باغت التَّقدمُ السريع لفصائل سورية مسلحة نحو مدينة حلب، أمس (الجمعة)، أطرافاً إقليمية ودولية، وأعاد التذكير بأشباحَ سقوط مدينة الموصل العراقية قبل عشر سنوات بيد تنظيم «داعش».
وبعد هجماتٍ طوال اليومين الماضيين، تمكَّن مقاتلو مجموعات مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل مدعومة من تركيا من السيطرة على خمسة أحياء غرب حلب، قبل وصولهم إلى قلب المدينة التي تُعدّ ثانية كبريات مدن البلاد، وسط مقاومة ضعيفة من القوات الحكومية الموالية للرئيس بشار الأسد، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وشهود عيان.
وتبدّد المعركة حول حلب السيطرة التي فرضتها قوات الحكومة السورية، وروسيا وإيران الداعمتان لها، كما تنهي هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على شمال غربي سوريا، بموجب اتفاق روسي – تركي أبرمه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان.
ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكّلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله». ومع حلول مساء الجمعة، وتقدم الفصائل المسلحة داخل عاصمة الشمال السوري، تقدم «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة» يتبع «ميليشيا لواء الباقر»، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور بشرق البلاد نحو حلب، وفق «المرصد السوري».
وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على مدينة إدلب وقرى محيطة بها، فيما دعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على إدلب، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا.
أعلن الجيش السوري، في بيان، أن العشرات من جنوده قُتلوا في هجوم للمعارضة بشمال غربي البلاد، وأن الفصائل السورية المسلحة تمكَّنت من دخول أجزاء واسعة من أحياء حلب.
دخلت موسكو على خط المعارك الساخنة في سوريا بعد اندلاع أوسع مواجهات تشهدها البلاد منذ عام 2020؛ فما خيارات روسيا المنخرطة في الحرب الأوكرانية؟
رائد جبر (موسكو)
الجيش السوري يقرّ بسيطرة الفصائل المسلحة على «أجزاء واسعة» من حلبhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5086805-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%82%D8%B1%D9%91-%D8%A8%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%84%D8%A8
الجيش السوري يقرّ بسيطرة الفصائل المسلحة على «أجزاء واسعة» من حلب
تظهر هذه الصورة الجوية عناصر من فصائل سورية مسلحة يلتقطون صوراً أمام واجهة مبنى يحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد في وسط حلب (أ.ف.ب)
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم (السبت)، سيطرة فصائل سورية مسلحة على «غالبية مدينة حلب»، بالتزامن مع شنِّ طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016، فيما اعترف الجيش السوري بسيطرة الفصائل على «أجزاء واسعة» من المدينة.
وقال المرصد إن «هيئة تحرير الشام»، والفصائل الحليفة لها، «سيطرت على غالبية المدينة ومراكز حكومية وسجون».
وأضاف: «شنَّت طائرات حربية روسية، بعد منتصف ليل الجمعة السبت، غارات على أحياء مدينة حلب للمرة الأولى منذ عام 2016».
وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز»: «استهدف قصف بطائرات روسية وسورية مقاتلي الفصائل السورية في حي بمدينة حلب».
وكان المرصد قد أشار، في وقت سابق، إلى أن طائرات حربية، لم يحدد هويتها، شنَّت بعد منتصف الليلة الماضية غارات على أحياء مدينة حلب، واستهدفت الغارات حي الفرقان قرب حلب الجديدة من الجهة الغربية للمدينة.
إعادة انتشار «مؤقت»
من جهته، أعلن الجيش السوري، في بيان، أن العشرات من جنوده قُتلوا في هجوم للفصائل المسلحة، وأن الفصائل تمكَّنت من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب؛ ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار.
ويشكِّل البيان أول اعتراف علني من الجيش بدخول الفصائل السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» مدينة حلب، التي تسيطر عليها الحكومة، في هجوم مباغت بدأ الأسبوع الماضي.
وقال الجيش في البيان: «إن الأعداد الكبيرة للإرهابيين، وتعدد جبهات الاشتباك، دفعا بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع؛ بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد».
ويمثل هجوم الفصائل المسلحة أكبر تحدٍ منذ سنوات للرئيس بشار الأسد، إذ يجدِّد المواجهات في الحرب الأهلية السورية التي توقفت إلى حد كبير منذ عام 2020.
وذكر بيان الجيش السوري أن الفصائل لم تتمكَّن من «تثبيت نقاط تمركز... بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية».
وقال مصدران عسكريان، في وقت سابق، إن طائرات حربية روسية وسورية استهدفت معارضين بمدينة حلب اليوم.
ونشرت روسيا قوات جوية في سوريا في 2015؛ لمساعدة الأسد في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في 2011.
وأضاف «المرصد» أن الضربات الجوية، وعمليات قصف بري، ومقاومة «محدودة» من جانب الجيش السوري، أسفرت عن مقتل 20 عنصراً من الفصائل المسلحة.
وأشار «المرصد» إلى أن الغارات تزامنت مع وصول تعزيزات عسكرية «كبيرة» للفصائل المسلحة إلى المنطقة، حيث تخوض اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري.
كما أفاد المرصد السوري بارتفاع عدد قتلى الاشتباكات، التي تفجَّرت يوم الأربعاء الماضي، بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب وإدلب إلى 301.
وأفادت وسائل إعلام تابعة للفصائل السورية المسلحة، أمس (الجمعة)، بأنَّ الفصائل سيطرت على مساحات واسعة في محافظتَي حلب وإدلب، في حين قال الجيش السوري، في بيان، إن قواته تتصدى لهجوم كبير من الفصائل.
وعد روسي بمساعدات إضافية
وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز» إن سوريا تلقت وعداً بمساعدات عسكرية روسية إضافية؛ لمساعدة الجيش في منع الفصائل من الاستيلاء على محافظة حلب بشمال غربي البلاد.
وأضاف المصدران أن دمشق تتوقَّع بدء وصول العتاد العسكري الروسي الجديد إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية الساحلية خلال 72 ساعة.