تركيا ستدعم مرحلة «ما بعد الأسد» وتواصل اتصالاتها مع دول عربية وأميركا

أنقرة تلمح لاستبعاد القوات الكردية من أي مفاوضات... و«الجيش الوطني» دخل منبج

السوريون في تركيا يحتفلون بسقوط الأسد (رويترز)
السوريون في تركيا يحتفلون بسقوط الأسد (رويترز)
TT

تركيا ستدعم مرحلة «ما بعد الأسد» وتواصل اتصالاتها مع دول عربية وأميركا

السوريون في تركيا يحتفلون بسقوط الأسد (رويترز)
السوريون في تركيا يحتفلون بسقوط الأسد (رويترز)

أكدت تركيا أنها تولي أهمية كبيرة لوحدة سوريا الوطنية وسيادتها وسلامة أراضيها، وتتصرف بحذر شديد لضمان عدم إساءة استغلال التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«حزب العمال الكردستاني» وامتداده في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية) الوضع الراهن بعد سقوط حكومة بشار الأسد.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن «نظام الأسد انهار والسيطرة على البلاد تتغير»، لافتاً إلى أن ذلك لم يحدث بين عشية وضحاها، وأن سوريا كانت في حال اضطراب على مدى السنوات الـ13 الماضية، منذ بدأ النزاع والحرب الداخلية مع قمع الأسد الاحتجاجات المناهضة له في عام 2011.

دعم المرحلة الانتقالية

وأضاف فيدان، في مؤتمر صحافي على هامش منتدى الدوحة في قطر: «في هذا الصباح، أصبحت سوريا بلداً حراً، وشعبها مليء بالأمل، لا يستطيع السوريون السير بمفردهم الآن، فهم ما زالوا بحاجة إلى الدعم، يحتاج السوريون إلى مواصلة دعمهم من خلال القنوات الدولية، وتركيا ستقف إلى جانب سوريا لحماية سيادتها».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في الدوحة الأحد (أ.ف.ب)

وأكد فيدان أن بلاده ستعمل مع الإدارة الجديدة في سوريا لضمان نجاح المرحلة الانتقالية، وأنها على اتصال مع أصدقائها العرب: السعودية ومصر وقطر والأردن والعراق، وأصدقائها الأميركيين.

وأشار إلى الاجتماعات التي عقدت في الدوحة بين الدول الثلاث الضامنة لـ«مسار آستانة» (تركيا وروسيا وإيران) والدول العربية: السعودية ومصر وقطر والعراق والأردن، وأشاد بـ«المبدأ البناء» لهذه الدول، مؤكداً استمرار التعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية من أجل استقرار سوريا والحفاظ على سيادتها وعودة اللاجئين إلى بلادهم.

وعن المرحلة المقبلة في سوريا، ذكر فيدان أن الفصائل والمجموعات المسلحة مختلفة لكن لديهم آلية تنسيق ستتحسن في الأيام المقبلة. وعبَّر عن أمله في أن يعملوا معاً بطريقة منظمة ومترابطة لضمان عملية انتقالية ناجحة من خلال دمج كل الأطراف في سوريا.

وأضاف أن تركيا على اتصال مع الأصدقاء العرب والأميركيين، وتعوّل على تهيئة الاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة سوريا، ما سيمكن ملايين السوريين الذين اضطروا لمغادرة وطنهم من العودة.

تحذير للقوات الكردية

وحذر فيدان من «استغلال التنظيمات الإرهابية للمرحلة الانتقالية»، مؤكداً أن تركيا ترصد تحركات «داعش» وحزب العمال الكردستاني، وأن أي امتداد لحزب العمال الكردستاني، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من أميركا، لا يمكن اعتباره طرفاً شرعياً في سوريا ولا يمكن التفاوض معه.

وشدد على أن تركيا ستستمر في محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا، ولن تسمح بأن تصبح سوريا تهديداً للدول المجاورة. وحث الإدارة الجديدة على تأسيس مبدأ الشمولية والابتعاد عن الانتقام، ومعاملة جميع الأقليات بالمساواة والعدل ومنع الوصول إلى الأسلحة الكيميائية والحفاظ على مؤسسات الدولة.

