الجيش السوري يعترف بدخول الفصائل المسلحة حلب... ويعلن مقتل عشرات الجنود

قال إن انسحاب القوات من من المدينة للتحضير لهجوم مضاد

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)
TT

الجيش السوري يعترف بدخول الفصائل المسلحة حلب... ويعلن مقتل عشرات الجنود

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب في 29 نوفمبر (أ.ب)

أعلن الجيش السوري، اليوم (السبت) في بيان، أن العشرات من جنوده قُتلوا في هجوم للمعارضة بشمال غربي البلاد، وأن الفصائل السورية المسلحة تمكّنت من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب؛ ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار.

ويشكِّل البيان أول اعتراف علني من الجيش بدخول الفصائل السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» مدينة حلب، التي تسيطر عليها الحكومة، في هجوم مباغت بدأ الأسبوع الماضي.

وقال الجيش في البيان: «إن الأعداد الكبيرة للإرهابيين، وتعدد جبهات الاشتباك، دفعا بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع؛ بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد».

ويمثل الهجوم الذي قادته «هيئة تحرير الشام» أكبر تحدٍ منذ سنوات للرئيس بشار الأسد، إذ يجدِّد المواجهات في الحرب الأهلية السورية التي توقفت إلى حد كبير منذ عام 2020.

وذكر بيان الجيش السوري أن قوات المعارضة لم تتمكَّن من «تثبيت نقاط تمركز... بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية».

وقال مصدران عسكريان، في وقت سابق، إن طائرات حربية روسية وسورية استهدفت معارضين بمدينة حلب اليوم.

ونشرت روسيا قوات جوية في سوريا في 2015؛ لمساعدة الأسد في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في 2011.

وشنَّت فصائل المعارضة المسلحة هجوماً مفاجئاً عبر قرى وبلدات تسيطر عليها الحكومة قبل أيام، ووصلت إلى حلب بعد نحو 10 سنوات من إخراج القوات السورية، المدعومة من روسيا وإيران، الفصائل المسلحة من المدينة.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين أمس (الجمعة)، إن روسيا تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا.

وأضاف: «نؤيد إعادة السلطات السورية النظام إلى المنطقة، والعودة إلى النظام الدستوري بأسرع ما يمكن».


مقالات ذات صلة

حلبيون يروون لـ«الشرق الأوسط» مشاهد من «المعركة المفاجئة»

المشرق العربي مسلحون يتجمعون قرب قلعة حلب (الشرق الأوسط) play-circle 00:37

حلبيون يروون لـ«الشرق الأوسط» مشاهد من «المعركة المفاجئة»

روى شهود عيان يعيشون داخل حلب لـ«الشرق الأوسط» كيف واجهوا تلك «المعركة المفاجئة» بعد نحو 4 سنوات من التهدئة النسبية بالمدينة.

كمال شيخو (منبج (محافظة حلب))
المشرق العربي أحد مقاتلي الفصائل المسلحة يتجه إلى حلب بينما الدخان يتصاعد من قلب المدينة (أ.ف.ب)

تركيا تحدد أولوياتها في «معركة حلب»: منع النزوح... والتصدي لـ«قسد»

بعد صمت رسمي، حددت تركيا أولوياتها في «معركة حلب»، وتركزت على «منع أي موجة جديدة من النزوح إلى أراضيها»، وكذلك التصدى لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر تابعة للفصائل السورية المسلحة في أحد شوارع إدلب (أ.ف.ب)

روسيا وإيران تؤكدان دعمهما لسوريا بعد هجمات الفصائل المسلحة

ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية، اليوم (السبت)، أن وزيرَي خارجية إيران وروسيا عبَّرا عن دعمهما لسوريا، التي تشهد هجوماً كبيراً تشنّه فصائل مسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد عناصر الفصائل السورية يطلق النار بالهواء في سط مدينة حلب (أ.ب)

الفصائل الموالية لتركيا بشمال غربي سوريا تطلق عملية عسكرية جديدة

أعلنت الفصائل المسلحة السورية الموالية لتركيا في شمال غربي سوريا، اليوم (السبت)، أنها دشَّنت عمليةً عسكريةً جديدةً ضد «تنظيمات مسلحة كردية»، والجيش السوري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

باغت التَّقدمُ السريع لفصائل سورية مسلحة نحو مدينة حلب، أمس (الجمعة)، أطرافاً إقليمية ودولية، وأعاد التذكير بأشباحَ سقوط مدينة الموصل العراقية قبل عشر سنوات.

«الشرق الأوسط» (عواصم)

خيارات «قسد» الصعبة للتعامل مع «معركة حلب»

مقاتلتان من «قسد» في دير الزور (إكس)
مقاتلتان من «قسد» في دير الزور (إكس)
TT

خيارات «قسد» الصعبة للتعامل مع «معركة حلب»

مقاتلتان من «قسد» في دير الزور (إكس)
مقاتلتان من «قسد» في دير الزور (إكس)

أمام «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تشكيل كردي يُعرف باسم «قسد»، خيارات صعبة للتعامل مع الفصائل السورية المسلحة التي باتت تُسيطر على مناطق واسعة من مدينة حلب.

وقال مصدران سياسيان مقرّبان من قيادة «قسد»، إن الزخم البشري الكبير الذي يرافق حملات الفصائل المسلحة يعود إلى مشاركة المدنيين من سكان القرى والبلدات في حلب.

