سوريو تركيا يترقبون الأوضاع للعودة إلى بلدهم

تركيا تجري اتصالات مكثفة حول تطورات عملية حلب... وتركيز على محور تل رفعت ومنبج

الطيران الروسي كثف من هجماته في إدلب مع تقدم المعارضة (رويترز)
الطيران الروسي كثف من هجماته في إدلب مع تقدم المعارضة (رويترز)
TT

سوريو تركيا يترقبون الأوضاع للعودة إلى بلدهم

الطيران الروسي كثف من هجماته في إدلب مع تقدم المعارضة (رويترز)
الطيران الروسي كثف من هجماته في إدلب مع تقدم المعارضة (رويترز)

برز ملف اللاجئين السوريين في تركيا مع تطور المعارك في حلب وسيطرة فصائل المعارضة عليها، وبدأت مناقشات واسعة في وسائل الإعلام التركية حول إمكانية عودتهم بأعداد كبيرة إلى بلادهم.

وكذلك شهدت الساعات الأخيرة اتصالات مكثفة من جانب تركيا بشأن التطورات في سوريا وتقدم قوات «هيئة تحرير الشام» والفصائل الداعمة لها وبينها فصائل موالية لأنقرة.

كما واصلت فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالية لتركيا، معاركها على محور تل رفعت منعاً لتقدم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، واستغلال التطورات في حلب للسيطرة على المدينة التي تشكل مع منبج وعين العرب «كوباني» أولوية استراتيجية لتركيا.

وتحدثت «الشرق الأوسط» مع عدد من السوريين في إسطنبول حول ما إذا كانوا يفكرون بالعودة إلى بلادهم، لا سيما أن هناك أعداداً كبيرة ممن قدموا إلى سوريا، فروا من حلب، ثاني أكبر المدن السورية، بسبب حملة الجيش السوري عليها في 2016.

ترقب عودة اللاجئين

وقال محمد الصباحي، وهو صاحب محل للبقالة يبيع فيه البضائع السورية: «نترقب الأوضاع وإذا استقرت الأحوال في حلب فسنعود إلى ديارنا. أهلي هناك ولنا بيت وأرض، إذا استقرت الأوضاع فسأصطحب أسرتي ونعود، الوضع في تركيا في العامين الأخيرين أصبح صعباً بالنسبة لنا».

نساء وأطفال في مخيم للاجئين في سوريا (إعلام تركي)

لم تجرِ حتى الآن حركة نزوح كبيرة من داخل تركيا باتجاه حلب، لكن بدأت تظهر حالات فردية تفاعلت بشكل كبير مع تقدم فصائل المعارضة ووصولها إلى قلب المدينة، وبدأ بعض السوريين ممن يقيم ذووهم هناك في التوجه إلى مناطق الحدود، استعداداً للعودة.

على الجانب التركي، بدا أن هناك تفاؤلاً ببدء عودة واسعة للسوريين إلى بلادهم، كما عبَّر عن ذلك المستشار السابق للرئيس التركي القيادي بحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ياسين أكطاي، وذلك أن سيطرة المعارضة السورية على حلب ستمكِّن جزءاً كبيراً من السوريين في تركيا من العودة إلى بلدهم من دون التعرض لأي ضغوط.

وأشار أكطاي، في مقال بصحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، الأحد، إلى إمكانية تشجيع السوريين على العودة إلى ديارهم للدفاع عن أرضهم في وجه العمليات الديموغرافية التي جرى تنفيذها في المدينة على مدار الـ11 عاماً الماضية.

ولفت إلى أن الشعب السوري المحاصَر في شمال البلاد ما زال يملك أراضي وممتلكات في حلب وحمص وحماة، أُجبر على التخلي عنها، إضافة إلى أقارب مفقودين في سجون» النظام» لا يُعرف عنهم شيء.

مقاتلون من فصائل المعارضة يعتلون دبابة للجيش السوري في معرة النعمان في إدلب (أ.ف.ب)

وأضاف: «كما أن الاتفاقيات المؤقتة التي أُبرمت خلال اجتماعات سوتشي أو أستانة بين تركيا وروسيا وإيران بعد سنوات من الصراع لم تقدم أي وعود بتحسين أوضاع السوريين أو استعادة حقوقهم المسلوبة، بل على العكس، كانت الأراضي المصادَرة في حلب، على وجه الخصوص، تخضع لعمليات تغيير ديموغرافي منظَّمة من قبل إيران، حيث قامت بجلب مجموعات شيعية من داخل إيران وآسيا الوسطى، وتوطينها في تلك المناطق؛ ما جعل الاحتلال أمراً واقعاً». وتابع: «في المقابل، استمر (النظام) في انتهاك الاتفاقيات المؤقتة التي تم التوصل إليها في سوتشي، حيث شنّ هجمات متكررة على مناطق سيطرة المعارضة، محاولاً فرض أوضاع جديدة في هذه المناطق».

