«المسيّرات» تغير موازين المواجهة في شمال سوريا

ظهور مباغت لـ«كتائب شاهين» و«كتائب سرايا العقاب» على ساحة الصراع

TT

«المسيّرات» تغير موازين المواجهة في شمال سوريا

الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»
الصورة التي بثَّتها «سانا» عبر حسابها في «إكس»

في صورة احتفالية غير مألوفة في الإعلام الحربي ظهر عدد من الجنود السوريين مع مدنيين وأطفال يقفون خلف طائرة مسيَّرة في صورة بثَّتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قالت إنها إحدى الطائرات المسيَّرة «المعادية» التي تطلقها الفصائل المسلحة، وقد أسقطتها الدفاعات الجوية السورية مع ذخيرتها في بلدة قمحانة بريف حماة الشمالي، الاثنين.

وأحدث استخدام سلاح المسيَّرات في هجوم «ردع العدوان» الذي شنَّته فصائل مسلحة معارضة منذ الأربعاء الماضي مفاجأة كبيرة في أوساط القوات الحكومية، في حين جاء ظهور فصيلين جديدين باسم «كتائب شاهين» و«كتائب سرايا العقاب» المتخصصين في الطيران المسيّر ليزيد التساؤلات حول حجم تأثيرهما في سير العمليات العسكرية مع تحقيق الفصائل المسلحة تقدماً سريعاً ومفاجئاً في حلب وريفها وريف إدلب والوصول إلى ريف حماة الشمالي في أقل من أربعة أيام.

ويعد فصيل «كتائب شاهين» التابع لـ«هيئة تحرير الشام» و«كتائب سريا العقاب» التابع لـ«الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، اللذين تشكلا مؤخراً، ذراع سلاح المسيّرات المرتبط بغرفة «الفتح المبين» وغرفة «عملية فجر الحرية»، وبرزا خلال عملية «ردع العدوان» في عمليات استهداف دقيق لقياديين ونقاط تمركز القوات الحكومية ومواقع إطلاق الطائرات المسيّرة «الانتحارية» التابعة لها.

وتبنَّت «كتائب شاهين» استهداف العميد في القوات الحكومية جاسم دياب أثناء المعـارك في ريف حماة الشمالي، الأحد، ورئيس فرع الأمن العسكري في حماة العميد عدي غصة والعميد أيمن ملحم خلال اشتباكات في ريف حماة الشمالي، السبت. وتم بث لقطات مصورة من الطائرة المسيَّرة التي استهدفت العميد عدي غصة على مشارف مدينة حماة.

وكذلك استهدفت تجمعاً ضخماً للقوات الحكومية في قمحانة شمال حماة، وتجمعاً لضباط القوات الحكومية بينهم العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» في قمة جبل زين العابدين بريف حماة دون تفاصيل حول نتائج الاستهدافين الأخيرين، الاثنين.

قلب الموازين

وبحسب تقارير إعلامية، تمكنت «كتائب شاهين» من قلب موازين القوى في العمليات القتالية ضد القوات الحكومية باستخدام مسيَّرات يصل مداها إلى عمق 30 كم؛ إذ تمكنت من استهداف دبابات وعربات عسكرية ضمن تحصيناتها وتجمعات للقوات الحكومية، وخطوط الإمداد بشكل دقيق، وسط أنباء عن إعادة استخدام الفصائل المسلحة المعارضة للطائرات المسيَّرة الروسية التي جرى استخدامها على نطاق واسع في مناطق شمال غربي سوريا، خلال الفترات الماضية من تلك التي لم تنفجر ذخيرتها.

ونشرت «غرفة عمليات الفتح المبين» مقاطع مصورة لعمليات «كتائب شاهين» كما نشرت غرفة «فجر الحرية» مقاطع مصورة لعمليات «كتائب سرايا العقاب»، أظهرت استخدام أنواعاً متعددة من الطائرات المسيّرة، منها ما تُطلق يدوياً، وأخرى تُطلق من منصات مجهولة المصدر، إضافة إلى مسيَّرات ذات أربع مراوح وأخرى محلية الصنع، مع إمكانية تزويدها بقنابل وقذائف خفيفة.

وهذا ما اعتبره مراقبون تحولاً نوعياً في الأداء العسكري للفصائل المسلحة من جهة التقنيات الحديثة وتطوير سلاح المسيَّرات، مع الإشارة إلى مزاعم روسية سابقة حول وجود أوكرانيين في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة شمال غربي سوريا، يقومون بالتدريب على سلاح المسيَّرات.

مسيَّرات انتحارية

وكان مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، أكد في تصريحات إعلامية أن ضباطاً أجانب دربوا عناصر «هيئة تحرير الشام» على استخدام مسيَّرات انتحارية كان لها الدور البارز في هجوم الفصائل المسلحة على مواقع القوات الحكومية في ريفي حلب وإدلب.

