سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة منازلهم

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
TT

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)

دفعت التطورات العسكرية شمال غربي سوريا وتحديداً في مدينة حلب وريفها الغربي، الآلاف إلى حركة نزوح جماعية كبيرة، تعددت وجهاتها بين أحياء وسط مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بدمشق وشمال غربي إدلب على الحدود مع تركيا، ومناطق أخرى آمنة.

وبدأت معارك عنيفة حول حلب بعدما تحركت فصائل مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى متحالفة معها تحت شعار علمية سموها «رد العدوان» بهدف السيطرة على المدينة وردت عليها قوات حكومية. والتطورات العسكرية اللافتة تأتي بعد نحو 4 سنوات من التهدئة شمال غربي سوريا بموجب تفاهمات سورية – تركية.

ودفعت التعزيزات والغارات والمعارك، مدنيين إلى النزوح، وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة من منازلهم. فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القسم الغربي من مدينة حلب يشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الشرقية أو خارج المدينة.

وأفاد المرصد، مساء الجمعة، بأن «هيئة تحرير الشام» على مشارف حلب بعدما سيطرت على 55 قرية وبلدة وتلة استراتيجية تقع إما في أطراف حلب الغربية أو في ريف حلب الجنوبي على طريق دمشق – حلب الدولي، الذي انــقـطـع بشكل كامل منذ يوم الخميس.

وبالنسبة للنازحين، فقد بات الخروج مرتكزاً على طريق خناصر الواقع جنوب غربي حلب باتجاه البادية السورية.

ومع ازدياد تهديدات الفصائل المسلحة للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و«حزب الله»، أكدت مصادر «نزوح عشرات العائلات خلال اليومين الماضيين من ريف حلب نحو شمال غربي إدلب عند الحدود مع تركيا، حيث أقاموا في خيام مؤقتة في نزوح يعد الثالث لسكان تلك المناطق منذ اندلاع الحرب في سوريا».

وقالت مصادر أهلية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخلاء السكن الجامعي في مدينة حلب بعد تعرضه للقصف ومقتل أربعة طلاب وإصابة طالبين آخرين، حيث توجه الطلاب كُل إلى محافظته.

وبثت وسائل إعلام رسمية سورية، صوراً للدمار الذي لحق بالسكن الجامعي، وقال التلفزيون الرسمي إن «أربعة مدنيين قتلوا من جراء قصف الفصائل المسلحة على المدينة الجامعية»، لكن الفصائل المسلحة نفت استهداف المدينة الجامعية، متهمة القوات الحكومية بذلك بهدف إخلائه وتحويله إلى ثكنه عسكرية».

وشهدت أحياء الحمدانية والفرقان وجمعية الزهراء وحلب الجديدة حركة نزوح كبيرة يوم الجمعة، باتجاه أحياء وسط المدينة مع تصاعد حدة الاشتباكات ووصول الجماعات المسلحة إلى مشارف المدينة.

وشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها تريد السيطرة على مدينة سراقب الحيوية، وكذلك طريق «حلب – دمشق»، وطريق «حلب – اللاذقية» الدوليين.

ويقدر عبد الرحمن أن «كل المكتسبات التي حققتها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و(حزب الله) خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق سيطرتها في محافظة حلب (ستنتهي) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه أواخر عام 2019». أي قبل التهدئة التركية – الروسية عام 2020.

وأعلنت الفصائل المسلحة المعارضة في الشمال دخولها أول أحياء مدينة حلب والسيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة، وقالت وسائل إعلام داعمة للفصائل المسلحة إنها «سيطرت على أحياء حلب الجديدة والحمدانية، و3000 شقة غرب مدينة حلب، وباتت على بعد 2 كم عن وسط مدينة حلب».

لكن صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة بدمشق نقلت في وقت سابق عن مصادر أهلية في حلب نفيها سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة على بلدة المنصورة ومركز البحوث العلمية غرب حلب الجديدة بريف حلب الغربي

وسجل «المرصد السوري» مقتل نحو 254 شخصاً خلال الأيام الثلاثة منذ بدء هجوم «رد العدوان» الذي أطلقته الفصائل المسلحة غرب حلب، بينهم 24 مدنياً و 144 من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، ونحو 86 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. مشيراً إلى أن القوات الحكومية تتركز في مدينة حلب فيما يتوزع على الجبهات في الريف الميليشيات الرديفة التابعة لإيران وإلى حد ما «حزب الله» الذي تقلص دوره بشكل كبير في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي: الوضع في سوريا «خطير» ويهدد بعودة «داعش»

المشرق العربي غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا يتحدث إلى مجلس الأمن الدولي عبر تقنية الفيديو خلال عقد المجلس اجتماعاً طارئاً بشأن سوريا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي: الوضع في سوريا «خطير» ويهدد بعودة «داعش»

حذّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، اليوم (الثلاثاء)، من أن الوضع في سوريا «خطير ومتغير»، وقد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أعمدة دخان تتصاعد من جراء غارة جوية شنها الجيش السوري في مدينة خان شيخون جنوب إدلب (أ.ب)

الجيش السوري ينفي دخول مسلحين إلى مدينة حماة

نفى الجيش السوري، اليوم (الثلاثاء)، تقارير في وسائل إعلام حول دخول فصائل مسلحة إلى منطقتي الصواعق والمزارب في مدينة حماة، ووصفها بأنها «حرب إعلامية تضليلية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع في مقر إقامة الدولة نوفو أوغاريوفو خارج موسكو بروسيا في 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

بوتين يبلّغ إردوغان رغبته بنهاية «سريعة» لهجوم الفصائل في سوريا

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، إنه يرغب في نهاية «سريعة» للهجوم الذي شنته الفصائل المسلحة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عربية الدوري السوري من دون جمهور (الاتحاد السوري)

«الدوري السوري»: إقامة جميع المباريات دون جمهور

قرّر الاتحاد السوري لكرة القدم، الثلاثاء، إقامة جميع مباريات الدوري الممتاز من دون جمهور اعتباراً من المرحلة السادسة التي تنطلق الجمعة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي خلال دورية مشتركة أميركية كردية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (رويترز)

مسؤول: الجيش الأميركي نفّذ ضربة دفاعاً عن النفس في دير الزور بسوريا

قال مسؤول أميركي، الثلاثاء، إن الجيش الأميركي نفّذ ضربة واحدة على الأقل دفاعاً عن النفس في منطقة دير الزور بسوريا خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تبادل اتهامات بين المندوبين خلال جلسة مجلس الأمن الخاصة بسوريا

خلا إلقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون كلمته في مجلس الأمن (أ.ف.ب)
خلا إلقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون كلمته في مجلس الأمن (أ.ف.ب)
TT

تبادل اتهامات بين المندوبين خلال جلسة مجلس الأمن الخاصة بسوريا

خلا إلقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون كلمته في مجلس الأمن (أ.ف.ب)
خلا إلقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون كلمته في مجلس الأمن (أ.ف.ب)

أكدت نائبة السفير التركي لدى الأمم المتحدة سيرين أوزغور، اليوم الثلاثاء، ضرورة خفض التصعيد في سوريا وطالبت دمشق بالانخراط في العملية السياسية.

وأضافت أمام جلسة لمجلس الأمن لبحث الأوضاع في سوريا أن عودة النزاع للظهور مرة أخرى في سوريا تعكس التحديات العالقة. وقالت أوزغور «سوريا ستبقى في حلقة العنف دون إطلاق عملية حقيقية للمصالحة الوطنية»، مضيفة أن وجود التنظيمات «الإرهابية» في سوريا يقوض أمن تركيا التي قالت إنها «ستواصل اتخاذ كل التدابير المطلوبة لحماية أراضيها ومصالحها».

وأكد ممثل الجزائر لدى مجلس الأمن، عمار بن جامع، أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وطالب بضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وسيادة سوريا. وأضاف أن التصعيد في سوريا «يُذكر بهشاشة الوضع هناك ويؤكد ضرورة التنسيق من أجل مكافحة الإرهاب». وحذر ممثل الجزائر من خطر «عودة الإرهاب في البلاد»، وطالب باعتماد الحوار الشامل بين السوريين، بدعم المجتمع الدولي، كوسيلة وحيدة للخروج من الأزمة.

وحذر ممثل إيران لدى مجلس الأمن أمير سعيد عرفاني من أن ما حدث في إدلب وحلب في الأيام الماضية «جرس إنذار فيما يتعلق بظهور الإرهاب والتطرف». وأضاف أن الهجمات الإسرائيلية على المعابر بين سوريا ولبنان أدت إلى تعطيل وصول المساعدات الإنسانية.

ومن جانبه شدد مندوب لبنان هادي هاشم على أن التطورات الجارية في سوريا سيكون لها «عواقب وخيمة» على السلم والأمن الإقليمي والدولي. وأعرب المندوب اللبناني عن قلق المجموعة العربية «البالغ» إزاء الأحداث في إدلب وحلب.

وفي كلمته، وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلا إن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا مهدت الطريق» لهجوم الجماعات المسلحة. وأضاف «الهجوم على شمال سوريا لم يكن من الممكن تنفيذه دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك... الهجوم الإرهابي على حلب تزامن مع تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم الخارجي لهم بما فيه العتاد الحربي والأسلحة الثقيلة والعربات والطائرات المسيرة وتقنيات الاتصال الحديثة وتأمين خطوط الإمداد العسكري واللوجيستي».

