مستشار رئيس الوزراء العراقي: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)
كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)
TT

مستشار رئيس الوزراء العراقي: إذا لم نبادر إلى حل الفصائل فسيحلها الآخرون بالقوة

كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)
كتائب «حزب الله» العراقية هدَّدت مراراً بزيادة هجماتها على الأميركيين والإسرائيليين (إكس)

أدلى أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي بتصريحات مثيرة حول ضرورة أن يبادر العراق إلى هيكلة الفصائل المسلحة الموالية لإيران وحلّها قبل أن تُحلّ بالقوة من قِبل دول خارجية.

ويُتداول على نطاق واسع محلياً حديث مفاده أن «الإرادة الدولية» مصممة على فك ارتباط ثنائية (حكومة – فصائل)؛ وهو ما يعززه التحولات السياسية والأمنية الإقليمية المتلاحقة، بدءاً من أحداث غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، مروراً بتصدع «حزب الله» اللبناني، وانتهاءً بإطاحة نظام البعث في دمشق. وهذه التطورات تؤدي إلى تصدع ما يُسمى «محور المقاومة» الذي تقوده طهران.

وجاءت تصريحات مستشار السوداني لتخرج حديث تفكيك الفصائل المسلحة من دائرة الكواليس السياسية إلى العلن. إذ تتداول أطراف سياسية متعددة إمكانية تعرُّض الفصائل المسلحة، ومن خلفها العراق، لضربات عسكرية إسرائيلية تهدف إلى تفكيك وتدمير أسلحة هذه الفصائل التي نفذت أكثر من 200 هجوم صاروخي ضد إسرائيل.

عناصر من «حركة النجباء» خلال عرض عسكري في بغداد (إكس)

وقال إبراهيم الصميدعي، المستشار السياسي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مقابلة تلفزيونية: «نظامنا السياسي على مدار 22 عاماً استهلك الكثير من التضحيات والكلف من أجل الحفاظ عليه وتأسيس الدولة». وأضاف: «بصراحة، علينا أن نذهب إلى مراجعة؛ فلا يمكن للعراق أن يبقى نصلاً لمحور المقاومة بعد سقوط نظام الأسد وتراجع (حزب الله) في لبنان. علينا اليوم، ومن منطلق مسؤوليتنا الذاتية، مع الأخوة في الفصائل، أن نعيد التفكير في مسألة المبادرة إلى حل الفصائل ودمجها في الوضع السياسي».

وأكد الصميدعي أن مسألة حل الفصائل «ليست جديدة، بل هي اشتراط قديم فرضته الولايات المتحدة والدول الغربية على جميع الحكومات العراقية السابقة».

ويعتقد المستشار الحكومي أن حل الفصائل «سيُفرض هذه المرة بشكل مختلف، إن لم نُستجب له طواعية وبإرادتنا، وقد يُفرض علينا من الخارج وبالقوة».

وذكر الصميدعي أن «التفاهم السياسي مع الفصائل في مراحل متقدمة، وهناك نوع من الاستجابة. ما نحتاج إليه اليوم هو تفكيك الفصائل، فالمجتمع الدولي لن يقبل بعد الآن وجود ثنائية الدولة واللادولة في العراق».

ورغم المواقف الجريئة التي اشتهر بها إبراهيم الصميدعي، وتصريحاته التي تكسر الصمت الحكومي، تشير بعض المصادر المقربة من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية إلى إمكانية أن يكون رئيس الوزراء السوداني قد «أوَّل» للصميدعي التعبير عن وجهة النظر الحكومية بشأن الفصائل.

وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «السوداني مكبَّل بنفوذ قوى (الإطار التنسيقي) والفصائل التي تهيمن على حكومته، وهو لا يملك الأريحية الكافية للتحدث بهذا الوضوح الذي عبر عنه الصميدعي».

وتضيف أن «بعض الدوائر المقربة من الحكومة وحتى بعض الأحزاب السياسية تشعر بنوع من الارتياح لتصدع جماعات المحور الإيراني التي مارست ضغوطاً على الحكومات المتعاقبة على مدار سنوات، كما أنها شكَّلت عبئاً إضافياً على البلاد وسمعتها أمام واشنطن والدول الغربية».

ورغم الصمت الحالي الذي تلوذ به الفصائل المسلحة، لا تستبعد المصادر «تعرُّض هذه الفصائل إلى ضربات إسرائيلية لاحقاً، كما كانت قد هدَّدت بها سابقاً؛ بهدف تقويض الأذرع الإيرانية».