ويركز الإعلام الرسمي السوري على استخدام الفصائل المسلحة للمسيَّرات والتقنيات القتالية المتطورة دليلاً على وجود دعم «صهيوني - أميركي - غربي» للفصائل المسلحة، وذلك في سياق رؤية دمشق وطهران لأسباب التصعيد الحاصل ضدهما في المنطقة.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الاثنين، إن ما يحصل من تصعيد هو «محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد وفقاً لمصالح وغايات أميركا والغرب»، في حين أشار الرئيس بزشكيان إلى أن الأطماع «الصهيو أميركية» واضحة في استهداف دول المنطقة وشعوبها، وأن ما يحصل في سوريا هو وجه لتلك الأطماع. وفق ما نقلته وكالة «سانا»


مقالات ذات صلة

«الأزمات الدولية» عن الجولاني: حلب ستحكمها هيئة انتقالية

المشرق العربي من صور متداولة لزيارة زعيم «هيئة تحرير الشام» لقلعة حلب

«الأزمات الدولية» عن الجولاني: حلب ستحكمها هيئة انتقالية

نشرت الباحثة «مجموعة حل الأزمات الدولية» تصريحات قائد «هيئة تحرير الشام» الجولاني للمجموعة، قال فيها إن حلب «ستحكمها هيئة انتقالية».

تحليل إخباري جثمان المصور الصحفي السوري أنس الخربوطلي خلال جنازته في إدلب بعد مقتله بغارة جوية على مدينة مورك بريف حماة (إ.ب.أ)

تحليل إخباري هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

رغم ما يراه معلقون أن تركيا قد تكون هي التي تقف وراء اندلاع هجوم المعارضة المسلحة في سوريا، فإنهم يلاحظون وجود «غض نظر» من إدارة بايدن على الحدث.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

أوعز الرئيس السوري بشار الأسد (الأربعاء) في مرسوم رئاسي بإضافة نسبة 50 % إلى رواتب العسكريين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري مقاتلون من الفصائل المسلحة على مدخل مدينة حماة الثلاثاء (أ.ف.ب) play-circle 01:27

تحليل إخباري حماة... مفتاح السيطرة على زمام العمليات العسكرية

تتركز الأنظار على مدينة حماة السورية مع اشتداد المعارك في ريفها الشمالي و إصرار الجيش السوري على صد تقدم الفصائل المسلحة التي تنوي دخولها من ثلاثة محاور.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أعداد من السوريين يغادرون إلى حلب من بوابة باب الهوى (جيلفا غوزو) على الحدود مع سوريا (إعلام تركي)

تركيا: مطالبات بفتح طريق حلب مع تدفق السوريين إلى الحدود

بدأت أعداد من اللاجئين السوريين في تركيا التدفق على البوابات الحدودية للعودة إلى بلادهم بعد سيطرة فصائل المعارضة على حلب مع مطالبات بفتح الطريق المتجه إليها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«القرض الحسن» تستأنف نشاطها بتعويضات للمنازل المتضررة جزئياً

أحد مباني «القرض الحسن» المُدمرة في منطقة الشياح (أ.ف.ب)
أحد مباني «القرض الحسن» المُدمرة في منطقة الشياح (أ.ف.ب)
TT

«القرض الحسن» تستأنف نشاطها بتعويضات للمنازل المتضررة جزئياً

أحد مباني «القرض الحسن» المُدمرة في منطقة الشياح (أ.ف.ب)
أحد مباني «القرض الحسن» المُدمرة في منطقة الشياح (أ.ف.ب)

استأنفت مؤسسة «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب لله» عملها، عبر إعلان قيادة الحزب عن «بدء ورشة المسح لإصلاح المنازل المتضررة لترميمها ودفع بدل الإيواء لأصحاب المساكن المهدمة جزئياً بموجب شيكات تصرف من القرض الحسن»، وأفادت بـ«توزيع 114 فرقة من المهندسين في منطقة البقاع اللبناني لإجراء المسح وتقدير الأضرار ودفع المبالغ المستحقّة»، إلّا أن مصدراً قانونياً أكد أن عملها «يتعارض مع القوانين اللبنانية؛ لأن هذه المؤسسة غير مرخصّة ولا تعمل تحت إشراف مصرف لبنان المركزي».

الإعلان عن معاودة عمل «القرض الحسن» التي تمثّل «البنك المركزي» للحزب، يتناقض مع الرواية الإسرائيلية التي تحدثت عن تدميرها جراء الغارات الجوية التي استهدفت أبنيتها ومكاتبها في كل المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى مقرّ «ماليّة حزب الله».

وكانت آخر الغارات استهدفت مكاتب المؤسسة في مناطق الحمراء وزقاق البلاط والنويري في عمق العاصمة بيروت، ليل 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقبل ساعات قليلة على دخول اتفاقية وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.