وشدد الضحاك على أن الهجوم دفع بآلاف العائلات في حلب للنزوح إلى مناطق سيطرة الدولة في حين يعاني من لم يخرج من ظروف إنسانية صعبة. وطالب الدبلوماسي السوري مجلس الأمن بإدانة الهجوم وإلزام «الدول المشغلة لهذه التنظيمات» بالعدول عن سياساتها.

وأضاف الضحاك أن هجوم الجماعات المسلحة «انتهاك سافر لقرارات الأمم المتحدة ولاتفاقات خفض التصعيد التي أقرها مسار أستانة الذي يؤكد على الالتزام بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ومواصلة العمل على مكافحة الإرهاب، وهي تعهدات لم يف الضامن التركي بالتزاماته تجاهها».

وقال إن سوريا ماضية في «ممارسة حقها السيادي وواجبها الدستوري والقانوني في محاربة الإرهاب بكل قوة وحزم» وستتخذ كل ما يلزم من إجراءات للدفاع عن مواطنيها. وتابع قائلا «نؤكد على أن التنظيمات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن هم جزء من المشكلة. لا أحد يتصور عملية سياسية مع داعش وجبهة النصرة».

واتهم روبرت وود، نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، النظام السوري بمهاجمة مستشفيات ومدارس في إدلب وحلب بدعم من روسيا، ونفى أي صلة للولايات المتحدة بهجوم الفصائل المسلحة. ودعا وود خلال جلسة مجلس الأمن إلى حماية المدنيين والبنية التحتية وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين دون عراقيل، كما طالب بوقف «الغارات الجوية لقوات النظام والالتزام بالقانون الإنساني». وطالب المندوب الأميركي النظام السوري «بألا يشن هجمات بالأسلحة الكيميائية كما حدث في الماضي». وتابع قائلا «واشنطن ستدافع عن مواقعها العسكرية بشمال شرق سوريا لضمان عدم ظهور داعش» مرة أخرى.

من جانبه، قال مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا إن 400 مسلح قُتلوا وأصيب 600 آخرون منذ بداية هجوم الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا. واتهم نيبينزيا الولايات المتحدة بدعم «التنظيمات الإرهابية» في سوريا واحتلال المناطق الغنية بالنفط، وطالب بإنهاء «الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي» لتحقيق الاستقرار في سوريا. ووصف الدبلوماسي الروسي الوضع في سوريا بأنه «غير مسبوق وحرج»، وحذر من أن التطورات تشكل مخاطر شديدة على المدنيين وتهدد السلام والأمن الإقليميين.

وعبر المبعوث البريطاني لدى مجلس الأمن جيمس كاريوكي عن قلق بلاده إزاء زيادة التصعيد في سوريا ما سيؤدي إلى مزيد من النزوح والتشريد. وأضاف أن بريطانيا قلقة من احتمال أن «يشن النظام السوري أو روسيا هجمات واسعة النطاق ضد المدنيين».

وحذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، من أن الوضع في سوريا «خطير ومتغير»، مضيفا أن هناك مساحات شاسعة من البلاد تخضع لسيطرة أطراف من غير الدول، وأن الوضع قد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم داعش. وأضاف المبعوث الأممي، خلال نفس الجلسة، أن هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة أخرى حققت تقدما واقتربت كثيرا من مدينة حماة.

وحذر بيدرسون من احتمال اندلاع نزاعات في مناطق أخرى في سوريا، ومن عمليات نزوح على نطاق واسع، وحث كل الأطراف على العمل على حماية المدنيين وإتاحة العبور الآمن للفارين من العنف. كما دعا إلى ضرورة «خفض التصعيد لتفادي الخطر الذي يهدد وحدة سوريا وسلامة أراضيها»، وحث الأطراف السورية والدولية على الدخول في مفاوضات للخروج من الأزمة. وأوضح بيدرسون أنه سيعود إلى المنطقة «قريبا» لإجراء محادثات لدفع العملية السياسية، وطالب بأن يأتي خفض التصعيد بآفاق سياسية ذات مصداقية للشعب السوري.

وبدوره قال مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) رائد الصالح أمام مجلس الأمن إن ما لا يقل عن 100 مدني قُتلوا وأصيب 360 منذ بدء الاشتباكات في شمال غرب سوريا. وأضاف مخاطبا الجلسة أن روسيا شنت هجمات على إدلب أدت إلى خروج 4 مستشفيات عن الخدمة.

وعلى مدى الأيام الماضية، شنت فصائل مسلحة في شمال غرب سوريا بقيادة هيئة تحرير الشام هجوما عسكريا سيطرت خلاله على حلب وإدلب وتواصل التقدم باتجاه مدينة حماة.