وأشار إلى أنه في الآونة الأخيرة، ترددت أنباء عن عفو أعلن عنه الرئيس بشار الأسد، لكن لم يكن هناك أي تأكيد حول محتواه أو حقيقته من أي مصدر رسمي أو من الأسد نفسه، وظل مجرد أقوال لا تحمل أي ضمانات حقيقية، ولم تكن هذه الادعاءات إلا وقوداً لبعض الممارسات العنصرية في تركيا، حيث استخدمها بعض العنصريين ذرائع جديدة لمهاجمة السوريين، فلم يسبق لأي سوري أن وثِق بوعود الأسد وعاد إلى بلده ليعيش بأمان دون أن يُعتقل أو يُقْتل مباشرة.

مقاتل من المعارضة السورية يتجول في حلب (أ.ف.ب)

وذكر أكطاي، أنه في ظل العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة ولبنان قام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بخطوة «جريئة وصعبة جداً» من خلال تقييم جميع الاحتمالات، وتقديم ما يُعدّ بمثابة غصن الزيتون إلى الأسد للقاء وتطبيع العلاقات، إلا أن الرد «المتعجرف» من الأسد أظهر بوضوح أنه ليس له أي مكان في أي خطوة إيجابية من شأنها أن تفيد الشعب السوري أو شعوب المنطقة، وكان من الممكن أن يرى الأسد في ذلك فرصة تاريخية له، إلا أنه لم يحاول استغلالها والاستفادة منها» رغم أنه في الأساس غير جدير بها بأي حال»، والأعجب من ذلك هو أنه لم يعد يمتلك أي قوة أو قيمة استراتيجية سوى قدرته على ارتكاب المجازر وتعذيب المحتجزين في سجونه حتى الموت.

اتصالات مكثفة

وفي إطار متابعة تركيا للتطورات في حلب وشمال سوريا، أجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأحد، اتصالاً هاتفياً مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، ضمن سلسلة اتصالات مكثفة بدأت، مساء السبت، لبحث التطورات في إدلب.

وتلقى فيدان، مساء السبت، اتصالاً هاتفياً من نظيره الروسي، سيرغي لافروف، لبحث التطورات في سوريا، ومسار أستانة، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية التركية.

وبدورها ذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها، أن فيدان ولافروف أعربا خلال محادثتهما الهاتفية عن قلقهما الشديد إزاء التطورات التي وصفاها بـ«الخطيرة» على خلفية التصعيد العسكري في محافظتي حلب وإدلب الواقعتين ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا المعروفة باسم «بوتين - إردوغان».

وأضاف البيان أن الجانبين أكدا ضرورة تنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار في سوريا مع الأخذ في الحسبان إمكانات صيغة أستانة.

وأشار البيان إلى أن لافروف أجرى اتصالاً مماثلاً مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي.

طفل يقف بين حطام المنازل بعد قصف للطيران الروسي على إدلب (رويترز)

وبحسب بيان لـ«الخارجية الإيرانية» أكد عراقجي خلال الاتصال الحاجة إلى اليقظة والتنسيق بين إيران وروسيا لمواجهة تصرفات من وصفهم بـ«الإرهابيين» في سوريا.

وسيزور عراقجي أنقرة، الاثنين، لإجراء مباحثات مع نظيره التركي هاكان فيدان، تأتي بعد زيارته لدمشق، الأحد.

وروسيا وتركيا وإيران هي الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة، الذي انطلق عام 2017، في مسعى لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، بعد تعثر مسار جنيف.

وفي إطار الاتصالات التركية حول التطورات في شمال سوريا، أجرى فيدان اتصالاً هاتفيا، مساء السبت، مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، تناول أيضاً سير وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني.

كما بحث فيدان في اتصال مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التطورات في سوريا وقطاع غزة.

وفي الوقت نفسه، نفت مصادر تركية ما ذكرته بعض وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة السورية، عن توجُّه وفد أمني سوري إلى أنطاليا لإجراء مباحثات مع الجانب التركي حول التطورات في حلب.