وأوضح مصدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المدنيين انخرطوا مع المسلحين بأعداد تفوق قوام الفصائل، بسبب أجواء خانقة كان يعيشها هؤلاء بسبب ممارسات الجيش السوري، وبهدف العودة إلى منازلهم».

وقال مصدر ثانٍ: «إن التقديرات الأولية لدى (قسد) تُفيد باحتمالية توسع عمليات الفصائل إلى مناطق أخرى غير حلب وأدلب، بسبب هذا الزخم».

مقاتلتان من «قسد» في دير الزور (إكس)

تكتيك «قسد»

فسّر المصدران محاولات القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، في وقت مبكر صباح السبت، للسيطرة على مطار حلب بأنها خطوة استباقية، كان الهدف منها تقوية وضعها في النزاع، بوصفها طرفاً قوياً في مفاوضات محتملة.

ويتمركز المجتمع الكردي في بلدتي الأشرفية والشيخ مقصود، واللتين تقعان تحت سيطرة قوات «وحدات حماية الشعب» العمود الفقري لـ«قسد».

وخلال الحرب السورية، تمكّنت «قسد» من السيطرة على هاتين البلدتين، رغم تعرضهما إلى قصف متكرر من فصائل مسلحة كانت تحاصر الشيخ مقصود، خصوصاً من 3 محاور.

وتعدّ هاتان البلدتان «جيبين بعيدين» عن مناطق النفوذ الكردية في الحسكة وغيرها في الشمال الشرقي من البلاد، وانعكس هذا على طبيعة تسليح وحداتها العسكرية شمال حلب.

وقال المصدر المقرب من «قسد»، إن التسليح في الشيخ مقصود والأشرفية والشهباء اقتصر على الأسلحة الخفيفة، لأن الحكومة السورية كانت قد حظرت تدفق الأسلحة الثقيلة والدبابات والمدرعات التي تمتلكها «قسد» في مناطق الإدارة الذاتية الأساسية.

وقال المصدران: «بسبب هذه الظروف، حدّدت (قسد) هدفاً تكتيكياً، وهو السيطرة على مطار حلب لكسب الوقت خلال معركة حلب، واستخدامه ورقة تُجبر الفصائل السورية المسلحة على فتح قناة تفاوض».

خيارات «قسد» الصعبة

ووفقاً للمصدرين، اللذين شددا على أن مجرى الأحداث قد يغير التكتيك في غضون ساعات وليس أياماً، فإن «قسد» ترى التفاوض مع الفصائل السورية مهمّاً جدّاً، في ظل الوقائع الميدانية، لكن الخيارات المتاحة صعبة، وربما مستحيلة.

وقال مصدر: «إن الخيار الأول هو التوصل لاتفاق قصير المدى، على أقل تقدير، لإبقاء البلدات الكردية تحت سيطرة قوات (قسد)»، رغم أن الترجيحات تفيد برفض الفصائل السورية.

أما الخيار الثاني، فهو «الانسحاب دون معارك، بشكل سلمي، وتسليم هذه البلدات إلى الفصائل السورية». وقال مصدر، إن بعض قيادات «قسد» متشددة في رفض هذا الخيار.

بينما يقضي الخيار الثالث، وفقاً للمصدرين، بأن تخوض قوات «قسد» حرب شوارع مع مسلحي الفصائل السورية المسلحة، بهدف الاحتفاظ بالبلدات الكردية شمالي حلب.

وقال مصدر، إن «الخيار الثالث انتحاري»، لكن إمكانية نجاحه قد تعتمد على «قناة تفاوض أخرى مع الجيش السوري والحكومة في دمشق لصد التمدد العسكري للفصائل»، غير أن هذا الخيار «بحاجة إلى غطاء جوي روسي»، وهو «أمر غير مضمون حتى الساعة».

عناصر من الفصائل السورية المسلحة وسط مدينة حلب بشمال سوريا (أ.ف.ب)

مطار حلب

وخلال نهار السبت، تضاربت الأنباء حول مطار حلب، إذ تداول ناشطون مقاطع فيديو لانتشار مسلحين كرد في بوابة المطار، قبل أن تعلن «إدارة العمليات العسكرية» التابعة للفصائل المسلحة أنها مَن سيطرت على الموقع.

وطبقاً لوسائل إعلام مؤيدة لـ«قسد»، فإن «القوات الكردية سارعت بعد انسحاب الجيش السوري إلى التقدم باتجاه بلدات تل حافر وتل عران وتل حاصل»، وقرى أخرى في ريف حلب الشرقي.

وقال فرهاد شامي، المتحدث باسم قوات «قسد»، إن أولوية القوات الكردية هو «الدفاع عن مناطقها؛ لذلك ستتدخل حسب الضرورة للدفاع عن الشعب الكردي».

واتهم شامي، في بيان صحافي، تركيا «بإدارة خطة الهجوم في شمال غربي سوريا»، وأكد أن «قسد» تتابع من كثب هذه التطورات الحساسة.

وانهارت خطوط الجيش السوري بـ«وتيرة مذهلة»، وفقاً لتعبير الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة.

ومنذ بدء الهجوم، الأربعاء، أسفرت العمليات العسكرية عن مقتل 327 شخصاً، 183 منهم من الفصائل السورية المسلحة، و100 من عناصر الجيش السوري والمجموعات الموالية له، إضافة إلى 44 مدنياً، وفق حصيلة لـ«المرصد السوري».