وتعدّ مؤسسة «القرض الحسن» بمثابة «البنك المركزي» للحزب الذي أسسها بعد وضعه تحت العقوبات الدولية، ومنعه من فتح حسابات في المصارف التجارية اللبنانية، وبات يستقطب أموالاً من بيئته ويمنح قروضاً لطالبيها مقابل رهن مجوهرات عائدة للمقترضين، وأوضح مصدر مقرّب من «حزب الله» أن «عمل (القرض الحسن) لم يتوقّف حتى في ذروة الحرب، وأن الحزب كان يقدم المساعدات للنازحين من أمواله»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المؤسسة «ستموّل إعادة ترميم المنازل المتضررة كلياً أو جزئياً، وتستكمل دفع بدلات الإيجار والتمويل للعائلات التي لم تتمكن من العودة إلى منازلها المدمرة، وهذا يدحض بشكل قاطع مزاعم العدو الإسرائيلي بأنه نجح في تدمير مالية الحزب»، لافتاً إلى أن «أموال (القرض الحسن) كانت قبل الحرب وخلالها وبعد وقف إطلاق النار محفوظة بأماكن آمنة وبعيدة عن الخطر».

وشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية، ليل 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 15 غارة في ساعة واحدة استهدفت مباني ومكاتب «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، واستثنت ثلاثة مقرات عائدة لها في العاصمة بيروت، جرى تدميرها لاحقاً ليل 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقبل ساعات قليلة من دخول اتفاقية وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وقال المصدر المقرّب من الحزب: «صحيح أن إسرائيل دمّرت عدداً من فروع (القرض الحسن) لكنها لم تلحق الضرر بأموال المؤسسة الموجودة لديها من مجوهرات وغيرها؛ لأنها محفوظة في أماكن بعيدة عن الخطر»، مشيراً إلى أن «المؤسسة بالإضافة إلى مسؤولياتها عن المساهمة في الترميم وتقديم المساعدات المالية، استأنفت عملها لإقراض الناس ومساعدتهم على ترتيب أوضاعهم».

وتتضارب المعلومات حول احتفاظ «حزب الله» بقدرته المالية، حيث أفاد مصدر مطلع على أجواء بيئة الحزب، بأن «المحفظة المالية النقدية للحزب تضررت كثيراً خلال الحرب، وأن الغارات الإسرائيلية أتلفت أموالاً طائلة ومجوهرات في مقرات (القرض الحسن) التي جرى تدميرها، وأن مخابئ الأموال والذهب منيت بأضرار كبيرة».

وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن أن «أموال الترميم وبدلات الإيواء التي ستدفع ليست من أموال (القرض الحسن) بل هي أموال إيرانية وصلت حديثاً إلى الحزب»، وقال: «هناك معلومات شبه مؤكدة أنه في اليوم الأول لوقف إطلاق النار، حولت إيران عبر دولة إقليمية مبلغ مليار دولار أميركي للحزب، الذي باشر عمليات المسح وتقدير الأضرار تمهيداً لدفع تعويضات تمكن أصحاب الوحدات السكنية المتضررة جزئياً من ترميمها والعودة إليها، وتقديم مساعدات للعائلات التي دمّرت منازلها بالكامل، ولا تزال في مراكز الإيواء».

وخلافاً للتحذير من إمكانية أن يشكل عمل «القرض الحسن» خرقاً لوقف إطلاق النار، عدَّ المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية، أن «نشاط (القرض الحسن) المالي لا يمثل خرقاً مباشراً على الأقل من الناحية القانونية لاتفاقية وقف إطلاق النار، طالما أن عملها ليس جزءاً من الأعمال الحربية»، ورأى أن «إعادة افتتاح عدد من فروع (القرض الحسن)، يقع من زاوية سعي (حزب الله) إلى طمأنة المتعاملين معه بشأن ودائعهم من الذهب وسلامتها، وربما إعادة تنشيط موارده».

وشدد مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «هذه الخطوة تبقى رمزية إذا لم يتمكن المواطنون من استرداد حقوقهم كاملة في المدى المنظور»، أما عن الناحية القانونية لعمل هذه المؤسسة، فإن «الموقف لا يزال كما هو، إذ إن هذه المؤسسة ليست مرخّصة من قِبَل السلطات المصرفية والنقدية الرقابية لممارسة هذا النوع من النشاط المالي»، وقال مرقص إنه «بصرف النظر عن الخلفية الاجتماعية والدينية الحميدة، يعود حصراً للمؤسسات المدرجة على لوائح مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية والمصرح لها بذلك، إذ إن المصارف الإسلامية العاملة في لبنان مرخّصة هي الأخرى، وهكذا يجب أن تكون جميع المؤسسات المالية والمصرفية التزاماً بقانون النقد والتسليف والتعاميم الرقابية الصادرة عن مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق».