داخل المستشفى الآن، وتقوم بإحراقه».

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة خلال تشييع ضحايا غارات إسرائيلية بغزة الجمعة (أ.ف.ب)

في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه بذل جهوداً للتخفيف من الأذى الذي يلحق بالمدنيين و«سهل الإجلاء الآمن للمدنيين والمرضى والطواقم الطبية قبل العملية»، لكنه لم يذكر تفاصيل. وأضاف في بيان أن «مستشفى (كمال عدوان) يعد بمثابة مركز إرهابي لـ(حماس) في شمال غزة، الذي عمل مخربون منه طوال الحرب».

وقال يوسف أبو الريش، وكيل وزارة الصحة في غزة، إن القوات الإسرائيلية أشعلت النيران في قسم الجراحة وفي مختبر ومخزن.

ويتهم العاملون في المجال الطبي بالقطاع الفلسطيني القوات الإسرائيلية باستهداف مستشفيات «كمال عدوان» و«الإندونيسي» و«العودة» بشكل متكرر، في وقت ينفذ فيه الجيش الإسرائيلي هجمات بالجزء الشمالي من القطاع على مدى أسابيع.

أوامر للمئات بإخلاء المستشفى

قال البرش إن الجيش الإسرائيلي أمر 350 شخصاً كانوا داخل المستشفى بالتوجه إلى مدرسة قريبة تؤوي أسراً نازحة. وكان من بينهم 75 مريضاً ومرافقوهم و185 من أفراد الطاقم الطبي.

فلسطينيون يعاينون موقعاً استهدفته غارة جوية إسرائيلية في شرق غزة الخميس (أ.ف.ب)

أما أبو الريش فقال إن الجنود ينقلون المرضى والطواقم الطبية إلى المستشفى «الإندونيسي»، الذي توقف بالفعل عن العمل بسبب ما لحق به من أضرار جسيمة، وأخلته قوات إسرائيلية في اليوم السابق.

وجرى إخلاء جزء كبير من أنحاء بلدات جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا في الشمال من السكان وتدميرها بشكل منهجي، مما أثار تكهنات بأن إسرائيل تنوي إقامة منطقة عازلة مغلقة بعد انتهاء القتال في غزة.

وتنفي إسرائيل هذه الاتهامات قائلة إن عملياتها تهدف إلى منع مسلحي «حماس» من إعادة تنظيم صفوفهم.

وقال مسؤولون بوزارة الصحة في غزة، الخميس، إن خمسة من العاملين في القطاع الطبي بينهم طبيب أطفال، قتلوا بنيران إسرائيلية في مستشفى «كمال عدوان». وقال الجيش الإسرائيلي إنه لا علم له بقصف المستشفى، وإن تقرير مقتل المسعفين سيتم فحصه.

وفي بيان لها، حمَّلت «حماس» إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية عن مصير المرضى والجرحى والطاقم الطبي داخل المستشفى.

وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن 37 فلسطينياً قتلوا في الـ24 ساعة الماضية.

فلسطينيات يبكين خلال تشييع قتلى غارات إسرائيلية بغزة الجمعة (رويترز)

وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة عن مقتل أكثر من 45436 فلسطينياً، وفقا لوزارة الصحة هناك. كما نزح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وطال الدمار مساحات واسعة من القطاع.

واندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنه مقاتلو «حماس» على بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهو ما أدى إلى مقتل 1200 شخص، واقتياد 251 رهينة إلى غزة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية.

من جهة أخرى، أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، الجمعة، أن أحد مقاتليها فجر نفسه في قوة إسرائيلية في شمال قطاع غزة.

وقالت «القسام» في بيان وصلت نسخة منه لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «في عملية مركبة تمكن أحد مقاتلينا من تفجير نفسه بحزام ناسف في قوة إسرائيلية مكونة من خمسة جنود وأوقعهم بين قتيل وجريح»، وأضافت «القسام» أنه بعد تقدم قوات النجدة الإسرائيلية للمكان قام مقاتلوها بقنص جنديين اثنين، وإلقاء القنابل اليدوية عليهما، وأوضحت أن عملية التفجير حدثت في منطقة تل الزعتر بمعسكر جباليا شمال قطاع غزة.