مقالات ذات صلة

مسؤولون عراقيون: لا بديل فورياً للغاز الإيراني

المشرق العربي

مسؤولون عراقيون: لا بديل فورياً للغاز الإيراني

قال 3 مسؤولين في قطاع الطاقة العراقي إن البلاد ليست لديها بدائل فورية لتعويض الطاقة المستوردة من إيران، مشيرين إلى أن النقص سيسبب مشكلة كبيرة في توفير ما يكفي.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص عراقي يخوض في مياه أمطار أغرقت شوارع العاصمة بغداد في 7 مارس 2025 (أ.ب)

خاص واشنطن تلوّح لبغداد بعقوبات شاملة «على دفعات»

قال دبلوماسيان أميركيان إن عقوبات «شاملة على دفعات» ستفرض على كيانات وأفراد في أجهزة حكومية وسياسية وفصائل عراقية.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي دورية للجيش العراقي قرب الحدود مع سوريا (واع)

بغداد تحث دمشق على تجنب التصعيد العسكري

أعربت وزارة الخارجية العراقية عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأمنية في سوريا، ودعت السلطات في دمشق إلى اعتماد الحلول السلمية بدلاً من التصعيد العسكري.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي محطة بيجي الغازية للكهرباء في العراق (الموقع الإلكتروني لوزارة الكهرباء العراقية)

ابتداء من اليوم... العراق بلا غاز إيران

لن يتمكن العراق، بدءاً من اليوم، من استيراد الغاز الإيراني اللازم لتشغيل محطات الكهرباء في عموم البلاد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي محطة «بيجي» الغازية للكهرباء في العراق (إعلام حكومي)

العراق يقطع الصلة بالغاز الإيراني

مع توقف استيراد الغاز الإيراني، بدءاً من 8 مارس 2025، يتعيّن على الحكومة العراقية البحث عن بدائل للوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.

حمزة مصطفى (بغداد)

غموض وتضارب بشأن إبعاد «حماس» عن إدارة غزة يعقدان المفاوضات

عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

غموض وتضارب بشأن إبعاد «حماس» عن إدارة غزة يعقدان المفاوضات

عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

زاد الغموض والتضارب بشأن إبعاد حركة «حماس» من عدمه عن إدارة قطاع غزة مستقبلاً، خاصة بعد تأكيدات من الحركة أن واشنطن لم تطلب في المفاوضات المباشرة معها خروجها من المشهد السياسي، إلا أن مصدراً مصرياً مطلعاً أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الوسطاء في مصر وقطر لديهم القدرة على التعامل مع الموقف رغم ما يبرز فيه من تعقيدات».

وكان طاهر النونو، القيادي في حركة «حماس» أكد لـ«رويترز»، الأحد، أن عدة لقاءات عقدت بين قيادات الحركة والمبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر.

وقال: «عدة لقاءات تمت بالفعل بالدوحة تركزت حول إطلاق سراح أحد الأسرى مزدوجي الجنسية، وتعاملنا بإيجابية ومرونة كبيرة بما يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني».

وصرح النونو أن الجانب الأميركي لم يطرح في جلسات الحوار التي جرت مع ممثلين للحركة إزاحة «حماس» من المشهد السياسي الفلسطيني.

يأتي ذلك رغم إعلان حركة «حماس» من قبل أنها أبلغت الوسطاء في مصر وقطر بموافقتها على التنحي عن إدارة غزة بعد الحرب.

وتزامن أيضاً مع انطلاق جولة مفاوضات جديدة، الاثنين، في العاصمة القطرية الدوحة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث انتهت المرحلة الأولى من الاتفاق في الأول من مارس (آذار) الجاري، بينما رفضت إسرائيل الدخول في المرحلة الثانية التي تعني فعلياً إنهاء الحرب.

وتتمسك إسرائيل بإنهاء وجود «حماس» تماماً في غزة بينما تقبل الحركة فقط بالتنازل عن الحكم، لكنها تتمسك بحق الاستمرار في مقاومة الاحتلال بالأراضي الفلسطينية ومن ضمنها القطاع.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب خلال الحرب وهم في طريقهم إلى منازلهم في شمال غزة يناير الماضي (رويترز)

من جانبه، أوضح مصدر مصري مطلع أن «دخول واشنطن على خط المفاوضات المباشرة مع (حماس) بالقطع ألقى بظلاله على محادثات وقف إطلاق النار؛ لأن الإشارات التي خرجت عنه أوحت كما لو أن الولايات المتحدة غيرت موقفها من الحركة التي تصنفها إرهابية منذ عقود».

لكن المصدر أشار إلى أنه «رغم ذلك فإن الوسطاء في مصر وقطر يسيرون في طريق تنفيذ وقف إطلاق النار وفق ما تم التوصل إليه من البداية، والذي يقضي في نهاية المطاف بعدم مشاركة (حماس) في إدارة غزة، وهذا هو الموقف الذي أبلغته الحركة للوسطاء ولم يتغير».

وشدد المصدر على أن «المتغيرات والإشارات المتضاربة بالقطع تزيد من تعقيد المفاوضات وتتطلب جهوداً أكثر للتعامل معها، ولكن مصر وقطر لديهما القدرة على حلحلة الموقف والتعامل معه».

رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، العميد خالد عكاشة قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد دخول واشنطن في مفاوضات مباشرة مع (حماس) ظهرت حالة من التضارب في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة، فقبل ذلك كانت مواقف الطرفين متسقة ومتوافقة تماماً تجاه (حماس)، ولكن الآن بدا أن واشنطن أظهرت تغيراً في موقفها سعياً لتحقيق مصلحتها، وهي إطلاق رهائنها الأميركيين لدى (حماس)».

ونوه إلى أن «كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة باتتا تلقيان باللوم كل منهما على الأخرى في تضارب المواقف، وهذا من المؤكد خلق حالة من الاضطراب انعكست على محادثات وقف إطلاق النار، ولكن الشيء الجيد أن هناك اتفاقاً عربياً على ما اقترحته القاهرة من إبعاد (حماس) عن إدارة غزة، وهذا هو ما يعتمد عليه الوسطاء في مصر وقطر خلال المفاوضات».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت هيئة الاستعلامات المصرية أن ممثلين لحركتي «فتح» و«حماس» وافقوا خلال اجتماع بالقاهرة على اقتراح مصري بإدارة قطاع غزة فيما بعد انتهاء الحرب.

وينص الاقتراح المصري على تشكل هيئة إدارية لقطاع غزة يطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية وتوفير وتوزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمرته العمليات العسكرية الإسرائيلية.

من جانبه، قال المحلل السياسي السعودي، محمد الحربي، لـ«الشرق الأوسط» إن «القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة أخيراً أعلن أنه تمت الموافقة على الخطة المقدمة من مصر والتي تضمنت تشكيل لجنة مستقلة لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة بدعم عربي وتحت مظلة فلسطينية».

وأكد أن «ما يقال أو ما يتم خلال المفاوضات بين (حماس) والولايات المتحدة فهذا أمر طبيعي؛ لأن (حماس) هي الموجودة على الأرض الآن وهي طرف أساسي خلال عملية التفاوض، وخلال المفاوضات تحدث مناورات طبيعية، وكل طرف يؤجل حسم أشياء للنهاية لتحقيق أقصى قدر ممكن من مصالحه».

تجدر الإشارة إلى أنه في فبراير (شباط) الماضي أطلق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، دعوة لحركة «حماس» بالتنحي عن إدارة غزة، وهي الدعوة التي أيدتها دول عربية باعتبارها تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.

لكن الأستاذ في معهد «دراسات الشرق الأوسط» بواشنطن، الدكتور حسن منيمنة، قال إنه «من المغالطة تسمية ما جرى من لقاءات بين حركة (حماس) والمبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر مفاوضات بين واشنطن و(حماس)».

منيمنة شرح لـ«الشرق الأوسط» أن «بوهلر مكلف بملف وحيد وهو ملف الرهائن، ومن ثم مخول بالتواصل مع الحركة من أجل إنجاز هذا الملف وإطلاق سراح الرهائن، وليس مخولاً بأكثر من ذلك، ومن ثم ليس له الحديث عن مستقبل (حماس) من عدمه، أو حتى مستقبل وقف إطلاق النار».

وشدد على أن «الحركة بالقطع عملت على استغلال الموقف وتحقيق مطالبها، ولكن بوهلر ليس في يده شيء، وبالتالي لا يمكن التعويل على أنه لم يطرح إبعاد الحركة عن المشهد السياسي في غزة أو ترجمته إلى أنه موقف ما من واشنطن».