ماذا بعد سقوط حماة؟

تغيير الخريطة عسكرياً وسياسياً سيعطي أفضلية لفريق على آخر

أحد مقاتلي الفصائل المسلحة السورية يطلق النار في الهواء احتفالاً بالسيطرة على مدينة حماة 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
أحد مقاتلي الفصائل المسلحة السورية يطلق النار في الهواء احتفالاً بالسيطرة على مدينة حماة 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

ماذا بعد سقوط حماة؟

أحد مقاتلي الفصائل المسلحة السورية يطلق النار في الهواء احتفالاً بالسيطرة على مدينة حماة 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
أحد مقاتلي الفصائل المسلحة السورية يطلق النار في الهواء احتفالاً بالسيطرة على مدينة حماة 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تتظهّر كل التناقضات الجيوسياسية على الساحة السوريّة حالياً. فالخريطة العسكريّة ستغيّر حتماً الخريطة السياسيّة. وتغيير الخريطة السياسيّة، سيعطي أفضلية لفريق على آخر حول طاولة التشريح لسوريا.

يخوض النظام حرباً وجوديّة اليوم. فهو ليس قادراً على الدفاع عن نفسه. ومن هو قادر على المساعدة، ليس مهتماً، أو هو أيضاً لم يعد قادراً. فهل يمكن لـ«حزب الله» الذهاب إلى سوريا اليوم إذا طلبت منه إيران كما فعلت في عام 2014؟ وهل ساعدت سوريا الحزب خلال الحرب الإسرائيلية عليه؟ لذلك؛ قد يمكن القول إن النظام الرسميّ في سوريا، يقوم حالياً بما يمكن له القيام به للدفاع عن نفسه، خصوصاً أن الوسائل ليست متوفّرة لديه لاستعادة السيطرة على كلّ سوريا، خصوصاً في العتاد والعديد.

خريطة سوريا العسكرية حتى ليلة الأربعاء - الخميس

حرب الفصائل بأدوات جديدة

تخوض الفصائل المسلحّة حالياً في سوريا حرباً بخصائص جديدة. فهي حرب خاطفة (Blitzkrieg)، وبوسائل متواضعة، مع صناعات عسكرية محليّة بخاصة المسيّرات. لكن «الكيف» هو الذي أدى إلى هذه السرعة في التقدّم. يُضاف إلى خصائص هذه الحرب، عدم استعداد الجيش السوريّ لهذه الحرب. فعديده وعتاده ليسا كافيين. كما أن المساحات المطلوب منه تغطيتها وحمايتها تفوق بكثير إمكاناته. خصوصاً أن الجيش السوري، كان ينتشر بشكل أن تكون المدن القريبة من العاصمة والمناطق التي تعدّ مركز ثقل بيئته، هي أساس الخطّة الدفاعيّة. إذن، كلما بعُدت المدن عن العاصمة، كان انتشار الجيش السوري هشّاً.

يخطئ من يقول إن تقدّم الفصائل المسلحة السريع والسيطرة على مدن ومساحات شاسعة، كان ابن ساعته وارتجالياً. ويخطئ من يقول إن عمليّة «ردع العدوان» للفصائل المسلّحة هي عمل منعزل عن المحيط الجغرافي المباشر، ومنعزل عن التأثيرات، والديناميكيات الجيوسياسيّة التي تتفاعل في المنطقة. خصوصاً أن تغيير الخريطة العسكرية في سوريا، سيكون له تأثيرات سياسية على الداخل السوري أولاً. وسوف يُعزّز داعم هذه الفصائل المسلحّة في لعبته الكبرى.

ماذا بعد حماة؟

إذا كان الطريق الدولي إم - 5 العمود الفقري لأهم المدن السورية، من حلب وحتى درعا، مروراً بكل من حماة، حمص ودمشق. فإن حماة هي مركز ثقل هذه المدن خصوصاً في البعد الجغرافيّ. فمنها يمكن التوجّه بكل الاتجاهات على الخريطة السوريّة.

سقوط حماة، يعني دخول الفصائل المسلحة لأول مرة إلى هذه المدينة منذ بدء الحرب السورية عام 2011.

بعد أن سيطرت الفصائل المسلحة على مدينة حلب، وعلى كل إدلب، وحالياً على حماة المدينة. فهذا يعني أن على هذه الفصائل هضم ما استولت عليه. ففي هذه المدن هناك السكان؛ الأمر الذي يستلزم إدارة الحكم وفي كل الأبعاد.

لكن متى تصل الفصائل المسلحة إلى نقطة الذروة في امتدادها العسكريّ؟ وهل مع السيطرة على حماة قد يمكن القول إن هذا أقصى ما قد تصل إليه؟ وهل تملك العديد والعتاد الكافي للاستمرار؟

هذا من جهة الفصائل المسلحة، لكن من جهّة النظام فهو يخوض حرب حياة وموت، للنظام كما لبيئته. فهل إعادة الانتشار بعد سقوط مدينة حماة ستشكّل «الخطّ الأحمر الذي لا يمكن التراجع عنه؟».

وهل سيسمح الجيش السوري للفصائل المسلحة بأن تُسقط مدينة حمص، خصوصاً أن حمص تشكّل محوراً أساسيّاً، وأن السيطرة عليها، تفتح الطريق إلى الساحل السوريّ، حيث مركز الثقل البشري للنظام، وحيث توجد قاعدتان روسيّتان هما حميميم وطرطوس؟

لماذا لم تتحرّك روسيا لحماية مصالحها؟

هل هناك شيء مخفيّ وافقت عليه روسيا، وبحيث يسمح للفصائل المسلحة أن تغير الخريطة العسكرية على الأرض، وإلزام النظام السوري للذهاب إلى التفاوض مع الوعد بحفظ المصالح الروسيّة؟


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الإيطالي: نسعى لأن نكون جسراً بين سوريا والاتحاد الأوروبي

المشرق العربي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (يمين) يصافح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (رويترز) play-circle 00:28

وزير الخارجية الإيطالي: نسعى لأن نكون جسراً بين سوريا والاتحاد الأوروبي

استقبل قائد الإدارة السورية الجديدة في سوريا أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني وفداً إيطالياً يرأسه وزير الخارجية أنطونيو تاياني.

«الشرق الأوسط» (دمشق- روما)
المشرق العربي فيدان خلال مؤتمر صحافي (الخارجية التركية) play-circle 00:32

وزير الخارجية التركي: لا مطامع لنا في الأراضي السورية

أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، أن بلاده لا مطامع لها في أي جزء من الأراضي السورية بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

خاص سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

يتردد سوريون مقيمون بألمانيا في اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد، وعلى وجه خاص بات أبناء جيل اللجوء أمام قرار صعب بعد اندماجهم في المجتمع.

راغدة بهنام (برلين)
خاص مدخل داريا الشمالي وتظهر صورة الأسد  ممزقة إلى اليسار وزُيّن الجدار بالعلم السوري الجديد (الشرق الأوسط)

خاص «داريا»... سُمّيت «أيقونة الثورة» وفيها تشكل أول مجلس عسكري

سُمّيت بـ«أيقونة الثورة»، وفيها تشكَّل أول مجلس عسكري للثورة، مقاتلوها أول مَن استهدف بالصواريخ قصر بشار الأسد رداً على استهدافه المدنيين وحراكهم السلمي.

موفق محمد (دمشق)

ميقاتي يلتقي عون: نحن أمام مرحلة جديدة لسحب السلاح من جنوب الليطاني

TT

ميقاتي يلتقي عون: نحن أمام مرحلة جديدة لسحب السلاح من جنوب الليطاني

الرئيس عون مستقبلاً ميقاتي في بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس عون مستقبلاً ميقاتي في بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)

في أول لقاءاته الرسمية كرئيس لجمهورية لبنان، استقبل جوزيف عون اليوم (الجمعة)، رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، في قصر بعبدا، في حين يجتمع لاحقا مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس الذي سيكون أول رئيس دولة يلتقي نظيره اللبناني الجديد.

ميقاتي

وعقب اللقاء، تحدّث ميقاتي إلى الصحافيين في القصر قائلاً: «أنا سعيد بزيارتي القصر الجمهوري، هنّأت الرئيس جوزيف عون وتمنيت له النجاح وأن يكون عهده عهد خير وبحبوحة، وتناقشنا في القضايا التي قامت بها حكومة تصريف الأعمال خلال كل هذه الفترة».

وأضاف أنّ الرئيس عون «طلب منّي الاستمرار في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة مقبلة».

ولدى سؤاله عن إمكانية تكليفه مجدّداً بتشكيل الحكومة ضمن سلّة متكاملة، أجاب: «لا توجد سلة متكاملة، بل إجراءات دستورية للاستشارات النيابية، ونُقدّر كل الآراء السياسية».

وأكد أنّ «الحكومة المقبلة يجب أن تكون قادرة على العطاء، ويجب أن يكون هناك ورشة عمل كاملة لإنقاذ البلد».

وعن كلام عون في خطاب القسم عن «حصر السلاح في يد الدولة»، سأل ميقاتي: «هل ننتظر من رئيس البلد أن يقول إنّ السلاح مشرّع بيد الجميع؟».

وتابع: «نحن اليوم أمام مرحلة جديدة لسحب السلاح من جنوب الليطاني ووجود الدولة في كامل الأراضي اللبنانية».

الرئيس القبرصي

إلى ذلك، أعلن خريستودوليديس أنه سيكون أول رئيس دولة يلتقي نظيره اللبناني الجديد.

وقال الرئيس خريستودوليديس للصحافيين إنه سيلتقي عون، عندما يغادر بلاده متوجها إلى لبنان، حوالي ظهر اليوم.

وأشار الرئيس القبرصي إلى أنه يعرف عون «جيدا» منذ توليه منصب قائد الجيش اللبناني.

وأوضح أن الاجتماع يشير إلى الدور الذي يمكن أن تضطلع به قبرص، بوصفها عضوا بالاتحاد الأوروبي الأقرب إلى الشرق الأوسط، في المساعدة في «مواجهة التحديات التي نشأت في المنطقة».

وفي بيان، قال المتحدث باسم حكومة قبرص كونستانتينوس ليتيمبيوتيس، إن خريستودوليديس سيبحث أيضا قضايا داخلية في لبنان وسينقل استعداد قبرص لتقديم أي مساعدة مطلوبة ولتعزيز العلاقات مع جارتها.

وبعد إقفال دام عامَين وشهرَين، عاود قصر بعبدا نشاطه بعد استقبال رئيسه أمس، في مراسم رسميّة.

وعقب تأدية اليمين الدستورية في مجلس النواب اللبناني ظهر أمس (الخميس)، دخل الرئيس جوزف عون إلى قصر بعبدا، للمرة الأولى، رئيساً للبنان، بعدما كان يدخل القصر في السنوات الماضية قائداً للجيش اللبناني، في عهد الرئيس السابق ميشال عون.

وحاز الرئيس جوزيف عون على 99 صوتاً بالدورة الثانية في جلسة انتخاب الرئيس، التي عُقِدت في مجلس النواب اللبناني أمس الخميس، بعدما فشل المجلس في انتخاب رئيس من الدورة الأولى، وحصل حينها عون على 71 صوتاً.