وتطرق فيدان إلى وضع الأسد في الأيام الأخيرة، قائلاً إنه «لم تكن هناك أي اتصالات معه في أيامه الأخيرة، مذكراً بأن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مد يده إليه من أجل الوصول إلى الوحدة الوطنية والسلام، لكن الأسد رفض ذلك».

مصير الأسد

وذكر فيدان أن النظام كان في حالة انهيار، وأن تركيا حاولت القيام بشيء ما لمنع هذا من خلال محاولات التواصل الأخيرة مع الأسد، لكن فشلت المحاولات، وأضاف أن «نظام الأسد فشل في التركيز على القضايا الأساسية، والمؤسسات لم تستجب لمطالب واحتياجات الشعب، ولم يستغل الفرصة التي أتاحتها (عملية آستانة) منذ تجميد الحرب في 2016، وعلمنا أن النظام لم يهتم بالمشكلات، وكانت هناك عدم قدرة للمؤسسات وقضايا أخرى عالقة، وكان معه الوقت لمعالجة المشكلات لكن لم يفعل ذلك».

وتابع: «والآن وصلت سوريا إلى مرحلة يشكل فيها السوريون مستقبل بلادهم، ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم الشعب السوري».

الأسد مستقبلاً إردوغان في مطار دمشق 17 يناير 2011 (أرشيفية - سانا)

وقال فيدان إنه من دون إطلاق طلقة واحدة سقطت حلب في يد الفصائل وتبعتها مدن أخرى، وتركيا سوف تستمر بالعمل مع دول الجوار لإعادة بناء سوريا، ويجب أن نعمل مع الإدارة الجديدة، وأن نقدم المساعدة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمشكلات الأخرى. وعما إذا كانت لديه معلومات عن مكان وجود الأسد، قال فيدان: «لا أستطيع التعليق على هذا الأمر، ومن المحتمل أن يكون خارج سوريا».

في السياق ذاته، بحث وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، لويد أوستن، الأحد، التطورات الأخيرة في سوريا وقضايا الدفاع والأمن الإقليميين، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية.

الجيش الوطني في منبج

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، أن فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، بدأت هجوماً على منبج في شرق حلب، يستهدف قوات مجلس منبج العسكري التابعة لـ«قسد».

وكان «الجيش الوطني السوري» أعلن، مساء السبت، إطلاق الهجوم على منبج ضمن عملية «فجر الحرية» التي كان أطلقها بالتزامن مع العملية التي أطلقتها «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها في حلب، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي امتدت إلى دمشق، وأسفرت عن سقوط حكم الأسد.

وقالت الوزارة، في بيان على منصة «إكس»: «إلى جميع العسكريين من قوات النظام وميليشيا (قسد الإرهابية) في مدينة منبج المحتلة الراغبين في إلقاء السلاح وتحييد أنفسهم عن المصير الأسود الذي ينتظرهم في الميدان أمام أبطال الجيش الوطني السوري، التواصل...» وتم وضع أرقام هواتف للاتصال بها، كما طمأنت المدنيين إلى عدم التعرض لأي خطر على حياتهم.

وذكرت وسائل إعلام تركية، نقلاً عن مصدر أمني، أن فصائل الجيش الوطني سيطرت، الأحد، على 80 في المائة من منبج.

أهداف تركيا

وجاء تحرك الفصائل للسيطرة على منبج، بعد السيطرة على مدينة تل رفعت، الأسبوع الماضي، وهما من الأهداف الرئيسية لتركيا مع عين العرب (كوباني)، وفي حال السيطرة على المدن الثلاث، سيكون وجود وحدات حماية الشعب الكردية في غرب نهر الفرات انتهى تماماً، وستتوجه المعارك بعد ذلك للسيطرة على القامشلي في محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا.

فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

وإذا تمت السيطرة على المدن الثلاث في غرب الفرات والقامشلي في شرق الفرات، فإن تركيا تكون قد أغلقت تماماً حدودها الجنوبية وأبعدت وحدات حماية الشعب الكردية إلى عمق 30 إلى 40 كيلومتراً، وهي المسافة التي ترغب في تحقيقها لتشكيل منطقة آمنة وحزام أمني على حدودها الجنوبية.