قصف للجيش السوري على حلب (أ.ف.ب)

وكانت تقارير في وسائل إعلام معارضة تحدثت عن مغادرة وفد من دمشق إلى أنطاليا في جنوب تركيا لمناقشة التطورات، وأن مصر رفضت طلباً من الحكومة السورية لإجراء وساطة بين دمشق وأنقرة.

مواجهات مع «قسد»

وعلى الصعيد الميداني، قالت مصادر أمنية تركية إن «الجيش الوطني السوري»، منع محاولة لـ«قسد» لاستغلال التطورات في حلب، وطلب الجيش السوري المساعَدة من القوات الكردية، ومنع إقامة ممر يربط منطقة تل رفعت بشمال شرقي سوريا، وقام بقطع الطريق بين المدينة الواقعة في شمال غربي حلب ومحافظة الرقة في شمال شرقي سوريا.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن المصادر، قولها في بيان الأحد، إن «حزب العمال الكردستاني»، وذراعه السورية «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قسد»، سعياً لاستغلال انسحاب الجيش السوري من بعض المناطق للسيطرة عليها.

وذكرت المصادر أن المنطقة التي كان سيقيم فيها المسلحون الأكراد ممراً كانت ستربط مناطق في شمال شرقي سوريا تسيطر عليها «قسد» مع تل رفعت، وهي منطقة استراتيجية، تقع في شمال غربي حلب.

وجاء في البيان أن المجال فُتح أمام الوحدات الكردية بسبب طلب الجيش السوري، الذي خسر سريعاً المناطق الخاضعة لسيطرته في حلب، الدعم من «التنظيمات الإرهابية» (العمال الكردستاني- الوحدات الكردية) ضد المعارضة، وأنه بدأ بنقل الأراضي الخاضعة لسيطرته إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية.

وأضاف: «ولهذا السبب، ذُكر أن كثيراً من عناصر (حزب العمال الكردستاني) و(وحدات حماية الشعب) قدِموا إلى منطقة حلب من شرق الفرات، وبدأ شحن الأسلحة الثقيلة التابعة للوحدات الكردية».

اشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محور تل رفعت (المرصد السوري)

وتابع البيان أن فصائل الجيش الوطني لاحظت هذه الخطوة من جانب الوحدات الكردية، ودخلت الميدان بإطلاق عملية «فجر الحرية»، ومن خلال إغلاق الطريق بين الرقة وحلب، منع الجيش الوطني السوري «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» من إنشاء «ممر إرهابي» بين تل رفعت وشمال شرقي سوريا».

كان المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، أكد، في بيان الجمعة، أن تركيا تراقب بعناية ازدياد هجمات التنظيمات الإرهابية (العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية)، في مدينتي تل رفعت ومنبج السوريتين على المدنيين وتركيا في محاولة لاستغلال بيئة عدم الاستقرار الراهنة.

الأسد والتطبيع

وعلق المحلل السياسي، بولنت إرانداش، على التطورات في شمال سوريا، قائلاً إن رفض الأسد قبول دعوة تركيا للتطبيع يفتح الباب أمام تغيير الخرائط في سوريا.

وقال إن تركيا تتابع التطورات من كثب، وتم تجهيز النقاط العسكرية تحسباً لأي هجوم محتمل، مع الوضع في الحسبان أنه إذا تعمقت بيئة الصراع الحالية، فإن تكلفة الأزمة الإنسانية ستضر بتركيا.

معارك بين فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا و«قسد» على الطريق بين تل رفعت والرقة (المرصد السوري)

وأضاف أنه في سياق أستانة، تستمر الاتصالات الدبلوماسية مع روسيا وإيران، وأولوية تركيا هي حماية المنطقة الخالية من الصراع في إدلب، ومنع موجة جديدة من الهجرة.

وذهب إرانداش إلى أن ما وصفه بـ«المكائد الخطيرة» للأجهزة الأميركية والإسرائيلية العميقة مع «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب»، قد تعيد تشكيل مسار الصراعات والتوازنات الإقليمية في سوريا، وستجري متابعة دور تركيا في هذه العملية وميل الأسد إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا، بعناية.

وأضاف أن وجود «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» في تل رفعت هو محور التطورات الجديدة، وأن تركيا عازمة على طردهم من تل رفعت ومنبج.


مقالات ذات صلة

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

المشرق العربي رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق بعد سقوط النظام، التقى رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز) play-circle 00:32

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي جولة تفقدية على الحدود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

خامنئي: ليس لدينا «وكلاء» في المنطقة

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن بلاده ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، مشدداً على أنها «ستتخذ أي إجراء بنفسها دون الحاجة إلى قوات تعمل بالنيابة».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».