وتحدث الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قبل أسبوعين عن أهمية السيطرة على الحسكة، متعهداً باستكمال إغلاق الحزام الأمني بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً في عمق الأراضي السورية لتأمين حدود بلاده الجنوبية.

وسيطرت «قسد» التي تشكل الوحدات الكردية غالبية قوامها، على مناطق في شمال وشرق سوريا تشكل نحو 30 في المائة من مساحة البلاد، وتعاونت مع قوات الأسد في عدد من المناطق.

وعدَّ قائد «قسد»، مظلوم عبدي، أن هناك فرصة لبداية سياسية جديدة في سوريا بعد رحيل الرئيس بشار الأسد، وبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة.

وبالتزامن مع تقدم فصائل الجيش الوطني في منبج، قصفت القوات التركية بقذائف المدفعية الثقيلة مناطق خاضعة لسيطرة «قسد» في ريف بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات التركية استهدفت منازل المدنيين بشكل عشوائي، ما أدى إلى حالة من الهلع بين السكان، في ظل مخاوف من تصعيد تركي واسع بعد سقوط نظام الأسد.

قوات «قسد» تواجه ضغوطاً من الجيش الوطني الموالي لتركيا لإبعادها عن حدودها (المرصد السوري)

وكانت قوات النظام انسحبت، قبل فجر الأحد، من جميع نقاطها الممتدة على طول الحدود مع تركيا، بدءاً من القامشلي وصولاً إلى أبو راسين، وتم تسليم جميع المواقع لقوات حرس الحدود التابعة لقوات «قسد»، وتقوم القوات الروسية المتمركزة بقاعدة «المباقر» في تل تمر بتنفيذ دوريات مستمرة في المنطقة لضمان تأمين انسحاب قوات النظام بشكل منظم.

وأعلنت الفصائل سيطرتها على معبر كسب الحدودي مع سوريا وتأمينه، بعد دخولها دمشق.

ودعا رئيس حزب «الوحدة الكبرى» التركي أحد شركاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، مصطفى دستيجي، إلى عدم تراجع تركيا، ولو خطوة واحدة، عن المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، بأي ثمن، وألا تسمح بمنح أي أراضٍ لحزب «العمال الكردستاني» ووحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.

وقال دستيجي، في تصريح، الأحد: «يجب أن تدعم بشكل كامل الجماعات التي تعمل معها في سوريا حتى الآن، وخصوصاً الجماعات التركمانية، وحماية السكان التركمان في المنطقة، ويجب أن تكون حدودنا الجنوبية، وخصوصاً في هطاي، مغلقة أمام جميع أنواع التدخلات الخارجية، ويجب حماية كلا جانبي حدودنا بأعلى مستوى من الأمن».

السوريون يحتفلون ويغادرون

واحتفل السوريون في مدن تركية عدة، الأحد، بسقوط نظام بشار الأسد في بلادهم إثر دخول قوات المعارضة العاصمة دمشق، وتجمع مئات السوريين في ساحة مسجد الفاتح بإسطنبول بعد صلاة الفجر، ومعهم أطفالهم ووزع بعضهم الحلوى ابتهاجاً بزوال نظام الأسد.

سوريون يوزعون الحلوى في شوارع تركيا احتفالاً بسقوط الأسد (أ.ف.ب)

وفي حي شيشلي بإسطنبول تجمع سوريون أمام مبنى قنصلية بلادهم، وسط تدابير أمنية اتخذتها الشرطة في المنطقة، وتم إنزال علم النظام السوري من شرفة القنصلية، فيما يستمر وجود الشرطة والصحافيين أمام المبنى.

وخرج مئات السوريين في العاصمة أنقرة إلى الشوارع احتفالاً بسقوط الأسد، كما تجمع آلاف السوريين في الساحات والميادين في غازي عنتاب وكيليس وإيلازغ وقيصري رافعين علمي سوريا وتركيا، ومعبرين عن فرحتهم بسقوط نظام الأسد، وتكرر المشهد في عدد من المدن التركية مثل بورصة، وإسكي شهير، وكونيا، وغيرها.

وعبَّر محتفلون التقتهم «الشرق الأوسط» عن ابتهاجهم الشديد لتحرر بلادهم من قبضة الأسد و«حزب البعث»، وتقدموا بالشكر لتركيا لاستضافتهم على مدى الـ13 عاماً الماضية، مؤكدين أنهم يتحرقون شوقاً للعودة إلى وطنهم في أسرع وقت.

سوريون يصطفون أمام معبر باب الهوى (جيلفا غوزو) المؤدي إلى شمال إدلب في الجانب التركي انتظاراً للعبور إلى بلادهم (إعلام تركي)

وعلى الرغم من دعوة وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، للسوريين في تركيا إلى عدم الاستعجال بالعودة والانتظار حتى استقرار مناطقهم وبدء أعمال تسجيل مغادرتهم تركيا، فإنه قد تدفق العشرات منذ الصباح الباكر، الأحد، على معبر «باب الهوى» (جيلفا غوزو) الحدودي مع إدلب، في طريق عودتهم إلى بلادهم دون خوف من الاعتقال أو الاحتجاز.


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يعلن تفكيك «أحد أضخم معامل» الكبتاغون قرب الحدود مع سوريا

العالم العربي حبوب كبتاغون (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش اللبناني يعلن تفكيك «أحد أضخم معامل» الكبتاغون قرب الحدود مع سوريا

أعلن الجيش اللبناني الاثنين تفكيك أحد أضخم معامل تصنيع الكبتاغون في شرق البلاد المحاذي لسوريا حيث كان تهريب هذه المادة منتشرا على نطاق واسع قبل سقوط بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون بالقرب من مرتفعات الجولان (رويترز) play-circle

الجيش الإسرائيلي يعلن مداهمة مواقع تابعة لنظام الأسد بسوريا وضبط أطنان من الأسلحة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن قواته داهمت مؤخراً عدة منشآت عسكرية تابعة للنظام السوري السابق، وعثرت على كميات كبيرة من الأسلحة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي يستعد آلاف اللاجئين السوريين في لبنان للعودة إلى ديارهم (رويترز)

بدء عودة السوريين من لبنان في إطار خطة تدعمها الأمم المتحدة

يستعد آلاف اللاجئين السوريين في لبنان للعودة إلى ديارهم هذا الأسبوع بموجب أول خطة مدعومة من الأمم المتحدة تقدم حوافز مالية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)

النيابة العامة الفرنسية تطلب تأييد مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد

طلبت النيابة العامة في فرنسا تأييد مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي الرئيس أحمد الشرع يلقي كلمة خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة في قصر الشعب الرئاسي بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)

هوية بصرية جديدة... لسوريا الجديدة «الواحدة الموحدة»

أقامت السلطات السورية، مساء الخميس، حفلاً ضخماً أعلنت عن الهوية البصرية الجديدة للبلاد، وذلك بعد نحو 7 أشهر من وصولها إلى الحكم عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد.

موفق محمد (دمشق)

إسرائيل: خلاف بين الحكومة والجيش بشأن «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين

مشهد لأنقاض في مدينة رفح في غزة (رويترز)
مشهد لأنقاض في مدينة رفح في غزة (رويترز)
TT

إسرائيل: خلاف بين الحكومة والجيش بشأن «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين

مشهد لأنقاض في مدينة رفح في غزة (رويترز)
مشهد لأنقاض في مدينة رفح في غزة (رويترز)

وقع خلاف بين الحكومة الإسرائيلية والجيش حول تكلفة وتأثير ما عُرف باسم «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين في جنوب غزة، حيث انتقد سياسيون رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت لتحذيره من أن المشروع سيُنشئ «معسكر اعتقال» في حال تنفيذه.

أصبح مشروع «المدينة الإنسانية» نقطة خلاف في محادثات وقف إطلاق النار مع «حماس». حيث تُريد إسرائيل إبقاء قواتها مُتمركزة في أجزاء كبيرة من غزة، بما في ذلك أنقاض مدينة رفح في الجنوب، حيث يقول وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، إن المخيم سيُبنى.

وتدفع «حماس» باتجاه انسحاب أكثر شمولاً. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن حسام بدران، العضو البارز في الحركة، قوله إن خطط المخيم «مطلب مُعرقل مُتعمد» من شأنه أن يُعقّد المحادثات. وقال في رسالة إلى الصحيفة: «ستكون هذه مدينة معزولة تُشبه غيتو. هذا أمر غير مقبول بتاتاً، ولن يوافق عليه أي فلسطيني».

وكشف كاتس الأسبوع الماضي أنه أمر الجيش بوضع خطط لبناء مخيم. ومن المتصور أن يتم «حشر» الفلسطينيين في منطقة تقع بين الحدود المصرية و«ممر موراج» العسكري الإسرائيلي، والذي يقطع القطاع.

قال كاتس إنه في البداية سينتقل 600 ألف شخص إلى هناك، وفي نهاية المطاف سينتقل جميع سكان غزة.

وصرح للصحافيين الإسرائيليين في مؤتمر صحافي بأنه لن يُسمح للمقيمين في المخيم بالمغادرة إلا إلى بلد آخر.

كُشف عن الخطة أثناء زيارة رسمية لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى العاصمة واشنطن، ولكن فُهم أنها تحظى بدعمه. أثارت الخطة قلقاً فورياً بين حلفاء إسرائيل، بما في ذلك المملكة المتحدة، وعلى الصعيد المحلي.

كان أولمرت، الذي قاد الحكومة الإسرائيلية من عام 2006 إلى عام 2009، أبرز منتقدي مشروع «المدينة الإنسانية». وقال إنه إذا أُجبر الفلسطينيون على الانتقال إلى المخيم، فسيكون ذلك بمثابة «تطهير عرقي».

وتعرضت تعليقاته التي تُثير مقارنات مع ألمانيا النازية لهجوم شرس داخل إسرائيل.

ودعا وزير التراث، عميخاي إلياهو، فعلياً إلى سجن أولمرت بسبب هذه التعليقات، مع إشارة غير مباشرة إلى المدة التي قضاها في السجن بتهم فساد بعد تركه منصبه. وقال إلياهو: «أولمرت يعرف السجن جيداً. لا توجد طريقة أخرى لإيقافه عن الكراهية ومعاداة السامية التي ينشرها حول العالم».

كما عارض الجيش المشروع، حتى مع التزامه بالأوامر بوضع خطط لتنفيذه. وفي اجتماع لمجلس الوزراء الأمني مساء (الأحد)، اندلعت التوترات على الملأ عندما اشتبك رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، إيال زامير، مع نتنياهو، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.

وأفادت التقارير أن زامير قال إن المشروع سيحول الأموال والموارد الأخرى عن الجيش، مما يُضعف قدرته على القتال، ويقوض جهود إنقاذ الرهائن. وكان مكتبه قد زعم في وقت سابق أن نقل المدنيين و«تركيزهم» لم يكن هدفاً للحرب، رداً على التماس قانوني قدمه جنود الاحتياط الذين شعروا بالقلق من أنهم سيواجهون أوامر غير قانونية بارتكاب جرائم حرب.

وفي سياق متصل، أفادت «القناة 12» الإسرائيلية نقلاً عن مصادر رسمية أن نتنياهو انتقد زامير بشدة، قائلاً إن الخطط التي قدمها -والتي قدرت أعمال البناء فيها بعدة أشهر، وربما تصل إلى عام- «مكلفة للغاية وبطيئة للغاية». ونقلت القناة عن رئيس الوزراء قوله: «طلبتُ خطة واقعية»، مطالباً بتسليم جدول زمني أقل تكلفة، وأسرع للبناء بحلول يوم الثلاثاء.

وأثار مسؤولو وزارة المالية اعتراضات عملية أخرى على خطة «المدينة الإنسانية»، حسبما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت». وقالوا إن التكلفة السنوية المقدرة بـ15 مليار شيكل (3.3 مليار جنيه إسترليني) ستشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة. وأضافت الصحيفة أن هذه التكلفة ستقع على الأرجح على عاتق دافعي الضرائب الإسرائيليين، مما سيحرم المدارس والمستشفيات والرعاية الاجتماعية من الأموال.